Wednesday, April 18, 2012

الأباجورة دي .. حرااااام

لمن يقول أنني "منفسن" ضد المؤسسة الأزهرية ، أقول له : إديني عقلك ، وضع نفسك مكاني لمرة واحدة :

اليوم ، قام فضية مفتي الديار المصرية بزيارة إلى القدس ، قام فيها بافتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الإسلامية في القدس ، وأم الصلاة في مسجد البراق بالقدس .. يقول مستشار المفتي أن الزيارة تمت بتأشيرة أردنية وتحت إشراف السلطات الأردنية التي "تشرف" على شئون المسجد الأقصى (1).. وطبعاً أثارت الزيارة ردود فعل متباينة ما بين تأييد المستصوفين وانتقادات من السلفيين وبعض المستقلين..(2)

لغاية دلوقتي ماشيين عادي..

لكن أن يأتي فضيلة شيخ الأزهر ، مدافعاً ومبرراً ، ويقول : أن زيارة القدس "لا" تخضع لفتاوى الحلال والحرام ، هنا يبدأ الضحك ، والغضب في وقت واحد ..

لا لشيء ، ولكن لأن هناك فتوى أزهرية لم يدنها ، ولم يتحدث عنها ، تصف مادة في الإعلان الدستوري بأنها "حرام شرعاً".. طوال حياتي كنت أسمع حين الكلام عن - اللهم احفظنا - القانون عن كلمات تقال في الهجوم على القوانين والدساتير من عينة "معيب" "غير دستوري" "مطعون فيه" "مردود عليه" .. لكنني لأول مرة في حياتي أسمع أن المادة الفلانية في الدستور حرام ، حتى من يحرمون الدستور والانتخابات والنظام السياسي بكامله ويصفونه بالكفر لم يقولوا أبداً أن هذه المادة حلال والأخرى حرام!

حتى وإن سلمنا بأن زيارة القدس في ظرف كهذا لا تدخل تحت باب الحلال والحرام ، سواء بتأشيرة إسرائيلية أو أردنية أو فنزويلية ، هل يدخل القانون والدستور في الحلال والحرام؟ ماذا ترك فضيلته إذن لمن يدخلون قائمة طويلة من الأشياء لا علاقة لها بالحلال والحرام دائرة فتاوى الحلال والحرام ، من أول كرة القدم إلى البوكيمون وربما ساعة اليد؟ ، علماً بأنه وفضيلة المفتي وغيرهم ينتقدون من يفعل ذلك بشدة!

القانون والدستور دخلا الدائرة ، الحمد لله ، وخرج منها الاحتكار (وفيه نصوص) (3)، والرشوة (وفيها نصوص) ، وحتى فكرة التصالح مع السارق ، التي أصبح الكل يدينها فجأة رغم أن المفتي نفسه أقرها (4).. هذا طبعاً على أساس أن السرقة نفسها - تقريباً - لم تعد تدخل دائرة الحلال والحرام..

صلاة النبي أحسن ، انتهت المرحلة التي كنا نختلف فيها في حل أو حرمة أو جواز أو كراهة شيء تعبدي أو فيه نص صريح ، وبدأت المرحلة التي نسأل فيها هل هذا الشيء يدخل الدائرة أم لا ، بما أنه لم تعد لدى الناس ، من وجهة نظر المؤسسة الأزهرية بهذه الطريقة ، ليس لديها أي عقل ، ولا تميز بين الدنيوي والديني ، وما لم ينزل فيه نص وما فُرضَ في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة و/أو ما حرم فيهما صراحةً.. وبالتالي صار يمكنك أن تذهب إلى شيخ الجامع لتسأله في هدوء إن كانت الأباجورة التي في حجرتك حلال أم حرام ، رغم أن "ياسمين عبد العزيز" حسمت الأمر تقريباً في فيلم "الثلاثة يشتغلونها" ..

الحلال بين ، والحرام بين ، يعني لا دوائر ولا مربعات ولا مثلثات .. يا شيوخنا الأفاضل ، اتقوا الله فينا..

تحديث 19 أبريل 2012: ردود فعل غاضبة داخل الأزهر وخارجه على زيارة المفتي للقدس، والإعلامي "وائل الإبراشي" يفتح النار لأول مرة على المفتي ، يبدو أن الأمر لن يمر بالسهولة التي يتخيلها البعض..
(1) وطالما الموضوع من اختصاص السلطات الأردنية ، ليه الأردن ما انزعجتش من تهويد القدس يا وديع؟
(2) اللذيذ في الموضوع ، أن فضيلة المفتي لم يكن الزائر الوحيد للحرم المقدسي هذا الأسبوع ، بل سبقه في ذلك الداعية الصوفي "الحبيب بن علي الجفري" إلى القدس ، وأيضاً ، برفقة الأمير "هاشم بن الحسين" إلى المسجد الأقصى ، وبتأشيرة إسرائيلية هذه المرة.. وهاجمه الشيخ "عكرمة صبري" بشدة واصفاً من يزور القدس تحت الاحتلال هو تطبيع واعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني لفلسطين ..
(3) لم نسمع من فضيلته ولا من غيره فتوى تنتقد الاحتكار وقت أن كان "أحمد- سياخنا طولها كام- عز" في الحزنوطني..هناك أشخاص لم نكتشف أن لهم صوتاً إلا بعد الثورة.. ويخلق ما لا تعلمون..
(4) وقد سبق تناول الموضوع في هذه التدوينة..

No comments: