Wednesday, October 31, 2007

مختار وشهروزة .. وياسر نجم والشيخ الغزالي-جزء ثان

عرفت كتاب "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" عن طريق الدكتور ياسر نجم.. صاحب مدونة "وسط البلد"..ويتصادف أن يكون من كتاب الصحيفة الإلكترونية لحزب "الوسط" الجديد ذي المرجعية الدينية.. أتفق معه في كثير وأختلف معه في كثير ، ومن ضمن الكثير الذي أختلف فيه معه علاقة الدين بالسياسة ، وفكرة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في ذاتها..

عرفت الكتاب عن طريق ياسر الذي عرض للكتاب في منتدى الأهلي دوت كوم.. وأثار جدلاً واسعاً ونقاشاً حامياً سببه الأول والأخير هو المناخ الثقافي الذي نعيشه.. وليس النادي الذي نشجعه (=ياسر وكاتب هذه السطور..

ومن أهم ما "يميز" -لمن لا يزال يرى أنها ميزة- هذا المناخ هو التعصب الفائق لأسماء المشايخ والعلماء خاصةً منهم من يمثل تياراً مذهبياً.. والذي يفوق التعصب الكروي سوءاً بمرات ومرات.. صحيح أن صاحب الكتاب هو الشيخ محمد الغزالي بعلمه وخبرته الطويلة في العمل الدعوي وثقافته الواسعة والاحترام الذي يحظى به من جانب كثير من الناس.. إلا أن عدم انتمائه لـ ، واختلافه مع تيار مذهبي "بعينه" كافٍ جداً لـ"تسكير" الباب - على رأي إخواننا الشوام- في وجه الكتاب ، وعدم التفكير بعقلانية بما فيه ، طبعاً بعد إشباع مؤلفه -الذي هو بين يدي الله سبحانه وتعالى - من كل صنوف الهجوم والسباب..

ما أراه- والله تعالى أعلى وأعلم- أن الرجل وضع يده على الجرح وكأنه تنبأ بما يحدث الآن..علامة اليساوي الكبيرة الموضوعة بين كلمتي "محدث" وكلمة "عالم" وكأنه لا "عالم" إلا "المحدث" فقط.. بل يريد بعض الشيوخ الذين نراهم ونسمعهم على الفضائيات والكاسيت والذين يصنفهم أتباعهم كـ"محدثين" أن يقوموا أيضاً بدور الفقهاء المجتهدين ومستنبطي الأحكام في آن واحد .. وهو نفس الخطأ الفادح الذي يقع فيه من يسمون أنفسهم "مفكرين إسلاميين" الذين يريدون القيام بدور الفقيه والمحدث والعالم والخبير السياسي والاستراتيجي في آن واحد!

كان يرى أن "عمل الفقهاء متمم لعمل المحدثين، وحارس للسنة من أي خلل قد يتسلل اليها عن ذهول أو تساهل".. فالفقهاء وعلماء التفسير أسهموا في رحلة جمع وتدقيق الحديث النبوي في العصور الأولى وتنقيته من الضعيف والموضوع ..وبالتالي من الحيوي أن يعمل الكل معاً كلٌ في تخصصه..

كان يرى أن التدقيق في متون الأحاديث يتطلب فهماً عميقاً وحقيقياً للقرآن الكريم لغةً ونصاً ومعنىً وروحاً.. حتى لا نفاجأ بأقوال نسبها رواة للرسول عليه الصلاة والسلام تتضارب بقوة مع صريح نص القرآن الكريم علماً بأن الرسول لا ينطق عن الهوى ولا يمكن أن يقول بعكس ما أنزل عليه من الذكر الحكيم.. حتى لا نفاجأ بمتنطعين يقولون بالتضارب بين القرآن والسنة.. حتى لا نتخبط أكثر وأكثر كعامة غير متخصصين ونزداد "حَوَلاً" إلى الحَوَل الذي نعاني منه!

هذه كانت الخطوط العريضة للكتاب من وجهة نظري الشخصية المتواضعة وأتفق معها في كثير ، وعلى ضرورة استمرار حركة شرح الحديث الصحيح سنداً ومتناً.. والله تعالى أعلى وأعلم..

Sunday, October 21, 2007

مختار وشهروزة..والشيخ الغزالي وياسر نجم-جزء أول

أكن احتراماً كبيراً لـ"شهروزة" و "مختار العزيزي"..كأشخاص وكمدونين..وأتمنى أن يكون ما حدث مؤخراً بينهما مجرد خلاف عابر في وجهات النظر كالذي يحدث بين أي شخصين في العالم..

للتذكير.. كتبت شهروزة تدوينتين متتاليتين في شأن العديد من الأحاديث التي تراها قد دُسَّت على الرسول الكريم وترى أن الذين يهاجمون الإسلام في الغرب استندوا إليها.. ورد مختار العزيزي بدوره بتدوينتين متتاليتين في نفس الشأن.. ووجدت نفسي بين الاثنين في حيرة كبيرة مثلي مثل كل من قرأ التدوينات الأربع..

ومِنْ ثم.. فالآتي بعد هو مجرد خواطر غير منتظمة على سبيل التفكير بصوت عال..تحرياً للحقيقة قبل أن يكون فض اشتباك بين مدونين أقدرهما وأحترمهما..

1-من المؤكد أن هناك أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة وأحاديث موضوعة ومدسوسة..أعلم أن التذكير بتلك الحقيقة من نافلة القول.. لكني أراه نقطة انطلاق..

2-الحكم بصحة أو عدم صحة حديث أمر شديد الصعوبة والحساسية ..ولذلك ..

3-بذلت جهود كبيرة في فترة معينة من التاريخ الإسلامي لمعرفة الصحيح من الضعيف من الموضوع.. هذه الجهود قد تحتمل الصواب والخطأ لكن تبقى تلك الجهود قائمة..وإن كان لم يبذل نفس الجهد الكبير في محاولة شرح الحديث النبوي.. وتوقف مثله تماماً مثل تفسير القرآن الكريم عند مرحلة زمنية معينة لم يتخطاها..وكان لذلك في رأيي أثر خطير ومدمر بلا أدنى مبالغة..

4-يرى الغزالي في كتابه الهام والمثير للجدل "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" أن القصور الأكبر في عمل رواة الحديث كان في تغافلهم عن القرآن الكريم وعرض تلك الأحاديث عليه.. ربما هذا ما تراه شهروزة أيضاً.. لكني أرى بدوري أن هذا العرض يحتاج لاحترافية في التفسير وتجرد مذهبي قد لا يتوافر لبعض "المفقرين"..

5-افترضت شهروزة أن من يشنون الهجمات في الغرب على الإسلام انطلقوا من تلك الأحاديث.. وأود هنا إضافة تعليقات على تلك الفرضية:

أ-هذا التصرف ليس وليد القرن الماضي ولا القرن السابق عليه وإنما هو ببساطة وليد الحروب الصليبية التي شهدت صراعاً سياسياً وعسكرياً بين الشرق الإسلامي وجنرالات الحملات الصليبية.. وفي سبيل ذلك طبعاً كانت النية مبيتة لدى بعض المرتبطين بالحملات ، ثم من جاء من بعدهم من مستشرقين لتشويه صورة الإسلام في عيون العالم الغربي..

ب-لكني لست مع فكرة أنهم استندوا لتلك الأحاديث - وحدها - فيما فعلوه.. فمنذ ذلك الوقت ومع وجود تلك الأحقاد المرتبطة بصراع عسكري وثقافي وكل شيء في الإسلام يتم استغلاله لضرب الإسلام.. بل إنه من المعروف تاريخياً أنه في العهود الأولى للاستشراق تمت ترجمة وتحريف القرآن الكريم ذاته في أوروبا!

6-هذه الممارسات لا يقوم بها "المستشرقون" وحدهم .. سنجد على الخط بعض المتطرفين من أتباع ديانات أخرى في مواقعهم وبرامجهم التليفزيونية تحكمهم نفس نظرية الصراع الديني والثقافي.. وكذا - عن جهل أو سذاجة أو سوء نية وتعمد- بعض وسائل الإعلام عندنا ، ومنها التي تعشق اللعب على هذا الوتر.. وهنا تكمن الخطورة..فهناك فرق كبير بين أن يكون التشويه موجهاً لآخرين..وأن يكون موجهاً لك!

7-فرضيتان وعدة أسئلة:

أ-في حالة إذا ما كانت الأحاديث التي أشارت إليها الزميلة العزيزة شهروزة مكذوبة ومدسوسة.. لماذا لم يتصدى أحد من العلماء لتنقيحها؟ من الأمور التي أستغربها على سبيل المثال أن أجد حديثاً ضعيفاً وأجد أن عالماً "ما" قد قام "بتصحيحه".. خاصةً وأن هذا العالم لا ينتمي لحقبة زمنية "بعيدة" عن حقبتنا!

ب-في حالة ما إذا كانت تلك الأحاديث صحيحة فلماذا ننساق وراء تفسيرات أطلقها آخرون في مكان آخر من الأرض؟ ولماذا لا يكون التفسير لأنفسنا أولاً قبل أن يكون لفلان أو لعلان؟

8-يستغل "البعض" لدينا وجود أحاديث مغلوطة لضرب كل كل السنة ولعدم الاعتراف بها كليةً كمصدر للتشريع والعبادات وحتى مكارم الأخلاق.. وللبعض من هذا البعض تفاسير ووجهات نظر لا ترقى إلى مصاف الهراء..

9-والأهم-هل الحديث وحده هو الذي يستحق كل هذه العناية؟ هناك كرامات وحواديت وقصص يتم تناقلها في الميديا الرسمية وغير الرسمية وفي الاحتفالات الدينية لكل مذهب على حدة تحتاج للعرض على العقل والنقل معاً .. وكلها أشياء رسخت في ذهنيتنا على أنها "من الدين" وهي ليست منه أصلاً صحَّت أم كانت على خطأ..

أدعوكم عموماً لقراءة ما كتبته شهروزة أولاً ، و ثانياً.. والجزء الأول من رد مختار العزيزي ، وبعده الجزء الثاني لتقفوا على وجهتي النظر..

وأدعو الاثنين شهروزة ومختار لقراءة السطور السابقة..وأشكرهما بالتأكيد على فتح موضوع هام للنقاش بما كتبوه.. ولست بحاجة للتذكير بأن الشتامين يمتنعون.. خاصةً وأن قدراً منها سيكون في انتظارها وانتظاره وانتظاري أيضاً!

في الجزء الثاني إن أراد المولى عز وجل كلام عن زميلي الأهلاوي جداً ياسر نجم وقصته مع كتاب الغزالي الهام والمثير للجدل.. السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث.. وهو موجود على الرابط سالف الذكر بصيغة الوورد وتحميله سريع.. اقرأوه ونلتقي بإذن الله..

Friday, October 12, 2007

المتحدث الرسمي!

هل نحن بحاجة إلى من يتحدث باسمنا ، سواء أكان في مشيخة الأزهر ، أو في مكة ، أو في قُم، أيَّاً كانت حيثيته ، كما ينادي بعض المتعصبين لكل تلك الاتجاهات من حين لآخر.. شاكين لطوب الأرض "الحالة الكرب" التي يعيشها مليار مسلم لا يوجد "متحدث رسمي" باسمهم؟

ما قاله شيخ الأزهر في خطبة الجمعة الأخيرة "سابقاً لأن الأخيرة فعلياً كانت اليوم" ، ثم في خطابه في احتفال ليلة القدر هو خير دليل يدعم ردي التقليدي والثابت على هذا السؤال بـ "لا" كبيرة..

لننحِ رأينا الشخصي في الشيخ طنطاوي كرجل دين وكشيخ للأزهر مقارنة بأسماء سبقته كالمشايخ "عبد الحليم محمود" و "محمد عبده" و "محمود شلتوت" و "جاد الحق علي جاد الحق".. لكن هل يمكننا أن نعزل أي شخص يتولى رئاسة مؤسسة دينية أو يُوَلَّى قيادة شلة أو أتباع مذهب عن أي من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحيطة به؟

لا يمكن عزل الشيخ طنطاوي عمَّا يحيط به.. بل إننا عندما نجول بأبصارنا في العالم العربي وفي إيران نجد أن هناك من رجال الدين من يتعمد التدخل والمشاركة فقط من أجل مصالح أياً كان نوعيتها ومشروعيتها ويقومون في سبيل ذلك بتسييس الدين.. ونحن ممن انبهر بتلك النماذج بدأنا نصدق في تسييس الدين نفسه ونوشك على اعتبار من ينكر ذلك خارجاً عن الملة!

وعندما يجامل رجل الدين ، أو غير رجل الدين ، مجموعة مذهبية أو شلة سياسية أو دولة أو .. أو .. أو .. توقعوا زلات كبيرة وأخطاء قاتلة ندفع كلنا ثمنها..وطالما أن رجل الدين هذا يفترض لنفسه أنه المتحدث الرسمي باسم المسلمين فإن أي خطأ فادح سيحسب على المليار كلهم بمن فيهم من لا يؤيدون أفكار المتحدث الرسمي!

عدم وجود متحدث رسمي باسم الإسلام ليس سُبَّة ولا نقطة ضعف.. بالعكس .. أراه ميزة تستحق أن نحمد الله العلي القدير عليها.. فالمتحدث الحقيقي باسم الإسلام هو رسوله المحرَّك بوحي العلي القدير وله عصمة لا تتوافر لأي من البشر العاديين..

نقطة الضعف الحقيقية هي أن يفترض البعض لمجموعاتهم وجماعاتهم ومؤسساتهم دوراً أكبر من دورهم "الحقيقي" .. والله المستعان..

وزارة الأوقاف المنبطحة!

سبحان الله..

كان ظهور صلاة التهجد وختم القرآن الكريم مرتبطاً بشكل كبير بالتيار السلفي وجماعات الإسلام السياسي في الوقت الذي كانت فيه أغلب مساجد البلاد تغلق أبوابها بعد التراويح ولا تفتحها إلا على صلاة الفجر.. ثم ارتفع عدد المساجد الأهلية وغير الأهلية التي تقيم صلاة التهجد وتختم القرآن في رمضان وتفتح الباب للاعتكاف.. ورغم أن وزارة الأوقاف قررت "حظر الاعتكاف والتهجد" طوال الشهر الكريم بحسب "المصريون".. إلا أنها ما لبثت أن نفت هذا الكلام وفي صحيفة حكومية رسمية.. بل ..أعلنت في "المصري اليوم" أن إمام المسجد الذي يختم القرآن في رمضان بجزء كامل كل يوم سينال في يده نهاية الشهر خمسمائة جنيه مكافأة!

الغريب أن وزارة الأوقاف "انبطحت" -يعني طلع الانبطاح مش عيب - للتيار الذي كان "ينافسها" على المساجد رغم تشددها في مسائل شكلية من عينة "الآذان الموحد"..والغريب أيضاً أنه ظهرت -الآن - أصوات يقال أن بعضها محسوب على التيار السلفي تنتقد إقامة صلاة التهجد على النحو المتبع حالياً ، وترى أن ركعتين في المنزل يتقبلهما الله أفضل مما يحدث!

والأغرب أن تجربة كاتب السطور تؤكد صحة الجزء الأخير من الفقرة السابقة!

فما حدث في ليلة السابع والعشرين من رمضان في هذا المسجد ، كما في غيره طبعاً ، كانت درساً يحتذى به في أصول الهرج والتهريج.. المسجد تحول إلى ساحة للكلام والأكل والشعيرة تحولت إلى نزهة خلوية.. وليخبط كل من تسول له نفسه قراءة القرآن أو الصلاة في المسجد رأسه في أقرب حائط يقع عليه نظره!

ماشي.. ما دام ذلك كذلك ، وما دامت الأوقاف تعرف ذلك.. لماذا لم تتخذ الوزارة "اللي شايلة سيفها" هذا القرار واكتفت بالانبطاح خوفاً من ردة فعل أنصار التيار السلفي وجماعات الإسلام السياسي؟ والأهم : لماذا تقول هذه الأصوات - الآن - أن صلاة الليل في البيت صارت أولى بعد أن كانت وغيرها تنظر لمن تفوته ركعتان في التهجد أو من لا يصلي التراويح في المسجد "الفلاني" نظرة "مش ولا بد"؟

Monday, October 8, 2007

للفقراء والمساكين

الفقراء والمساكين هم أول مصارف الزكاة والأولى بها كما عرفنا من القرآن الكريم..والمعروف أن زكاة الفطر لها نفس مصارف زكاة المال..

والمعروف أيضاً أن الأصل في زكاة الفطر أن تكون بمقدار صاع من "عموم قوت أهل البلد" سواء أكان حبوباً أو تموراً أو ما إلى ذلك .. غير أن الإمام أبي حنيفة جوَّزَ إخراج قيمة هذا الصاع مالاً .. ووجهة نظره في ذلك هي أن تلك الطريقة هي الأفضل لمصلحة الفقير..وهذا الرأي هو الذي يتبعه أغلبنا في مصر..

ما فعله الإمام أبو حنيفة هو نموذج يحتذى به في الاجتهاد .. عدم المساس بالأصل ومراعاة تغير الأصل في الفرع .. فالرجل أبقى على مصرف الزكاة الذي ورد فيه النص صراحةً ولكنه غيَّر الطريقة لاعتبارات تتصل باختلاف الزمان والمكان..

هناك وجهة نظر طُرِحت في مقال بجريدة الأخبار تستحق منَّا فعلاً أن نفكر فيها بشكل عام..يهمني أن أركز فيه على فقرة واحدة .. أرى أنها تصب في نفس الاتجاه الذي فكر فيه الإمام أبو حنيفة:

وسؤال آخر هل يمكن للمزكي بدل أن يقوم بتوزيع ماله علي عدد من الناس نقدا أن يقيم بهذا المال مشروعا صغيرا أو كبيرا حسب قدرته يكون مملوكا لهؤلاء يعملون فيه وينتجون من خلاله بدلا من أن ينفقوا ما يحصلون عليه في تلبية احتياجات استهلاكية عاجلة؟ إن الفقير والمسكين أحوج ما يكون الي عمل يدر عليه دخلا منتظما يحفظ عليه كرامته وماء وجهه وآدميته من صدقة موسمية سرعان ما تذهب أدراج الرياح فهل يمكن أن تكون الزكاة وسيلة الي ذلك؟

هنا الأموال في طريقها لنفس المصرف المذكور -والمؤكد- بصريح نص القرآن الكريم .. وليس إلى وجهة جديدة قد تكون مصرفاً جديداً مضافاً إلى التسعة أم لا كما في التدوينة السابقة.. ولكن سيتم تصريفها بطريقة أخرى تصب في مصلحة الفقير والمسكين..كما يراها صاحب الاجتهاد..

أكرر : السابق هو وجهة نظر .. تستحق العرض على العقل.. وإن كنت أتفق مع صاحبها وبشدة على ضرورة أن تشرف على جمع الزكاة هيئة مستقلة تراعِ الله في صرف أموال الزكاة في مصارفها الشرعية المذكورة في الآية الكريمة.. ولنا بإذن الله في ذلك كلام..

كل عام أنتم جميعاً بألف خير..

Friday, October 5, 2007

عشوائيات الفتوى : بين مستشفى السرطان وغسل القفا

مع تقديري لحسن ونبل الدوافع وراء مستشفى سرطان الأطفال ..فإنني لست من المغرمين بالطريقة التي تتم الدعاية بها للتبرع له.. خاصة عندما يتم الزَّج بالدين في الموضوع..

مؤخراً وجدنا إلحاحاً شديداً على التبرع للمستشفى من أموال الزكاة..وكأنه لا يمكن التبرع للمستشفى إلا بأموال الزكاة..

هذا يذكرني بمثال بسيط..

من المعروف أن غسل القفا ليس من الوضوء في شيء ، هل أفهم من ذلك أن غسل القفا محرَّم في الإسلام فقط لمجرد أنه ليس من أركان الوضوء؟

لنبقَ مع من سيجيبون بـ"لا"(ويمنعني الأدب عن التعليق على من سيجيبون بـ"نعم")..

إذن غسل القفا أمر عادي جداً وغير محرَّم في ديننا الحنيف ، لكنه ليس من أركان ولا سنن الوضوء..

الشيء نفسه بالنسبة للمستشفى..

بما أن المستشفى وغيره من الأمور المحدثة فمن الطبيعي أن يثار حولها الجدل إن كانت مصرفاً من مصارف الزكاة أم لا..لنفرض جدلاً أنها ليست من مصارف الزكاة.. هل معنى ذلك أنه لا يجوز التبرع للمستشفى إلا من أموال الزكاة؟

يمكن التبرع للمستشفى في أي وقت من أوقات السنة وبأي كيفية ولا يشترط أن يكون التبرع من أموال الزكاة..

هذا الإلحاح الدعائي والإفتائي الفج نراه أيضاً في فتوى "تحريم" الانتظار في الأماكن المقدسة من الحج إلى العمرة..

شيء مستفز ..

إما أن يتم حشر الشيء حشراً بداعٍ وبدون في خانة "الفرائض" أو أن يتم الحكم عليه بـ"التحريم"..وكأنه لا وسط بين هذا وذاك..

أشعر أن هذه الفتاوى ليست إلا مجرد أمثلة على تيار عام وجديد يحتاج لعرضه على العقل من أول وجديد..

سأفترض حسن النية .. وأن تلك الفتاوى ليست "قراراً انفرادياً" (من عينة "قررت أعزمكم على العَشاء" مثلاً) وأنها جاءت بناءً على تساؤلات "حقيقية" وليست "مضروبة" أو "سد خانة"..مَن الذي يسعى وراء تلك النوعية من الفتاوى "حادة الزوايا"؟ هل هم أصحاب المصلحة المباشرة المادية أو الدعائية أو الفكرية من ورائها الذين يبحثون عن ثقتنا؟ أم نحن الذين نبحث بـ"منكاش" عن تلك النوعية من الفتاوى لأسباب تتعلق براحة الضمير أو تصادف هوىً لدينا؟

هل لديكم إجابة؟