Friday, December 28, 2007

بي نظير بوتو

قبل أن يتحول الأمر لتنظير مذهبي تافه (دول بيدوا المرأة حقوقها السياسية إنما دوكهمة لأ)أذكر بأنه لا علاقة بين "تمكين" المرأة وبين المناخ المذهبي ، فالمرأة تمارس السياسة في بلاد سنية مثل مصر والكويت ولا تمارسها في السعودية ، وتمارس السياسة في بلد يغلب عليه المذهب الشيعي كالباكستان وبنجلاديش ولا نجد لها أدنى دور سياسي في إيران..

وقبل أن يهلل البعض لكون الإسلام أعطى المرأة حقها قبل العالم الغربي أذكر بعبارة لإحدى الزميلات مفادها أنه يوجد في الإسلام حقوق إنسان ، لا حقوق رجل وحقوق مرأة..

وقبل أن يتحدث البعض عن رئاسة المرأة للدولة ، أذكر بأن المرأة لم تأخذ في عالمنا العربي حقوقها كاملةً حتى نتحدث عن ما قد يبدو "مطلباً ترفياً" بالنسبة لمقتضيات المرحلة كرئاسة الدولة ، وذلك لأسباب يقع بعضها على عاتق الثقافة السائدة (سواء التي تهمش أي دور للمرأة في المجتمع ، أو ثقافة انتظار واستجداء الحقوق من رءوس السلطة) ، وبعضها على عاتق بعض ممن أسأن وأساءوا لحقوق المرأة بادعاء تبنيهم وتبنيهم إياها!

هذا بمناسبة الكلام عن الشخصية التي ظهرت على قمة شريط الأحداث .. "بي نظير بوتو"..

"بي نظير بوتو" التي اغتيلت قبل ساعات هي أول امرأة تتولى منصب رئاسة الوزراء في بلد مسلم..وتستحق أن توصف بأنها "المرأة الحديدية" أكثر من رئيسة الوزراء البريطانية الشهيرة "مارجريت ثاتشر"..نموذج قل أن يتكرر في العالم الإسلامي وغير الإسلامي كمان..

بي نظير بوتو كانت ابنة بارة لمناخ فائق التناقض ، يجمع بين التشدد المذهبي والسياسي من جهة والديمقراطية الغربية من جهة أخرى ، دولة دينية وهيكل مدني*، وامتدت التناقضات لشخصيتها التي تجمع بين الدراسة الغربية والفهم المحلي جداً لعلاقة الدين بالدولة!

ولا أتفق بالمرة مع ما قاله سعد الدين إبراهيم عن وجود فروق كبيرة بين الهند والباكستان ، فكلاهما بلدان نوويان بثلاثة ألوان ، التعصب الديني ، العسكر ، وبينهما الديمقراطية.. ويبلغ التشابه مداه عندما نتذكر أن البلدين رأست وزراءهما امرأة لمرة واحدة ، واغتيلتا بنفس الطريقة!

والغريب أنه في الوقت الذي قيل فيه بأن القاعدة تبنت اغتيال "بوتو" -رغم ما قيل عن اتهامات للعسكر ولأنصار شقيقها - تظهر حقيقة أنها وآخرون في الاستخبارات العسكرية الباكستانية كانوا ممن صنعوا ظاهرة "طالبان" .. قبل أن يتحول الغرام بين العسكر وطالبان إلى انتقام!

أياً كان الأمر ، سننتظر لفترة طويلة حتى تلتزم الجماعات الدينية بقواعد النظم السياسية في بلادنا ، وسننتظر لفترة طويلة حتى تتوقف قيادات المذاهب ومنظريها من مفقرين وأقاضيميين وصحفجية عن مغازلة السياسة من أجل زعامة الدين ، وسننتظر لفترة طويلة قبل أن يظهر لدينا "نظير" لـ بي "نظير" بوتو!

ذو صلة: بي نظير بوتو .. سيرة ومسيرة من جريدة الرياض السعودية.. وكذلك من الإذاعة الهولندية..
* وهذا هو الفرق بين باكستان وإيران.. فبرغم الانتخابات والمؤسسات إلا أن هيكل الدولة هناك ليس مدنياً صرفاً ، وفي أقوال أخرى ليس مدنياً بالمرة!

Tuesday, December 25, 2007

طول عمري بخاف م العلم ، وسيرة العلم!

في إحدى المطبوعات التابعة للطرق الصوفية جاء مدير تحريرها ليتحدث عن الأضرار "العلمية" للنقاب..

لن أناقش هنا ما قاله سيادته ، لكن أذكر بموقف سابق لنفس هؤلاء إبان حوادث الجمرات ، يطالب بـ"توحيد الإشراف" على "الحرمين الشريفين" معتبرين أن الفتاوى هي "السبب" في تلك الحوادث..

الانتهازية كما يجب أن تكون!

تحميل الفتاوى وحدها مسئولية ما كان يحدث ليس فقط ضرباً من ضروب "الاستعباط" الذي نوشك أن نتنفسه ، ولكنه أيضاً ضرب من ضروب الانتهازية والتسويق المذهبي من قبل أشخاص يزعمون الزهد في كل شيء بما فيه "البابوية"..انتهازية الساسة وليست أخلاق المتدينين.. يا خسارة ع الشبيبة!

طبعاً محدش جاب سيرة العلم..لا من الطرق ولا من السعودية..

لم يتحدث أحد عن أن التصميم الخاطئ لجسر الجمرات ، وتجاهل علم إدارة الأزمات وهو علم قائم ومحترم كان عليهما عامل كبير في كوارث كبرى.. لم يتحدث أحد عن العلم لأن العلم ومستجداته أشياء تافهة ، صنعها الغزاة الفرنجة ، رغم أننا نعشق "العياقة" بالماضي العلمي للأمة وعز الأمة وجمال الأمة وحلاوة الأمة!

إلى أن استشعر البعض في إدارة الحرمين "حرج الموقف"..وقرروا الاستعانة بالعديق.. العلم يعني..وبنوا جسراً جديداً للجمرات ، وبخبرة ألمانية ، يعني برضه الفرنجة اللي بنشتمهم وبندعي عليهم..(ورغم هذا لم نلاحظ وجوداً كبيراً للعلم الحديث في مسائل أخرى .. كالأهلة مثلاً)..

العلم .. غسالة ومكواة وتليفزيون وإنترنت ، لم نسهم فيهم بأي شيء يذكر ، و"فشخرة" بعلماء مر عليهم قرون القرون ، العلم زر يضغط عليه ساسة الدين فتتم المناداة بإعماله ، ويضغطون عليه مرة أخرى فلا تسمع له لا حس ولا خبر..

دعوا الطرقيين والسلفيين المتشددين وغيرهم يمضون في غيهم ، قبل أن نفاجأ بمدافع أخرى ، أو بوحوش صنعتها تكنولوجيا الغرب ، تصفعنا .. فنفيق.. وما حدث عام 1798 كان مثالاً.. مجرد مثال .. لمن في عينه نظر!

لماذا "تباع" الخُطَب؟

أكرر: لماذا تتم تعبئة خطب الجمعة في شرائط ثم تباع هذه الشرائط؟

أطلب ممن سيثير هذا السؤال امتعاضهم -إن لم يكن غضبهم- أن يفترضوا في العبد لله حسن النية ، وأن يفترضوا أيضاً أن هذا السؤال هو سؤال طفولي بريء وساذج ممن "قد" لا يكون المنظر لديهم مألوفاً!

فمن العادي بالنسبة للشخص العادي أن لا يبتلع الموضوع برمته ، فكل علاقتي وعلاقة كثير من الناس بخطبة الجمعة أنها جزء لا يتجزأ من هذه الشعيرة ، وتعادل ركعتين من الصلاة إلى جانب ركعتي الجمعة نفسها ، فلماذا يتم تحويلها إلى شرائط وتباع هنا وهناك؟

ألم تشوه "شرطنة" خطب الجمعة شكل الخطبة بشكل عام؟..خاصةً بعد أن أصبح بعض من يقف على المنابر - بكل أسف - يتفرغ للمط والتطويل بما يتناسب مع طول الشريط ، ولا يهم أن يفهم الشخص أو يستفيد ، ادفع لك اتنين جنيه يا مؤمن وحتتحط الصورة في دماغك أحسن .. ولا مانع من إضفاء البصمة الشخصية على الخطبة تمثيلاً ، وزعيقاً ، وتشويحاً.. طالما أن البعض قد ينتهزها فرصةً لتسويق نفسه كما قد يُقال..

ثم إلى أين تذهب حصيلة بيع الشرائط؟ أنا فعلاً لا أعرف ولا أريد أن أكون سيء الظن.. هل إلى الشباب الذين وفر لهم "بعض الناس" فرص عمل ببيع هذه الخطب على أبواب ما يقرب من ثلاثة أرباع مساجد مصر؟ هل إلى الشركات التي تتولى طباعة هذه الخطب أولاً بأول؟

عاش المسلمون أربعة عشر قرناً من الزمان كانوا خلالها يحفظون الخطب في أدمغتهم وعقولهم وقلوبهم بدلاً من السي دي والشريط ، ما الذي استجد حتى يصبح بمقتضاه الشريط ضرورة حياة ، وحتى تصبح مناقشة بيع الخطب من عدمه كمناقشة 1+1=2؟

أسأل هنا لمجرد الفهم ، لا أكثر.. ربما تجيبونني..

Tuesday, December 11, 2007

هوة بالعافية؟

للعام الثالث على التوالي يتكرر هذا الفصل "البايخ" و "المخجل"..

يُعلَن اليوم الفلاني غرةً لذي الحجة ، ثم بعد قليل نكتشف جميعاً أنه اليوم الثاني من نفس الشهر.. لأن شخصاً "ما" رأى الهلال في الوقت الذي عجزت كل الأجهزة وكل الأقمار الصناعية عن رؤيته في الوقت المحدد!

وطبعاً لابد أن تُعدَّل كل الأمور في الدول العربية والإسلامية الأخرى للاحتفال بعيد الأضحى المبارك في موعده الجديد ..

وطبعاً يهش ويهلل البعض منا لهذا الهراء.. معتقدين ، أو صور لهم بعض الناس ، أنه رمز "لوحدة المسلمين"..

يا سلام!..

ما هي فائدة أن نتوحد على هلال شهر سواء أكان رمضان أو ذي الحجة؟ خاصةً إذا كان "مضروباً" ومشكوكاً في صحته ولا يأخذ بالأحوط ضارباً عرض الحائط بقاعدة أصيلة في الفقه الإسلامي ، أو إذا كان قد ثبت بحسابات فلكية "على أعلى مستوى" قد يكون مشكوكاً في دقتها ، أو بنظريات غريبة كالتي تتبع في "بلدان عربية بعينها"؟

إذا كنا نعتبر وحدة رؤية الهلال مقياساً لوحدة "الأمة" .. لماذا لم نفكر في توحيد الأساس الذي يُرى عليه الهلال ثم تأتي النتيجة بعد ذلك؟ وإذا كان هناك من يلطم ويعدد على "الحدود المصطنعة" التي صنعها الاستعمار والمش عارف إيه ، فإن هناك شيء اسمه الجغرافيا ، صنعه الله عز وجل ، الذي هو بكل خلق عليم ، ويمكن بمقتضاه (=الجغرافيا) أن تختلف رؤية الهلال في بلد كـ"قطر" عنها في "المغرب" عنها في "إندونيسيا"..

وما دام حلبسة بحلبسة ، لماذا لم يقترح علينا بعض ممن يرى في وحدة الأهلة مقياساً لوحدة العالم الإسلامي أن نوحد مواقيت الصلاة خصوصاً في شهر رمضان داخل العالم الإسلامي؟ ولتذهب في ستين داهية فروق التوقيت بين دبي والرياض والقاهرة وتونس والدار البيضاء وكراتشي!

وحدة المسلمين ليست بوحدة الأهلة ولا المطالع ..تكفي نظرة دقيقة لأحوال مليار مسلم في ست قارات.. كل عام وأنتم بخير قبل أن نفاجأ بأن وقفة عرفات ستكون يوم الأربعاء القادم!

Sunday, December 9, 2007

المكان الخطأ

ماذا يكون شعورك إذا أفقت ووجدت أكثر تخيلاتك شراً وقد تحول إلى واقع؟

كتبت قبل ستة أشهر وأسبوع الجزء الأول من هذا المقال .. ولم أكن لأتخيل أن ما كتبه العبد لله في الفقرة العاشرة منه قد تحقق ..وبكل أسف..

نعم.. نشر "العربية نت" أن هناك "دعاةً" يدخلون على المواقع "إياها" لتقديم الموعظة للشباب المدمن على البورنوجرافيا!

في إحدى الردود قال أحد زوار العربية نت أن الشباب المحتاجين إلى الهداية لن يذهبون إلى المواقع الدينية بل تراهم كثيراً في المواقع إياها.. قد يبدو هذا الكلام صحيحاً ولكنه غير مقنع بالنسبة لي..فلا يوجد ثمَّة فرق يذكر بين هذا التصرف وبين إرسال رسائل قصيرة دينية تدعو إلى ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله في وقت تتمايل فيه موديل في فيديو كليب!

أمام قليلين قد يتأثرون بما يقال ، هناك من سيتعامل مع الموضوع بسخرية شديدة منه ومن ما يدعو إليه ، وقد ينال ذلك من مصداقيته لدى جمهوره لأنه قد بدأ عمله بكذبة ، لا يهم إن كانت بيضاء سادة أو بيضاء بخطين حمر ، لكنها بالنسبة للشخص العادي مجرد كذبة.. وقد يتساءل زائر تلك المواقع في براءة : إيه اللي جاب الراجل دة هنا؟ تساؤل من حق سائله ومن حقنا أيضاً معه..

إذا كان الدعاة والوعاظ سيتوزعون - بمقتضى هذا الأسلوب العجيب- على الخمَّارات وبيوت الدعارة الحقيقي منها والسايبري ، فمن سنرى في المساجد؟ وهل سنجد شخصاً نسأله ونستفتيه في أمر يتعلق بديننا ، أو يعظنا فيه ويخبرنا فيه ما جهلنا؟.. أم أننا سنكتفي بإحالة بيوت الله إلى المعاش أو استخدامها استخدام آخر على طريقة "سلطان" بعد تخريبه لسيارة "رمضان السكري" في "العيال كبرت"؟ خاصةً وأن مدير البرامج بالقناة الدينية الشهيرة يقول أن الفضائيات صارت "مثل" المنابر في المساجد!

لقد ناديت إذ أسمعت حياً .. والباقي معروف..دمتم بألف خير..

Tuesday, December 4, 2007

حتى الحج؟

أن تباع تأشيرات الحج من قبل أعضاء المجلس (غير) الموقر في السوق السوداء ، فهذه مصيبة سوداء ، لكن أن توزع تأشيرات الحج على أعضاء المجلس (غير) الموقر نهاراً جهاراً فهذه ليست بدورها مصيبة بيضاء!

لنعقلها قليلاً .. لماذا توزع تأشيرات الحج على نواب مجلس الشعب أصلاً؟ ما هي الصفة التنفيذية لهؤلاء إن استسغنا أن التأشيرات توزع على التنفيذيين؟ وهل انضمت إلى قائمة "الخدمات" التي تعرض في البازار السياسي المصري؟ هل توزع تلك التأشيرات لكي ننتخب عضو مجلس الشعب الفلاني (وكلما كان حزبوطني كان أحسن علشان حيشبرق علينا في الحوار دة)، أم لكي "يتفشخر" بها هذا العضو قبيل الانتخابات التالية .. تماماً كما "يتفشخر" بتعيين "أبناء دائرته" في الخارجية كما فعل "ناس"؟

هل هي نفس اللعبة المبتذلة القديمة الجديدة التي تلعب في مصر منذ أيام الاسكندر الأكبر الذي ذهب خصيصاً لكي يتقرب لكهنة آمون..وتطورت طبعاً ببناء المساجد والتكايا والزوايا والصرف على الأضرحة والقبور وحضور الاحتفالات الدينية وتقريب بعض "المرجعيات" والشيوخ، فقط لكي ننسى الأخطاء والخطايا والجرائم؟

أم أن العيب فينا بصفتنا نحن الذين شجعنا كل هؤلاء على مر أجيالنا وعصورنا؟ هل هو ضعفنا الزائد أمام كل ما هو ديني؟ أم هي "الحوجة" التي جعلت تأشيرة الحج وتأشيرة الوزير على الوظيفة أعز من الذهب وأغلى من الماس ، وتستأهل تدخل البيه ابن الدايرة؟

هذا عن التأشيرات "الشرعية" طبقاً للأعراف السياسية المهلبية في بلاد العجائب ، فماذا عن تأشيرات السوق السوداء؟ هل يصح الحج بتأشيرة تم شراؤها في السوق السوداء؟

والسؤال الأهم : لماذا لم يُدِن أحد -سواء من المنظرين للتمذهب أو من "الربراريين" دخول الحج في هذه اللعبة السخيفة؟ ولماذا يصر البعض على التفسير السياسي لهذا الركن الركين من أركان الدين بأن يقول أنه مؤتمر ورمز لوحدة الأمة؟ ولماذا أصبح الحج فرصة للتسويق الفكري والانتهازية والشماتة الوقحة بين قيادات ومنظري المذاهب كما حدث بعد حادث الجمرات؟

Monday, December 3, 2007

Same Same

same same..

هذه العبارة التصقت كثيراً بشعوب شبه القارة الهندية ومن حولها خاصةً من يعمل منهم في دول الخليج النفطية .. وقصتها -والعهدة على أحد أساتذتي في الجامعة- أنه عندما يطلب أحدهم طعاماً في مطعم متواضع فيقول أحدهم صنفاً ما .. ولكي يقول أي منهم أنه يريد نفس الصنف يكتفي بقول عبارة same same..

خطر هذا التعبير على بالي عندما أردت الكتابة في هذه التدوينة..

لك أن تتخيل أن السلفية المتطرفة على سبيل المثال قد توصل الناس لنفس التأثير الذي يريده بعض العالمانيين والداعون لإقصاء الدين تماماً عن الحياة.. فهذا الخط المذهبي يمعن بشدة في التركيز على العبادات بكافة أشكالها ويتجاهل المعاملات رغم أهميتها في الإسلام ، ويمعن في عزل الناس عن حياتهم الدنيا بالكامل ، وهو يشبه كثيراً ما يريده خصومهم التاريخيون -الصوفيون- بعزل الدين عن الدنيا ، وهو ما يريده خصوم الجميع من متطرفي العالمانية المؤمنين بأنه لا دين في الحياة ولا حياة في الدين!

لك أن تتخيل أيضاً أن السلفية والصوفية قد يوصلان الناس لنفس التأثير الناتج عن التبرك بالأشياء ، ففي الوقت الذي ابتدع فيه الصوفيون وآخرون التبرك بالأضرحة والقبور ، ويبرر ذلك منافقوهم في الصحف "الموس- تا -قلة" بأنها مسألة "رمزية" ، نجد قناة ما تقيم مزاداً للتبرك بمقتنيات الشيوخ .. نفس الفعل ولو من بعيد..

قد يقول القائل بأن هناك مزادات مشابهة على مقتنيات فنانين ولاعبي كرة .. وأقول بأنه رغم أن مثل تلك المزادات تنطوي على "هوس" بتلك الشخصيات قد يتخطى حدود المقبول عقلاً .. فإن تلك الشخصيات ليست شيوخاً ولا علماء دين .. وقد يثير اتباع مثل هذا التقليد السخيف معهم أيا كانت دوافعه الخيرية حساسية أشد لدى عامة الناس الذين أنا واحد منهم .. (ولا حاجة للتذكير بأن هناك ألف طريقة لعمل الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين غير هذه التقليعة)..

من المذهل أن يتباين هؤلاء فيما بينهم ، ويتطرفون في انتماءاتهم ، ويهاجمون بعضهم البعض إلى أقصى مدى ، ويدعي كل منهم أنه الاعتدال وغيره التطرف ، أنه الحقيقة وغيره الأوهام .. بينما كل هؤلاء يبدون كسلسلة من المطاعم تتنافس في تقديم نفس صنف الطعام الذي يصيبك بتلبك معوي في نهاية الأمر.. وإن كان من المهم القول بأنه عندما تتلبك معدتك فإنك لن تسأل كثيراً عن مكونات الطعام التي فعلت بمعدتك تلك الفعلة ، طالما أنه من نفس الصنف الذي تقدمه كل المطاعم التي تتنافس على انتمائك ، وولائك ، وتعاطفك ، و"مصاريك" ، ومصارينك ، ومصيرك أيضاً..