Sunday, September 30, 2007

"لله"؟

لله.. لله يا محسنين لله..

يقولها متسول يوشك على التخبيط على ظهرك أو يشد ثيابك.. أو آخر يصرخ في مدخل منزلك أو في ساحة المسجد بعد الصلاة .. وتقرأها ضمناً في حملة تبرع لجمعية ما أو لمستشفى ما أو لمشروع ما من صورة طفل ما مكتئب حزين "تقطع القلب"..(وربما استفاد المتسولون التقليديون من الحملات في الرقي بأسلوب الشحاتة والخروج به من حيز التقليدية إلى الحداثة.. شحاتة حداثية يعني)!

كلهم يقولون "لله" بطريقة أو بأخرى..

فالشحاذون -التقليديون-يستغلون طباعنا العاطفية وحساسيتنا الدينية أولاً ، وطبيعة رمضان كشهر للإحسان والخير ، وطبيعة الصدقة (التي لا تعلم فيها شمالك ما تعطي يمينك.. بعكس الزكاة التي لها مصارفها الشرعية)، ويبدأون "عملهم" أو "لا عملهم"..يستغلون نقطة صغيرة في موروثنا الثفافي أنه كل "فقير" "شحات"..وعليه فإن باب الإحسان المفتوح هو إعطاء من يسألون الناس إلحافاً في الشوارع وفي غير الشوارع.. فعندما تعطيهم - من وجهة نظرهم- فأنت تعطي وتتصدق "لله".. ولا مانع من أن يمطرك الشحات بسيل من الدعوات -المدفوعة الأجر- إن أعجبه المبلغ (وإن لم يعجبه المبلغ فسينتظر إلى أن تختفي عن ناظريه ، ثم يمطرك بسيل من الدعوات .. في اتجاه آخر طبعاً).. ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لتسول الحملات المتلفزة!

هل التسول في مجتمعاتنا حالة توجد في أي مجتمع أم هو عندنا خصوصية وثقافة ربما؟..لماذا يُقحم الدين في التسول إقحاماً ؟ولماذا لم نرَ "مفكراً" أو "أكاديميا" أو "شيخاً" من الذين يرون أن لديهم حلاً لجميع مشكلات هذا الكون يستوقفه ذلك الإقحام الوغد في التسول بكل صوره في الشوارع وفي الحملات التليفزيونية وفي غيرها؟

أم أن الأمر لم يعد - كأشياء كثيرة- يهم أحداً؟

مجرد تساؤل شرير..

Friday, September 21, 2007

انزل..انزل!

عندما يذهب الناس إلى حفل غنائي ، فإنهم ينتظرون من المطرب ما تعودوا منه عليه.. فإن لم يقدم المعتاد واجهوه بالعناد وطالبوه بالنزول!

وللأسف .. يبدو أن صلاة التراويح بدأت تُفْهَم من البعض بنفس الطريقة!

خبر "مسخرة" نشرته المصريون نقلاً عن الخليج الإماراتية .. مفاده أن المصلين بمسجدٍ ما في منطقة عسير بالسعودية قرروا إبعاد إمام أمَّ العشاء والتراويح في المسجد بسبب "تعلثمه في الدعاء" و "لحنه في القول"..

أسباب ظاهرية طبعاً .. أمَّا السبب الحقيقي فهو أن الرجل أمَّ صلاتي العشاء والتراويح بدون قنوت..

والقنوت صار لدينا إدماناً..

فكما في مثال المطرب .. تعود الناس على الإمام يدعو دعاءَ القنوت بكل الزيادات وبشكل مُغَنىً (وتجد منهم من يمتعض من الإمام الذي لا يغني القنوت).. ويا سلام لو كان الأداء الغنائي للقنوت دراماتيكياً يستدر الدموع والنهنهات ..أنا شخصياً أسمع أن العديد من الناس يقومون بـ"التنشين" على المسجد الذي به إمام يجيد هذه التصرفات..وهناك طبعاً من "يستنهز الفرصة" ويعبئ القنوت ودعاء ختم القرآن في شرائط!

وكأننا لا سمح الله لا نتحدث عن صلاة أو عبادة!

صححوني إن أخطأت : جهرية القنوت مسألة فقهية جدلية ، هناك مذاهب فقهية تفضل الجهر بالقنوت في صلاة الفجر وليس في الوتر ،وهناك من يرى العكس.. وعليه فإن عدم الجهر بالقنوت في وتر صلاة التراويح ليس بجريمة..

يبدو أن المصلين في الخبر استفزوا الإمام إلى أن "جابوا آخره".. فكانت النتيجة الطبيعية أن دعا عليهم.. أنا شخصياً ألتمس له كل العذر.. فحتى لو "خَدهم على جنب" وحاول شرح وجهة نظره فلن يجدي ذلك معهم نفعاً..

فعلاً..ما أشبه اليوم..بالبارحة!

وشر البلية ما يضحك .. وأكثرها شراً ما يجعلك تضحك أكثر .. وأكثر .. وأكثر!

Tuesday, September 18, 2007

لماذا توقفت حركة تفسير القرآن الكريم؟

نحن في شهر القرآن الكريم.. وهذه فرصة لنفكر معاً في موضوع مرتبط بالقرآن الكريم وسيظل مرتبطاً به إلى قيام الساعة....

أعني هنا تفسير الذكر الحكيم.. فحاجة المسلمين لفهم كتاب الله ومعرفة أحكامه قائمة مادام الإسلام قائماً .. ومن هنا ظهرت محاولات لتفسير القرآن الكريم منذ فجر الدين الحنيف ارتبطت بعدد من كبار الصحابة منهم عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (والذي عُرِفَ بترجمان القرآن) وآخرون..

ومع الوقت أصبح التفسير علماً وله مدارس واتجاهات ، وظهرت تفاسير كثيرة ما نعرفه منها أقل بكثير مما لا نعرفه ، من أشهرها القرطبي وابن كثير والطبري وغيرها..كلها عكست ما بذلوه من جهد لم ينشأ من فراغ وإنما جاء تكملة لعمل من سبقوهم ..

وبما أن القرآن الكريم كتاب لكل زمان ومكان ، وبما أن فهم القرآن الكريم يتغير من عصر لآخر (فالتفسير لدى القرطبي مختلف عما كان قبله وعما كان بعده)، ومن شخص لآخر في نفس الفترة الزمنية (بدليل اختلاف طرق ومدارس التفسير).. كان مفترضاً بتلك الحركة أن تستمر إلى اليوم لأن الحاجة إلى فهم القرآن الكريم لم تتوقف على الفترة التي كتبت فيها أشهر كتب التفاسير..

إلا أنها دخلت مرحلة من التباطؤ توشك فيها على التوقف..

فبالرغم من أن هناك كثيرين يُرَوَّج لكفاءتهم العلمية وعلى أنهم علماء الأمة الذين يستطيعون الكلام في كل اختصاص ولهم شرائط وبرامج تملأ كل فراغ إلا أننا لم نسمع عن نية أي منهم لكتابة تفسير للقرآن الكريم!

هل هو "الاكتفاء بهذا القدر" كما نراه في التراث المذهبي ، خاصةً السلفي منه (فما دام كل شيء موجود في الكتب القديمة والمجلدات الضخمة فلماذا الحاجة للتفسير ، خاصةً وإن احنا مش بنفهم أحسن من اللي كتبوا تلك التفاسير-هكذا قد يقولون)؟

ويبدو أن هذا "الاكتفاء" ليس فقط لدى هذا السيل الهادر من الشيوخ والمتحدثين ، بل لدينا أيضاً..

فرغم احتياجنا جميعاً للتفسير أكثر من أي وقت مضى .. إلا أن هناك "مخاوف مشروعة" لدى عامة الناس - وكاتب هذه السطور قطعاً منهم- من "التنويرجية" الذين يقيسون مقدار "استنارتهم" بالعداء للنص ، ومن يدعون تجديد الخطاب الديني بالبحث في الكتب القديمة دون أي تشغيل للجمجمة ، ومن لا يتوفر لديهم الحياء اللازم الذي يمنعهم من تفسير الآيات القرآنية حسب المصالح السياسية والمذهبية.. وطبعاً من الأدعياء (كما يحدث باستمرار في الفتاوى)..ووسط هذا العين كاف فإن أي محاولات جادة لتفاسير مبسطة مهددة بالانزواء دون أن يستفيد منها عامة المسلمون..

ولذلك تستشعر أن هناك رغبة مشتركة بين الجميع في البقاء "محلك سر"..وهذه هي المشكلة..أنا أراها كذلك.. كيف ترونها؟

Friday, September 7, 2007

حكاية الخطباء مع الست بُلْبُلَة

صححوني إن أخطأت: كانت تعليمات الأوقاف لخطباء الجمعة اليوم تتمحور حول تخصيص الخطبة أو جزء منها لتناول "الشائعات".. طبعاً على ذكر الشائعات التي تخص صحة الرئيس..خطبة شيخ الأزهر اليوم في الزقازيق والتي نقلتها الإذاعة والتليفزيون -وأحمد الله أنني لم أستمع إليها بالكامل -كانت تدور حول هذا المحور..

لماذا تحمس الخطباء وتتحمس الأوقاف لهذا الموضوع في هذا التوقيت أو عندما تصدر شائعة ثقيلة الدم وكأن الشائعات وإثارة البلبلة قاصرة على شخص واحد واتجاه واحد ونوعية محددة من المواضيع ، كما لو كانت الأمور "عال العال" ، وكما لو كنا نعيش في مجتمع بلا شائعات ، وكما لو أن "الست بُلْبُلَة" -التسمية التي أحب أن أطلقها على إكليشيه البلبلة-"عايشة في حالها" دون أن يثيرها أي أحد؟

في الوقت الذي تتعمد فيه صحف الحوادث التركيز على جرائم الجنس والخيانة الزوجية والشذوذ .. لا تجد خطيباً يتحدث في الموضوع..

في الوقت الذي تنشر فيه إحصائيات وبحوث واستطلاعات رأي مضروبة ومزيفة ومصنوعة بطريقة يفوح منها الجهل والتخلف .. لا تجد خطيباً يتحدث في الموضوع..

في الوقت الذي يقول فيه شخص ما أنه رأى الرسول الكريم في صلاة الفجر وأنه -الرسول عليه الصلاة والسلام- أمَّ الناس في تلك الصلاة .. في الوقت الذي تصدر فيه الفتاوى المتناقضة التي تشتت الناس في دينهم ودنياهم .. لا تجد أي خطيب يتحدث في الموضوع..ففي كل هذه الحالات لا تثار أدنى بلبلة على الإطلاق.. وإن رأى أحدكم الناس وقد ارتبكت ، بل وإن رأى "الست بُلبُلة" شخصياً تمشي في الشارع منكوشة الشعر وتنبح وتطارد المارة فاعلم أن هذه "تهيسؤات" يجب عليك فوراً الذهاب إلى أقرب طبيب نفسي لعلاجها!

صار الخطيب ، أي خطيب ، ينتظر التعليمات ، سواء أكان خطيباً أوقافياً ، أو كان منتمياً لمذهب معين أو جماعة معينة .. وإن تصرفت بدون انتظار التعليمات فأنت من العيال الوحشين وسيكون مصيرك الحبس في "أوضة الفيران" بعد أن تُخْلَعَ عليك قائمة من الاتهامات تبدأ من عدم سماع الكلام وتنتهي إلى الكلام في السياسة..

وإن سألت أي من هؤلاء الخطباء سيحدثك طبعاً عن دور الأوقاف ودور المنبر ودور مؤسسة المسجد .. لا يا "شيخ"!

هذه التصرفات ستفقد الناس ما تبقى من ثقة في المنبر ومؤسسة المسجد وتشعرهم أنهم إما أمام موظفين في انتظار صفارة الحكم ، أو أمام شيوخ شرائط يتحدثون في التوقيت المعين في موضوع معين كي يصنع الحدث ونجد الشريط على مداخل مساجد مصر كلها.. هذه التصرفات ستشعر الناس أن المنبر معزول كل العزلة عن حياتهم وواقع أمرهم..

هذه التصرفات تحتاج إلى تفكير ، وعقلنة ، ومواجهة ، وإصلاح ، وليس إلى طناش واستعباط وتبرير..

Thursday, September 6, 2007

أحسن .. "دين"؟

صباح التهييس..

التهييس ثقافة .. التهييس طريقة تفكير .. يستطيع أن يتقنه كل الناس .. المتعلم والجاهل .. الصغير والكبير .. الأمير والخفير .. طالما أن هناك من لديه قابلية لتصديقه!

على أكثر من منتدى وجدت هذا الموضوع..آل إيه : قناة فرنسية قررت عمل استفتاء على "أحسن دين".. والمطلوب طبقاً للموضوع طبعاً أن نصوت "نصرةً للإسلام"!

تهييسة من العيار الجامبو..

أولاً .. الموضوع هو استبيان بغرض الدراسة لا أكثر ولا أقل .. ولم أرَ في الصفحة الفرنسية على الأقل ما له علاقة بـ "أفضل دين" أو حتى "أسوأ دين"..كما أنه يتضمن بعض الأسئلة التي تبدو غريبة وبلهاء .. إما لأنها لأغراض بحثية صرفة .. وإما بسبب علاقة الغرب بالدين- أي دين - من حيث هو..

ثانياً.. بفرض أنني وغيري من الجهلة بلغة الفرنسيس ، وأن ما قاله أصحاب الرسالة التي تم تناقلها بين عشرات المنتديات (انقل أول سطر من الرسالة في المنتدى الخليجي سالف الذكر وابحث عنه في جوجل) صحيح.. هل استفتاء بحثي صرف كهذا يعتبر بمثابة كأس العالم للأديان؟

كل معتنق لدين يرى أن دينه هو الأفضل.. سواء أكان مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً..وعليه فإن الإسلام بالنسبة لي كمسلم هو الأفضل ، وسيبقى شامخاً عالياً حتى ولو تذيل قائمة نتائج الاستفتاء (كما يراه من يعتقد أنه على أفضل دين) ، وحتى لو لم يبقَ على ظهر الأرض سوى مسلم واحد.. ولا أعتقد أنه من سبل نصرة الإسلام في شيء التكالب على التصويت في استفتاء بحثي صرف كهذا ، أو استغلال عدم دراية شرائح كبيرة من الناس باللغات الأجنبية وافتكاس الرسائل والعبارات التي توحي للكل بأن الإسلام على المحك ويدخل في منافسة تشبه المنافسات الكروية مع الأديان الأخرى ، أو التلاعب بالآيات القرآنية والأحاديث للترويج لشعارات مذهبية تجعل من المتلاعبين حماةً لهذا الدين..لم أسمع من قبل أن شُغْل الحلبسة ينصر ديناً..