لله.. لله يا محسنين لله..
يقولها متسول يوشك على التخبيط على ظهرك أو يشد ثيابك.. أو آخر يصرخ في مدخل منزلك أو في ساحة المسجد بعد الصلاة .. وتقرأها ضمناً في حملة تبرع لجمعية ما أو لمستشفى ما أو لمشروع ما من صورة طفل ما مكتئب حزين "تقطع القلب"..(وربما استفاد المتسولون التقليديون من الحملات في الرقي بأسلوب الشحاتة والخروج به من حيز التقليدية إلى الحداثة.. شحاتة حداثية يعني)!
كلهم يقولون "لله" بطريقة أو بأخرى..
فالشحاذون -التقليديون-يستغلون طباعنا العاطفية وحساسيتنا الدينية أولاً ، وطبيعة رمضان كشهر للإحسان والخير ، وطبيعة الصدقة (التي لا تعلم فيها شمالك ما تعطي يمينك.. بعكس الزكاة التي لها مصارفها الشرعية)، ويبدأون "عملهم" أو "لا عملهم"..يستغلون نقطة صغيرة في موروثنا الثفافي أنه كل "فقير" "شحات"..وعليه فإن باب الإحسان المفتوح هو إعطاء من يسألون الناس إلحافاً في الشوارع وفي غير الشوارع.. فعندما تعطيهم - من وجهة نظرهم- فأنت تعطي وتتصدق "لله".. ولا مانع من أن يمطرك الشحات بسيل من الدعوات -المدفوعة الأجر- إن أعجبه المبلغ (وإن لم يعجبه المبلغ فسينتظر إلى أن تختفي عن ناظريه ، ثم يمطرك بسيل من الدعوات .. في اتجاه آخر طبعاً).. ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لتسول الحملات المتلفزة!
هل التسول في مجتمعاتنا حالة توجد في أي مجتمع أم هو عندنا خصوصية وثقافة ربما؟..لماذا يُقحم الدين في التسول إقحاماً ؟ولماذا لم نرَ "مفكراً" أو "أكاديميا" أو "شيخاً" من الذين يرون أن لديهم حلاً لجميع مشكلات هذا الكون يستوقفه ذلك الإقحام الوغد في التسول بكل صوره في الشوارع وفي الحملات التليفزيونية وفي غيرها؟
أم أن الأمر لم يعد - كأشياء كثيرة- يهم أحداً؟
مجرد تساؤل شرير..