Friday, July 28, 2006

وكانت المساجد لله ..

أولاً .. ها أنا أعود بعد أسبوعين من المداخلة الأخيرة ، فترة التوقف الأخيرة شهدت أحداثاً ساخنة ، وجدلاً أكثر سخونة عما يحدث في لبنان ، امتد حتى إلينا معشر المدونين .. قد نتفق جميعاً على التضامن مع المواطن اللبناني البسيط الذي أصبح مجرداً من بيته ودياره وعرف التشريد في وطنه على يد آلة الحرب الإسرائيلية المجرمة ، لكننا قد نختلف أيضاً على التظاهر ، أسلوب التظاهر ، ودخول بيوت الله في التظاهر .. الأمر الذي تسبب في مشهد يؤلمني جداً كل يوم جمعة..

على بعد أمتار من بيتي زاوية صغيرة ، وفي شارع قريب منها أجد "بوكساً" للشرطة ، لا أعرف ماذا الغرض منه ، هل منع مظاهرة قد تخرج من تلك الزاوية؟ أي مظاهرة بحق الله قد تخرج من زاوية صغيرة الحجم تحت عمارة؟..المشهد الأسوأ رأيته قبل قليل .. أربع سيارات أمن مركزي كبيرة على حدود مسجد مدينتنا الكبير رغم أن المسجد تجري به إصلاحات كبيرة تحد من دخول وخروج المصلين..

لكن في النهاية هؤلاء عسكر ، يأخذون أوامر ، والأوامر جاءت لأن البعض صارت هوايته استخدام المساجد في إخراج المظاهرات ..

أحد مساجد المنصورةالمساجد صارت تستخدم الآن في عشرات الأغراض باستثناء الصلاة وقراءة القرآن!.. منابر الجمعة تستغلها الجماعات والحزب الوطني والطرق الصوفية للترويج لأفكارها .. ساحات المساجد تستغل لعقد القِران..بشكل مستفز يتنافى تماماً مع قدسية المسجد كدار للعبادة .. لدرجة تشوش على المصلين خاصةً من فاتتهم الفريضة في جماعتها الأولى (والمثير للحنق أكثر من ذلك كله أنك تجد العشرات يثورون عليك لو صليت بصوت عال وسط هذه الضوضاء .. بحجة التشويش على المصلين!) ، والأنكى من كل ذلك أنه حتى جدران المساجد تستخدم للدعاية ، ولو كان معي كاميرا لالتقطت لكم صورة من إعلان معلق على جدار مسجد من الخارج .. والمسخرة في الإعلان أنه لمطعم الوجبات السريع الذي تحدثت عنه في تدوينة كاملة تحمل عنوان "حلالاً زلالاً".. المطعم الذي كان على صدارة قائمة المنتجات الأمريكية المطلوب مقاطعتها في المنشورات التي كانت توزع على المصلين في مساجد كثيرة ، من شبه المؤكد أن هذا المسجد أحدها!

وخارج المساجد التي تتبع اتجاهات دينية ما ، السلفية منها تحديداً ، يحلو البيزنس ، وهناك "نصبة" على باب معظم تلك المساجد تباع فيها أشرطة مشايخ البوكيمون ، وكام سواك ، وغير ذلك!

لكن عندما أحتكم لعقلي لا أستغرب ما يحدث كله ، فكلنا ضعاف أمام المظهر الديني جداً ، كما قلت يوماً ما وما زلت مصمما على رأيي ، وتعيش في مجتماتنا فرق تحتكر الحديث باسم الله وباسم الدين ، كل تلك الفرق لا تتورع رغم ذلك عن استخدام بيوت الله لأغراضها السياسية ولمصالحها الشخصية والتجارية .. وليس هؤلاء فقط .. بل حتى الشركات ، والمدرسين الخصوصيين ، وغيرهم ممن يشوه جدران بيوت الله بإعلاناته ليس لدى معظمهم وازع ديني يحتفظ للمسجد باحترامه وقدسيته وأهميته بالنسبة للمسلم ..

منهم لله جميعاً كل من جعلنا ندخل المساجد تحت حراسة الشرطة ، في مصر وفي غيرها ، ومن جعلوها سوقاً لبضائعهم البائرة.. حرام عليهم بجد..

Saturday, July 15, 2006

إنها "طظ" نووية!

أعلم أن المتحمسين جداً للسياسة الإيرانية ، وأصحاب بعض الاتجاهات القومية والمتعاطفين مع جماعات الإسلام السياسي ومجاذيب الزعامة الدينية من كل مذهب وطريقة سيصبون جام غضبهم على كاتب هذه السطور بسبب ما ستقرأونه لاحقاً عن التصريح المستفز لأحمدي نجاد قبل أيام.. والذي قال فيه أن أي عمل عسكري على سوريا فهو عدوان على "العالم الإسلامي"!

محمود أحمدي نجادتصريح مستفز بكل المقاييس.. فالرجل الذي يعشق- كزعيم لدولة هي إحدى ثلاث دول دينية في عالم اليوم ، وتربى على فكر مؤمن لدرجة التعصب بوهم الزعامة الدينية- تهييج الجماهير وقع في سقطة غريبة الشكل ، تتمثل في تعريفه للعالم الإسلامي .. في الوقت الذي بلاده محاطة بدول إسلامية.. وفي الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل عدواناً على دولتين عربيتين مسلمتين (حتى وإن لم يشكل المسلمون الأغلبية الكاسحة من سكان الجمهورية اللبنانية).. ولا عجب .. فالنظام الإيراني عود الإعلام الموالي له عربياً ببساطة شديدة على الكناية عن إيران بـ"الجمهورية الإسلامية" ، وليس "الجمهورية الإيرانية"!

هو ، وكثيرون من مشارب مختلفة سواء من مؤيدي جماعات التكفير ، أو التيار السلفي المتشدد ، أو الطرق الصوفية يشتركون في أمور كثيرة ، من بينها الإيمان الراسخ بأنه يجب أن تكون هناك دولة إسلامية مركزية واحدة (تكون تحت إمرتهم طبعاً) ، رغم أن الإسلام لم يلغ القومية ، وإلا لكانت كل الدويلات التي انقسم لها العالم الإسلامي على أساس سياسي (الأيوبيين والفاطميين والإخشيد و...و...)، أو على أساس قومي أو عرقي دولاً كافرة غير إسلامية.. ومن بين تلك الأشياء المشتركة أيضاً ، وببساطة شديدة ، أن كل منهم يفترض أنه يتحدث رسمياً بالنيابة عن مليار مسلم لم يعطوه تفويضاً بالحديث باسمهم ، وأنه لا "إسلامي" إلا ما اعتبروه "إسلامياً!..وربما كان مرجع هذا الإحساس العجيب هو وهم يشعر به هؤلاء بأن العالم الإسلامي "سواء الإسلامي بمعاييره أو غيره" مكون من مجموعة من القاصرين الأيتام الذين ليس لهم ولي ولا نصير.. وعليه فهم أولياء أمر المسلمين .. وعلى أمريكا مثلاً إن أرادت أن تتحدث إلى المسلمين فلتتحدث إليهم (تذكروا الإفيه الشهير : ولما أعوز أكلم شعب مصر .. أكلم مين؟)!

قد نختلف أو نتفق حول سياسة أحمدي نجاد .. إلا أن هذا التصريح الذي تداولته وسائل إعلام عدة وليس وكالة الأنباء الإيرانية التي استشهدت بها ببساطة يكشف الكثير من الهالات التي وضعها البعض عن جهل أو غرض حول الرجل والنظام .. إنها مجرد طظ أخرى .. ومش أي طظ.. طظ نووية بعيد عنك .. وإن كنت أرى أن التصريح تم السكوت عليه في إعلامنا .. وهذا نفاق محض .. فالمساواة في "الطظ" عدل .. خصوصاً عندما يكون كل الطظ.. فينا!

Friday, July 7, 2006

شيء اسمه التفاهة!

في الوقت الذي يقترب فيه عداد عمري من الرقم 28 ، أقف على كل عيوب ونقائص شخصيتي وهي كثيرة ، لكن من أكثرها فداحة هي أنني متفائل لدرجة تصل حدود العبط!.. وخير دليل على ذلك التدوينة قبل السابقة "مجتهدون خطر على الاجتهاد"!

مقال لصبحي منصور ، سلسلة مقالات لكاتب في الاتحاد الإماراتية ، وكتاب رأيته أمس .. والمحور : هل كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ ويكتب؟

فعلاً .. لقد كنت متفائلاً لدرجة تثير السخرية ، فلم أكن أتصور أن من يسمون أنفسهم بالمفكرين الإسلاميين قد عثروا على القضية التي تستحق أن يشغلوا بها عقولنا .. بعد أن توصلوا ولله الحمد إلى حلول لجميع المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي ، وإلى تعريفات جامعة مانعة للإرهاب وغسيل الأموال والاحتكار!

هؤلاء أسوأ من الفتوجية ألف مرة رغم سوئهم أصلاً .. فهم الذين يصرخون ليل نهار بأهمية أن ينزل "الفكر الإسلامي" إلى "الواقع" المعاش ، وإلى ما يمس حياة الناس ومصائرهم ، وتصحيح المغلوط من المعتقدات والموروثات ، ثم تكتشف أنهم يصرخون من ميكروفونات منصوبة في غرف مكيفة الهواء على قمة برجهم العاجي..أما الفتوجية فهم يفتون فقط لإثبات الوجود ، أو ربما مثل جحا حباً في سماع صوته من بعيد!

أنا شخصياً مذهول .. فمن قانون مامبو (سبق شرحه) ، ونظم ، ومعتقدات ، وزعامة دينية وهمية تجعل الاجتهاد والتفكير حكراً على فئة معينة على أساس شللي وليس علمي ، إلى وضع يعلن فيه أي شخص أنه مفكر إسلامي ويسمعنا تفكيره (على طريقة البرنامج الفاشل ستار ميكر) بلا تخصص ولا تخصيص ودون أن يقول له أحد ثلث الثلاثة كم ، من قمة التشدد الخانق إلى قمة الفوضى العارمة .. وكلاهما يمثل قمة التعالي على المسلمين والاستخفاف بهم وبحياتهم!

طالما المفكرون الإسلاميون كما يسمون أنفسهم بهذا الشكل ، بهذا الفلس ، وأحياناً بهذه الغوغائية ، هل نحتاج فعلاً إلى مفكرين إسلاميين؟ أم إلى مفكرين في شئون الدنيا لكي يقيلونا من عثراتنا الدنيوية التي نقيم فيها منذ قرون زي خيبتها؟