أولاً .. ها أنا أعود بعد أسبوعين من المداخلة الأخيرة ، فترة التوقف الأخيرة شهدت أحداثاً ساخنة ، وجدلاً أكثر سخونة عما يحدث في لبنان ، امتد حتى إلينا معشر المدونين .. قد نتفق جميعاً على التضامن مع المواطن اللبناني البسيط الذي أصبح مجرداً من بيته ودياره وعرف التشريد في وطنه على يد آلة الحرب الإسرائيلية المجرمة ، لكننا قد نختلف أيضاً على التظاهر ، أسلوب التظاهر ، ودخول بيوت الله في التظاهر .. الأمر الذي تسبب في مشهد يؤلمني جداً كل يوم جمعة..
على بعد أمتار من بيتي زاوية صغيرة ، وفي شارع قريب منها أجد "بوكساً" للشرطة ، لا أعرف ماذا الغرض منه ، هل منع مظاهرة قد تخرج من تلك الزاوية؟ أي مظاهرة بحق الله قد تخرج من زاوية صغيرة الحجم تحت عمارة؟..المشهد الأسوأ رأيته قبل قليل .. أربع سيارات أمن مركزي كبيرة على حدود مسجد مدينتنا الكبير رغم أن المسجد تجري به إصلاحات كبيرة تحد من دخول وخروج المصلين..
لكن في النهاية هؤلاء عسكر ، يأخذون أوامر ، والأوامر جاءت لأن البعض صارت هوايته استخدام المساجد في إخراج المظاهرات ..
المساجد صارت تستخدم الآن في عشرات الأغراض باستثناء الصلاة وقراءة القرآن!.. منابر الجمعة تستغلها الجماعات والحزب الوطني والطرق الصوفية للترويج لأفكارها .. ساحات المساجد تستغل لعقد القِران..بشكل مستفز يتنافى تماماً مع قدسية المسجد كدار للعبادة .. لدرجة تشوش على المصلين خاصةً من فاتتهم الفريضة في جماعتها الأولى (والمثير للحنق أكثر من ذلك كله أنك تجد العشرات يثورون عليك لو صليت بصوت عال وسط هذه الضوضاء .. بحجة التشويش على المصلين!) ، والأنكى من كل ذلك أنه حتى جدران المساجد تستخدم للدعاية ، ولو كان معي كاميرا لالتقطت لكم صورة من إعلان معلق على جدار مسجد من الخارج .. والمسخرة في الإعلان أنه لمطعم الوجبات السريع الذي تحدثت عنه في تدوينة كاملة تحمل عنوان "حلالاً زلالاً".. المطعم الذي كان على صدارة قائمة المنتجات الأمريكية المطلوب مقاطعتها في المنشورات التي كانت توزع على المصلين في مساجد كثيرة ، من شبه المؤكد أن هذا المسجد أحدها!
وخارج المساجد التي تتبع اتجاهات دينية ما ، السلفية منها تحديداً ، يحلو البيزنس ، وهناك "نصبة" على باب معظم تلك المساجد تباع فيها أشرطة مشايخ البوكيمون ، وكام سواك ، وغير ذلك!
لكن عندما أحتكم لعقلي لا أستغرب ما يحدث كله ، فكلنا ضعاف أمام المظهر الديني جداً ، كما قلت يوماً ما وما زلت مصمما على رأيي ، وتعيش في مجتماتنا فرق تحتكر الحديث باسم الله وباسم الدين ، كل تلك الفرق لا تتورع رغم ذلك عن استخدام بيوت الله لأغراضها السياسية ولمصالحها الشخصية والتجارية .. وليس هؤلاء فقط .. بل حتى الشركات ، والمدرسين الخصوصيين ، وغيرهم ممن يشوه جدران بيوت الله بإعلاناته ليس لدى معظمهم وازع ديني يحتفظ للمسجد باحترامه وقدسيته وأهميته بالنسبة للمسلم ..
منهم لله جميعاً كل من جعلنا ندخل المساجد تحت حراسة الشرطة ، في مصر وفي غيرها ، ومن جعلوها سوقاً لبضائعهم البائرة.. حرام عليهم بجد..