Wednesday, March 6, 2013

خوازيق السلطان

أرسل السلطان سليم يستفتي الشيخ علي جمالي أفندي في ثلاث مسائل

الأولى إذا نادى أحد سلاطين الإسلام بالجهاد لإبادة المارقين أي العجم فصادفته عوائق بسبب المساعدة التي يبذلها لهم سلطان أخر من سلاطين المسلمين فهل تبيح الشريعة الغراء لأولهما أن يقتل الثاني و يستولى على مملكته ؟ فأجاب جمالي أفندي : من نصر كافرا فهو كافر

الثانية : إذا كانت أمة من الأمم التي تدين الإسلام يقصد المصريين تؤثر تزويج بناتها من الكفار يعني المماليك الجراكسة بدلا من تزويجهم بالمسلمين فهل يجوز مقاتلة هذة الأمة؟ فأجاب جمالي أفندي : بلا مبالاة و لا مقاضاة

الثالثة : إذا كانت أمة تنافق في احتجاجها برفع كلمة الإسلام فتنقش أيات كريمة على الدراهم والدنانير مع علمها بأن النصارى واليهود يتداولونها هم وبقية الملاحدة فيدنسونها ويرتكبون أفظع الخطايا بحملها معهم إذا ذهبوا إلى محل الخلاء لقضاء حاجتهم فكيف ينبغي معاملة هذة الأمة ؟ فأجاب المفتي العثماني : إن هذة الأمة إذا رفضت الإقلاع عن ارتكاب هذا العار جاز إبادتها.

حدث بالفعل قبيل الغزو العثماني لمصر في 1517م ، فتوى تفصيل لإباحة غزو واحتلال بلد مسلم وضمه إلى الإقطاعية العثمانية ، وحين تسأل تجد إجابة السلطان العثماني "سليم الأول" جاهزة "أن الله أوحى لي بأن أملك البلاد شرقا و غربا كما ملكها الأسكندر ذو القرنين وإنك لمملوك تباع وتشترى و لا تصلح لك ولاية وأنا ابن ملك إلى عشرين جد" التي قالها لـ"طومان باي" حين قبض على الأخير بعيد الاحتلال..

الكلام للمنبهرين أيما انبهار بمسلسل "حريم السلطان" وبالتاريخ الدعائي الذي تصوغه تركيا أتاتورك لحقبة سوداء من تاريخ الإسلام ، والذي يروج له بعض المهووسين في مصر وبعض السلفيين السعوديين وبعض الأغبياء الذين يعتقدون أن تركيا هي "الصدادة" في مواجهة المد الشيعي الطهراني المتطرف.. وفي ذكرى مناسبة إلغاء الخلافة من قبل "أتاتورك" التي تمر هذه الأيام ، صحيح أني ضد الأتاتوركية وضد تنميط الناس باسم الدولة أو باسم الدين ، لكن حتى دولة أتاتورك نفسها تسعى لتجميل وجهها أكثر والظهور بنفس عنصريتها القبيحة في وجه دول لم تنس تركيا أنها كانت تحتلها.. عسكر تركيا الذين يدافعون عن استبداد الدولة العثمانية باسم الدين والفتاوى المقلوظة ..

لا فرق ، يستعمل الدين لتبرير وتمرير الاستبداد وتسويقه سياسياً سواء كان في السلطة أو في المعارضة ، هناك وهنا أيضاً..

Friday, December 14, 2012

كسر يا جدع

ربما كانت هذه التدوينة سبباً في فصلانكم مني إلى الأبد ، الحق بيوجع ، وربما بدت بعض - لنقل معظم - الحقائق ثقيلة الظل ، وليس الإنسان في حالة تسمح له بمواجهة أي شيء بهكذا ثقل ظل حتى ولو كان الحقيقة المرة..

دعوني أكتب عن لقطة صغيرة ، لأن اللقطات الكبيرة تكلمنا عليها سابقاً غير مرة ، شيعها كثيرون بـ"هههههههه" وتركوها حتى أصبحت أمراً واقعاً ، ولست نفسياً على استعداد لذكر أمثلة ، ولا يبدو فيها أن المناخ - يؤسفني أن أقول ذلك - ليس مهيئاً للتفكير بصوت عال ، الأمر الذي تعد "الدين والديناميت" محاولة بريئة لعمله..

وقبل أن أدخل إلى التفاصيل ، اسمحوا لي بأن أدلي بصدمة ، وليس مجرد رأي ، قد ترفضونه بالإجماع ، وربما لا تتحملون قراءة هذه التدوينة لنهايتها بسببه : من بين من كانوا في التحرير طوال الأيام الثمانية عشرة كان هناك عدة آلاف فقط يعرفون أهداف الثورة ويؤمنون بها ، وربما كانت عدة الآلاف تلك على غير انتمائي السياسي - الحمد لله ماليش أي انتماء سياسي ودة شيء أشرف بيه وما يقللش مني كبني آدم - وربما كانت لها تصوراتها المختلفة عن تصوراتي ، وربما لم يلعبوا ذلك الدور الضخم في المشهد الثوري ، وربما لم تتوجه إليهم كاميرات الإعلام وصحف حرامية المال السياسي الذي سرق الثورة -مزعلاكم المال السياسي؟ طب المال السياسي المال السياسي المال السياسي- ولم تتم بروزتهم أو اصطحابهم في لفة تسول سياسي على الفضائيات ، لكنهم ليسوا المعنيين بالآتي بعد..

أرفض رفضاً قاطعاً بالتأكيد وبلا مزايدة قيام الشيخ المحلاوي بتحريض الناس على التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء الذي سيبدأ بعد ساعات ، لكن ما أرفضه أكثر هو أن يتم ضرب المسجد بالطوب ، من قبل مجموعة تمثل حقاً وصدقاً الفصائل التي تربحت سياسياً من الثورة وأصبح الحرامية يخطبون ودها لكي يركبوا الثورة على ظهورهم (والصراحة راحة ياعيني ما عندهمش أي مشاكل..ما دام إن بابليك ونوفيلينجز يبقى سو وات)، وكان هناك للاعتراض على الشيخ المحلاوي ألف بديل متحضر وعقلاني ، منه الشكوى للجهات الرسمية وإبراء الذمة ، أو النقاش معه - بأدب - داخل المسجد ، وليس على النحو الذي حدث قبل أشهر عندي في "المنصورة" والذي يتعامل فيه البعض مع إمام المسجد كمطرب يغني على "البست" ، أو في نقل النقاش بعيداً عن المسجد..

وأسأل "باقي الميدان" - بعد أن استثنينا منه من هم بعد الشر الثوار الحقيقيين المؤمنين بمبادئ الثورة الحقيقية وليس المؤمنين بالزعماء وما أكثرهم بكل أسف ، عن طبيعة علاقتهم بدار العبادة أياً كانت ، مسجداً أو كنيسة ، سؤالاً فكرياً صرفاً..

هؤلاء - المدنيون .. تذكروا - أطلقوا مظاهراتهم من مساجد ، وتجمعاتهم من مساجد ، رغم أن المساجد ليست بالمكان الصالح لممارسة الدعاية السياسية لأي فصيل كان ، وهذا رأي كاتب السطور من فترة طويلة و"لن" يغيره ، ثم قبلوا "وثيقة الأزهر" رغم أنها خرجت من جهة دينية ، ولم يطالبوا بخروج الوثيقة من جهة كـ"جامعة القاهرة" التي تعد أول جامعة للتعليم غير الديني في مصر قبل مائة عام ونيف ، والتي تعد رمزاً يجمع عليه المصريون على اختلاف أديانهم ، وعندما تمت مهاجمة بعض الكنائس على يد متطرفين أو مخربين قامت الدنيا ولم تقعد ، الآن انتهت علاقة المصلحة بين "هؤلاء" وبين المسجد كدار عبادة ، ولم يعر أحد انتباهاً للجريمة التي نشرنا عنها في تلك المدونة وقت تمت مهاجمة مسجد في المنوفية ، وكتب عنها كاتب السطور تدوينته "السقف الأخير" ، ليتحول المسجد وربما الكنيسة مع الوقت إلى هدف للعنف السياسي ، شخص داخل المسجد أخطأ خطأً كبيراً ، فما ذنب المسجد كدار عبادة؟ مش عارف.. ومش عايز أعرف..

ما حدث مجرد بداية لسلوكيات أكثر عنفاً في مجتمع أصبح أكثر عنفاً ، تخيل أن حذاءاً قد سرق كما حدث معي منذ بضعة سنوات ، وشعرت أن طاقم المسجد متغافل عن تلك السرقة بما أن لصوص المساجد معروفين عندنا وعمال المساجد يعرفونهم هم وعامة الشعب وفي أحيان يتركوهم ، تخيلوا المشهد الآن في مجتمع لا يطيق أن تقف ذبابة على أرنبة أنفه ، ح أكسر الجامع على اللي فيه ، وأكسره لوحدي ليه ، أجيب الشلة تكسر فيه معانا لحد ما تبقاش فيه نجفة سليمة .. يد الله مع الجماعة .. وإيد لوحدها ماتكسرش.. وبالمرة أعلم على الجامع أنا والشلة ونشيل معانا مبرد مية من المبردات اللي مالهاش لازمة ، ما احنا مجتمع "عبده موتة" و "إبراهيم الأبيض" وفيلم "الجزيرة".. أنا الحكومة ..أنا الحكوووومة..

هل سيكون لنا نفس للتفاخر بالتدين المصري الذي لا يجرؤ معتنقوه على مهاجمة دار عبادة ، سواء أكانت مسجداً أو كنيسة ، ونحن نشاهد في مصر ما قد يشبه بوادر عنف ديني هدفه دور العبادة ، ولسة لما الشيعة ييجوا يونسونا هنا على شوية البهائيين ونبقى دوري أبطال العنف الديني ، مع ظهور منطق "جحا أولى بكسر جامعه" ، أنا ما أكسرش كنيسة ولا معبد يهودي مثلاً ، أما الجامع فمنا وعلينا نروح نكسر فيه براحتنا ، كمن يرفضون معاكسة بنات الحواري الأخرى مكتفين بالتحرش ببنت حارتهم.. دييييني وأنا حر فيه!

المسألة تحولت إلى مصالح في مصالح ، مصلحة للمتطرفين ومصلحة أيضاً لمن يقولون أنهم معتدلون ، لأنصار الدولة الدينية (ودة وارد مع رفضي القاطع ليه) وأنصار مدنية الدولة (ودة الجديد) ، دار العبادة مصلحة للدعاية السياسية مع وضد ، شيخ يقوم بالدعاية بنعم وشيخ يقوم بالدعاية بلا ، الخطبة نعم والورق المتوزع جوة الجامع يقول لأ .. لأ وإيه.. ويجب أن تمثل التدين على مزاج أهلي وإلا فلا ، هذه هي مصلحتي مع المسجد على الأقل ، وأهو بالمرة ننقل الانحطاط خاصتنا خارج أسوار المسجد إلى داخله ، إن بابليك ومن غير فيلينجز.. يبقى سو وات؟.. سلملي على الشعب المتدين تدين سمح بفطرته .. بعد ما تكون سلمتلي على الترماي.. وسك ع البك..

كسر يا جدع بلاش كلام فارغ..

Wednesday, November 21, 2012

دار الإفتاء ، والرشوة ، وأنا وانت!

الوقت ليس مناسباً للحلبسة ، إلا أن حاجتنا للفكاهة والمرح والتسلية تفرض نفسها خاصةً وأن "البعض" يتطوع بإضفاء تلك اللمسات على حياتنا والتي تجعل فترة إقامتنا في دنيا الناس خفيفة وظريفة ولطيفة..

نشرت بوابة أخبار اليوم ومواقع أخرى هذا الخبر : دار الإفتاء تفتي بأن دفع الرشوة لتيسير مصلحة أو للحصول على وظيفة حرام شرعًا!

لا أعرف المشكلة في من ، هل في البوابة نفسها التي اختارت عنواناً مضحكاً كهذا ، والسر هو أننا جميعاً نعرف أن الرشوة حرام ، أم دار الإفتاء التي نفهم من هذا التصريح إن صح نسبه لها أن هناك رشوة حرام ورشوة مش حرام!

هل لدينا شك بأن الرشوة حرام؟

ربما يظهر من يقول أن الرشوة ليست حراماً ، مفكر إسلامي أو باحث إسلامي أو أياً من الحبشتكانات التي يطلقها البعض على أنفسهم لتبرير اجتهاداتهم - هكذا يسمون ما يكتب تحت تأثير البانجو - كيف لا وقد ظهر أحد شيوخ "المؤسسة" المدعو "مصطفى راشد" محللاً الخمر وواصفاً حرمتها المتعارف عليها بأنها وهم!

ياي.. احنا كان مضحوك علينا للدرجة دي؟ هل تعرضنا لخدعة كونية كانت تعتبر الرشوة وتجارة المخدرات والإهمال القاتل حرام ، حتى جاء البيه ليصحح لنا أمور ديننا التي لم يعترض عليها صحابي ولا تابعي ولا مفسر؟.. أوفتي يايي .. احنا عندنا جيش مفكرين إسلاميين يستحقون جائزة نوفل للفكر الإسلامي ، ولولاهم لولا لولا لولا ما كنا نستطيع العيش في هذه الحياة! :(

البعض يقرأ الخبر ذا العنوان المضحك بطريقة أخرى : ينسب البعض القول لمفتي الجمهورية الحالي بأنه حلل أو برر الرشوة في حالات معينة .. وبالتالي تعد تلك الفتوى تصحيحاً للفتوى السابقة - إن وجدت - وعودة للمسار الصحيح ، لكن ما دام المفتي يعرف أن الرشوة حرام فلماذا لم يتراجع أو يوضح وقتها؟

كيف ترون ذلك؟

Saturday, November 17, 2012

الشريعة والإهمال القاتل- استفهام للمعرفة

أمام مطالبات بتطبيق الحدود في الشريعة يجد الإنسان بعد جريمة الأمس نفسه أمام سؤال مهم للغاية : كيف سيتعامل نظام قانوني مبني على الشريعة الإسلامية مع الإهمال القاتل ، أو سلوكيات الإهمال ومنها القيادة تحت تأثير مسكرات أو مخدرات ، وهي أمور لم تكن موجودة وقت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتحتاج لاجتهاد حقيقي يحمي المجتمع من شرورها أكثر من أمور كثيرة يتفيهق فيها البعض بافتكاسات غبية يخيل لهم من غبائهم وتغييبهم أنها اجتهادات..

وكنت أعتقد أن الإسلاميين سيهتمون أكثر من كلاب المال السياسي والمتلبرلين بضحايا هذه النوعية من الحوادث ، والذين يتجاهلونهم لأنهم لا بواكي لهم ولا لديهم ، وكنا ننتظر وسط إسهال ما يسمى بالفتاوى فتوى بحق المهمل القاتل الذي يقتل بإهماله ألف شخص في قطار أو خمسين في حادث أتوبيس كما حدث بالأمس .. لكن ونحن بعد يوم كامل مما جرى في أسيوط ننتظر فتوى أو تعليق على الإهمال القاتل من المؤسسة الدينية الرسمية "الأزهر" أو من الصناديد الذين يتحدثون في السياسة أكثر مما ينبغي لهم باعتبار أن السياسة صارت كرة قدم والكل بيفت فيها..

لا أستطيع أن أخفي إحباطي الشديد جداً من كل فصائل الإسلاميين بلا استثناء ، ومن كل المرشحين "الإسلاميين" للرئاسة الذين ثبت بالدليل العملي أنهم لا يعملون إلا لحساب أنفسهم ويظهرون بطريقة يفهم الرائي منها أنها رياء وخيلاء (قبل أن يتهمني القلاضيش بالدخول في النيات)، ومن كل الشيوخ الذين تقاعسوا عن الاجتهاد في مسألة كتلك تهدد الروح البشرية ، وهي التي لطالما سعى الإسلام لحمايتها من الإهمال والاستهتار والإزهاق..

وحتى يفتح الله عليهم ، وحتى يريدون أصلاً ويعقدون النية على اجتهاد ، يبقى السؤال : ماذا يمكن للفقه الإسلامي أن يقدم في الإهمال المزهق للروح، خصوصاً لو أزهق ألف روح؟

Friday, November 16, 2012

صكوك الإيمان ، وصكوك الشرف.. "العارف بالله" "عادل حمودة"

هو كاتب كبير سناً على الأقل ، قضى فترة طويلة من حياته بمؤسسة صحفية قومية معروفة ، ولن أقول معروفة بماذا ، اتجه مؤخراً للاستصواف ، التصوف الحركي الذي يشكل دملاً في وجه الإسلام تماماً مثله كالحركات التكفيرية ، وبما أن البيه يعطي محاضرات في الإيمان والكفر والاعتدال والتطرف فقد أفتى من جانب واحد بأن ربع الشعب المصري زناة.. وش!

نفس ذلك الشخص الظريف هاجم الشيخ الذي هاجم فنانة خفيفة الموهبة ثقيلة الظل بنفس العبارات تقريباً ، أي أن فضيلة العارف بالله سيادة الكاتب الكبير أحل لنفسه الخوض في أعراض أناس لا يعرفهم ، مصدراً إحصائية من فمه الشريف ، كقلمه تماماً الذي صار في خدمة أحد رموز الفساد الذي يمن علينا بأنه وحش الفلا حامي الحمى ومصارع الفساد وعدو الإفساد..

حقيقة لا فرق بين هذا وذاك ، بين سيادته حمامة التخلية والتحلية وبين أكثر صقور الإسلاميين تطرفاً ، أكثر الإسلاميين تطرفاً يمنح صكوك الإيمان والكفر ، أما سيادة الصحفي المكشوف عنه الحجاب والنقاب والإسدال أيضاً يمنح بدوره صكوك الشرف والعهر ، أنزه من الجميع ، أشرف من الجميع ، أصدق من الجميع ، أحمر على أبوه يا بطيخ..

لا أريد أن أسمع *راء من عينة الإسلام المصري وسماحة الإسلام المصري من هذا الشخص أو من غيره ، فلا المصري أطهر وأنقى من السوداني ولا الباكستاني ولا العكس ، ولم يزعم يوماً أنه أطهر من غيره كما فعل البيه (وغيره من السخاعيين الذين اعتبرونا جنساً آرياً ووصمونا في محيطنا العربي بالعنصرية وعلو الأنا) ويفعل بهوات أخرون بينهم إسلاميون وغير إسلاميين على السواء، أضف لذلك أن المصري يؤمن بأن الله حليم ستار حتى على المنحرفين ، ولا يفتي من جانبه بأن هذه شريفة بالدليل وأن تلك عاهرة نجسة الذيل ، أما صاحبنا المتطهر أكثر من اللازم ، المستحم بالبيتادين ، فلم يكفِه ارتمائه في جناح تيار يرى نفسه أزهد الناس عن الدنيا ويطلق على رموزه لقب "العارف بالله" (على أساس أننا العارفين بسميحة)، حتى يزايد عليه ويسلك نفس سلوكه ونفس سلوك من ينتقدهم دون وجود أي أثر لحمرة الخجل..

العبارة في الشيكارة .. ليس للتطرف إشارة.. وصلت؟

Monday, October 15, 2012

يعني إيه حزب إسلامي؟

كان المرء - "بصراحة"- تائهاً حتى أفاده السيد الفاضل "محمد يسري سلامة" بأن حزب "الدستور" حزب إسلامي ، حقيقة أنا لم أكن أعرف لأي حزب سأقوم بالصويت* في الانتخابات القادمة حتى تأكدت أن حزب "الدستور" قد حصل على الأيزو من السيد "محمد يسري سلامة" ومن بعده "عبد المنعم أبو الفتوح" والذي أصبح بمقتضاه حزب "الدستور" حزب "إسلامي إسلامي" ، على غرار "لعيب تكتيكي تكتيكي"!

لا يثير غضبي في هذه المرحلة من حياتي شيء قدر ما أسمع عن حوار بين شخصين عن شيء ما يتحدثان عنه كحقيقة كونية دون أن يهتم أي من المتحدثين أن يعرف عما يتحدثون ، بل وأشك أن أياً من المتحدثين يعرف عما يتكلم ، ولكنه مصر على التعامل معه على أنه شيء يعرفه كل الناس ، تماماً كمنطق "شفيق يا راجل" بما أنه من العار والشنار ألا نعرف من هو "شفيق عبد ربه" في مسرحية "عش المجانين" قبل ما يقرب من الثلاثة والثلاثين عاماً..

ما أعرفه أن هناك أحزاباً دينية ، وأحزاباً مدنية مبنية على مرجعية دينية.. الحزب الديني يقوده عادةً - وصححوني إن أخطأت بما أن المدونة كلها مبنية على التفكير بصوت عال- رجال دين ، أما الحزب السياسي المدني في نشأته وتكوينه الديني المرجعية فبه أطياف سياسية مدنية عدة ، مبني على التصور "الديني" - أياً كان الدين - للحياة والدولة والسلطة والحقوق والحريات ....الخ ، "الوسط" مثلاً.. وربما "الحرية والعدالة" .. وهناك أحزاب كـ"النور" تمثل حالة وسطى بين الاثنين ، تعتمد آليات مدنية كالانتخاب الداخلي ، لا غضاضة عندهم في ضم أي ممن لا يشاركهم الفكرة السلفية كما يعلنون على الأقل (ولأجل الظهور بمظهر أكثر انفتاحاً قدم الحزب مرشحات في انتخابات 2011)، ولكن هناك هيئة "شرعية" به من كبار الشيوخ السلفيين..

حزب "الدستور" بعيداً عن الفشحطة الثقافية للسيد "محمد يسري سلامة" هو مجرد حزب سياسي مدني ذو مرجعية مدنية صرفة ، مثله مثل "الوفد" و "التجمع" و "الغد" وغيرهم.. ما هو داعي أن يتحدث هو أو غيره عن أن هذا الحزب السياسي المدني "إسلامي" من عدمه؟ عن نفسي مش عارف!

تفسيري الوحيد والغبي بالتأكيد لتصريح السيد "محمد يسري سلامة" هو أنه صفة وليس وصفاً ، كواحد ممن وصفهم "هو" وليس أي شخص آخر بـ"المتطرفين" ومن منن حزبه علينا أنه وضعهم في صدارة المتحدثين باسمه -والكلام له على "تويتر"- في واحد من أغرب تصريحاته وأكثرها إثارة للضحك وليس الجدل .. وما قاله - واعذروني في هذه بما أني لست من المتمكنين إلى هذه الدرجة من أصوليات البلاغة- "صفة استحسان" ، بما أننا في مجتمع متدين محافظ أغلبية سكانه مسلمين ، فحزب إسلامي لديه تعني "حزب حلو"..

على أي أساس أقول أن هذا الحزب ، إن سلمت بكلام السيد "محمد يسري سلامة" "إسلامي حلو"؟ برضه مش عارف..

تلمح في تويتاته الحديث عن الشريعة ، علماً بأنني لم أسمع عن حزب رفض المادة الثانية في الدستور علانية -ولا يستطيع أي حزب أن يرفضها علناً- ولا أعرف أي تعريف يقصده سيادته للشريعة ، الحقوق أم الحدود أم المعاملات ، علماً بأنه كان عضواً في حزب "النور" السلفي ومتحدثاً باسمه ،وتبنى التصور الذي تبناه "النور" للشريعة ، وانتقد في تويتة لاحقة بعض أعضاء الدستور ممن لهم مواقف معلنة وواضحة ضد تطبيق الشريعة ، ولم يقل لنا أنه تخلى عن تصوره "السلفي" للشريعة ، وبالتالي أنه كان على خطأ ، وبالمرة يوضح لنا التصور الصحيح للشريعة من وجهة نظره..

سؤال آخر بجملة الأسئلة : هل الحزب الإسلامي ، أو الحاصل على الأيزو الإسلامي من وجهة نظر "يسري سلامة" و/أو "عبد المنعم أبو الفتوح" مع حفظ الألقاب حزب ينادي بتطبيق الشريعة بكامل أحكامها فيم يخص المبادئ العامة والنظام الجنائي وأحكام المجتمع وعلاقاته من زواج وطلاق ومواريث وفقه التجارة و....و....و... كحزمة واحدة مع مرونة في التطبيق لا تخل بثوابت الشريعة ، أم أنه "لا يخالف الشريعة" من منطق ومنطلق "أنا ما بعملش الصح بس ما بعملش حاجة غلط" ، وبذلك فإن كل الأحزاب إسلامية تقريباً!

أكبر سقطة أن يدعي الحزب أنه حزب مدني ، وأنه "حزب الكل" بطريقة يفهم منها أن الحزب "بتاع كله" ، سلفي تلاقيه ، صوفي تلاقيه ، شيعي تلاقيه ، ماركسي تلاقيه ، صيني تلاقيه ، حزب "الدستور" لكل الأذواق ، وحزب "التجمع" "بتاع الشعب" -وهو كذلك بمنطق مسرحية "العيال كبرت".. وبيني وبينكم ، عندما يدعي الحزب السياسي المدني أنه حزب "إسلامي حلو" ، ماذا ترك للجماعات "الإسلامية الحلوة" إذن ، خاصةً عندما نرى قادة الحزب المدني الكميل ينتقدون تلك الجماعات على أساس أنها تحتكر الحديث باسم الدين وتسوق نفسها باسمه؟ معرفتكش أنا كدة!

أما عن قصة استعانة الأحزاب "المدنية" بمتحدثين "دينيين" يتبنون التصور "الديني" لكل شيء ، فتلك قصة أخرى ربما أكتب عنها بإذن الله في وقت لاحق..
* أيوة قاصد أكتبها كدة..

Sunday, October 7, 2012

بتخاف من مين؟

بما إننا مجتمع متدين فحت ، فمن العادي أن نقحم الله عز وجل في كل أنشطة حياتنا بما فيها الكذب ، مثلاً عندما تزور مكاناً ما يقسم س عليك بالله العظيم أن تشرب معه الشاي ، علماً بأنه لا نية لديه لأن يقدمه لك ، ويحلف لك ص بالله العظيم أنه اشترى تلك السلعة بمبلغ وقدره ، وأنه قدر لك تخفيضاً علشان خاطر العيش والملح وأشياء أخرى ، في حين أنه يستغلك وأنت تبتسم..

الألذ والأكثر تسلية ومتعة ومرحاً هو الإكليشيه الشهير "أنا ما باخافش غير من اللي خلقني" ، وعادة من يردده لا يختلف كثيراً عن الأمثلة السابقة ، فهو ، وأنا ، وأنت وكلنا لدينا ما/من نخاف منه ونخشاه..

هناك من يخاف من العجز ، والكسل ، والفشل ، والمرض ، والفقر ، والإحباط .. هناك من يخاف من المستقبل المجهول ، وهناك من يخاف من الماضي المعلوم .. هناك من يخاف من رئيسه في العمل ، ومن يخاف من زوجته ، ومن يخاف من أستاذه في الجامعة ، ومن يخاف من أهله ، وهناك من يخاف من حزبه ، وحتى من يخاف من خياله .. وكما أن هناك من "يخاف من" فهناك من "يخاف على" ، كمن يخاف على نفسه ، وعلى أسرته وأولاده ، وعلى مصالحه ، وعلى أرزاقه..

هناك خوف مشروع ، وخوف مرضي ، وخوف غير مشروع ، هناك خوف عن قوة ، وخوف عن ضعف ، هناك خوف من السلطة ، وخوف من المال السياسي ، وخوف من المؤسسة الدينية ، وخوف من المتطرفين ، و...و...و....وهو ما يصدق فيه قول "أيمن بهجت قمر" : بيزيد الخوف أضعاف أضعاف .. أول ما نحس إن احنا ضعاف..

نحن ضعفاء ، ومن الطبيعي أن نخاف ، مهما كانت درجة إيماننا بالله عز وجل ، لذلك نستعيذ ونستعين به ، لذلك نحاول أن نحسن من سيرنا وسلوكنا في تلك الدنيا ما استطعنا في ضوء ظروفنا وما هو متاح أمامنا واعتبارات أخرى ، فلا داعي لأن نتعنتر على أنفسنا وغيرنا ونزعم زعماً لسنا على قدره أو مؤهلين لتحمل مسئوليته ، أو أن ندعي أننا لا نخاف إلا من الله عز وجل في حين أننا نخاف من كل شيء خلقه الله ، دون أن نخاف الله في أحيان كثيرة..

عن نفسي لدي مخاوف ، وأعترف ، ما هي مخاوفكم؟