Thursday, March 10, 2011

في الآتي بعد : الهبل الطائفي

"علمناهم الشحاتة سبقونا ع الأبواب"..

مثل مصري فصيح جداً لم أجد ما هو أدق منه ليصف وبدقة حالة الاستهبال التي يعيشها إعلام المال السياسي حتى وهو ينفخ في نار مشكلة طائفية- وكيف لا وهو الذي تعلم من مدرسة الإعلام الحزبوطني ، واستعان بالعديد من "كفاءاته" (إن كان لنا أن نصف هؤلاء بذلك الوصف) .. بالأمس على قناة "الصفوة" خرج علينا أحد المذيعين بمصطلح من أعجب ما يمكن : "مشاجرة طائفية بين عدد من البلطجية والأهالي"!

حاولت في حدود عقلي الصغير أن أفهم هذا الهراء وبعد أن كاد أن يهنج أعلنت استسلامي..

فالمعتاد والطبيعي أن يطلق مصطلح "...طائفي" على أي مشكلة بين أبناء طائفة "س" متعصبين وأبناء طائفة "ص" المتعصبين أيضاً ، لا بين بلطجية وأهالي أو بلطجية وبلطجية..بما أن "الدين" أو "الطائفة" أو "المذهب" عادة ما يكون جزءاً لا يتجزأ من موضوع الخناقة..

لكن لأ...

إعلام المال السياسي ، الذي يزعم أنه مستنير ، ومعتدل ، هو من يحول كل شيء لمشكل طائفي، أي جريمة في نظره لا تصبح جريمة إذا ما ارتكبها مسلم ضد مسلم ، أو مسيحي ضد مسيحي ، أما أي جريمة مهما كان طابعها جنائياً تتحول في التو واللحظة إلى عمل إجرامي "طائفي"!

هذا الفكر يكرس للطائفية في أبشع صورها..

من الطائفية بمكان أن ينعزل كل أهل طائفة أو دين على أنفسهم ، ولا يحتكون بالآخرين ، وأن يتعامل كل منهم مع الآخر كأنه غريب ، وليس كأنه مواطن من نفس البلد له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات أمام القانون ، لا يبيع له بما أن البيع سيكون طائفياً ، ولا يعمل معه باعتبار أن الزمالة ستكون زمالة طائفية سودة ، ولا يسكن معه في بيت واحد بما أن الجيرة ستكون في تلك الحالة طائفية طائفية طائفية..وبالتالي لا تسري العقوبة المنصوصة في القانون على أي عمل إجرامي "عادي" بل تضاعف فقط لأن المجني عليه والجاني ليسا على نفس الديانة!

ما سبق هو تعليق على الأحداث الدامية التي شهدتها مصر أمس في بعض مناطق العاصمة ، وعلى تغطية القنوات "إياها" لتلك الأحداث.. وفي تحليلي المتواضع ، الذي يحتمل كثيراً من الخطأ ، بل والجنون المركز كما قد يراه البعض ، أنه -حتى وإن ضلع الجهاز السري للحزبوطني في التوتر الطائفي قبل وبعد سقوط النظام بشكل مباشر- فإن المال السياسي غير بعيد عما حدث في "منشية ناصر" أو "المقطم" أو حتى في "أطفيح".. هو يريد الضغط على القوات المسلحة ، المؤسسة الأقوى والأكثر استغلالاً لعمل دستور جديد ، ولم يجد أفضل من الضغط الطائفي واستثمار جذور الطائفية التي كانت موجودة من قبل ليحقق مبتغاه ، ويشكل دستوراً وواقعاً سياسياً يحقق مصالحه ، حتى ولو توارى خلف بعض فصائل شباب الثورة..وطبعاً آخر هم لذلك التيار ، ومن يخدمونه من الطائفيين عن /عن غير عمد هو أن تقوم في مصر دولة مدنية لا يحكمها ولا يشارك في حكمها رجال دين ، شيوخاً أو قساوسة..

ألا هل قد بلغت؟