Friday, January 27, 2012

شيخنا الجليل : لقد أخطأت

قبل الكلام.. أحلى الكلام:

قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا - الإسراء (95)

وكل منا يؤخذ منه ، ويرد عليه ، إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والذي قال في الحديث ما معناه "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".. والعالم بمعنى الحديث راع ، ومسئول عن رعيته .. من حقك علينا النصح ، ولأن الدين النصيحة ، من حقي كمسلم متواضع أن أقول أنك أخطأت هنا وأصبت هنا..

ذهلت ، وصدمت ، من أن أراك يا شيخنا الجليل ترشح ، لا "تزكي" ، مرشحاً للرئاسة ، أياً كان ، وافق ذلك المرشح هوىً لدي أم لا ،وهذا أمر أستغربه من أي رجل دين ، كان في وزنك ، أم لا..

بمنطق الحديث ، وبمنطق العرف ، وبمنطق المجتمع ، رجل الدين أو العالم له وضع خاص ، واحترام خاص ، نُشِّئنا وتربينا على ذلك ، وضع يختلف عن وضع أي شخصية عامة سواءً أكان سياسياً أو عالماً تطبيقياً أو مفكراً أو أديباً أو رياضياً أو فناناً.. بالنسبة لكثيرين أنت مصدر لرأي الدين في كذا وكذا وكذا ، والشيء نفسه ينطبق على علماء من مدارس أخرى سواء السلفية الحسانية أو الأزهر أو غيره.. رأي علماء الدين مختلف لأن رأي الشخصية العامة رأيها لدى عامة الناس ملزم لنفسها فقط ، أنا أهلاوي متعصب ولم أرشح الحزب الذي رشحه "بركات" أو "أبو تريكة" ، وضد الحزب الذي يزكيه "فاروق الباز" مع تقديري الشديد جداً لـ"الباز" كقيمة علمية كبيرة.. أحترم الثلاثة لكني في السياسة "شايف شوفة تانية وتصور تاني خالص"..

ما قلته ، يا مولانا ، له حساسية ، أعرف أن رجلاً بخبرتك وعمرك وتجربتك أدركتها ، وستدركها عندما تجد بعد ساعات - مثلاً - الشيخ "محمد حسان" "يزكي" "حازم صلاح أبو إسماعيل" ، ومن قبلك وقبله تحدث الشيخ "محمود عبد الرازق الرضواني" عن "تزكيته" لـ"البرادعي" ، وقريباً جداً جداً ، ولا أستبعدها ، إن أجريت انتخابات الرئاسة في وقت قريب أن يكون للأزهر مرشحه الذي يزكيه للرئاسة.. ويعلن شيخه أو شيوخه ذلك على الملأ ، في الجريدة س أو الفضائية صاد .. حساسية تدرك وجودها ، فهل تدرك خطورتها؟

هل تدرك خطورة أن يقول عالم في وزنك للناس بشكل مباشر أو غير مباشر انتخبوا فلاناً أو علاناً أيان كان هذا الفلان أو ذلك العلان؟

قلت :


وقال أن رئيس مصر يجب أن يكون قوى بالعلم والخبرة وأمين يخشى من الله ويحفظ حقوق البلاد ويعرف متطلبات البلاد ورأى أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مؤهل لذلك .

تصدق بالله؟ لقد قال خطيب المسجد من جمعة أو جمعتين أنك إذا رشحت شخصاً فتحرى فيه القوة والأمانة واستفت قلبك وعقلك.. الفرق أن الرجل تركها عائمة ، لأنه يريد إرساء مبدأ وتعليم سلوك ، دوره وقام به هذه المرة بشكل سليم، تلميذك و "قد ركبتك" أدركها.. لماذا لم تدركها بعد؟ وعي وجدته عند التلميذ الصغير ، لماذا لم أجده عند أستاذه الكبير؟

أعرف أنك ترى الدين بشكل عام كمنهج متكامل للحياة ، مثل كثيرين من المسلمين ، وأن لك تصوراً في علاقة الدين بالسياسة قد أتفق معه أو أختلف ، لكني لم أنسَ لك أنك من أساتذة فقه الأولويات ، هل ترى في تزكية رجل دين ، س أو ص أو ع ، لمرشح ما حتى ولو في انتخابات اتحاد كرة القدم أولوية؟ أليست الأولوية ألا تتمزق الأمة ويتشتت البلد؟ يكفينا ما نحن فيه من ائتلافات وأحزاب وشلل وجماعات ضغط ومصالح ، أيرضيك أن تزيد الأمور سوءاً؟

عفواً شيخنا الجليل ، لقد أخطأت.. وإن كان لي من خطأ كبير هو أنني تأخرت ، واتكأت على أني في وقت سابق في شأن رفض قيام عالم الدين أو رجل الدين بدور في الدعاية السياسية قد نبهت وحذرت..

والله من وراء القصد..

Thursday, January 26, 2012

بعد عام من الثورة : من كسب ومن خسر؟

ربما قد لا تعجب تلك النوعية من التدوينات أناساً كثيرين "ودة وقته؟..الخ".. لكن دعونا نقف ، ونفكر ، وبهدوووء تام ، ونقيم ما كان ، بشكل عقلاني..

السؤال الذي أحاول طرحه ببساطة شديدة : بعد عام من الثورة في مصر ، من الذي كسب ومن الذي خسر؟

هل الفائز هو تيارات الإسلام السياسي التي حصدت ثمار سنوات طويلة من التنظيم لا ينكرها عليه أحد ، ومن الملاحقة ، ومن الحصار ، ومعها خبرة كبيرة في العمل تحت أسوأ الظروف؟ أم أن بعض مواقفها كلفتها أكثر مما كسبت؟

هل الفائز هو التيارات المذهبية التي دخلت السياسة وأصبحت رقماً صعباً وتوزعت على قطبي الاستقطاب بين الدين والمال في السياسة المصرية في فترة ما بعد "مبارك"؟ أم أن تلك التيارات خسرت كثيراً من احترام الناس لها؟ ودخلت لعبة ليست مؤهلة لها؟

هل الفائز هو الأزهر؟ المؤسسة التي عاد لها الإحساس العالي بالذات وبـ"أهمية الدور" و "حجمه"؟ أم أن الأزهر كسابقيه دخل لعبة السياسة التي اكتسبت المؤسسة احترامها لدى الناس من بعدها عنها؟

هل الفائز هو التيارات العالمانية والليبرالية في مصر؟ ألم تكن تلك التيارات في الميدان منذ اليوم الأول؟ ألم تستفد من الأخطاء التي وقعت فيها كل تلك التيارات قبل وبعد الثورة؟ أم أن مكاسب الفرق الثلاثة سابقة الذكر جعلت تلك التيارات تغير من رأيها ، بل وتضرب بمبادئها عرض الحائط عندما دافعت عن "وثائق الأزهر" المتتابعة وسعي المؤسسة للعب دور سياسي ، على خلاف موشحات "الدولة المدنية" التي أصابت بها جموع المصريين بالصداع النصفي؟

هل الفائز هو تيار المال السياسي ، الذي يلعب لعباً ببعض هؤلاء أو كلهم أجمعين؟ عين في البرلمان وعين في الشارع ، استثمار في دماء الشهداء من أجل الرصيد في البنك وتوزيعة قوى وشلل وكارتلات في السوق ، ولا مانع مع الغطاء العالماني من استعمال الدين لحماية الدينار؟

هل لديكم إجابة؟

Sunday, January 15, 2012

حالياً : لا يوجد مرشح إسلامي يصلح لرئاسة مصر.. أكذب؟

قبل أن تندفع ، وقبل أن تهاجم ، وقبل أن تشتم ، فكر معي جيداً واعرض كلامي على العقل ، إن أعجبك كان بها ، وإن لم يعجبك أيضاً كان بها ، لا أفرض رأياً على أحد ، وما أكتبه هو قناعتي الخاصة جداً والشخصية جداً جداً جداً..

1-لنعترف ، وهذا هو الشيء الوحيد الذي أطلب منك ، ومني ، أن نتعايش معه هو أن جميع المرشحين المطروحين للرئاسة حالياً ، بمن فيهم "البرادعي" المنسحب "تكتيكياً" عليهم في الشارع علامات استفهام كبيرة جداً ، ولا يحظى هؤلاء ، بنسب متفاوتة ، بدعم شعبي كبير ، كل حسب انتماؤه السياسي ، وخطابه ، وتياره ، بالتأكيد لكل مريديه ، الذين يشتطون في أحيان كثيرة في تقدير مزاياه (وعيوب منافسيه طبعاً) والذين يرون فيه كل الصور المثالية الملتصقة بصورة الحاكم العادل والمخلص المنتظر (سواء كانت تلك الصور مبنية على أساس ديني أم أساس قومي أم أساس تاريخي) ، وكوجه مقابل يوجد أيضاً من لا يرون في هؤلاء أياً من تلك المميزات والخصائص ، وتوجد شريحة -كبيرة- تشعر باللامبالاة تجاه هؤلاء أجمعين، وبرامجهم ، وفي رأيي المتواضع هذه ليست مسئولية تلك الشريحة من الشارع المصري ، قدر ما هي مسئولية هؤلاء المرشحين ، لا أستثني أحداً ، الذين يتعاملون مع الشارع بطريقة تخلط ما بين "الثورنة" - عاملين فيها ثورجية - والتناكة!

2-تذكرت "رستم" في مسرحية "الزعيم" عندما يرد على "زينهم" الكومبارس الذي سأله بكل براءة وسذاجة أن يعطيه عشرة جنيهات كشرط لتوليه رئاسة البلد ، قائلاً له "انت مش حتطلب حاجة من حد.. النااااااس هية اللي حتطلب منك".. هذا بالفعل ما سيحدث مع الرئيس القادم أياً كان انتماؤه وخطه السياسي والاقتصادي ، ولكي يكون هذا الشخص جديراً بأن تطلب الناس منه ما تريد وبقلب من حديد ، يجب عليه أن يكون قوي الشخصية ومستقلاً في تفكيره عن كافة الضغوط ، ليحقق شكلاً من أشكال العدالة يكون مقبولاً لدى السواد الأعظم من الشارع (مع التسليم- أيضاً- بأنه لن يحكم البلد بمفرده ، إلا إذا كان لقلاضيش المرشح رأي آخر حين وضع الدستور)..

والمرشحان الإسلاميان المطروحان حالياً بالتحديد، "أبو الفتوح" و "صلاح أبو إسماعيل" (وخلي "العوا على جنب لإن فرصه نظرياً شبه منعدمة وقد ينسحب) لديهما أشهر عيب متواجد لدى المنتمين للتيارات الدينية ، خاصةً المنظمة منها ، عدم استقلالية التفكير .. فأبناء التيارات وحركات الإسلام السياسي المنظمة ، و/أو أبناء التيارات المذهبية المنظمة (كالصوفية الطرقية في مصر) و/أو حتى أبناء بعض المدارس السلفية المصرية في شكلها الحالي يجمعهم قاسم مشترك ، وهو الالتزام والتبعية لقائد معين داخل تلك الحركات والطرق والجماعات ، قد يكون هو مرشد الجماعة أو شيخ الطريقة أو حتى عالم نافذ أو مرجعية داخل تلك المدرسة السلفية ، ذلك الالتزام وتلك التبعية لا تقتصر فقط على شخص القائد بل على أفكاره وخطه وثقافة المكان الذي ينتمي إليه ، بكل ما قد تحتويه تلك الثقافة من تضارب مع آراء وأفكار ومعتقدات شرائح كبيرة من الشعب ، الأمر الذي إن رسخ لديهم شيء فيرسخ بشكل قاطع بأن هذا الشخص الواقف على قمة السلطة هو موظف عند قائده لا عند الشعب (1)(2)..

نعم خرج "حازم" و "أبو الفتوح" من "الإخوان" ، لكن لا يزالان متأثرين بفكرة السمع والطاعة التي سادت (وتسود) الجماعة (3)، واحتفظا بجزء كبير من هذا الميراث الفكري القائم على أحادية وجهة النظر وعدم الاستماع للآخر أو التحاور معه حتى وإن حاولوا إبداء العكس ، لا أعرف طبيعة خلاف "أبو إسماعيل" مع الإخوان (4)، لكن خلاف "أبو الفتوح" كان سياسياً نفعياً بامتياز ، لا على أفكار ولا على مبادئ ولا على أي شيء في تلك السكة، لأنه رأى في نفسه المرشح الأمثل لتمثيل الجماعة فكرياً وسياسياً ، في الوقت الذي ترى فيه الجماعة أنه لا يجب أن يمثلها مرشح رئاسي في الوقت الراهن ، وهنا بدأ الخلاف ، وترك الجماعة أو فصل هو منها أياً كان ، لكن شعاره الجديد هو "ومن النهاردة مفيش مرشد .. أنا المرشد .. أنا المرشد .. أنا المرشد".. هكذا يعتبره بعض شباب الإخوان "مرشد الشباب" خلافاً لقيادات الجماعة الأكبر سناً.. (5)..

3-فكرة الاحتفاظ بالإرث مشكلة ، والإرث نفسه هو الآخر مشكلة ، تخيل أن مرشحاً ما ينتمي لتيار سياسي ديني أو مذهبي يرى أن الديمقراطية رجس من عمل الشيطان (6) ويترشح في نظام سياسي ديمقراطي ، أو محمل بأفكار تؤمن بضرورة عودة دولة الخلافة ، مع الاختلاف الرهيب في الظروف ما بين وقتئذ واليوم ، ثم يتحدث عن دولة عصرية ، بل يعتبر بعض أنصار مدنية الدولة أن ما يطرحه بعض المرشحين الإسلاميين عن مدنية الدولة وخلافه نوع من أنواع "التقية" السياسية لازمة لأجل صنع الصورة البراقة وتهدئة المخاوف..

4-صحيح أن التيارات الدينية بكل أشكالها كانت على "مسافات متفاوتة" من النظام المباركي ، منها ما عاداه كالإخوان (لكن تجربة الإخوان الكبيرة مع الحصار ومواجهة النظم السياسية المتعاقبة جعلتهم أقوى) ، ومنها ما تحالف معه (كالصوفيين) ومنها ما حاول استخدامه لضرب الإخوان (بعض فصائل السلفيين) (7)لكن تبقى هناك علامات استفهام ليس فقط عن موقف هؤلاء من الثورة بل ومن المباركية أيضاً .. لم يكن لأي تيار كان دور حقيقي في مواجهة الفساد الذي استشرى سواء كان صناعه من كانوا وراء "المخليوع" وابنه ، بل أيضاً خصومهم من تيار المال السياسي ، طبعاً الحجج جاهزة بالنسبة لجماعات الإسلام السياسي عموماً سواء ما يتعلق منها بالضربات الأمنية أو بالحسابات السياسية ، لكن ذلك لم يمنع من اتخاذ موقف أي موقف في مواجهة الفساد بكل أشكاله (8)، ونفس الشيء بالنسبة للتيار السلفي ، الذي تغيرت وجهة نظره مثل الصوفيين تماماً تجاه السياسة ، أما الصوفيين ، والمؤسسة الأزهرية ففعلوا ما هو أسوأ بارتمائهم في أحضان تيار المال السياسي خشية من السلفيين والإخوان ، دون اكتراث لحجم فساد المال السياسي الذي كان دافعاً قوياً للثورة (في الوقت الذي يزعم أنه أقوى داعم لها) .. أمر يضيف إلى العقبات التي ستقف وبقوة في وجه أي مرشح "إسلامي" للرئاسة ، أياً كان انتماؤه ، بل وستضعه في مواقف حرجة خصوصاً أن الثورة لم تقض على فساد المال السياسي بعد ، وستكون فرصة هذا الأخير أكبر في العربدة والفساد مما ذي قبل ، فساد قد يثير احتقاناً اجتماعياً يقتضي مواقف جادة منها لم يرها من الإسلاميين ولا من غيرهم ..

5-أضف لذلك كله ما سبق تناوله عند الحديث عن الإسلاميين عموماً وتجربتهم السياسية ، وافتقادهم الكامل إلى الآن لحلول واضحة وعملية لمشاكل المجتمع بشكل عام ، على الرغم من أن من هؤلاء أكاديميين وأساتذة جامعات ، لكن من الواضح أن علاقة خطاب جماعات الإسلام السياسي عموماً ، والتيارات المذهبية ما بين سلفيها وصوفيها إلى الآن لم تضع الدنيا بما يكفي في حساباتها ، نعم لعب التواجد في الشارع دوراً لصالح التيارات الدينية خلال الانتخابات ، لكن الأمر سيختلف بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي تنتظره مهام أصعب هو وفريق عمله ..والتخوف من هذه النقطة يزداد في وقت لا توجد فيه داخل تلك التيارات جميعاً أي محاولة للمراجعة وتصحيح المسار حتى على المستوى العملي في مرحلة رأت أنه عليها فيه الدخول لاستحقاق آخر يختلف عما كان عليه الحال إبان النظام المباركي ، بل عن نفسي أرى أن المرشحين "المنقلبين" الذين يقولون أنهم مستقلون ومنفصلون عن أفكار تلك التيارات ليسوا ميالين إلى أي مراجعة أو تحديث حتى وإن قالت ألسنتهم العكس استجداءاً للآهات والتهليلات من قبل هذا أو ذاك..

عدم استقلالية الفكر ، عدم وجود نية للثورة على الذات والأفكار ، عدم وجود نظرة واضحة للأمس (ما قبل الثورة) ولا للغد (ما بعد الثورة) كلها عوامل تجعل من الصعب ، ومن الصعب جداً قبول أي رئيس ذي خلفية إسلامية أو له علاقة حتى بالمؤسسة الدينية ، بعد فترة من الوصول للمنصب تظهر الحقيقة مع بداية ضعف واضمحلال تأثير الدعاية والهالة المحيطة بـ"أبو إسماعيل" و"أبو الفتوح" وغيرهم.. علاج المشاكل يأتي من الداخل ، ومن العمق ، وليس بالكلام المعسول و"المتزوق" وتسول تعاطف من كانوا في "ميدان التحرير" أو خارجه.. عذراً للإطالة..
حواشي:(1)والأمر فقط لا يقتصر على رئاسة الدولة فقط لأنه حتى بدأ يترسخ إحساس لدى بعض الناس أن شيخ الأزهر الحالي وبعض السابقين كانوا أقرب للموظفين لدى مشيخة الطرق منهم لدى الأزهر!
(2) البعض في تونس يرى أن "حماد لجبالي" - أتمنى أكون كتبت الاسم صح- هو مجرد مندوب لـ"راشد الغنوشي" في الحكومة التونسية المؤقتة ، والتي قد تكون دائمة في حين أفرزت الانتخابات التونسية القادمة نفس النتائج..
(3)الأحزاب السياسية المدنية في مصر أصبحت أحزاب سمع وطاعة ، التجمع مثلاً!
(4)...والذي تعمق مع إحساسه بأنه يقود فصيلاً كبيراً يراه الأحق بتمثيل الإسلاميين سياسياً ، وبالتالي فإن شعوره هو نفس شعور أي كيان يكبر بتحفز الكيان الكبير الموجود أصلاً ضده
(5)..وحوَّل قرار فصل "أبو الفتوح" من الجماعة الرجل إلى رمز سياسي للاعتدال والحرية والثورة والمش عارف إيه ، تغيير 180 درجة إذ فجأة .. بل وبدأت حملة تحسين صورة وتلميع له في وسائل إعلام المال السياسي بشكل أراه الأغبى والأكثر حماقة في تاريخ هذه النوعية من العمليات..
(6)قرأت قبل قليل منشوراً معلقاً على جدار خارجي لمدرسة بنفس المعنى..
(7)بل والمؤسسة الأزهرية أيضاً لم يكن لها أي موقف في هذا الاتجاه ، أؤجل طرح تلك النقطة تحديداً لتدوينة قادمة قد تكون بإذن الله التدوينة القادمة..
(8)ولم يحدث ذلك لا على مستوى القمة ولا على مستوى القاع ، حتى "أبو الفتوح" وباقي المنشقين سياسياً على الجماعة لأنهم رأوا أن مكتب الإرشاد - م الآخر- يعرقل طموحهم السياسي ولا يسمح لهم بالنمو والوصول لمناصب أعلى لا داخل الجماعة ولا خارجها.. وفي رأيي هذا النوع من الخلافات لا يمثل مشكلة في ذاته ، لكنه مصيبة عندما يحاول أصحابه إلباسه أثواباً أخلاقية أكبر بكثير ، بل إن تصريح "أبو الفتوح" الأخير عن "الالتزام الأخلاقي والالتزام السياسي" جاء مضحكاً وضاراً جداً بصاحبه..

Monday, January 2, 2012

السؤال الثالث : في المصلحة

الأنجاجيه.. ثم الأنجاجيه.. ثم الأنجاجيه..-"شفيق جلال" - فيلم "خلي بالك من زوزو"..


بدايةً.. مقولة "أينما كانت المصلحة فثم شرع الله" هي لـ"ابن القيم".. ربما اعتقدها البعض حديثاً.. لكنها ليست كذلك.. صحيح أن تلك المقولة استغلت كثيراً جداً للدفاع عن الاجتهاد بشكل عام ، لكن عليها أكثر من علامة استفهام.. ليس فقط حول أن يكون "الجانب النفعي" في ذاته محركاً لإباحة شيء أو تحريمه..


أبسط شيء.. "مصلحة مين"؟ من هو صاحب المصلحة التي أينما توجد فثم شرع الله كما رأى "ابن القيم"؟ هل هي مصلحتي؟ مصلحتك؟ مصلحته؟ مصلحتها؟ مصلحة السلطة؟ مصلحة المعارضة؟ مصلحة رجال الأعمال؟ مصلحة الفئات العاملة؟ ربما ما قاله "ابن القيم" رحمه الله كان مناسباً جداً في مجتمع لا يحتوي هذا الكم الكبير من المصالح المتشابكة والمعقدة بل والمتضاربة في أحيان كثيرة جداً..لكن ليس في مجتمع اليوم .. مثلاً : مجموعة من العمال يعملون لدى "س" .. هذه المجموعة ترفض أجرها الحالي التي تراه منخفضاً جداً ولا يناسب الارتفاع في الأسعار ، ومن "مصلحتها" أن يرتفع الأجر قليلاً ، أما صاحب العمل فمن مصلحته أن يبقي الأجر على ما هو عليه بل أن يخفضه لكي تبقى التكاليف منخفضة أقل ما يمكن ليحقق أرباحاً أعلى.. سيقول البعض "العمال دول غلابة وعندهم بيوت وعايزين يعيشوا عيشة كريمة" .. وسيرد البعض الآخر "الراجل دة فاتح بيوت كتير واللي مش عاجبه الأجر ما يشتغلش" .. فيرد الفريق الأول "همة كانوا لقوا شغل في حتة تانية بأجر أعلى وما راحوش اشتغلوا".. في كل الحالات ستجد نفسك أمام وضع معقد لا تعرف فيه من مصلحته أرجع من مصلحة الآخر.. والمثال الذي ذكرته مبسط للغاية لا يقارن بأمثلة أكثر تعقيداً يشهدها الواقع المصري - على سبيل المثال .. برضه- في اليوم الواحد مرات ومرات ، ونعايشها في حياتنا اليومية..

ويقودنا ذلك لسؤال آخر .. "مصلحتي لوحدي ولا مصلحتك ومصلحتي"؟ هل تقود كلمة مثل "الصالح العام" لحل المشكل ، ربما كانت هناك أرضية مشتركة في المثال السابق بين صاحب العمل والعمال ، يصل منها هو وأولئك إلى "حل يرضي جميع الأطراف" ، لكن من يحدد مرة أخرى تلك الأرضية المشتركة التي يفترض بنا جميعاً أن نصل لها كي تسير المركب؟ وهل من الممكن أن تتغلب مصلحة على مصلحة؟ أن تصبح مصلحة الفريق الأقوى هي الصالح العام؟


والسؤال الأخطر ، والذي قصدت منه كتابة هذه التدوينة الطويلة العريضة : هل كل المصالح مشروعة؟


خلال الفترة التي توقفت فيها عن التدوين هنا حدثت أمور جسام ، تكلم فيها زملاء أفضل مما كنت سأفعل وبمراحل ، لكن ما تاه عن الجميع وسط الزحام أن الناس قد صوتت في الانتخابات لاثنين من الضالعين والمتورطين فيما يعرف إعلامياً بفضيحة العلاج على نفقة الدولة.. الفضيحة التي ضمت نواباً كانوا يستجوبون سيناً وصاداً من الوزراء في مجلس الشعب ويهاجمونهم في الصباح ، ثم ينحنون على أكتافهم من أجل تأشيرة هنا وتأشيرة هناك ، وهذا كله في الظاهر على الأقل من أجل خير ومصلحة أبناء الدائرة ، و"خير الناس أنفعهم للناس" ، وبالمرة "نفع واستنفع" ، لتعم المصلحة والفائدة على الكل .. ليأتي الواحد من هؤلاء النواب يتفاخر بما "قدمه" هو لأبناء الدائرة من "خدمات".. وأبناء الدائرة في الأعم سينتخبون من يعمل لـ"مصلحتهم" ، سواء أكانت علاجاً على نفقة الدولة أو وظيفة في شركة البترول ، و"أياً كانت التضحيات" فـ"مش كتير على ابن الدايرة اللي خادمنا وشايف مصلحتنا".. (وكيف لا ولم يفتِ أحد بضرورة عدم التصويت لنواب التأشيرات والعلاج.. بما أن التصويت الانتخابي صار مسألة دينية يُستَفتى فيها شيوخ وعلماء) ..


قِس على ذلك ما يراه الكثيرون مصلحتهم في التعامل مع موظف مرتش ، وعلى التبرم الشديد من أن يتواجد في مكان ما موظف "ما بياخدش شايه" ، أيا كانت نوعية الشاي وما يضاف إليه -من النعناع إلى الياسمين- بحسب مقاس المرتشي وسقف تطلعاته.. مما قد يرى معه بعض الناس ، إعمالاً لمبدأ المصلحة ، أن تُقَنَّن تلك الأوضاع اللاأخلاقية واللاقانونية واللادينية من أجل "المصلحة العامة".. وكي تسير المركب.. إن كانت ستسير بهذه الطريقة..ولن يجد ذلك الأمر مقاومة كبيرة ، فالمصلحة باختصار مشروعة لصاحبها مهما كانت شرعية أم لا.. نفس مبدأ الشخصية التي لعبها "شفيق جلال" في فيلم "خلي بالك من زوزو" .. لمن يتذكر الفيلم..


بالتأكيد كل شيء يتغير ، ويصبح من المطلوب الاجتهاد لكي يواكب تلك المتغيرات ، لكن ما هو الحد المطلوب من البراجماتية التي يكون عليها ذلك الاجتهاد ، بما أني لا أتصور أن تتوافر مصلحة في الدين تقر رشوة أو فساد أو انحراف.. أياً كان ..دمتم بخير..