Tuesday, April 25, 2006

هذه الفتاوى الملغومة

ما بين الدين والديناميت طريق مليء بالأفكار ، ينتهي إلى المواقف ، ومنه إلى الفعل ..

جاءتني فكرة هذا المقال عقب معرفتي بالعمل الإرهابي الجبان في دهب ، هذه السطور قد لا تتناول ما حدث في دهب تحديداً ، لكن تتناول ما قد يحدث في المستقبل القريب إذا لم تنصلح الأمور..

لنفرض أن من فعلها يستهدف المصريين تحديداً ، ويستهدف السياحة تحديداً .. فالغالب على الظن في تلك الحالة أنه قد نما إلى علمه فتوى بأن السياحة .. حرام..حرام..حرام.. وأن كل من يشتغل بهذا المجال آثم .. آثم .. آثم..

دعوني أذكركم بالحقيقة المرة : أن هذه الفتوى ليست الوحيدة ، وأن هناك غيرها ضد مجالات أخرى وتذاع عيني عينك في وسائل الإعلام المختلفة .. فمثلاً على برنامج "المسلمون يتساءلون" شاهدت بأم عيني أحد المفتين الأجلاء وهو يفتي بحرمة التأمين على الحياة ، وفي حلقة لقاء الجمعة ، والتي صادفت يوم مباراة سداسية الأهلي الشهيرة في الإسماعيلي، هاجم المتحدث لا فض فوه البنوك وشركات التأمين ووصفها بأنها صناعة يهودية للاستيلاء على أموال العالم!..

وهناك مباركة مبطنة من جميع ما يعتبر (مبني للمجهول) اتجاهاً دينياً ، سواء الاتجاهات السلفية أو الصوفيةأو الجماعات الدينية المسيسة والتيار الإخواني أو غيرها لتلك الفتاوى ، حتى استقر في الشارع صدقها وصدقيتها.. لكن دول مش عايزين يبينوا علشان ما يدخلوش في صراع مع السلطة..

كيف سيكون وقع تلك الفتاوى ، التي ينشرها الإعلام الرسمي ، والنصف رسمي (زي النصف مقلي كدة) على من يشتغلون ويفتحون بيوتهم من جراء تلك الوظائف، والتي دخلوها عن اقتناع ، وعن فتاوى أخرى أجازتها، وهي لمشايخ كبار وليست لهواة ولا لأدعياء؟

صحيح أنه لم يحدث شيء بعد والحمد لله لا للبنوك ولا لشركات التأمين ، لكن إذا ما استمر ذلك كذلك ، فإنه ليس من المستبعد أن يأتي أحدهم بقنبلة لينسف بها بنكاً أو شركة تأمين ، أو أي مكان يساوره الشك في أنه شغال في البطال .. بل وقد تأتي الضربة من العاملين بداخل تلك المؤسسات لها .. بعد أن اقتنعوا بأن شغلهم وأكل عيشهم حرام!..

السكوت على تلك الأفكار والفتاوى بلا مناقشة لن يحل أزمة ، بل سيجعل هذه القنابل تنفجر فينا جميعاً.. ولن تبقي ولا تذر..

Sunday, April 23, 2006

مفيش وسط..

أستحضر مشهداً من فيلم وحيد حامد وشريف عرفة وعادل إمام "طيور الظلام".. عندما قرر عادل إمام "محامي الداعرات" الاستعانة بخدمات صديقه المحامي الملتحي ..ليدافع عن إحدى زبوناته.. وكانت وجهة نظره في أن القاضي ضعيف أمام أصحاب الذقون..

وليس قاضي طيور الظلام هو الذي يعاني نفس الضعف ، وإلا فلمن يكتب محام تعويضات أعرفه ديباجة مكررة تضم آيات من سورة يوسف لشحتفة القاضي على الضحية ومطالبته بالتعويض المبلغ وقدره ، وطبعاً يلح على أن التعويض المطالب به هو الدية كما تقررها الشريعة الإسلامية ..

كلنا ضعاف أمام كل ما يختبئ تحت عباءة الدين ، حتى ولو كان "كاموفلاج" لزوم التمويه ، وإلا لما استغل الفاطميون حب المصريين لآل البيت من أجل تثبيت سلطانهم ، ولا لعب السيد البدوي الدرويش الثائر على نفس الوتر ، ومن بعدهم الصوفية على وتر الترغيب والترهيب بالخرافة واضعين إياها تحت بند الكرامات ، مروراً تنظيمات الإسلام السياسي بشعاراتها الرنانة ، والتي نضجت بعد ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران .. بعضها جند شباباً "زي الورد" من أجل بناء دولة إسلامية على الطراز الإيراني .. واكتشف هؤلاء الشباب أنهم بعد الصدام المسلح مع النظام أنهم كانوا في برنامج الكاميرا الخفية ، وأنهم ضحك عليهم ، ولكن بعد فوات الأوان..مروراً بالصحف التي تلعب على وتر التهييج الديني فقط من أجل البيع ، حتى أصحاب المحلات الذين يسمونها بأسماء دينية ، أو بأسماء آل البيت الكرام ، أو من ركبوا موجة المقاطعة ومنشوراتها أيام الانتفاضة ، بل والكثيرون ممن علقوا لافتات الشجب والاستنكار والمقاطعة للدانمارك عقب الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم..

تعددت الأهداف من وراء تلك اللعبة ، الوصول للسلطة ، الوصول للزعامة الدينية الوهمية واصطناع نظام بابوي يتنافى مع "تضبيطات" الإسلام كدين لا يعترف بأي شكل من أشكال الكهنوت(ولست هنا في معرض انتقاد أشكال الكهنوت في الديانات الأخرى فذلك ليس من اختصاصي..أنا هنا أتناول الإسلام كمنتمي له وبخواصه المميزة عن أي دين آخر)..التربح بأي شكل من الأشكال معنوياً أو مادياً .. لكن اللعبة تبقى بتفاصيلها هي هي.. وتنطلي علينا في أحيان كثيرة..

تلك الممارسات ، وعلى طريقة قوانين نيوتن ، خلقت رد فعل بنفس القوة ، وبالاتجاه المضاد ، حساسية مزمنة لدى كثيرين ضد المظهر الديني عموماً ، سواء الحجاب أو اللحية أو ما شابه.. حساسية لعب عليها أيضاً بعض الأتاتوركيين في وسائل الإعلام ، والبعض من هذا البعض يؤمن بعلمانية تفصيل على طريقته ، تضع العلمانية والدين على طرفي نقيض بلا أي فرصة للتعايش ، ولا مانع من ممارسة بعض التقية الفكرية خوفاً من فقدان المصداقية لدى الشارع المحافظ ، أو من رصاصات جماعات المتشددين ، والمدهش أن ممارسي التقية الفكرية هؤلاء يتصورون نفسهم من الذكاء بأنهم لا ينكشفون أبداً.. متناسين أن الغباء يبدأ عندما تؤمن بغباء الآخرين!..
ملاحظتي الوحيدة عقب تلك السطور المملة والرزلة والطويلة هي أننا انقسمنا للاهثين وراء المظهر الديني ، ولمتعصبين ضده ، ولمن يتخذون موقفاً وسطاً متعقلاً ، وهؤلاء يتناقصون يوماً وراء يوم..وضع لن يستفيد منه إلا من يلعب على كل حبل ، بل ومن على الحبلين بيلعب .. مع الاعتذار لأغنية هابطة لحنان عطية!

Thursday, April 20, 2006

مدونة .. في مفترق طرق!

قبل الكلام:

عنوان المدونة مأخوذ عن كتاب للكاتب الكبير أنيس منصور بنفس الاسم ، أما عنوان التدوينة، فهو مقتبس بتصرف من عنوان إحدى تدوينات "بنت مصرية".. وهي وصاحب"العدالة للجميع" المهندس ابن عبد العزيز..وأصدقاء آخرون ، كانوا وراء دخولي هذا البراح المتناهي ، براح للبوح ، وللتفكير بصوت عالٍ ، والصراخ إن حكم الأمر..فلهم مني خالص التحية والتقدير..


نيجي بقى لصلب الموضوع .. ليه عنوان التدوينة؟ وليه المدونة كلها؟

في مفترق الطرق لما بتقف مش عارف أنهي سكة هي السكة الصح .. وفي التراث المصري فيه 3 سكك لا رابع لهم : سكة السلامة ، وسكة الندامة ، وسكة اللي يروح ما يرجعش!

وعلى باب كل سكة فيه ناس ، مؤمنة بإن السكة دي هية سكة السلامة ، وبتقولك وبتقول لغيرك كدة ، في مجلاتهم ومطبوعاتهم وخطبهم وشرايطهم وقنواتهم الفضائية ، كل واحد بيقول إنه الصح وغيره الغلط.. طبيعي تتلخبط ، وطبيعي يكون ناس كتير من جيلنا اللي عايش حالة اللخبطة دي.. واللي وصلت مع بعضنا لدرجة التوهان..

اللخبطة بين العمائم بكافة ألوانها .. إشي أزهري وإشي شيعي وإشي سلفي وإشي بهائي وإشي إخواني وإشي صوفي وإشي علماني..العمائم ما بقتش غطا راس وبس ، دي كمان بقت غطا للأفكار اللي بيخرجها الرأس .. ماركة مسجلة trade mark يعني..

اللخبطة بين الدين والدنيا ، وكإن الاتنين على حافتي نقيض.. وكإن الواحد يا يتدروش ويعادي الدنيا كلها باسم الزهد والورع والتقشف ، يا إما يديها باتا قديمة و-باللفظ السوقي- "يخلع" من قيود الدين على السلوك والعادات والتقاليد.. يا إما يقفل باب الاجتهاد بالضبة والمفتاح .. يا إما يشعلها نار موقدة في كل النصوص على طريقة العاطل في الباطل..

اللخبطة بين الدين والعقل ، وكإن الاثتنين على حافة نقيض واللي يختار واحد معناه ما يختارش التاني ..

اللخبطة بين التدين الشكلي والمضمون ..وبهوت الرؤية في علاقتك بالخالق عز وجل ونفسك والمجتمع والناس ، حتى علاقتك بغير المسلم جوا مجتمعك..

بنتلخبط في حاجات وأفكار كما لو كانت أسئلة جورج قرداحي في "من سيربح المليون" .. كما لو كان مفيش أجوبة غيرها .. في الوقت اللي ممكن يكون فيه حلول .. حتى لو افترضت إن كل اللي واقفين على السكك كذابين وبيلعبوا بيك الكورة..

أنا مواطن مسلم بسيط ، لا أنا عالم ولا شيخ ، ولا بقدم اجتهادات ولا فتاوى ، في المدونة دي بقدم تساؤلات ، وآراء ، وفضفضات ، من أبسط حقوقك إنك تختلف وتتفق معايا فيها .. وإن كان العبد لله بيعتبر نجاحه إنه ساهم ولو بشيء صغير للغاية في عمل حالة تفكير.. حالة البحث عن سكة ما .. يمكن تاخد من هنا ومن هناك .. لكنها السكة اللي احنا شايفينها صح ..السكة اللي تخلينا متصالحين مع الله ، ومع نفسنا ، ومع مجتمعنا .. اللي لا تخلينا لعبة في يد شيخ ولا ملا ولا مرشد ولا آية الله ولا أي مدعي اجتهاد أو أكاديمي أو صحفي أو سياسي.. ولا تخلينا بارود ولا قنبلة في يد اللي عايز ، واللي مستفيد .. واللي يدفع أكثر..

وبسم الله .. نبتدي..