Sunday, February 19, 2012

تونس والمغرب وبينهما "نانسي" : هل إسلاميينك زي بعض؟

بما أن هذه هي التدوينة المائتين منذ انطلاق "الدين والديناميت" في أواخر أبريل 2006 ، قلت في عقل بالي أكتب عن شيء كان الكثيرون يتوقعون أن يجدوه في المدونة الشقيقة "فرجة".. رغم أنني قلت ومن فترة ليست بالقصيرة أن "الدين والديناميت" تتناول علاقة الفن بمجالات كثيرة في الحياة ، منها الفن .. ولنبق هذه المرة أيضاً في "تونس"..

خبر صغير قد لا يعيره البعض التفاتاً ، وزير الثقافة التونسي يمنع "نانسي عجرم" من الغناء في مهرجان "قرطاج" الموسيقي ، تحت ستار "ديكتاتورية الذوق الجميل" ، بل ووصل الأمر بوزير الثقافة التونسي المحسوب على حركة "النهضة" إلى القول بأن "قدوم "نانسي" و "إليسا" إلى المهرجان "على جثتي""، وكان من الطبيعي أن تستشيط نقابة الفنانين اللبنانيين غضباً من تصريحات "مبروك" ، وأن تصدر بياناً مكتوباً تدعو فيه إلى "إعادة النظر" في القرار "حرصاً على استمرار التواصل الفني والحضاري بين البلدين".. بما أن لبنان أيضاً تنظم مهرجانات غنائية وتستضيف فيها فنانين عرب بينهم تونسيون.. بعيداً عما يحدث.. يبقى من المضحك أن السيد الوزير يعلم أن "عجرم" قد غنت في نفس المهرجان في العام 2008!

قرار الوزير التونسي وجد مؤيدين ومعارضين داخل تونس وخارجها، الكاتبة "علياء بن نحيلة" في جريدة "الصباح"- مثلاً - تقف في صف القرار قلباً وقالباً ، ولا ترى فيه الأسباب "الأخلاقية" التي استند إليها الوزير ، وإنما طبقاً لكلامها "تلبية لمطالب قديمة" منها ألا يرتقي هذا المسرح إلا "مَن يستحق أن يرتقيه".. والكلام لها ، وفي المقابل انتقد "طارق الشناوي" الكاتب المعروف نفس القرار ، مثنياً على الحزب النهضوي ، وفي نفس الوقت انتقد اختيار نفس الحزب لوزير يرى - من وجهة نظره- أنه "تخطاه الزمن" و"يرفع شعار المنع والمصادرة ويستعين بجثته إذا اقتضى الأمر ذلك"!

لا أعرف بالتأكيد شعورك عندما تفاجأ ، كما فوجئت ، بأن الحكومة المغربية ، الإسلامية التوجه بزعامة "بن كيران" تمنح حق اللجوء الغنائي لـ"نانسي عجرم" - نفسها- في مهرجان "موازين" الغنائي..

على كل ما سبق كله كان مجرد سرد إخباري ، نضع أسماء "نانسي" وباقي من شملهم قرار منع الوزير التونسي على جنب ، ونفكر بهدوء..

وصل التيار الديني لأقرب مكان لسدة الحكم في بلدين عربيين في الشمال الأفريقي بعد تهميش طويل ، بفعل الفرانكفونية أولاً وبفعل طبيعتي النظام السياسي في البلدين ، وربما نكون نحن في الطريق ، سواء بحزب ديني ، أو برئيس ذي مرجعية دينية .. وبالتأكيد كأي تيار يحكم أو يتطلع إلى الحكم فله نظرته إلى كل مناحي الحياة ،والفنون من ضمنها..

سيقول البعض بأن نظرة هذه التيارات قد تشوهت تماماً ، وأصبحت "أكثر تمييعاً" للفن ، "لماذا تسمح حكومة "إسلامية" بإقامة مهرجان غنائي من أساسه؟" و"لماذا تسمح حكومة "إسلامية أخرى بإقامة مهرجان رغم أنها كانت تنتقد فكرة المهرجانات وقت أن كانت بعيدة عن السلطة معتبرة إياها "تبذيراً" و "إسرافاً"؟"، وسيقول البعض الآخر بأنهم أصبحوا "واقعيين" أكثر في معرفة وفهم ظروف وطبيعة بلدانهم ، كما يحدث في تونس نفسها ، البلد السياحي بامتياز ، الذي تشكل سياحة المهرجانات فيه مورداً اقتصادياً هاماً ، وتاريخ تونس الفني الذي يعد مفخرة وطنية لأبناء هذا البلد ، ويرون أن مضيهم في اتخاذ مواقف متشددة قد يبعدهم أكثر عن الناس والحياة ويقلل فرصهم في الاستمرار في السلطة وتحقيق مكاسب ما كان لها أن تتحقق لهم في ظروف أخرى ، أو كما يرى تقرير قناة "العربية" متحدثاً عن إسلاميي المغرب أنهم قرروا تجنب الخوض في قضايا خلافية وجانبية متفرغين لمشاكل اقتصادية واجتماعية "أهم" .. قد يرى البعض ذلك تحولاً حقيقياً في طريقة تفكير التيارات الدينية عموماً وفي المغرب العربي خصوصاً ، وقد يراه البعض ، كما يراه "الشناوي" تحولاً من "الحكم" إلى "التحكم" استناداً إلى "إلى مرجعية دينية مطلقة فى أحكام التحريم تتيح له أن يرفض أو يوافق كما يحلو له، وأن المجتمع سوف يؤازر هذا الاختيار بعد أن أصبح الترمومتر الدينى هو السائد والمؤثر"..

وفي مصر هناك ترقب لما سيفعله إسلاميونا في هذا الصدد بالطبع ، وللبعض وخصوصاً العاملين في الحقل الفني مخاوفهم ، ويمكن تقسيمهم إلى قسمين رئيسيين ، الأول مرتبط بالمال السياسي والاحتكاري الذي يفسد الحياة الفنية وغير الفنية في مصر ، وله مخاوفه هو الآخر من التيارات الدينية ، والثاني لديه مخاوف حقيقية هذه المرة على حرية الرأي والتعبير والفنون في ضوء أحداث وشواهد ، كانتقادات لفيلم هنا أو أغنية هناك من قبل نواب التيار الديني تحت قبة البرلمان في دورات سابقة ، ثم مشكلة تصوير مسلسل "ذات" قبل عشرة أيام..

يبقى السؤال في النهاية .. ماذا سيفعل إسلاميونا مع الفنون ، موسيقاها وسينماها ودراماها؟ إباحة أم تحريم أم تدجين أم تحسين أم تطوير أم.. أم..؟ الكرة في ملعبكم..

Friday, February 17, 2012

لتونس حسابات أخرى

بطل تدوينة اليوم هو الداعية السكندري الشهير "وجدي غنيم".. المصنف كأحد أشهر الدعاة "الثوريين" ، بسبب "مواقفه" فيما يختص بـ"تسليم السلطة" ، مواقف لا أعلم عن نفسي إن جاءت فعلاً حباً في مبادئ الثورة التي مات من أجلها شهداؤها منذ انطلاقها ، أم من أجل ما "يناضل" البعض من أجله من أجل فرض نموذج معين ، سواء أكان إسلامياً أو "ليبرالياً" ، وبالتالي فرض من سيقرره علينا على طريقة التعليم الرابسوماتيكي المتخلف.. (أما غالبية الناس الذين لا يعجبهم هذا ولا ذاك فأمامهم بحران كبيران ، ولهم مطلق الحرية في الشرب من أي منهما ، أو خبط رأسهم في الحائط الذي يريدون).. ولا أعلم الشيء الكثير عن حقيقة السبب الذي "مُنِعَ" من أجله من العمل في مصر.. بادئاً رحلة من العمل والإقامة في دول عربية شهدت علاقاته معها شداً تارة وجذباً أخرى.. المهم..

المهم أن الشيخ "وجدي غنيم" تلقى دعوة لإلقاء دروس وخطب ، منها خطبة الجمعة بعد ساعات في مدينة "صفاقس" التونسية ، وبالفعل وصل إلى تونس ، الذي جاءها "على السمعة" ، واستُقبِل هناك -أيضاً- "على السمعة".. بمعنى .. أن الشيخ "غنيم" جاء إلى تونس مستحضراً سمعته ، كداعية "مقبول" لدى الأوساط السلفية وبعض الأوساط غير السلفية ، وصاحب نهج "ثوري" كما يصنفه أنصار "حازم صلاح أبو إسماعيل" ، وأنه جاء إلى البلد الذي احتضن أول ثورات "الربيع العربي" وصاحب التجربة التي يراها البعض في مصر الأنجح بين كل الدول العربية التي شهدت ثورات ، أما التونسيون أنفسهم فردوا له التحية باستقباله على أساس "سمعته" لديهم..وبما أنه قد تحدث في وقت سابق عن "ختان الإناث" ، فكان من أول الرافضين هم القائمون على وزارة الصحة في تونس ، ثم "أنكرت" الكلام الذي أذيع على التليفزيون الرسمي التونسي ناسبةً البيان لـ"نقابة الأطباء".. أنصاره هنا يقولون أنه لم يتحدث عن الختان في تونس من الأساس ، لكن وكالة الصحافة الفرنسية تنقل عن حوار أجراه مع إذاعة "شمس" في تونس أنه يرى أن "الختان" عملية تجميل..والكلام له.. لكن مشاكله في تونس بدت أكبر بكثير من مجرد تصريحات عن الختان .. جريدة "الصحافة" التونسية مثلاً نشرت عن ندوة ضمت ناشطين تونسيين لا تنتقد فيها زيارة "غنيم" فحسب بل دعوة شيوخ يمثلون تديناً دخيلاً على البيئة التونسية بحسب كلامهم ..أو لنقل للدقة : ليس كلامهم وحدهم ، حتى مفتي تونس نفسه انتقده ووصف من هللوا له في تونس بأنهم "منبهرون بشخص يدعي المعرفة"..وإن كان هؤلاء المنبهرون كانوا من الكثرة بمكان ساعده "ميدانياً" عندما وقف عدد من الحقوقيين والناشطين محتجين على محاضرته يوم الاثنين الماضي .. الأمر الذي استوجب حراسة أمنية مشددة قبل إلقائه لخطبة الجمعة اليوم في مدينة "صفاقس" التونسية..

الشيء المؤكد أن عدد من وصفهم مفتي تونس بالـ"منبهرين" كثير ، كثرة يفسرها الكاتب "محمد بن جماعة" على أنها كانت رد فعل للكبت الذي مارسه نظام "بن علي" ، ويرى الكاتب أيضاً أن زيارة "غنيم" كشفت ما سماه "عمق التدين العاطفي في تونس" ، عمق ربما أسهم في وصول "النهضة" بشكل كبير إلى سدة الحكم بعد أن كانت حركة محظورة طوال عهد "بن علي"..

على أساس هؤلاء رتب "وجدي غنيم" - مع حفظ الألقاب - حساباته ، وتصرف كما لو كان قد جاء في زيارة إلى مصر ، حيث النسيج الاجتماعي مختلف ، وتوزيعة القوى مختلفة ، والبيئة الاقتصادية مختلفة ، وحتى المناخ الفكري مختلف تماماً ، وربما لم تجعله ضخامة الحضور المؤيد له وصوته العالي يرى أن هناك معارضة حقيقية هذه المرة له ، ليست ممثلة في نخبة مثقفة لديها نسخة من الأمراض الفكرية التي تعيب عليها الإسلاميين في حين أنها موجودة عندهم وعند الإسلاميين أيضاً ، ولا مجموعة من الناشطين معظمهم -بدون زعل- ما بين ضيق الرؤية وعديم المبدأ (وأهدرت في مجملها أهداف الثورة الحقيقية من عدل اجتماعي على حساب مصلحة فكرية وسياسية) ، ولا رأس مال فاسد معلوم الفساد يريد أن يحكم مصر باقتصاده وتربيطاته باسم دولة مدنية (والمدنية منها براء) .. المعارضة التي وقفت في وجه "غنيم" هذه المرة تتبنى فكراً موجوداً في الشارع ، وليس في كتابات س أو ص أو في فضائيات المال السياسي ، وإن كانت انتخابات التأسيسية في تونس أفرزت تقدماً كبيراً للنهضة فقد شهدت أيضاً تيارات أخرى ممثلة في الحكومة تمثل نفس الفكر ونفس التيارات ، وتيارات أخرى تختلف شكلاً و موضوعاً مع الإسلاميين ، وكلها نتاج ثورة ، ومن الصعب تجاهلهم فيها (ودورهم في الثورة أكبر من دور النهضة وأكبر من دور مجموعات الناشطين في مصر التي تمن علينا بنجاح الثورة) .. حتى مفتي تونس عارضه وانتقده ، وكذلك "عبد الفتاح مورو" أحد مؤسسي حركة النهضة نفسها!

خطأ الحسابات يترتب عليه خطأ في التصرف ، جاء الرجل إلى تونس ذات النمط الثقافي المختلف بنفس عقليته الجهادية التصادمية ، ليهتف في بلد كان عالمانياً لدرجة التطرف "إسلامية إسلامية" ، وبنفس ما ينعيه البعض عليه ، وعلينا كمصريين ، في المغرب العربي باحتكار الدين في مصر وأزهرها (والشيء نفسه يقال أيضاً عن المدرستين الدينيتين السعودية والإيرانية) في حين أن لدى تونس تاريخ عريق مع الإسلام وجامعة بتاريخ جامعة "الزيتونة".. ولا أعتقد أن الناس في المغرب العربي - الذي أقصيناه عن خطأ وخطيئة من حساباتنا- يحبون من "يتنطط عليهم" حتى في المسائل الدينية رغم تأثر مجتمعات بلاد المغرب العربي بشكل كبير لا ينكره أحد بالثقافة الفرانكفونية.. حتى أنني أشك أن بعض مؤيدي "غنيم" أنفسهم قد يختلفون معه وبشدة يوماً ما.. إن لم يكن قريباً..

لتونس حسابات أخرى ، ربما إن عاد إلى مصر سيجد مؤيدين أكثر (بما أن الأمر يتعلق بمرشحين إسلاميين معلنين في مصر على عكس الحالة في تونس) ، ومعارضة مختلفة نخبوية ، ومال سياسي ، وسيجد بعضاً ممن كانوا لا يطيقونه "وش" يبلعون له الزلط ما دام يتفق معهم في مسألة سياسية بعينها ، لكن هل يستطيع رجل يتعامل مع الناس "اسطمبة واحدة" دون تفرقة في الخطاب بين مصري وتونسي وخليجي وماليزي أن يعي أن من الناس في مصر ، على اختلاف أديانهم وأفكارهم ومذاهبهم ، من سئم أن يتعامل معهم أحد بتنميط ، وبنفس أفكار فترة السبعينيات والثمانينيات التي تسببت في "فَصَلان" الكثيرين من الجماعات الدينية والتيار الديني ككل؟

الإجابة ، أو جزء كبير منها ، عند الشيخ "وجدي غنيم" نفسه..

Saturday, February 11, 2012

ذا نيو إسلاميست

يقدم لك المدون صاحب هذا المكان المتواضع دليلاً شافياً لمن لم يجد - بعد - شلة ينضم إليها في هذا البلد الذي أصبح شللياً بامتياز (ولا عزاء لقيم الثورة التي أصبحت سيرتها على كل لسان) ، وقد استطاع العبد لله أن يجمع لك خلاصة أفكاره وملاحظاته ومشاهداته واحتكاكاته مع شلة واعدة سيكون لها مستقبل كبير جداً في قادم الأيام ، وستحقق لك كثييييراً من أحلامك الجامحة التي لم تكن لتحقق بعضها ما لم تكن عضواً في الحزبوطني -أو الحزنوطني أياً كان المسمى -وقت أن كان في السلطة.. واعلم قبل كل شيء أن الإنسان هو كائن غير قابل للغرق في الفتة ، ويستطيع الطفو عليها بسهولة شديدة ، وتحقيق أعلى سبوبة ممكنة مهما تتباين الظروف ..

01-أوبين أب يور مايند بيفور يو جانا كلوز إت فوريفر : لكي تنجح في هذا الحوار يجب أن توسع عقلك تهيئةً لاستقبال فكرة جديدة ، فكرة أن تكون ممن يسمون بـ"الإسلاميين الجدد" ، منذ 2005 وهناك فئات جديدة تظهر في المجتمع ولها حس ، هناك الفقراء الجدد والأغنياء الجدد والليبراليين الجدد ، وطبعاً الإسلاميين الجدد..

والإسلاميون الجدد - بين قوسين - يختلفون قليلاً عمن تحول إلى التيار السلفي خلال السنوات الست أو السبع سالفة البيان ، والذين ينتمون لشرائح اجتماعية تتراوح بين الطبقة الفقيرة (والفقيرة جداً في أحيان) والجزء الفقير من الطبقة الوسطى المحافظة ، معظم الإسلاميين الجدد الذين أعرفهم و/أو أسمع عنهم جاءوا من طبقات اجتماعية أعلى ، لم يتأثر كلهم ، وفي تقديري "لم تتأثر شرائح كبيرة منهم" ، بأفكار الدعاة الذين وجهوا خطابهم لتلك الطبقة من أمثال "عمرو خالد" أو "مصطفى حسني" مثلاً.. وإن كان منهم من يحترم الداعيين السابقين بالتأكيد ، والذين لا يحظون بنفس الاحترام لدى سلفيين أكثر تشدداً..أشخاصاً ودعاة..

نصيحتي الشخصية لك ، اختر الجزء السلفي من الإسلاميين الجدد ، وقبل أن تنظر إلى المونيتور في ذهول وتقول "آر يو آوت أوف يور مايند" ح أقول لك إن فيه قسم سلفي رائج جداً وسط الإسلاميين الجدد ، قسم جاء من أبناء الجيل الثاني من الذين سافروا للعمل في دول الخليج وتعلموا تعليماً أجنبياً وتراهم ، بعكس "ذي تراديشنال سالافيست" الذي لا تراه معتنياً - كثيراً - بمظهره الخارجي الدنيوي.. هذا القسم السلفي يعطي أي انتهازي ووصولي في العالم ما يحلم به ، واجهة دينية مقبولة جداً ، واجهة ثورية مقبولة جداً جداً ، ومظهراً عاماً يعطيك من الوجاهة الطبقية ما لم يحصله كل من يقلد طبقة "النوفو ريش" وقت ظهورها أواخر تسعينيات القرن الماضي..أما إذا لم ترد أن تكون من السلفيين الجدد ، ستجد ما يناسبك من الأصناف الأخرى منهم الإخوان الجدد (من غير أعضاء جيل الصابرا الإخواني الذي اعتقل في العهد الناصري ، الجيل اللي طلع في العز واتربى عليه) - لا يشترط أن تكون عضواً في الجماعة - أو الذين يتصرفون كإخوان جدد ، ويمكنك أن تنتقي من الفقرات القادمة ما يتناسب وسلوكياتهم وستحصل على نتائج مقنعة جداً جداً..

02-آكت لايك آ سالافيست ، بيهيف لايك آ مودرينست : امسك العصا من المنتصف فيما يتعلق بمظهرك وسلوكك الخارجي وتعريفك بنفسك ، حتى ولو لم تكن طبقياً ابناً من أبناء هذه الطائفة من الناس ، تعلم قاعدة ذهبية ستنفعك في مشوار الانتهازية والوصولية القادم : تصرف كشاب حداثي متفتح أوي سبور أوي أوي أوي ، بغطاء سلفي محترم رزين..

طبعاً بعد أن تطلق لحيتك لعدة أمتار ، وأن تملأ موبايلك عن آخره إما برسائل "دعوية" ، أو بأنشودات إسلامية لـ"مشاري بن راشد" و"أحمد بوخاطر" أو أياً كانوا ، تعلم المفردات المتداولة بين العديد من السلفيين من عينة "أعزك الله" ، "الأخ" ، .. وخلافه بما أني لست ملماً بما يكفي بتلك المصطلحات التي عشنا قروناً مسلمين ولم نستخدمها كثيراً في مصر ، تردد ما استطعت على المساجد التي يرتادها علية القوم في الأماكن "الهاي كلاس" ، واظب على حضور التراويح في أي مسجد يسيطر عليه السلفيون المودرن ، ويغني فيه ، عفواً يقرأ فيه شيخ متميز بقراءة القرآن والأدعية على الطريقة الخليجية التي اعتدت ، أو يجب أن تعود نفسك ، عليها .. لا تنس أن تفتح حساباً على "الفيس بوك" ، وتبحث لك عن كُنيَة معتبرة "أبو مريم" ، "أبو عمار" ، "أبو رشا" ، وكلما كانت الأسماء أقدم وأكثر رصانة كلما ساعد ذلك على أن تكون "آ فيرست كلاس نيو سالافيست"..لا تنسَ أن تقرأ كتباً سلفية - معلهش ح نتعبك معانا - على طريقة التعليم الرابسوماتيكي -التعليم هو الذي يصل بالإنسان إلى أعلى مراتب العزة والشرف ("ياسمين عبد العزيز" - "الثلاثة يشتغلونها" )..

إزاي "نيو"؟ ح أقول لك : أما وقد احتفظت بمظهرك السلفي الحداثي جداً ، تردد على سينمات ، شاهد أفلاماً أجنبية ، لو كنت في القاهرة تردد باستمرار على الساقية ، حاول أن تدخل إلى حديثك أكبر كم من المفردات الإنجليزية ، كما فعل كاتب السطور في هذه التدوينة ، ارسم نفسك بطريقة توحي بالحداثة والثقافة العالية ، من الوجاهة الطبقية الثقافية أن ترطب لسانك بذكر عبارات كتبها "جابرييل جارسيا ماركيز" أو أي ممن على شاكلته ، لو تسمح لك إمكانياتك المادية بأن تشتري كتباً لهم افعل ، اقرأ أيضاً - على نفس الطريقة الرابسوماتيكية سابقة الذكر - كتباً في السياسة ، تناقش معها مع أصدقائك الذين من المفترض أن تكون قد كونتهم من خلال ترددك على أماكن تجمع هذا الفصيل اللذيذ وهي معروفة..لا ينقصك الكثير بعد هذه النصائح الذهبية بعد أن تكون قد نجحت إلى حد كبير في أن تكون "ذا كوول سالافيست"!

03-فييل ذا ريفولوشن: كن جزءاً لا يتجزأ من الحالة الثورية حتى ولو لم تقتنع بالمبادئ الغبية التي قامت على أساسها "عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية" والتي تزعج أناساً كثيرين منهم أزرقية السياسة والإعلام والنوفو ريش والمؤسسات الدينية والتجمعات المذهبية (وطبعاً حرامية المال السياسي اللي حيشرفوا في طرة جنب اللي نصصوا معاه لو كانت الثورة اللي اتعملت بحق وحقيق) .. تذكر أن الفصيل الذي أصبحت منه بالفعل ، مع فصائل أخرى ، هو الذي قام بالثورة ، حتى لو جاءك غبي وفقري مثل كاتب هذه السطور وقال لك ما يقوله بعض الأغبياء والفقريين والشذج أنها ثورة الشعب لا سمح الله ، انت ما شفتش "المواطن اكس" ولا إيه؟ آه صحيح ، نسيت إنك طبقاً للوصايا اللي فاتت ما بتجيبش على الدش ولا الوصلة إلا قنوات (MBC2,Fox Movies,الجزيرة ، الجزيرة مباشر ، أون تي في ، سي بي سي ، وأحياناً ناشيونال جيوجرافيك)..

احصل على صورة فوتوغرافيا بالزي الثوري ، الكوفية الفلسطينية ، علامة النصر ، واملأ بها صفحتك على الفيس بوك ، جنباً إلى جنب بالطبع مع أي محتوى أو أي صورة دينية تقتبسها من موقع خليجي ، تذكر أنك سلفي رغم كل شيء ، لا تترك الصينية في ميدان التحرير إن ذهبت إلى هناك ، لكن لا مانع من أن تحكي على الفيس على دورك الحيوي ، أنت وكل أصدقائك من "النيو إسلاميست" في مواجهات "شارع مجلس الوزراء" و "محمد محمود" وحتى مواجهات الجمعة قبل الماضية.. تواجد في حلقات النقاش الثورية ، خذ ما يناسب مزاجك وسبوبتك وألقي بالباقي من أذنك الأخرى ، واستغلها في زيادة حصيلتك من المفردات الثورية..

04-بيليف إن ذا ليدر : كن على قناعة ، مثل باقي أصدقائك طبعاً ، تصل إلى حد الإيمان المطلق بأن للثورة قائداً ومهدياً منتظراً (وما تسألش الله يخليك عن إزاي يبقى للثورة قائد ما ظهرش فيها ويبقى المهدي المنتظر وهو موجود، لا تجادل يا أخ علي أو أياً كان اسمك) ، استشعر أهمية أن تكون جزءاً من قط.. من فريق علشان ما تزعلش ، وأن يكون للفريق قائد ، أذكرك بفيلم ألماني اسمه Die Welle كان تقريباً يدور عن عملية محاكاة قام بها مدرس لمعسكرات النازيين في مدرسة ثانوية ، نجح فيها المدرس في أن يكون زعيماً لتشكيل نازي مفترض يجعل منها - حتى منتصف الفيلم تقريباً - مثالاً يحتذى به في النظام .. ووسط الجماعة المنظمة والقائد تأكد أنك في أمان بموجب كل القوانين المكتوبة وغير المكتوبة بما فيها قانون الشارع..

بعد أن تكون قد وضعت حجر الأساس الثقافي لقبول فكرة القائد ، ابحث عن القائد نفسه ، "حازم صلاح أبو إسماعيل" مثلاً ، وهو رجل صاحب تصريحات وعبارات ثورية ، هو المخلص الذي سيعلي كلمة الشريعة وسيحمل حلم السلفيين في التمكين ، وصاحب كاريزما عالية ربما لا تجدها في المبشرين الآخرين بقصر القبة ، "أبو الفتوح" الذي يحمل طموحات أبناء الطبقة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ منها ، طموحات تمكين الجماعة دون تواجد مكتب الإرشاد في السلطة ، التمكين الذي يصبغ مصر كلها بصبغة الطبقة الجديدة ، ويجعل من فريقك الفريق الفائز دوماً بكل الألقاب ومنها كأس الثورة بالتأكيد ، لو فاز "أديك معاه" ، ولو خسر فالأيام دول ، والخلفية الإسلامية قادمة ، الخلفية الإسلامية قادمة (على طريقة "حقها ولا مش حقها" في تقليد "سرحان ونفيسة" لفيلم "العار")، ولو كنت أذكى فأمامك "البرادعي" ، وستضرب عشرات العصافير بحجر ، منها ستبين أنك "مودرن" بحق وحقيق ، وتختار رجلاً غير ذي خلفية إسلامية ، رغم مظهرك الإسلامي الممتاز ، كما أن شرائح واسعة تؤمن بأنه مفجر الثورة ، مثل أن حاصل ضرب اثنين في أربعة يساوي ثمانية..

بعد أن تكون اخترت قائدك ، ضع صورته في غرفة نومك ، بجانب صورة "تشي جيفارا" (وما تقوليش ليه تشيه جيفارا دة شيوعي وانت عايزني أبقى سلفي كول .. علشان تدخل المود يا متخلف) ، ضع صورته "وول بيبر" لجهاز الكمبيوتر الخاص بك (عادي أو لاب توب) أو الخاص بأسرتك (هية عافية بقى) ، ولا تفوت فرصة لأي ظهور إعلامي لقائدك المفدى إلا وتحضرها ، سواء في مكان مفتوح أو على شاشات الفضائيات التي اخترتها سابقاً ، ولا تستمع لأي غبي في البيت يطلب منك تغيير القناة وقت ظهور الزعيم ، و"اقفل" مع أي مخلوق لا يشاركك قناعتك تلك..

والأهم .. كن على إيمان مطلق ،بتعصب أعمى لا تجده ليس فقط عند هووليجانز كرة القدم الغلابة في ربوع المحروسة بل حتى في تعصب هووليجانز ليفربول (وما أدراك ما هم) ، بأن القائد دائماً على حق ، القائد لا يخطئ ، كل مواقفه صحيحة ، وكل كلامه حكم ، وكل نبوءاته واقع ، وكل استراتيجياته دروس ستتعلم منها الأجيال القادمة ، ابحث في تاريخه عن طريق موقعه أو مواقع أنصاره على النت (وبلاش سيرة التاريخ الحقيقي للشخص لأديك باللي في رجلي) ، حتى وإن لم يكن تاريخه مقنعاً اخترع له أنت تاريخاً ، وكرامات إن لزم الأمر ، فمن غير المعقول أن تكون متعصباً لزعيم وأنت لا ترى فيه تاريخاً نضالياً أكبر من "أحمد عرابي" و "عبد الله النديم" و "سعد زغلول" وحتى "سعد الدالي" ، اجعل تعصبك الأعمى يلازمك في كل خطوة تقوم بها ، وكلما كان أكثر كلما كان أفضل ، انظر إلى من حولك في وسطك الجديد ، كم هم متعصبون لقادتهم مثل تعصب النازيين لـ"هتلر" - لمن رأى فيديوهاته على "يو تيوب"- المتعصبون لـ"أبو الفتوح" أكثر تعصباً من باقي الإخوان ليس لمرشدهم الحالي فقط بل لـ"حسن البنا" لو بُعِثَ حياً وعاد في زمننا الحالي.. ونفس الشيء بالنسبة لـ"ألتراس برادعي" و"ألتراس أبو إسماعيل" ..

بهذا يا بطل تكون قد وضعت رجليك على أول الطريق الصحيح لأن تكون "آ بيرفكت نيو إسلاميست".. ولن تحتاج لمزيد من النصائح.. فالسكة التي دخلتها سهلة ، ولا تحتاج لأن ترهق نفسك في ترهات من عينة الاتساق مع النفس والصدق معها ، والإيمان الحقيقي بمبادئ ، وتحسين النفس من الداخل وتهذيبها ، والحرية التي فطرنا الله عليها دون أن تترك نفسك تتحول إلى شاة في قطيع ، ترى في الخروف الكبير حماية لها من الذئاب حتى لو كان يتصرف أسوأ مما يتصرف الذئب المتوحش.. وأن تفضل المبدأ على الشخص ، وأن تثور حتى ضد من اخترته قائداً وآمنت به لو أخطأ وحاد عن تلك المبادئ السامية التي تعتقد أنه يرمز إليها ، وأن تعيش باختصار كبني آدم..
ألموست أوول ذا إنجليش تكست , إز ريتين ديليبرتلي إن آرابيك ليترز!

Tuesday, February 7, 2012

المسألة ليست "الإسلاميين وأنا".. بل “الإسلاميين" و "أي حد"

في بداية حياتي كنت ككثيرين ممن نُشِّئوا على اسطوانات وقوالب جاهزة عن الصورة السمحة والجميلة للإسلاميين، سلفيهم وصوفيهم ، من كونهم أناساً طيبين (وفي حالهم) ليس لهم ذنب إلا أن النظم السابقة المتعاقبة كانت تتعقبهم وتلاحقهم أمنياً ، وعن الدور الهام والخطير المحجوز للأزهر ، و..و..حتى تهاوت كل تلك الأسطوانات ودُشدِشَت الواحدة تلو الأخرى على وقع تجارب وصدمات متتابعة لم يخرج منها كاتب هذه السطور دون أن يتعلم منها شيئاً ، بل أشياء ، أهمها على الإطلاق أنه "محدش بيتعلم ببلاش"..

1-بدايةً.. اكتشفت أن الإسلاميين ، في معظم المعظم ، يسعون لأن يكونوا مختلفين عن باقي المسلمين الآخرين داخل المجتمع ، إما بالشكل ، الملبس ، اللغة ، كما لو كانوا مجموعة وسط مجموع ، ترى نفسها جزيرة منعزلة رغم أن الأرض تحيطها من الجوانب الثماني ، شكل لا أنكر أن الدراما ابتذلته أيما ابتذال لكنه يبقى موجوداً على الأرض..

2-لكني وجدت لاحقاً ، مع التجارب ، أن هذا الاختلاف بدأ في التحول إلى تمايز لا تميز ، ينطلق من فكرة "أنا أحسن منك" قبل أن تتطور إلى "أنا أحسن منك ومن اللي خلفوك"، ولكل طريقته في إبراز خيريته وأفضليته على مجتمع ليس من عبدة الشيطان.. السلفي مثلاً يتحدث عن المنهج الذي لم نر منه إلا الشكل فقط ، ذقن طويلة وجلباب قصير ودمتم ، في البداية تمييز "إيجابي" بكلمة "ملتزم" ، ولا أفهم ما الذي يميز مسلم "غير سلفي" يواظب على الصلاة ويصوم النوافل ولا يغش ولا يأكل من حرام عن نظيره السلفي ، بعد ذلك يذكرك أنه قد أخذ علمه عمن هم قريبون جغرافياً و"فكرياً" من مهبط الوحي ، ويرى الصوفي نقطة تمايزه في شيوخه ، المنتسبين في بعضهم إلى آل البيت ، ويرى أنه لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم ، أما الأزهريون فيعيشون على نياشين "أحمد مظهر" في الأيدي الناعمة ، ويرون أنه لا إسلام إلا إسلامهم ، ويعتبرون الاستنارة والاعتدال وغيرها توكيلات لا يملك غيرهم حقها ، أما المفكرين "الإسلاميين" فحكايتهم حكاية وروايتهم رواية ، فيلعبون نفس اللعبة "دوبل" ، لعبة "أنا المفكر" برص أحلى مجموعة من المصطلحات الحنجورية اللذيذة التي لا تعرف كيف يمكن أن تتواجد بجانب بعضها في مكان واحد ، كما يفعل "محمد عمارة" ، ومنها لعبة "أنا الإسلامي" بأسلمة كل شيء في السياسة والفكر وإطلاق مصطلحات عليها تختلف في معناها تماماً عن المعنى الحالي ، واستدعاء مصطلحات من الماضي لا علاقة لها بأي حاضر مثل "البيعة" و "أهل الحل والعقد" و.. و.. ، ويصل به الهذيان كما في مثال "جمال البنا" إلى مستوى ضرب كل الأفكار في الخلاط لتحصل على نسخة من "نور الشريف" في الربع ساعة الأخير من فيلم "قلب الليل" المأخوذ عن نص لـ"نجيب محفوظ".. “النظرية الإنسانية المتكاملة" الذي لم يفهمها أي مخلوق شاهد الفيلم أو قرأ الرواية أو غيره!

باختصار فإن الكل يرى أن له واسطة مع الله لا يتمتع بها الأغبياء الآخرون الذين من بينهم أنا وأنت وأهلينا أجمعين..

3-يصعب على الإسلاميين ، في معظم معظم معظم المعظم ، أن يتعايش مع أي آخر ولو كان مسلماً ، وأن يعمل مع أي آخر حتى ولو كان إسلامياً مثله ، هم لا يرون في مجملهم صورة الفريق ، وأنهم عضو فيه كغيرهم ، بل هم يرون أن "أسلوبهم في تغيير المجتمع" لا يتحقق أبداً إلا بوصولهم إلى سدة الحكم أو بالتأثير في السياسة ، سواء في السياسة النظامية (برلمان ومجالس نيابية وخلافه)، أو في السياسة "الواقعية" على الأرض ، لهذا السبب خاض هؤلاء "نضالهم" بكافة الطرق ، منهم من رفع السلاح ، كـ"الجماعة الإسلامية" ، ومنهم من "كافح" سياسياً -كجماعات الإسلام السياسي – أو اجتماعياً (وياريته نفع) كالسلفيين والصوفيين ، ومنهم من لم يفضل الصدام المباشر مع النظم السابقة بل فضل عمل صفقات وتحالفات معها (أيضاً كالسلفيين والصوفيين) ، وعندما سقط النظام قبل عام توزعوا كل في تحالفاته وبما يماشي مصلحته ، حتى الأزهر لعب في السياسة وقرر أن يكون لاعباً سياسياً يصدر ما يشاء من وثائق سياسية واجتماعية واقتصادية وربما كروية في مقابل أن يكون صاحب توكيل الإسلام والمتحدث الرسمي باسمه كما قالت على الفضائية المصرية شخصة أخجل من وصفها بالمثقفة...

ولأجل التمكين ينسقي العليق ، لأجل التمكين أتظاهر في الشارع مع آخرين أرفض ما يتظاهرون له فقط من أجل "أبو الفتوح" أو "أبو إسماعيل"، وطول ما خلفية المرشح للرئاسة إسلامية إسلامية يبقى فلة ومية مية وأحسن من فراخ الجمعية ولو كان زعيم الحرامية، ولأجل التمكين أتحول من ديكتاتوري سلطوي إلى ثوري مع مرتبة ولحاف الشرف ، وأضع يدي في يد (من أعتبرهم من وجهة نظر تياري الإسلامي جداً) العلوش الأوغاد المتظاهرين في الشارع لا من أجل الصالح ولكن من أجل المصلحة ، ولأجل التمكين أصاحب المال السياسي الحرامي الذي أعرف (كما يعرف كل المصريين) أنه كان أكثر جداً واجتهاداً وأمانةً وذمةً وضميراً في سرقته من الناسك في تعبده ، ولأجل التمكين أرشح نفسي في نظام أقول بيني وبين أتباعي أنه حرام ، وأصرح هنا وهناك بأن الدولة في الإسلام مدنية مدنية مدنية مع إيماني وإيمان مَن معي بأن الدولة في الإسلام خلافة لا خلاف عليها.. وسينسى الناس بسرعة عملاً بالعبارة التاريخية لـ"وردة" : يووووه هوة فيه حد النهاردة بيفتكر..

ومعلهش.. ومع احترامي لكل ما يقولونه عن اضطهاد وتعذيب وخلافه، لا أنكر بالتأكيد أن النظام السابق والنظم السابقة ككل لم تكن تحب أي من يخالفها في أي شيء ، ولم تكن لتستلطفه أو تستخف دمه ، بل وكانت تقف ضده بكل الطرق اللا أخلاقية منها قبل الأخلاقية ، ولكن من هؤلاء من كانت أفكاره متطرفة فعلاً .. بشكل يصطدم بفطرة الناس لا بما اعتادوا عليه ، ومنهم من رفع السلاح في وجه مجتمعه الذي لم تكن بينه وبينهم أي خصومة ، ثم عاد ذلك البعض الذي يمن علينا بالسجن والاعتقال والمطاردة والمصادرة بـ"مراجعات" وضعوها في قلب السجون مرغمين بعد أن "اتهد حيلهم" وانقطعت مصادر تمويلهم وتقادمت بهم السن وزحف إليهم المرض..

4-ودي الكبيرة : برغم مشاركتهم في الثورة ، وفي المعارضة بكافة أشكالها ، اكتشفت أن هؤلاء هم آخر من يقوم بأي ثورة من أي نوع!

لم يكن لهؤلاء- هذه المرة أعمم تماماً- أي موقف من أي شكل من أشكال الفساد ، فساد النظام أو فساد المال السياسي الفاقع المسخسخ ، ولا حتى الفساد الاجتماعي الذين كانت لهم تعريفات له "تشل" ، لم يطرح هؤلاء إلا بدائل وأفكار بالغة السطحية لعلاج مشاكل مجتمعية مزمنة كالفقر والجهل والتخلف والمرض وسوء توزيع الثروة ، ولم يكن لهؤلاء أي مواقف من قياداتهم وفسادها ، بما يتطابق مع مثالياتهم ، ولم ينتقدوا قبل الثورة ممالأة بعضهم لـ"مبارك" وتربحهم من "المباركية".. واستفحل الوضع وازداد سوءاً بعد الثورة ، فلم يحرروا عقولهم ويسيروا مع الحق أياً كانت وجهته ، بل ظلوا على نفس المقولة المستصوفة العفنة "من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه" جاعلين من أنفسهم أسوأ رمز لعبودية الفرد وتقديسه التي لا تستقيم مع أي ثورة أو أي نية لتغيير أو لإصلاح أو لأي هباب، شيخ الطريقة لا يخطئ ، الشيخ العلامة الحافظ لا يخطئ ، المرشد لا يخطئ ، شيخ الأزهر لا يخطئ ، ولا حل للبلد إلا مرشح رئاسي "ذو خلفية إسلامية" لم يبقَ بعدها سوى إقناعنا بأنه مذكور في القرآن الكريم.. تتناقش مع بعض أنصار هذا المرشح أو ذاك فترى تعصباً يحرضك على أن تكون معه متطرفاً ، بل وقليل الأدب في أحيان كثيرة جداً..ولا ينافسهم في هذا المجال بصراحة شديدة إلا "البرادعجية" وعتاة الناصريين..ويتعامل كل هؤلاء معك كأنك تسب "السيد البدوي" في طنطا بجوار ضريحه يوم المولد وسط أنصاره ، لمجرد أنك تسأل مثلاً عن برنامج اقتصادي ، أو تسول لك نفسك الأمارة بالسوء انتقاد موقف له..ثم يستغرب هؤلاء وغيرهم من عنف أسلوب بعض الناس معهم كما لو لم يرتكبوا خطأً..وربما يدعو لك أكثرهم أدباً بالهداية والشفاء العاجل..

5-مع الإسلاميين تأكد أنك "حتلبس في الحيطة" .. حاورهم المرء أو تحاور معهم.. فلا هم يعرضون أفكارهم بشكل شفاف وواضح وقابل للفهم ،ولا هم يحترمون اختلاف أفكاره عنهم ولا أفكاره ولا هو شخصياً ولا "اللي يتشددوله".. وتجاربي مع هؤلاء كثيرة كمدون ، ذات مرة انتقدت قناة "الناس" الفضائية لأنها تعاملت بشكل غير أخلاقي مع أناس عملوا فيها ، وكانت النتيجة معروفة ، ولم يخل نقاش حر هدفه المعرفة عن الاقتصاد الإسلامي من فاصل من المهاترات واتهامي بالجهل لمجرد طرحي تساؤلات بغرض المعرفة كما لو كان الذي يسأل عن شيء يعرفه.. بل وصلت إلى حارة سد لم أعرف معها كيف أختلف مع بعضهم فعلاً أو كيف أوصل لهم خلافي في الرأي دون أن يتطور الموضوع لشيء آخر..

ختاماً ، أقول "الله يسهل لهم" كما تعلمتها من القاهريين .. فالمرحلة الآن مرحلة السادة الإسلاميين على اختلاف أطيافهم وفانلاتهم المذهبية والسياسية، وهم مطلوبون لدرجة أن أحزاب عصابات المال السياسي تستقطبهم وتتحالف معهم وتضم بعضهم لصفوفها (سلامات يا دولة يا مدنية) ، وأصبحوا جزءاً من الثورة لمصالح تخصهم ، من أجل سواد عيون المرشح الإسلامي سواء "أبو إسماعيل" أو "أبو الفتوح" ولا حتى "أبو تريكة".. دين وثورة وكله شغال ، و"بيلعبوها صح الصح".. ربما عندما يتغير المناخ ونفيق على كابوس أكبر بعد أن تنتهي المشاجرة بين الإسلاميين والمال السياسي وربما اليسار على "التمكين" ونجد أنه لم تحل أي مشكلة من المشاكل الحقيقية التي أيد من أجلها عامة الناس الثورة ووقفوا مع ناشطين لم يقفوا بجوارهم في أي يوم إلا من أجل سواد عيون سي التمكين (كل واحد بقى وتمكينه) تتضح الصورة ، ويظهر الغث من السمين.. وساعتها..