Monday, October 15, 2012

يعني إيه حزب إسلامي؟

كان المرء - "بصراحة"- تائهاً حتى أفاده السيد الفاضل "محمد يسري سلامة" بأن حزب "الدستور" حزب إسلامي ، حقيقة أنا لم أكن أعرف لأي حزب سأقوم بالصويت* في الانتخابات القادمة حتى تأكدت أن حزب "الدستور" قد حصل على الأيزو من السيد "محمد يسري سلامة" ومن بعده "عبد المنعم أبو الفتوح" والذي أصبح بمقتضاه حزب "الدستور" حزب "إسلامي إسلامي" ، على غرار "لعيب تكتيكي تكتيكي"!

لا يثير غضبي في هذه المرحلة من حياتي شيء قدر ما أسمع عن حوار بين شخصين عن شيء ما يتحدثان عنه كحقيقة كونية دون أن يهتم أي من المتحدثين أن يعرف عما يتحدثون ، بل وأشك أن أياً من المتحدثين يعرف عما يتكلم ، ولكنه مصر على التعامل معه على أنه شيء يعرفه كل الناس ، تماماً كمنطق "شفيق يا راجل" بما أنه من العار والشنار ألا نعرف من هو "شفيق عبد ربه" في مسرحية "عش المجانين" قبل ما يقرب من الثلاثة والثلاثين عاماً..

ما أعرفه أن هناك أحزاباً دينية ، وأحزاباً مدنية مبنية على مرجعية دينية.. الحزب الديني يقوده عادةً - وصححوني إن أخطأت بما أن المدونة كلها مبنية على التفكير بصوت عال- رجال دين ، أما الحزب السياسي المدني في نشأته وتكوينه الديني المرجعية فبه أطياف سياسية مدنية عدة ، مبني على التصور "الديني" - أياً كان الدين - للحياة والدولة والسلطة والحقوق والحريات ....الخ ، "الوسط" مثلاً.. وربما "الحرية والعدالة" .. وهناك أحزاب كـ"النور" تمثل حالة وسطى بين الاثنين ، تعتمد آليات مدنية كالانتخاب الداخلي ، لا غضاضة عندهم في ضم أي ممن لا يشاركهم الفكرة السلفية كما يعلنون على الأقل (ولأجل الظهور بمظهر أكثر انفتاحاً قدم الحزب مرشحات في انتخابات 2011)، ولكن هناك هيئة "شرعية" به من كبار الشيوخ السلفيين..

حزب "الدستور" بعيداً عن الفشحطة الثقافية للسيد "محمد يسري سلامة" هو مجرد حزب سياسي مدني ذو مرجعية مدنية صرفة ، مثله مثل "الوفد" و "التجمع" و "الغد" وغيرهم.. ما هو داعي أن يتحدث هو أو غيره عن أن هذا الحزب السياسي المدني "إسلامي" من عدمه؟ عن نفسي مش عارف!

تفسيري الوحيد والغبي بالتأكيد لتصريح السيد "محمد يسري سلامة" هو أنه صفة وليس وصفاً ، كواحد ممن وصفهم "هو" وليس أي شخص آخر بـ"المتطرفين" ومن منن حزبه علينا أنه وضعهم في صدارة المتحدثين باسمه -والكلام له على "تويتر"- في واحد من أغرب تصريحاته وأكثرها إثارة للضحك وليس الجدل .. وما قاله - واعذروني في هذه بما أني لست من المتمكنين إلى هذه الدرجة من أصوليات البلاغة- "صفة استحسان" ، بما أننا في مجتمع متدين محافظ أغلبية سكانه مسلمين ، فحزب إسلامي لديه تعني "حزب حلو"..

على أي أساس أقول أن هذا الحزب ، إن سلمت بكلام السيد "محمد يسري سلامة" "إسلامي حلو"؟ برضه مش عارف..

تلمح في تويتاته الحديث عن الشريعة ، علماً بأنني لم أسمع عن حزب رفض المادة الثانية في الدستور علانية -ولا يستطيع أي حزب أن يرفضها علناً- ولا أعرف أي تعريف يقصده سيادته للشريعة ، الحقوق أم الحدود أم المعاملات ، علماً بأنه كان عضواً في حزب "النور" السلفي ومتحدثاً باسمه ،وتبنى التصور الذي تبناه "النور" للشريعة ، وانتقد في تويتة لاحقة بعض أعضاء الدستور ممن لهم مواقف معلنة وواضحة ضد تطبيق الشريعة ، ولم يقل لنا أنه تخلى عن تصوره "السلفي" للشريعة ، وبالتالي أنه كان على خطأ ، وبالمرة يوضح لنا التصور الصحيح للشريعة من وجهة نظره..

سؤال آخر بجملة الأسئلة : هل الحزب الإسلامي ، أو الحاصل على الأيزو الإسلامي من وجهة نظر "يسري سلامة" و/أو "عبد المنعم أبو الفتوح" مع حفظ الألقاب حزب ينادي بتطبيق الشريعة بكامل أحكامها فيم يخص المبادئ العامة والنظام الجنائي وأحكام المجتمع وعلاقاته من زواج وطلاق ومواريث وفقه التجارة و....و....و... كحزمة واحدة مع مرونة في التطبيق لا تخل بثوابت الشريعة ، أم أنه "لا يخالف الشريعة" من منطق ومنطلق "أنا ما بعملش الصح بس ما بعملش حاجة غلط" ، وبذلك فإن كل الأحزاب إسلامية تقريباً!

أكبر سقطة أن يدعي الحزب أنه حزب مدني ، وأنه "حزب الكل" بطريقة يفهم منها أن الحزب "بتاع كله" ، سلفي تلاقيه ، صوفي تلاقيه ، شيعي تلاقيه ، ماركسي تلاقيه ، صيني تلاقيه ، حزب "الدستور" لكل الأذواق ، وحزب "التجمع" "بتاع الشعب" -وهو كذلك بمنطق مسرحية "العيال كبرت".. وبيني وبينكم ، عندما يدعي الحزب السياسي المدني أنه حزب "إسلامي حلو" ، ماذا ترك للجماعات "الإسلامية الحلوة" إذن ، خاصةً عندما نرى قادة الحزب المدني الكميل ينتقدون تلك الجماعات على أساس أنها تحتكر الحديث باسم الدين وتسوق نفسها باسمه؟ معرفتكش أنا كدة!

أما عن قصة استعانة الأحزاب "المدنية" بمتحدثين "دينيين" يتبنون التصور "الديني" لكل شيء ، فتلك قصة أخرى ربما أكتب عنها بإذن الله في وقت لاحق..
* أيوة قاصد أكتبها كدة..

No comments: