Tuesday, July 10, 2012

الشيخ "أسامة القوصي" : مفتي الديار السينمائية

وبرغم كل ما سبق ، فإن بطل هذه النكتة ليسوا من مشايخ التطرف الذين اعتدنا على سماع أشياء عجيبة منهم من حين لآخر ، بل هو من "الإسلاميين المعتدلين" طبقاً للتصنيفات الإعلامية ، ويهيل عليه البعض آيات الإشادة لـ"استنارته" .. التي أترك لكم تحديد موقفكم منها ..

مولانا الشيخ قرر تقمص دور الناقد الفني معلناً في حوار له مع موقع "اليوم السابع" أنه من "المقبول" تواجد مشاهد "فاضحة" - التعبير له - طالما أن "الحبكة الدرامية" "توجب ذلك" ، وأن "إلا ان الأفلام الجنسية لها غرض واضح، أما الأفلام الأخرى فهي تهدف للإصلاح، لذلك فإننا نقبل تلك المشاهد في سياق ولا نقبلها في سياق آخر"..

سيادته يقول "من المقبول" ، ولا أعرف بأي منطق ، فلا يقبله منطق المجتمع الذي يرفض تلك النوعية من المشاهد "من غير حاجة" ودون انتظار لفتوى تحريم أو إباحة لمشاهد "الأباحة" خاصةً في فن جماهيري مثل السينما يمكنه أن يقبل تلك النوعية من المشاهد ، حتى وإن تحاكى أفراده عن تلك المشاهد ، فإنهم يفعلون ذلك بـ"حذر" كما لو كانوا يهربون مخدرات ، ولا يقبله المنطق الديني ، في أي دين كان ، أن يقبل مشاهد الجنس المباشر في السينما أو أي فن آخر.. رجال الدين المسيحي في الخارج لهم انتقادات لمشاهد العنف والجنس ، وليس "غريزة أساسية" سوى مثال .. بما أنه من السادة المتحدثين باسم الدين.. ولا المنطق الإبداعي الذي يفترض أن هناك فرقاً ، حتى عند أكثر صناع الفيلم السينمائي تحرراً ، بين ما هو "فني" وما هو "بورنو"..

سيادته يتحدث عن الغرض "الواضح" للأفلام الجنسية ، التي لم يحدد موقفه منها "بعد"، أي أنه ، بما أنه "داعية" و "مفكر إسلامي" ومؤخراً "ناقد سينمائي" ، فهو يعرف أكثر ، وبنظرة عين واحدة ، الفرق بين الفيلم العادي والفيلم الثقافي ، المتحدث باسم الدين ، المبني على أحكام "مطلقة" ، عامة ومجردة (1) مثل القانون ، يفتي في أمور "نسبية" ، فالبعض يرى أن بعض المشاهد الخارجة أمر عادي ، ويرى أن هذا الفيلم "مفيهوش حاجة" ، في حين من الممكن أن يرى آخر ، ليبرالي مثلاً ، نفس الفيلم على أنه "فيلم من إياهم" (2)، وتلك المشاهد كمشاهد مقززة.. وعلى ما أسمع ، وربما يكون العتب على السمع ، يبقى الكلام عن الحبكة الدرامية والتصاعد والذروة والعقدة والصراع الداخلي حقاً أصيلاً لنقاد ومتابعي الفن السابع ، وليس لرجال الدين.. ولأنه يريد تقديم نفسه كسلفي "مودرن" يتحدث عن قبول تلك المشاهد في أفلام غرضها "الإصلاح".. ألم يخبر أحدهم الناقد الفني "مولانا" بأن الأفلام ليست وعظاً ، وبأن الوعظ الحقيقي مكانه على المنبر الذي كاد سيادته أن ينساه ، بما أنه من عجائب مصر السبعين أن يقوم أي شخص بأي عمل في العالم إلا عمله الأصلي!

فعلاً وكما قيلت في أحد الأفلام "أوفر قوي قوي يا انشراح" ..في الوقت الذي هلل فيه البعض للتصريح العبقري الذي يدل على "استنارة" و "حداثة" و ..و ...كشفه البعض الآخر ، ومنهم الناقد السينمائي "طارق الشناوي" الذي وصف تصريح "مولانا" بالمزايدة قائلاً له وبوضوح "نحن فنانون ومبدعون نطالب بحرية الرأي وليس حرية الجنس" ، و"الشناوي" عنده حق ، وأضيف أنه في الوقت الذي يزايد فيه البعض على كل شيء في الفن بما فيه الفن نفسه ، يظهر من يزايد على المزايدين أنفسهم فيدخل في إباحة ما هو مختلف عليه فنياً ومرفوض مجتمعياً باسم الدين، وبنفس منطقهم ، منطق الأستاذ الذي يعرف أكثر ، ورجل الدين الذي يفتي بلا سند وبلا سبب وبلا قراءة وبلا ملاحظة وبلا رجوع لأهل الاختصاص وبلا أي شيء ، تماماً كباقي السلفيين الذين يحلو له انتقادهم.. تذكروا أنه السلفي المودرن الحداثي المستنير الذي سيثري بفتاواه الحياة الفنية بتنظيره لنوع من مشاهد البورنو بما لا يخالف شرع الله!
(1) ولست بحاجة للتذكير بمثال ينسب للعالم الأزهري الراحل الشيخ "محمد أبو زهرة" في شرح تلك النقطة ، حين قال أن الإسلام حرم الزنا حتى لو بامرأة مشركة محترفة عقيمة.. أي أن التحريم مطلق وليس نسبي فيما لم يرد فيه استثناء..
(2)...ولأننا نستنير بالآراء والفتاوى والأحكام لمولانا مفتي الديار السينمائية ، وبما أنه أدرى بالسينما من أهلها ، لماذا لم يخبرنا بمثال أو اثنين عن فيلم جنسي صرف وافقت عليه الرقابة ويعرفه الناس بما أن "أهداف الفيلم الجنسي معروفة"؟..هاهاهاها :(

No comments: