Monday, April 2, 2012

يعني إيه مجموعة دينية؟

لست في موقع يؤهلني للإفتاء في الدين ، لكن ما أدركه أن الإسلام دين يبدأ بالفرد وليس بالمجموعة ، الفرد المسلم هو فرد في أسرة هو عضو فيها برابطة الدم ، فرد في قرية أو مدينة أو محافظة بحكم برابطة الميلاد ، فرد في وطن برابطة المواطنة ، وفرد في أمة برابطة الدين ..

كلها علاقات واضحة ومفهومة ، الأسرة التي أنا عضو فيها بالميلاد تختلف حتى عن الأسرة التي أؤسسها (باختياري) أنا عندما أتزوج ، تختلف عن المدرسة أو الكلية التي أجتمع فيها مع آخرين من عائلات مختلفة بشكل مؤقت لفترة الدراسة ، تختلف عن العمل الذي أجتمع فيه مع عدد من الناس من عائلات مختلفة وخلفيات مختلفة بشكل مهما طال مؤقت .. وبيني وبين أغلب الناس قواسم مشتركة لا خلاف فيها كالدين ، ما الذي يجعلني كمسلم غير عضو في "مجموعة دينية" مختلفاً عن المسلم عضو الجماعة الدينية؟.. ما هي مزايا العضوية التي تمتلكها هذه المجموعة على حساب تلك؟ وما الذي يكسبه المرء أصلاً من عضويته في مكانٍ ما من عدمه؟

ربما لأن الجماعة أو المجموعة تمتلك تصوراً "أفضل" للدين؟ أكثر اعتدالاً ، أكثر تمسكاً بالثوابت ، أكثر .. أكثر..؟ ماشي.. "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"(1) ، لأنه حتى لو قال عضو الجماعة الدينية ، سلفية أو صوفية أو جهادية أو شيعية أو إسلام سياسي ، أنه "معتدل ومتسامح" ، فهل يعني ذلك أني ، وأنا الغير عضو ، متطرف وإرهابي ، مثلاً؟ هل يمكن أن أكون - في هذا المثال - معتدلاً وعضواً في جماعة أو مجموعة أخرى تختلف مع الأولى وعنها؟ وما دام الاعتدال ليس توكيلاً ولا علامة تجارية فلماذا تظهر مجموعة لتقول "أنا معتدلة"؟

وبما أن البديهي في علم الإدارة والسلوك التنظيمي أن لكل "منظمة" أعرافها ، وتقاليدها ،وثقافتها ، وطريقة لتداول السلطة فيها ، ما هو المصدر الذي تستقي منه الجماعات والمجموعات أعرافها وتقاليدها وثقافتها؟، حسب علمي أن "الدليل" - إن صح التعبير- لكل فرد ، وليس لمجموعة على حسابها ، هناك كود سلوكي وأخلاقي لكل مسلم ، المسلم الفرد مفروض عليه أن يفعل ولا يفعل ، العبادات كلها بما فيها العبادات "الجمعية" التي تشارك فيها آخرين كالحج عبادات فردية ، والهدف من كل ذلك أن تكون فرداً أفضل داخل أسرتك ، دراستك ، عملك ، حياتك الشخصية وغير الشخصية ، هل هناك مفروضات وتكاليف وامتيازات لمجموعات تجعلها مختلفة عن الأخرى؟

وهل يجب أن تكون بداخل تلك المجموعات أياً كان مسماها هياكل سلطة؟ هو الواحد ما يعرفش يعبد ربنا لوحده؟ هل يجب أن أنتظر تعليمات الـ Big Brother? يقول الله عز وجل في القرآن الكريم أن الدين قد تم ، والرسالة قد تمت ، وأنه بنهاية بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته صارت الأمور متروكة لنا أن نسير دون انتظار قيادة أو زعامة ، وعقلك في راسك تعرف خلاصك ..

نأتي لأفضلية الزعيم ، هل هو الأكثر علماً؟ أول مرة أسمع أن من هو أكثر علماً يؤم ويقود في شأن غير دنيوي ، هل هو الأقرب نسباً للرسول صلى الله عليه وسلم؟ يقول الرسول الكريم في الحديث ما معناه "ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".. هل هو صاحب الكرامة؟ الكرامة رزق يعطيه الله لمن يشاء ويرضى ، وليس الرزق بأمارة يقود فيها شخص شخصاً آخر له إرادة مختلفة وعقل مختلف ، هل هو من يرى نفسه أو يراه غيره أقرب إلى الله ، وأنه مرشد ودال على الطريق الصحيح؟ إذا لماذا نرى آخرين يحملون نفس الصفة ما دام الطريق الصحيح هو الطريق الصحيح؟

ما هي صلاحيات الزعيم؟ هل له عليّ صلاحيات دينية؟ التعاليم كلها نزلت للفرد ليطبقها الفرد على نفسه ، وكل الاختيارات متاحة أمامي مثلما هي أمامه ، صواباً وخطأ وحلالاً وحراماً ، "ولا تزر وازرة وزر أخرى" (2)، هل هي صلاحيات دنيوية؟ بما أن الـ Big Brother knows better.. يقول الرسول الكريم (ص) ما معناه "أنتم أعلم بشئون دنياكم".. أطيع في العادة رئيسي في العمل لأنه رئيسي طبقاً لنظام الشركة أو المصلحة الحكومية التي أعمل بها ، ولأنه في الأغلب أقدم وأكثر خبرة ، ويؤمن بأن صالحي الوظيفي هو صالحه الوظيفي ، فلديه دافع لأن يخاف عليّ ، و"من الممكن" أن أسترشد به كأب أو أخ أكبر في بعض شأني خارج حياة العمل إن كنت أثق في خبرته ، وهو حتماً أكبر سناً وأكثر تجربة مني ومر بكثير مما مررت به سابقاً ، لكن هل يكتسب هذا الـ Big Brother زعيم المجموعة الدينية كل الصلاحيات الدينية والدنيوية بحكم سلطة أبوية أو سلطة دينية بحيث يصبح حكماً وحاكماً على كل ما تركه لي الله عز وجل - الذي خلقني وخلقه وخلقنا وخلقكم - للاختيار وتحمل التبعات ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر؟

حتى ولو كنت أحسبها جدلاً بحسابات المكسب والخسارة والقوة والضعف ، أجد أماناً أكبر في عضويتي في الجماعة الأكبر التي هي جماعة الدين بأكمله ، ما دام كبر حجم المجموعة مؤشراً على قوتها ، والقوة حماية ، وأجد ذلك الأمان أكبر وأكبر عندما لا تكون هناك قيادة ، أشعر داخلها بحريتي فأحبها أكثر وأكثر وأكون أكثر حرصاً عليها.. كحرصي على الأسرة وعلى العمل وعلى البلاد ..

قد يكون ما قلته صحيحاً ، وقد يكون ما قلته داخلاً في باب التخريف بل وموغلاً فيه ، كيف ترون المسالة؟ الكرة في ملعبكم..
* الآيات القرآنية بالترتيب :(1) سبأ (24) ،(2) فاطر (18)..

2 comments:

Minto said...

سلام
طرحك صحيح وانا اوافقك الرأي في مجمله..
فلا معنى لتجمعات -دينية- فى رحاب قول الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا "
وبما انه" لاتزر وازرة وزر اخرى" فلا رئيس او كبير المجموعة قد يخفف وزرك او يشيل عنك..ا
المشكل ان هذه الظاهرة متجذرة ومدعومة ماديا ومعنويامن اعلى سلطة في البلاد عن طريق عطايا سنوية.. وبشريا بقوة وهي تتجلى فيما يسمى
عندنا بالمغرب "بالزويا"ا
ناهيك عن تلك الجماعات الاسلامية/السياسية ولدينا نموذج قوي في المغرب هو جماعة العدل والاحسان..ا

تحياتي
مينتو

قلم جاف said...

مش بس من السلطة ، اللي في السلطة بيدعموا ناس ، واللي خارجها بيدعموا ناس ، تيارات الدين السياسي بتدعم ناس ، والليبراليين بيدعموا ناس!

الفكرة في المصطلح أكتر ما هي في س أو ص أو ع ، المصطلح اللي بيتم الترويج له حتى من قبل ناس بتتكلم عن مدنية الدولة وبتلح عليها وبتتاجر حتى بالثورة علشان تحط المؤسسات الدينية والمجموعات الدينية صدادات في معارك السياسة..