Friday, June 17, 2011

أخي وصديقي السلفي : "كيف" أختلف معك؟

أخي وعزيزي السلفي ، سواء سلفي تقليدي أو حساني : من المعلوم لنا جميعاً أن الله عز وجل خلق على ظهر الأرض أناسي كثيرين ، من المؤكد أنه لا يوجد اثنان بينهم يحملان نفس بصمة الاصبع ، ومن الوارد- والوارد جداً- أن يتباين هؤلاء في أجناسهم وألوانهم وأديانهم ومذاهبهم ووجهات نظرهم حتى لو كانوا ينتمون لنفس الدين ونفس المذهب ويعيشون في نفس المدينة أو القرية في نفس البلد و في نفس المنزل وفي نفس الغرفة.. وعليه فمن الوارد - والوارد جداً- أن أختلف معك في وجهة النظر.. التي تحتمل الصواب والخطأ..

وفي كل مرة ، وفي كل خلاف ، أجد دائماً ردود الأفعال عنيفة ، فكل ما هو عدا ما تقول ، وما يقوله شيوخ وعلماء التيار ، بل كل ما يختلف في رتوش بسيطة أو في أمور لا تستحق الجدل أو "الدق" عليها كما يقول التعبير المصري الدارج ، ويتحول الأمر إلى شبه مشاجرة.. وقد جربته عن نفسي..

وإن كنت لا تصدق .. هذا مثال صغير ،مقال لصديق عزيز أحترمه وأتفق معه تماماً في كل ما قاله.. ستبدأ الأمور أولاً بـ"لا تحقرن من المعروف شيئاً" ، "انت ضد تربية اللحية" ، "انت ضد السنة" ، "انت ضد الدين" ، وسيتطور الموضوع إلى فاصل من الهجوم والتكفير على حملة أرى عن نفسي أنها "مش وقته" ، وأن الأولى هو السعي لتحسين السلوك العام مع كل الناس أياً كان انتماؤهم ودينهم ومذهبهم ، والقضاء على مظاهر الرشوة والفساد ، والتكاتف من أجل الوقوف في وجه الفقر والفلس الخدمي والجهل وهم أعداء معروفون لهذا البلد وهذا الدين..

فما بالي لو اختلفت معك في موضوع أكبر؟ في تصور الدولة؟ في الدستور؟ في ممارسة السياسة؟ ..

أحيلك لمقال للكاتب الجزائري "بوزيدي يحيى" وأنقل لك منه فقرة بسيطة ، لا أجتزئها من سياقها ، والرابط للمقال كاملاً موجود ، وتستطيع قراءته كيف شئت:

نعم القوة الناعمة للسلفيين تكمن في قوة الحق و الاعتزاز به و الثبات عليه و الرجوع إليه عند الخطئ، لأن المنهج السلفي لا يجامل الأشخاص و لا يقدس العلماء كما يفعل غيرهم و إن شوهدت ممارسات من تلامذة بعضهم ورفضهم الشديد لأي نقد لشيوخهم لتعلقهم بهم و حبهم لهم فإن ذلك يتفهم من هذه الزاوية مع العلم أنه غالبا ما يكون في البدايات الأولى للالتزام و سرعان ما يزول إذا استمر في طلب العلم و المطالعة بمرور الأيام و إدراك عمق المنهج السلفي و منه الدوران مع الدليل حيث يدور و العلماء في كل العصور لم يختلفوا على هذا المبدأ ، فالكل يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما أن اجتهادات العلماء و مواقفهم الشرعية تصدر بعد تثبت و تعمق في الأدلة من الكتاب و السنة وفق منهج علمي متكامل و محيط بكل الجوانب، لذلك فإن المواطن عندما لا يكتفي بالمصادر الإعلامية و يعود إلى المنبع الحقيقي لأصحاب الموقف و يستبينه منهم يكتشف الحقيقة .

كلام جميل .. لكن لماذا لا أراه ، وقد كانت لكاتب السطور تجربة في انتقاد ممارسات وسياسات قناة دينية ، وأحد "المنشدين" فيها في تدوينة أخرى ، انتقاد كان من الممكن من السادة الراسخين السلفيين حتى النخاع أن يحلوه بهدوء وبمناقشة هادئة كالتي أفهمها من كلام "بوزيدي يحيى"؟

هل ثقافة "رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأيك صواب يحتمل الخطأ" لا تزال موجودة وقائمة؟ هل كل ما يقال عن أدب الخلاف صار واقعاً ملموساً ، أو وجد من يحوله إلى واقع ملموس؟ أم أن الثقافة الموجودة هي "رأيي الصواب" بإضافة ألف ولام التعريف ، وبالتالي لا يجب أن تسأل عن أي صنف غير الموجود في الدكان؟ استمرار هذا المنطق الحالي لديك ، ولدى أهل مذاهب أخرى ، وفرق سياسية أخرى ، أكبر خدمة تقوم بها ، ويقوم بها المذكورون لآخرين ذكرهم "بوزيدي" يحاولون تنفير الناس من نهجك ونهجهم..

أخي وصديقي وعزيزي السلفي ، أو الصوفي ، أو العالماني ، أو أياً كنت وكان انتماؤك، أنا واحد من عامة الناس لا أعرف آداب الخلاف كما يجب ، وبما أنك تعرفها أفضل مني وبما أني سلمت بذلك ، هل توجد طريقة نختلف بها معاً في وجهة النظر دون أن يتطور ذلك الخلاف إلى أي شيء آخر؟ أم أنك ستصفني بالمرة بأني "رويبضة" فقط لأني سألتك هذا السؤال؟

2 comments:

Ibrahim Ben Gamal said...
This comment has been removed by the author.
Ibrahim Ben Gamal said...

طوال حياتي لم ار احد الاخوة السلفيين يتراجع في مناقشة, أو يبدى التفهم أو حتى يقتنع بوجهة نظر أخرى ,حتى لو كانت وجهة نظره خاطئة أو قاصرة أو يشوبها عدم الفهم .
والجميل في الأمر انك حينما ترى تعصبهم عند المناقشة وايمانهم المطلق انهم ظل الله على الأرض مذكرين إيانا بنفس التعصب الأعمى الذي كان سببا منذ زمن طويل في الحروب الصليبية .. وكانت ايضا باسم الله