Friday, June 24, 2011

قبل أن نختار بين مجاهيل

جدل كبير وعقيم للغاية يثار حول مدنية الدولة ودينيتها.. سبب عقمه وسخفه هو أننا لا نعرف إلى الآن طبيعة الأمرين اللذين نحن مطالبون بالاختيار بينهما .. أو أن من يروج للاثنين يبخل علينا بمجرد توضيح واضح وصريح ..

أنصار الدولة الدينية لم يخبرونا مثلاً بنوعية النموذج الذي يريدون تطبيقه ، هل هي دولة يحكمها رجال دين ، على الطريقة الإيرانية؟ أم هي دولة مدنية بغطاء ديني ، يعني أن يتواجد مجلس أو لجنة من الفقهاء لها سلطات ولا تستطيع الحكومة المركزية أن تتخذ قراراً دون أخذ مشورتها؟

كيف سيتم اختيار رأس الدولة؟ هل سيكون بالانتخاب أم بالبيعة؟ وعلى أي أساس ستكون البيعة إذن؟ هل سيتوافر عدد من المرشحين لدخول انتخابات الرئاسة أم سيصبح الأمر قاصراً على مرشح واحد؟ بما أننا نتحدث عن بعض من يؤيدون عودة دولة "الخلافة" بمقاييسها القديم (وليس كلهم من السلفيين ، هناك صوفيون أيضاً)؟

كيف سيكون للشعب نوع من الرقابة على السياسات التي تتخذ؟ هل سيعتمد النظام السياسي القادم آلية للرقابة؟ وجود برلمان منتخب ، يضم نواباً يفترض بهم تمثيل كل شرائح المجتمع ، بغض النظر عن افتكاسة (50%-50%) (والتي طورها السيد "جمال البنا" إلى (20%-20%....))؟ هل سيكون لذلك المجلس دور "تشريعي" و"رقابي" أم أن دوره سيكون خدمياً صرفاً؟ كل ذلك على فرض أن وجود فكرة الرقابة أمر متفق عليه ، ماذا الحال إذن لو رفض ذلك النظام الرقابة على مجلس العلماء أو الفقهاء بدعوى أن الشعب عمومه من العوام؟

في المقابل .. أنصار الدولة المدنية والليبراليون لديهم هم الآخرون سلسلة من الألغاز يتوجب عليهم توضيحها لنا..

من بينها على سبيل المثال : ما هو معنى "الدولة المدنية" أصلاً؟ هل هي الدولة "غير" العسكرية ، أم الدولة "غير" الدينية؟ هل النموذج الأتاتوركي الذي يسعى بعض هؤلاء -وأتحدى أن ينكر بعضهم- لتطبيقه هو نموذج "مدني" رغم السلطات الواسعة جداً التي يحظى بها الجيش في تركيا؟

أتمنى أن يقول لنا هؤلاء ، وبصراحة شديدة ، وبكل أمانة ، هل تعني الدولة المدنية الفصل بين الدين والسياسة ، أم بين الدين والحياة؟ أصلها بتفرق..

هل ستلجأ الدولة لنفس أسلوب "تنميط الناس" الذي اتبع في دول عدة ، إلغاء الرموز الدينية ، وضع قيود ما على ممارسات دينية معينة للحيلولة دون وجود أي تمايز على أساس ديني أو طائفي مثلاً؟ أم أنها ستسمع لكل طائفة ولكل دين ولكل مذهب أن يمارس شعائره وحريته ويستعمل رموزه بكل حرية ولكن "وفق ضوابط"؟

كيف ينظر كل من النموذجين لقضايا مثل "العدالة الاجتماعية" ، "الملكية الفردية" ، "دور الدولة في الاقتصاد" ، وأشياء أخرى كثيرة؟

كل ما نطمع فيه أجوبة ، صريحة ، صادقة ، واضحة ، بدون لف ولا دوران ولا تزويق كالذي يتبعه الجميع دون استثناء هذه الأيام ، بما أن من يريد الذهاب إلى سدة الحكم يفترض به أن تكون لديه خطة ما .. أجوبة خالية من الاشتغال والكذب الذي لم نسمع غيرهما على مدى عقود.. أم أن هؤلاء سيحتاجون إلى مزيد من الوقت ليجيبوا عن تلك الأسئلة ، بما أن البلادة داء متأصل في السياسة المصرية ، بدليل الحال المسخرة للأحزاب السياسية الكبرى في مصر التي فشلت على مدى ثلاثين عاماً في تكوين قيادات وفكر ووجهات نظر ، ثم تلقي بهذا الفشل على النظام السابق ، كنوع من أنواع حجة البليد؟

وإلى إن يقدم هؤلاء أجوبتهم.. أنتظر إجاباتكم..
* يعتذر المدون عن أي تغيرات غريبة في شكل صفحات المدونة بسبب الهسهس الذي أصاب موقع بلوجر مؤخراً..

No comments: