Monday, August 2, 2010

اليوم السابع : أفلام عربي (..) الأجنبي!

0-ليس من عاداتي في "الدين والديناميت" أن أكتب عن شيء حدث أمس أو أول منه.. إذ أنني أرى أنه من الأفضل عادةً أن أنتظر لفترة بعد أن تهدأ العاصفة لنقول ما يعتمل بصدورنا.. لكن لكل قاعدة شواذ .. خاصةً إذا ما تعلق الأمر بشغل حلبسة من العيار الجامبو..فيلم هو الأكثر هبوطاً هذا الموسم ، لا أتحدث بالطبع عن فيلم سينمائي معروض تجارياً في الوقت الحالي ، بل عن فيلم -بما أن مسمى "فيلم" يطلق في مصر على هكذا أمور- من بطولة وتأليف وإخراج السيد "خالد صلاح" رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع".. بالاشتراك مع كاتب الفضائح "أنيس الدغيدي"..

1-"خالد صلاح" العضو السابق في جماعة متطرفة - باعترافه في حوار للصحفي "أشرف شحاتة" صاحب مدونة "الوسط الصحفي العربي"-والذي "قلب على ليبرالي" فيم بعد يبقى في رأيي ، ورأي كثر ، واحد من أضعف أبناء جيله من رؤساء التحرير الحاليين ، حتى مقارنة بصديقيه "مجدي الجلاد" و "إبراهيم عيسى"، والدليل على ذلك تواضع مستوى ومبيعات "اليوم السابع" الورقية برغم ضخامة التمويل، على العكس من الموقع الذي حقق سمعة طيبة على المستوى الإخباري ، ربما لبعد "خالد" عنه ، لكن الأخير قرر أن يعلن "نحن هنا" على طريقته بإعلان جريدته قبل أيام عن نشر رواية لـ"الدغيدي" على حلقات اعتبرها الموقع "دفاعاً عن الرسول الكريم (ص)".. وإن حملت عنواناً صادماً : "محاكمة النبي محمد"..

العنوان- المثير للغضب خلقة-مضافاً إليه حملة من الهجوم شنها الشيخان "أبو إسحق الحويني" و "محمد حسان" أثارا حالة عارمة من الاستياء في أوساط المجتمع المصري دفعت -فجأة- بالجريدة لتقديم اعتذار عن عدم نشر الرواية لحين تعديل العنوان وعرض العمل بكامله على مجمع البحوث الإسلامية .. وإن هي إلا ساعات حتى تعرض الموقع - بجلالة قدره - لـ"هجوم" من جانب قراصنة إلكترونيين ، قبل أن تنصب المناحة على حرية الرأي في نفس اليوم على قناة "أو تي في" التي كان يعمل بها "خالد صلاح" ، وقبل أن يظهر السيد "الدغيدي" صوتاً على برنامج "مانشيت" الذي يقدمه الصحفي بـ"الأهرام" "جابر القرموطي" صارخاً ومتشنجاً ومعلنا الحرب على حملة التحريض التي قامت ضده وضد ...الخ..

2-فيلم يصعب على الشخص العادي مقاومة الضحك عليه ، من شدة هبوط السيناريو والتنفيذ .. ومن الواضح أن رئيس التحرير يعتبرنا لا نزال نعيش زمن الفيلم الهندي الكلاسيكي ، حيث يتعلق "أميتاب باتشان" بـ"ثعبان" على كوبري كما حدث في فيلم "جانجا جامونا ساراسواتي" الهندي الشهير ، وبالتالي لا نعير التفاتاً كبيراً لفكرة أن يتعلق "بيني آدم" بـ"ثعبان" كحبل ليصل إلى الكوبري ، وبالتالي لـ"حوار" الرواية ..

كان أمام "خالد" أن يناقش الأمر مع "الدغيدي" على رواقة ، ويعترض على الاسم ، ويتمسك بعدم نشر الرواية إلا بعد تعديل الاسم ، تجنباً لأي مشكلة قد تحدث ، و/أو ينصحه بعرض الرواية على مجمع البحوث الإسلامية ، قبل أن تنشرها الجريدة ، وحينئذ ، أي إذا أقر المجمع الرواية قبل نشرها على الموقع ، سيكون موقف الأخير قوياً .. ونفس تلك الخيارات كانت تقريباً أمام "الدغيدي" .. لكن أياً من الرجلين لم يختر أياً منها.. والغريب أن "خالد صلاح" رئيس تحرير ، أي في أعلى الهرم التحريري في الجريدة ، ومن الطبيعي على أي صحفي أن يعرف "المناخ السائد" وطبيعة تقبل وفهم الجمهور لما سينشر ، بما أن الجمهور هو مشتري الجريدة ومتابع الموقع .. فما بالكم برئيس التحرير .. الذي يثبت بالدليل العملي أنه "مالهوش فيها"..

2-يدعي "خالد" ويدعي معه موقعه أنه "ليبرالي" .. ماشي.. لماذا تراجع فجأة الموقع عن مبادئه وقرر عرض مصنفه على مجمع البحوث الإسلامية ، بعد نشر تنويه الرواية وحدوث الزوبعة؟ لماذا لم يفعل مثلما فعل "حلمي سالم" الذي رفض عرض عمله على أي مؤسسة دينية؟

3-أليس من المضحك أن نسمع ممن قالوا أن الدين لن يهدمه رسم مسيء للرسول (ص) ولا فيلم يهينه يقدم في بلاد الغرب ، أن نسمع منهم أن رواية يمكنها الدفاع عن الرسول الكريم (ص) في مواجهة الهجمات الغربية الشرسة عليه-خصوصاً إذا كانت تلك الرواية مقدمة للمجتمع العربي ومنشورة بالعربية؟ هل هدمت "عزازيل" المسيحية؟ هل انتقصت "وليمة لأعشاب البحر" من الإسلام؟ أليست الرواية "عملاً خيالياً" كما يفترض عادةً ، كما قال "جابر عصفور" ذات مرة على "الأوربيت"؟ تذكروا أن الجريدة تبنت موقف "عصفور"!..

4-يلمح نظرية المؤامرة بطبيعة الحال إلى احتمالية ألا يكون الهجوم بعيداً عن "اليوم السابع".. أي أنهم دبروا الهجوم على الموقع الهش جداً -رغم ضخامته واعتماده على قواعد بيانات محكمة الصياغة وسيرفر قادر على تحمل ضغوط- من أجل استدرار تعاطف الرأي العام مع الجريدة .. هذا إن كان كلام أنصار النظرية صحيحاً .. أما إذا صح العكس فهو أمر يضيف إلى أخطاء الجريدة ورئيس تحريرها الفاضل خطأ جسيماً : الأستاذ مش عارف يدير ولا يحمي موقع.. وربما يتفق معي أي طفل على أبسط دراية بأصول لعبة الآي تي..

5-ومن شاهد حلقة "مانشيت" بتاريخ الأول من أغسطس 2010 فسيحصل على جرعة عالية من الضحك النابع من القلب ، حيث كان الضيفان "سعيد الشحات" مدير الموقع ، وكاتب آخر فيه لا يحضرني اسمه .. والكلام دار عن "الهوس الديني" و"تنظيم القاعدة" و"لن نسكت" واستعمالات مضحكة لمصطلح technician .. حيث بدا أن "الشخص الآخر" لا يعرف الفرق بين technician "التقني" و technique "تقنية".. أي كلام فاضي معقول..وهيس ثم هيس ثم هيس حتلاقي اللي يصدقك..مع الاعتذار لـ"جوزيف جوبلز"..

6-وسيلقي ما حدث كله الضوء على عدة حقائق في تصوري .. أولها أن أي تطرف يغذي التطرف الموجود في الاتجاه الآخر ، كما ألمحت في التدوينة السابقة ، وثانيها أن البعض من أدعياء الاعتدال والليبرالية والحرية والمهلبية يخفي ذقنه ، أي أنه يدافع عن حرية أي شخص في إبداء أي رأي يتوافق مع مصلحته الفكرية فقط ، وبالتالي "يفصل" تعريفاته للحرية والاعتدال على مقاسه..أخلاقيات الحراك السياسي بعيد عنك..

وثالثها أنه لم يعد من المجدي دفن الرءوس في الرمال.. كما أن هناك من يغلو في الرسول الكريم (ص) غير الحق ، هناك من يغلو ضده غير الحق ، وينزع عنه كل قداسة ، وينتقده ويهاجمه ، وأنه من الوارد أن نجد تلك الانتقادات تتم من "البعض" تحت اسم تجديد الخطاب الديني والدفاع عن الإسلام ، أو تحت أي مسمى آخر تفادياً لغضب جنوني من المتشددين وغير المتشددين على السواء.. وساعتها سنرى كيف سيتعامل الموقع الليبرالي الوسطي المعتدل مع التطرفين ، المتشدد مع ، والمتشدد ضد .. هل سيقف موقف "الوسط" المعادي لكل أشكال التطرف ، أم سيتحالف مع أحدهما ضد الآخر حسب المصلحة؟

لا أستبعد الأخيرة.. دمتم بخير..
هام جداً:لا علاقة على الإطلاق بين "أنيس الدغيدي" والمخرجة "إيناس الدغيدي" إلا تشابه الأسماء فقط.. "أنيس" كما سبق الذكر كاتب صحفي له كتب تحسب على كتب الفضائح ..وكان تحوله للأدب "الديني" غريباً مثلما كان تحول "نبيل خالد" أيضاً..

No comments: