Wednesday, August 9, 2006

الإسلام ما فيهوش انتخابات.. كلام قاله المفتي!

أعلم أنني أثقل عليكم بالمصائب والمساخر في وقت تزداد الأحوال في لبنان سوءاً على سوء .. لكن ما نشرته الوطني اليوم بتاريخ الأمس لا يستحق السكوت ولا الفرجة أبداً .. فهو أمر لا يقل خطورة عن التساهل المريب للأزهر في مراجعة الكتب والمطبوعات ، التي يزعم أصحابها أنها روجعت أصلاً داخل المؤسسة الأزهرية..

الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصريةنشرت الصحيفة أن فضيلة مفتي الديار المصرية قد استبعد أن تكون هناك أي انتخابات للقيادات الدينية في مصر .. والسبب هو "الانتخاب مخالف لمبدأ إسلامي هام وهو«ان من يطلب الولاية فلا ولاية له» وأن تطبيق الانتخاب يحتاج إلي ترشيح واظهار رغبة المرشح للمنصب وبذلك فإنه يكون قد طلب الولاية. وعليه لا تصح توليته»"!

الكلام ما زال للوطني اليوم : هذا التصريح أدلى به فضيلة المفتي ولم يراجعه ونشرته الوفد أيضاً!

في نفس الصفحة على موقع الوطني اليوم أدلى عدد من الكتاب بآرائهم ، فـ جمال البنا لم يترك الفرصة ليستعرض علينا قائلاً أن الانتخابات للمجلس التشريعي وهو ليس سلطة تشريعية!.. أما يحيى القلاش سكرتير عام نقابة الصحفيين فأكد أن كلام فضيلة المفتي "مثير للفتنة".. ويتساءل .. كما أتساءل أنا معه : ما البديل للانتخابات إذن؟..أما الدكتور يحيى الجمل فكان الأكثر هدوءاً في مواجهة هذا الكلام الخطير ..وتفوق ببراعة أسلوبه المعتاد على فشحاطات جمال البنا في ذكر معنى طالب الولاية طبقاً للمبدأ المذكور في تصريحات المفتي الخطيرة..والمقصود به المنافقون والمتزلفون .. وللدكتور صلاح قنصوه كلام -على عنفه- عن المفتي يستحق النقاش الهادئ دون انفعال يتلخص في أن المفتي ليس له أي سلطة دينية ، ولا ينبغي له الكلام في المسائل العصرية*..

ما علينا .. الكلام خطير فعلاً ، وصادم أن يخرج من فضيلة المفتي .. قد تكون هناك حساسيات بالنسبة لعلماء الدين في مسائل الانتخاب خوفاً من شبهة السعي للسلطة الدينية ، لكن هل معنى ذلك أن ألغي الانتخابات في كل مكان فقط لأن المترشحون هم طالبو سلطة؟

أذكر هنا بأن الانتخاب يعني أمرين : ترشح فلان للمنصب ، واختيار الناس لفلان أو لغيره على رأس المنصب .. بالنسبة للشق الأول ..أشدد هنا على كلام الأستاذ يحيى الجمل العقلاني والموضوعي ، فالكلام في حديث الرسول (ص) لعبد الرحمن بن سمرة والمذكور في صحيح مسلم موجه للصحابي ، بغرض تربية الوازع الداخلي لدى المقدم على السلطة ، والمسألة هنا هي التزلف والنفاق والاستعراض وطلب الشهرة ، فالسلطة بطبيعتها قوة إن لم تملكها أنت ملكتك ودفعتك دفعاً للفساد والاستعلاء.. ولكن للأسف فهم البعض هذا الحديث فهماً خاطئاً ومغلوطاً ، فاعتبروه حثاً للمسلمين على السلبية والبعد عن القيام بأي دور إيجابي ، ..وهذا أمر طبيعي بالنسبة لمن يتعامل مع الحديث بنية النقض لا بنية الفهم..

إن من يتقدم لمنصب عام يجب أن يفهم الحديث ، أن يتقدم له وهو لديه تصور وبرنامج وخطة وأي شيء يريد تنفيذه لصالح المجتمع الذي أعطاه أصواته ، تقدم وتوكل إن كانت لديك القدرة ، أما إن كنت مثل نصف أعضاء المجلس (غير) الموقر ، فاقعد في بيتكم أحسن لك (ولنا)!

هذا عن الشق الأول في مبدأ الانتخاب ، التقدم ، يبقى الشق الثاني ، الاختيار..

ترك الاختيار للناس أمر معروف في الإسلام بحكم مبدأ الشورى ، وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام لم تظهر آلية واضحة لاختيار رأس السلطة في الدولة الإسلامية ، في مجتمع تختلف ظروفه شكلاً وموضوعاً ، فظهر موضوع البيعة ، ومن بعده الانتخاب ، دة مستجد ودة كمان مستجد ، زي ما قبلت دة تقبل دة ، بعيداً عن الـ"ناس" اللي ما بتتعاملش مع الانتخاب كمستجد دنيوي مكتفين بالبيعة اللي اعتبروها صميم الدين!

التصريح بكل المقاييس صدمة ، ولابد أن يؤخذ على محمل الجد .. والكرة في ملعب المفتي ليصحح ما قاله أو ليوضحه..

* الدين والديناميت : وإن ظهر مستجد له شق ديني ويريد الناس معرفة حكمه الشرعي ، هل "يخرس" فضيلة المفتي ؟ أم يسأل أهل الذكر في المجال ويعمل عقله في الموضوع في إطار قواعد الفقه ويلقي بفتواه؟ .. معلهش يا دكتور صلاح.. طلعت أوت!
الصورة من إسلام أون لاين..

6 comments:

Anonymous said...

في مسلسل "الحجاج" السوري لما الحجاج عرض القضاء علي سعيد بن جبير رفضها، فقال له الحجاج انه لا احد افضل منه وان زهد افضل الناس في المناصب يجعل ذوي الأطماع يقفزون عليها

قلم جاف said...

وهل يعني ذلك أن نبقى نهباً لذوي الأطماع ونختار بينهم وبينهم في المناصب العامة وفي انتخابات مجلس الشعب على سبيل المثال ، ليصبح علينا أن نختار "أحسن الوحشين" أو أقل البدائل سوءاً؟

أنا مندهش للتناقض الفظيع الذي نعيشه ، فبالرغم من أن الدين واحد في كل الحالات ، إلا أن هناك من فهموه فهماً حولهم لكائنات بشرية تغير كل شيء بقوة الرصاص وبالتكفير ، وهناك أيضاً من فهموه فحولهم لكائنات مستأنسة سلبية عاجزة عن التفكير .. علماً بأنه لا الدين يدعو أتباعه للإرهاب ولا يدفعهم للبقاء محلك سر..

Ahmoss said...

I really liked ur comment, it is very right .
no religion converts ppl to be terroists or to accept whatever happen.
I am a true muslim but i separate between religion and politics.
the only way to get best person in a place is voting and nothing else and therefore i don't care what Azhar would claim.
gathom el balawy

ibn_abdel_aziz said...

الظاهر منصبه في خطر واحتمال يكون سمع ان ناس بتنشر فكرة الانتخاب لمنصب المفتي بدلا من التعيين

وبالتالي بيعمل " فتوي" استباقية
عشان محدش يتجرأ

انا قرفان من المفتي علي شيخ الازهر علي كل اصحاب العمم

المشكلة ان الشعب جاهل وبيسقف
معنديش مانع ان يكون فيه فتاوي هبلة
وفتاوي ارهابية
وفتاوي تقدمية
بس
في مجتمع فيه تعدد راي وحرية وحقوق انسان
والناس مش ماشية قطيع ورا اي صاجب مزمار
يبقي الموضوع خطير
خاصة ان الفتاوي ذات البلاوي
كثيرة قوي
والفتاوي التي تعني بحقوق الناس
وترسيخ العدالة الاجتماعية
وغيرها من القضايا الهامة
مرمية في صفيحة الزبالة

معنديش مانع انه يكون فيه مجتمع
شيخ بيقول الجزر حرام
ومفكر بيقول الغوا فريضة الحجاب ملوش لازمة
بين الاكستريمس دول
فيه وسط كثير
والناس مش مغسولة الادمغة

بس في وضعنا الحالي
يا اما شيخ يهبب
يا مفكر يسيح

قلم جاف said...

وستضحك أكثر عندما تجد من هؤلاء من يؤمن بتلك الآراء في نفسه ويخفيها عن غيره ، ثم يطالب الناس بأن تذهب إلى صناديق الاقتراع وأن تنتخب ، بدعوى أن عدم التصويت "كتمان للشهادة" ، ومن يكتم الشهادة فهو آثم قلبه!

والمضحك أكثر وأكثر أنك ستجد من يدافع عن هؤلاء الذين يفعلون الشيء وعكسه!

هذه التصرفات الغريبة تضع في كل يوم مسماراً (ومش أي مسمار.. أظن المعنى وضح) في نعش مصداقية رجل الدين في مجتمعاتنا (التي كانت عالية جداً يوماً ما).. الجماهير لا تصدق الساسة لأنهم يفعلون الشيء وعكسه ، لكن ذلك له ما يبرره على أساس أن السياسة لها قواعد وليس لها أخلاقيات.. أما رجل الدين فتحكمه أخلاقيات دينه ، ولا يعقل أن يدعي رجل دين الزهد وعينيه الاتنين مبحلقين ع السلطة والثروة .. أو أن يقول الشيء ويفعل عكسه..

وأخيراً..أنا محبط وغاضب من أن لم يأخذ هذا التصريح حقه من النقاش في وسائل الإعلام المصرية ، رغم أن جريدة الحزب الحاكم خصصت له صفحة كاملة ، أليس في ذلك ما يقنعك بأن ليس كل ما هو خطير يعامل بقدر خطورته؟

شباب روش طحن said...

سعيد بالتعرف علي مدونتك