Wednesday, May 30, 2012

العدالة الاجتماعية : احتكار اليسار ، وطناش الإسلاميين

قبل الكلام: لنتفق من البداية على أن ما يعاني منه التيار الديني فكرياً يعاني منه آخرون في هذا المجتمع يدعون دائماً أنهم أكثر اعتدالاً واستنارة.. وأن ما تسمعه من بعض المتشددين دينياً ستسمعه بالتأكيد من آخرين ولو بشكل مختلف أكثر "تزويقاً".. لكن هذه المدونة تبقى "محاولة للفهم لا أكثر" ، والبحث عن تفسير لأشياء كثيرة تحدث حولنا سواء من التيار الديني أو من غيره..

ولنتفق أيضاً أنه لكل طرف في المعادلة السياسية في مصر على الأقل "مُحتَكَراتُه" ، التيارات الدينية تحتكر الحديث باسم الدين ، اليسار والناصريون يحتكرون الحديث باسم الفقراء ، حركات كـ "6 أبريل" وغيرها تحتكر الحديث باسم الثورة ، وكان قبل هؤلاء الحزبوطني يحتكر الحديث باسم الوطن بالوطن بمن فيه.. وعن نفسي أجد صعوبة في فهم تلك الاحتكارات ، بما أن عقلي المحدود ، مقارنةً طبعاً بالمتشنجين من أنصار كل فريق أو مرشح رئاسي فشل كان أو استمر ، يجد "صعوبات" في تصديق أن يحتكر شخص ما شيئاً "لا" يملكه!

أستغرب - ولعل المشكلة فيّ - أن يحتكر اليسار مثلاً الحديث عن العدالة الاجتماعية ، والتي تعد ، أو هكذا يفترض ، أحد أهم مطالب الثورة ، أياً كانت معاني ذلك المصطلح وهي كثيرة ، حتى لو سلمنا أن اليسار لطالما اعتمد على مخاطبة الطبقات العاملة "البروليتاريا" والمهمشة والتي تحصل على نصيب من الدخل لا يتناسب مع مشاركتها في صناعته ، وأن اليسار يبدو "أكثر اهتماماً" بتلك الطبقات من قوى المال - سياسياً كان أو لم يكن - أو الطبقات المنتفعة بشكل مباشر من قوى المال أو حتى الطبقات الوسطى ، فإنه كما أنه ليس من حق الأغنياء احتكار الثروة ، ليس من حق اليسار أو غيره احتكار صناع الثروة ، وأن خطاباً يدغدغ العواطف قد لا يكون كافياً لتحقيق مصالح الطبقات الفقيرة والضعيفة والمهمشة ، مثله في ذلك مثل الخطاب النخبوي العلوائي أو الرأسمالي المتعالي..

بمعنى أوضح ، حين نتحدث عن "عدالة اجتماعية" لا نتحدث عن إجابة صحيحة ، بل عن حل أمثل على الكل أن يقدم تصوراته له وأن يهتم به ، خصوصاً من يهمهم أن يصلوا إلى السلطة ويطبقوا "تصوراتهم" علينا..

الغائب الحاضر في مسألة العدالة الاجتماعية هم الإسلاميون .. صدق أو لا تصدق..

الإسلاميون لا ينتمون لمجموعة اجتماعية أو طبقية بعينها ، حتى ونحن نتحدث عن "الإسلاميين الجدد" ، بحيث يمكن تصنيفهم كطبقة عاملة أو طبقة مثقفة أو طبقة رأسمالية مالكة للثروة أو ... أو... أو... ولأنهم يتحدثون بالدين وباسم الدين ، الشيء المشترك بيننا جميعاً ، بمثله ومثالياته ، التي تستوعب كل المجتمع ، بمن فيهم غير المسلمين ، فمن الطبيعي أن يكون هناك مجال حتى لتداول المصطلح وتقديم "حلول ممكنة" له..

لكن ما يفاجئك أمران : الأول أن تلك الفكرة لا تشغل أي أولوية ، أو لا تشغل أولوية كبيرة لدى هؤلاء ، كل الكلام موجه عن الحكم وتطبيق الشريعة وتطبيق الحدود فقط ، أما تقديم حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية فلا يشغلهم كثيراً ، والثاني أن كل الكلام نصوص ، وليس تفسيراً لنصوص ، أو محاولةً لتطبيق ما يمكن تطبيقه منها.. رغم أن "ابن تيمية" رحمه الله اشترط في تطبيق الحدود أمران أحدهما "إمكانية تطبيقها عملياً" والثاني "حساب المكاسب والخسائر الناتجة عن تطبيقها بحذافيرها"..

لكل مجتمع ظروفه ، مستواه التعليمي والثقافي ، حالته الاقتصادية ، وبالتال يختلف فهم كل مجتمع للدين ، وتفسيرهم لنصوصه ، وبالتالي ما يريد أن يعرفه المجتمع ليس ما ينبغي أن يكون ، أي ما في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، قدر ما في كيفية تحقيقه على أرض الواقع في ظل الظروف الحالية التي نعيشها جميعاً..

مرة أخرى .. لماذا لا يهتم الإسلاميون كثيراً بالعدالة الاجتماعية؟ ولماذا يكتفون فقط بتسميع الآيات الكريمة والأحاديث النبوية دون تقديم حلول عملية قابلة للتحقيق؟ ولماذا يسعون لحكم مجتمع لا يهتمون به بشكل جاد؟

هل لديكم إجابة؟

2 comments:

Anonymous said...

اولا انا بعترض على كلمة الاسلاميون ودى كلمة اتصدرت لنا من الاعلام الغربى لان كل مسلم فهو اسلامى اما المقصود بالاسلاميين كجماعة سلفية او اخوان او غيره فدول جزء وليس كل وقصدهم هم بالاسلاميين كانه ينفى اسلامياتنا نحن او تمسكنا بديننا
ده كان اعتراض على جنب كده لوحده

اما اللى حضرتك بتتكلم عنه والاحتكار كل على حدة فدى مش مشكلة يسار او يمين او غيره دى مشكلة كلنا اتربينا عليها دى مشكلة مصر كلها سياسة يا معايا يا ضدى احادى القطب اصله مش من اولوياتنا وغيره فمطالبى النموذج التركى وغيره ينظرون لهم من جانب الشو الاعلامى والمنظر المتدين ولا يدخلون فى العمق هم او غيرهم نحن ما زلنا مظهريين فى كل اشكالنا وتصرفاتنا بنحب ناخد وش القفص او الباين اوى كلنا هذا الشخص ودى سياسة مجتمع اتزرعت وسياسة قذف اتهامات واجندة مجموعة واحادية وعدم احترام للاخر سياسة دماغ كده وكل واحد بيستقبل ارساله هو بس وبالتالى لقيت احزابك كده ونخبتك كده والفجوة الشاسعة بين كل حزب وبين الناس نفسهم وبلبلة انت بتنادى باللى كلنا بنادى بيه نضفوا دماغكم
نظام مجتمعى غلط فى كل جوانبه طلع لك نظام احزاب مشوه

قلم جاف said...

1-الإسلاميون جزء من المسلمين قرر من جانب واحد وبطريقة أو بأخرى أنه متميز أكثر من المسلمين الآخرين!

بعض السلفيين اخترع عبارة "ملتزم" من باب "كل ملتزم سلفي" ، في حين إن مش كل ملتزم يجب بالضرورة إنه يكون متبني للفهم السلفي والمظهر السلفي ، ممكن الواحد يصوم اتنين وخميس وما يفوتش فرض وبيحج إن قدر وملتزم أخلاقياً ومش لابس جلابية بيضا ولا مربي دقنه شبرين قدام..

2-قصدي على الاحتكار فكرة إن تيار فكري بعينه بيصنف نفسه على إنه المتحدث الرسمي باسم مجموعة بعينها .. اليسار في مصر - وما باتكلمش على حزب "التجمع" اللي بيزعم إنه الممثل الشرعي ليه - مثلاً بيحتكر الكلام باسم الفئات المنتجة في المجتمع (اللي همة في مصر الفلاحين والعمال وبعدهم بييجي الصيادين والرعاة) رغم إن الناس دي مش محتاجة لممثل سياسي ليها - بالبلدي الفصيح- "يبلفها" ويستغل مشاكلها من أجل قاعدة سياسية أكبر وكتل تصويتية في المستقبل ومزيد من الأتباع..

3-من ناحية احنا مظهريين أنا في دي معاكي لأقصى مدى.. ومفيش تيار بيدخل في العمق ويدور على حلول..

الإسلاميين ، على سبيل المثال ، معظم أدبياتهم بتتكلم عن حكم وتمكين وفرض للشريعة من غير أي اجتهاد حقيقي في كيفية تطبيقها في إطار الواقع الجديد ، أو حتى مشروعات قوانين بتستلهم الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً ، وبالطبع ودة الغريب خلت أدبياتهم من مفاهيم واضحة ، أو من اجتهادات في محاولة عمل مفاهيم واضحة للعدالة الاجتماعية في ضوء الثوابت والواقع الحالي..

الحتمي والمؤكد إن كل تيارات البلد تفكر في العدالة الاجتماعية كحق وكثابت قبل ما يكون مطلب لثورة ، ليه فصيل زي الإسلاميين ، بلاش الإسلاميين ، الجماعات الإسلامية والإخوان وحزب النور والمستصوفين و...و...و.... من اللي ليهم أحزاب وكيانات وبيمارسوا السياسة بطريقة أو بأخرى سقط البعد الاقتصادي-الاجتماعي دة من حساباتهم بالشكل دة؟