Monday, April 30, 2012

الليونة السياسية للسلفية المصرية

يعلن المدوَّن أنه لن يصوت لأي من مرشحي الرئاسة في الانتخابات الرئاسية القادمة ، وهذا قراره النهائي ولا رجعة فيه....

مين اللي قال الدنيا دي وسية .. فيها عبيد مناكيد وفيها السيد؟ مَن الذي قال على القيادات الدينية السلفية أنها متشددة متحجرة متحنجرة لا تعيش إلا في البادية؟ أبسليوتلي.. بالعكس ، هم أكثر مرونة مما تتخيل ، يغيرون آراءهم وأفكارهم ويفكرون بحساب الصالح والمصلحة.. حتى لو "ظن" بعض الوحشين من أمثالي أن ذلك يأتي "مع الرايجة" وتبعاً للموجة اللي بتجري ورا الموجة عايزة تطولها..


مثال صغير : كان التيار السلفي حين يذكر يذكر معه "حازم صلاح أبو إسماعيل" المرشح السلفي لرئاسة الجمهورية ، وكانوا يدعمونه بلا هوادة ، ويعتبرونه مرسال مشروعهم إلى عموم المصريين ، السلفيين منهم وغير السلفيين ، أحد الرموز الدينية للمدرسة السلفية في مصر ، الدكتور "خالد سعيد".. واحد من كثيرين نفخوا في بالونة "حازم صلاح" ، الشخص والمشروع وسنحيا كراماً وخلافه ، "كلنا وراءك يا حازم".. في هذا الفيديو بتاريخ 28 فبراير 2012 يؤكد على أن "أبو إسماعيل هو الأكثر ولاءاً لقضية الشريعة حتى أكثر من د ـ أبو الفتوح ود ـ سليم العوا".. يعني بعبارة أخرى : "حازم؟ أنا عندي غير حازم؟ أنا خلفت غير حازم؟ دي الشجاعة حازم.. دة الخلق حازم ، دي الشريعة وتطبيقها حازم"..

بعد ما حدث ، بدأنا نسمع أغنية جديدة ، على غرار الأغاني التي ظهرت يوم 12 فبراير 2011 الساعة التاسعة صباحاً والتي تختلف عن الأغاني التي ظهرت يوم 11 فبراير 2011 الساعة التاسعة صباحاً أيضاً.. أغنية "كنت بحبه لحد امبارح.. المدعو كداب القارح"(1).. حيث نظم الدكتور "خالد سعيد" يوم الحادي والعشرين هذا الشهر أول مطالع القصيدة التي أراد أن يوصل لنا مطلعها في "صباح دريم" في ذلك اليوم بفاصل من الثناء اللذيذ :

"إن الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المستبعد من السباق الرئاسى استطاع أن يفك شفرة المجتمع المصرى الذى يحب الشيخ العالم، وقدم نموذجا استطاع أن يستقطب من خلاله ملايين المؤيدين"

و...

"إن الشيح حازم صلاح أبو إسماعيل ليس محسوبًا على التيار السلفى ولكنه امتداد لمدرسة الإخوان مثله مثل المهندس خيرت الشاطر"!

ثم يعود نفس الرجل يوم الأربعاء الماضي ليمدح "عبد المنعم أبو الفتوح" .. واصفاً إياه بأنه "أفضل المرشحين الإسلاميين، خاصة أن هناك اتفاقا شعبيا من التيارات المختلفة حول ترشيحه"..هذا "الأفضل" كان لدى "خالد سعيد" نفسه من "غلاة العالمانيين"!

والسر في ذلك هو "المصلحة الشرعية" كما جاء في اللينك سابق الذكر ، المصلحة الشرعية التي يحددها هو ومن معه طبعاً ، بالأمس "أبو إسماعيل أبو إسماعيل حتى النصر" واليوم "أبو الفتوح أبو الفتوح حتى النصر" وغداً "أبو الليف أبو الليف حتى النصر"..

سواء كان ذلك "ضرورة مرحلة" كما يفسروها هم ، أو انقلاباً على "حازم صلاح" كما استنتجت ، خصوصاً أن تصريحات الدكتور "خالد سعيد" كانت حجراً في لبنة التصعيد الذي وصل ذروته في ميدان العباسية الآن ، على أثر اعتصام أنصار "أبو إسماعيل" (2).. يعتبر العديد من الأنصار المتعصبين لهؤلاء ، أو للجناح السياسي للحركة السلفية "حزب النور" ، أو حتى أنصار "أبو الفتوح" ما قاموا به -الشيوخ والحزب- نوعاً من المرونة والتفتح السياسي ، بل أسبغ الفتوحجية على هذه التصرفات أوصافاً لم يطلقوها حتى على الليبراليين الغربيين..

والله عال يا عبد العال .. طب ما هو انتو حلوين أهه ، ومرنين أهه ، وكلكم "ليونة" - بمنطق "سعيد صالح" في "العيال كبرت" شارحاً مواصفات مهنة ما- وتفاعل مع المستجد ، لماذا لا نرى تلك "الليونة" إلا في تلك المسائل فحسب؟ لماذا لم نسمعها في قسم مجلس الشعب الذي كان يمكن أن يكتفى فيه بذكر نصه حرفياً دون "بما لا يخالف شرع الله" لأن ذلك الأمر مسألة نية محلها القلب؟ لماذا قائمة فتاوى التحريم لكل كل شيء؟ لماذا تحريم الموسيقى بينما يتم الاستعانة بصوت بشري من عينة "أُوم أُوم بأا أوم بأأ" ماركة "أحمد عفت" ومنشدي قناة "الناس" الذين يغنون بلا موسيقى؟لماذا يعتبر هؤلاء صوت المرأة عورة في القنوات التليفزيونية التي يشرفون عليها إلا عندما تتصل على هاتف القناة؟ ولماذا يرفض هؤلاء ظهور المرأة على شاشات قنواتهم في الوقت الذي سمحوا فيه لها بالتصويت والترشح للمجالس النيابية بل والمشاركة في المظاهرات والاعتصامات ؟ لماذا لا يتأكد هؤلاء من جدية ما يعرض على تلك القنوات من إعلانات وأنها لا تستخدم في عمليات نصب بما أنهم قد "فقعوا في الوخ" في قصة "أبو إسماعيل"(3)؟ لماذا يحرم هؤلاء الغناء في الوقت الذي يبيحون فيه ترنيم القرآن وترجيعه بشكل يشبه ما كان متبعاً في أديان سابقة على الإسلام؟ لماذا لم يخرج هؤلاء بتصريحات صريحة وواضحة عن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"؟

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، لدينا من يقول أنه لا دين على الإطلاق في السياسة ولا سياسة في الدين ، ولدينا من يقول أن الدين كله سياسة والسياسة كلها دين ، ومؤخراً ظهر علينا أنصار مدرسة الليونة التي لا ترى أنه لا دين إلا في السياسة..

وكما قيل لي قبل سنوات : هذا ما وصلنا إليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

(1) من مطلع قصيدة في برنامج ساخر كانت تقدمه قناة "إقرأ" من سنوات ، القصيدة الساخرة التي جاءت في ذكر التقلب والتحول كتبها الشاعر ، والممثل "صلاح عبد الله" في سياق التحول في المواقف تجاه المسئول السابق "كداب القارح" قبل وبعد ترك السلطة..
(2) لمزيد من المرح والفكاهة بعد يوم طويل ، راجعوا تصريحات "نادر بكار" الذي يسميه الكاتب "فراج إسماعيل" في "المصريون" بـ"المعتذر الرسمي لحزب النور" حول "حازم صلاح" والتي تغيرت مائة وثمانين درجة.."بكار" بعد كل مدائحه في "حازم" عاد ليصف الأخير بأن بداخله "خصائص ديكتاتور"!
(3) هم رشحوا "حازم" ولا يعرفون أي معلومة عن قصة الجنسية ، ورشحوا "البلكيمي" ولا يعرفون أي معلومة عن قصة الأنف ، ماذا تركوا لـ"إيناس الدغيدي" التي رشحت "أبو الفتوح" دون أن تعرف الطريقة التي سيدير بها البلاد؟ هاهاهاها..

No comments: