Sunday, February 19, 2012

تونس والمغرب وبينهما "نانسي" : هل إسلاميينك زي بعض؟

بما أن هذه هي التدوينة المائتين منذ انطلاق "الدين والديناميت" في أواخر أبريل 2006 ، قلت في عقل بالي أكتب عن شيء كان الكثيرون يتوقعون أن يجدوه في المدونة الشقيقة "فرجة".. رغم أنني قلت ومن فترة ليست بالقصيرة أن "الدين والديناميت" تتناول علاقة الفن بمجالات كثيرة في الحياة ، منها الفن .. ولنبق هذه المرة أيضاً في "تونس"..

خبر صغير قد لا يعيره البعض التفاتاً ، وزير الثقافة التونسي يمنع "نانسي عجرم" من الغناء في مهرجان "قرطاج" الموسيقي ، تحت ستار "ديكتاتورية الذوق الجميل" ، بل ووصل الأمر بوزير الثقافة التونسي المحسوب على حركة "النهضة" إلى القول بأن "قدوم "نانسي" و "إليسا" إلى المهرجان "على جثتي""، وكان من الطبيعي أن تستشيط نقابة الفنانين اللبنانيين غضباً من تصريحات "مبروك" ، وأن تصدر بياناً مكتوباً تدعو فيه إلى "إعادة النظر" في القرار "حرصاً على استمرار التواصل الفني والحضاري بين البلدين".. بما أن لبنان أيضاً تنظم مهرجانات غنائية وتستضيف فيها فنانين عرب بينهم تونسيون.. بعيداً عما يحدث.. يبقى من المضحك أن السيد الوزير يعلم أن "عجرم" قد غنت في نفس المهرجان في العام 2008!

قرار الوزير التونسي وجد مؤيدين ومعارضين داخل تونس وخارجها، الكاتبة "علياء بن نحيلة" في جريدة "الصباح"- مثلاً - تقف في صف القرار قلباً وقالباً ، ولا ترى فيه الأسباب "الأخلاقية" التي استند إليها الوزير ، وإنما طبقاً لكلامها "تلبية لمطالب قديمة" منها ألا يرتقي هذا المسرح إلا "مَن يستحق أن يرتقيه".. والكلام لها ، وفي المقابل انتقد "طارق الشناوي" الكاتب المعروف نفس القرار ، مثنياً على الحزب النهضوي ، وفي نفس الوقت انتقد اختيار نفس الحزب لوزير يرى - من وجهة نظره- أنه "تخطاه الزمن" و"يرفع شعار المنع والمصادرة ويستعين بجثته إذا اقتضى الأمر ذلك"!

لا أعرف بالتأكيد شعورك عندما تفاجأ ، كما فوجئت ، بأن الحكومة المغربية ، الإسلامية التوجه بزعامة "بن كيران" تمنح حق اللجوء الغنائي لـ"نانسي عجرم" - نفسها- في مهرجان "موازين" الغنائي..

على كل ما سبق كله كان مجرد سرد إخباري ، نضع أسماء "نانسي" وباقي من شملهم قرار منع الوزير التونسي على جنب ، ونفكر بهدوء..

وصل التيار الديني لأقرب مكان لسدة الحكم في بلدين عربيين في الشمال الأفريقي بعد تهميش طويل ، بفعل الفرانكفونية أولاً وبفعل طبيعتي النظام السياسي في البلدين ، وربما نكون نحن في الطريق ، سواء بحزب ديني ، أو برئيس ذي مرجعية دينية .. وبالتأكيد كأي تيار يحكم أو يتطلع إلى الحكم فله نظرته إلى كل مناحي الحياة ،والفنون من ضمنها..

سيقول البعض بأن نظرة هذه التيارات قد تشوهت تماماً ، وأصبحت "أكثر تمييعاً" للفن ، "لماذا تسمح حكومة "إسلامية" بإقامة مهرجان غنائي من أساسه؟" و"لماذا تسمح حكومة "إسلامية أخرى بإقامة مهرجان رغم أنها كانت تنتقد فكرة المهرجانات وقت أن كانت بعيدة عن السلطة معتبرة إياها "تبذيراً" و "إسرافاً"؟"، وسيقول البعض الآخر بأنهم أصبحوا "واقعيين" أكثر في معرفة وفهم ظروف وطبيعة بلدانهم ، كما يحدث في تونس نفسها ، البلد السياحي بامتياز ، الذي تشكل سياحة المهرجانات فيه مورداً اقتصادياً هاماً ، وتاريخ تونس الفني الذي يعد مفخرة وطنية لأبناء هذا البلد ، ويرون أن مضيهم في اتخاذ مواقف متشددة قد يبعدهم أكثر عن الناس والحياة ويقلل فرصهم في الاستمرار في السلطة وتحقيق مكاسب ما كان لها أن تتحقق لهم في ظروف أخرى ، أو كما يرى تقرير قناة "العربية" متحدثاً عن إسلاميي المغرب أنهم قرروا تجنب الخوض في قضايا خلافية وجانبية متفرغين لمشاكل اقتصادية واجتماعية "أهم" .. قد يرى البعض ذلك تحولاً حقيقياً في طريقة تفكير التيارات الدينية عموماً وفي المغرب العربي خصوصاً ، وقد يراه البعض ، كما يراه "الشناوي" تحولاً من "الحكم" إلى "التحكم" استناداً إلى "إلى مرجعية دينية مطلقة فى أحكام التحريم تتيح له أن يرفض أو يوافق كما يحلو له، وأن المجتمع سوف يؤازر هذا الاختيار بعد أن أصبح الترمومتر الدينى هو السائد والمؤثر"..

وفي مصر هناك ترقب لما سيفعله إسلاميونا في هذا الصدد بالطبع ، وللبعض وخصوصاً العاملين في الحقل الفني مخاوفهم ، ويمكن تقسيمهم إلى قسمين رئيسيين ، الأول مرتبط بالمال السياسي والاحتكاري الذي يفسد الحياة الفنية وغير الفنية في مصر ، وله مخاوفه هو الآخر من التيارات الدينية ، والثاني لديه مخاوف حقيقية هذه المرة على حرية الرأي والتعبير والفنون في ضوء أحداث وشواهد ، كانتقادات لفيلم هنا أو أغنية هناك من قبل نواب التيار الديني تحت قبة البرلمان في دورات سابقة ، ثم مشكلة تصوير مسلسل "ذات" قبل عشرة أيام..

يبقى السؤال في النهاية .. ماذا سيفعل إسلاميونا مع الفنون ، موسيقاها وسينماها ودراماها؟ إباحة أم تحريم أم تدجين أم تحسين أم تطوير أم.. أم..؟ الكرة في ملعبكم..

6 comments:

Minto said...

سلام
بخصوص اسلاميينا(المغرب) ففي مهرجان موازين لدورة هذه السنة من هم اقوى او لنقل بمصطلح اسلامي"اكفر" من نانسي عجرم كماريا كاري ومجموعات الروك والبلوز...نانسي وحتى هيفا ولاشي كمقارنة ماديا على الاقل..ا
بخصوص مصر البوادر ظهرت بالحكم على عادل امام"باثر رحعي" بتهم على اعمال سابقة وبقرار منع ما يدخل في ايطار"البرونو" ا

تحياتي
minto

قلم جاف said...

الكلام دة حيصدم إسلاميين كتير! :)

الغريب جداً إنه في الوقت اللي بيعتبر دة تفتح ومرونة من وجهة نظر ناس كتير ، فيه انتقادات عنيفة لإسلاميين المغرب داخل المغرب نفسها.. رغم فوزهم في الانتخابات وتشكيلهم للحكومة..

عن "عادل إمام" فقد كتير من قوته قبل الثورة ، وحتى في مدينتي فيه ناس بعد الثورة كتبوا على صورته في ملصق دعائي لفيلمه الأخير "زهايمر" "الحمار".. وقد تظهر حملات لمقاطعة مسلسله "فرقة ناجي عطا الله" في رمضان القادم..

بأفكر أكتب عن فكرة "مشاهد البورنو" نفسها قريب بإذن الله..

أما إسلاميينا في مصر ، فدول محتاجين مدونة كاملة بحالها..

Minto said...

سلام

هو بيني وبينك الحكومة في المغرب حكومة ظل لذا لا يمكن الحديث عن حكومة اسلامية..ا

تونس هي التي ستشكل "ربما" فارق فبعد حكم علماني لسنين جاءت الحكومة الجديدة باغلبية حزب النهضة..توانسة لديهم تخوف رهيب من المد الاسلاموي..استضيف في تونس على مدار اليومين الماضيين 25 و26 فبراير الشهير طارق رمضان وكانت الحشود كبيرة حول موضوع العلمانية والاسلام..ا

p.s: خارج الموضوع الا تتوفر على حساب في تويتر?ا

تحياتي
مينتو

Minto said...

P.S2: اضن كمشاهدة من بعيد ان دعوة الرئيس المرزوقي لسن قانون يجرم التكفير ماهو الا انعكاس لذلك التخبط والتخويف من الاسلاميين..ا

قلم جاف said...

1-بالنسبة لتويتر ، لا زلت متردداً في فتح حساب عليه!

2-لسة ح أحاول أسأل وأدور عند أصدقاء تونسيين عن حكاية "التكفير" دي من عدمها ، وإن كنت أعتقد إنه صعب حد يطلع زي الطرزان كدة ويقول فلان كافر ومش كافر بشكل معلن في أي بلد عربي فما بالك بتونس ، لكن زي ما فيه مخاوف من الإسلاميين في تونس فيه تخويف منهم ..

والتخبط مش بس عند الإسلاميين اللي أولوياتهم مش واضحة وبرامجهم مش واضحة وتصوراتهم مش واضحة ، يمكن يكون كمان عند المرزوقي نفسه اللي بيحاول ما يخسرش شريحة موجودة بالفعل على الأرض في تونس ليها تفكير عالماني بيتدرج من العالمانية المعتدلة للعالمانية الأتاتوركية المتطرفة اللي كان "بن علي" بينتهجها ، وبين عدم إغضاب حلفائه من حزب النهضة اللي حيكون ليهم تواجد حتى لو جت الانتخابات العامة اللي بعد الدستور بنتايج مختلفة وبقى من الصعب نظرياً "حذفهم" من المشهد السياسي التونسي.. وما ينطبق على المرزوقي ينطبق بالضرورة على الأحزاب اللي تحالفت مع النهضة كـ"أمر واقع" وشايفين إن بعدهم عن حزب قوي وعن السلطة خسارة سياسية ليهم وترك النهضة تستفرد بالمشهد السياسي التونسي ولجنة الدستور..

على كل زي ما قلت ، تونس مختلفة عن أي بلد عربي آخر مش بس عن مصر أو عن المغرب .. تونس البلد الوحيدة ، أو مش الوحيدة قوي إذا قلنا لبنان الطائفي جداً ، اللي فيها عالمانية على الأرض وليها جمهورها المقتنع بيها ، عكس بعض الناس عندنا في مصر اللي لجأوا للعالمانية خوفاً من "الأصولية الإسلامية" زي ما بيسموها..

Minto said...

سلام
ليست لدي اسهم في تويتر:) لكن ضروري تنشئ حساب فيه الموقع مهم لا داعي للتردد. فرضا لم يرقك يكفي ان تلغيه بضغطة زر

على اي ان انشاته انا احب اكون من متتبعيك هنا

تحياتي