Saturday, August 20, 2011

الربانيون في الشارع

"لولا ينهاهم الربانيون عن قولهم الإثم وأكلهم السحت" -(المائدة: 63)..

طبقاً للتفاسير ، ومنها تفسير "ابن جرير الطبري" فإن "الربانيين" هم علماء بني إسرائيل وأحبارهم ، الذين كان يفترض بهم ، إن رأوا من حولهم من بني إسرائيل يرتشون ويأكلون الحرام أن ينهوهم عما يفعلون ، وبما أن الربانيين "لم" يقوموا بذلك الدور المفترض بهم أداؤه ، أصبح هؤلاء الربانيون الأخيار شركاء للفاسدين الأشرار من إسرائيل في الفساد الذي أغضب عليهم الله عز وجل..

المشكلة ليست إذن في المرتشي العادي الذي لا يعلم أن الرشوة والفساد حرام ، بل فيمن يعلم أنها حرام ، ومن عمله أن يعظ الناس بأنها حرام!

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، الربانيون خاصتنا هم الآخرون يسيرون على درب ربانيي بني إسرائيل ، بلا أي دور فاعل في مكافحة الفساد ومواجهته ، الفساد الذي كان سبباً مؤثراً في قيام الثورة ، والذي كان مستشرياً طوال ثلاثين عاماً ، دون أن يكون لكثير من "الربانيين" مشروع لمواجهته أخلاقياً ، بما أن للشيوخ والعلماء دور في تربية المجتمع أخلاقياً..

كان لهؤلاء حجج تقليدية وغريبة أيام "المخليوع" .. منها "احنا كان بيتضيق علينا وما كانش يتسمح لينا نقول أي حاجة" ، "أمن الدولة" ، "المش عارف إيه" ، ومنا من شك ، ومنا من صدَّق..

لكن ما أن قامت الثورة ، وانتظر الجميع منهم دوراً إيجابياً تفرغوا للشارع ، ونزول المظاهرات ، والتنظير هنا وهناك ، مع "التحرير" وضده ، مع "الدستور" وضده ، تاركين الخرق يتسع على الراتق ، الفساد "المسخسخ" أيام "الحراق" السياسي قبل الثورة وهو يتطور إلى فساد معجون بمياه (مجاري) البلطجة ، دون أدنى إدانة في منبر أو في برنامج..إلا فيما يصب في تهدئة مشاعر الجماهير الغاضبة من تلك الممارسات..

كان من الممكن لربانيينا أن يربوا الناس قبل الثورة دينياً وأخلاقياً ، فتقوم الثورة على أساس متين ، على إسقاط منظومة قيم فاسدة لا على إسقاط عدد من الفاسدين يزيد عددهم قليلاً على منتخب كرة قدم ، أي ثورة "ناجحة" في العالم يلزمها ذلك النوع من التربية والإعداد ، كان من الممكن أن يعوضوا قصورهم في العهد المباركي بالقيام بنفس الدور بعد الثورة ، لكن لا هذا ولا ذاك..

لا أعرف ما الذي كان مهماً لدى ربانيي بني إسرائيل يشغلهم عن أداء ما هو مهمتهم.. ربما كان منهم من يستفيد أو يتربح ، أو يأكل أموال الناس بالباطل (كما جاء في سورة التوبة لاحقاً).. ما هو المهم عند ربانيينا نحن كي يبعدهم عن دورهم الأساسي ويجعلهم متفرغين لإنشاء أحزاب أو تكتلات أو تسجيل مواقف؟

دور رجل الدين أن يعلم ويعظ لا أن يمارس السياسة ، دور العالم في أي مجال بما فيه العلم الدنيوي أن يخدم الناس من مكان علمه ، دور رجل الأعمال أن يخدم بلده بالاقتصاد ، لكنها الفوضى ، وإصرارنا على وضع العربة فوق الحصان..

إذا وجدت الربانيين في الشارع فلا تملك إلا أن تقول كلمتين اثنتين:

ربنا يستر..

1 comment:

د/دودى said...

فى وجود هؤلاء دعنى اضيف على ربنل يستر ..."حسبى الله و نعم الوكيل"