Tuesday, August 16, 2011

الصومال : أشياء لا تقال

بمناسبة حملات التبرع التي ظهرت فجأة للصومال ، والتي تتواكب مع الاكتشاف المذهل العجيب بأن الصومال بلد يعيش مجاعة ، وهو اكتشاف يستحق أن نشكر عليه من ذكرنا به باعتبار أن الصومال لا سمح الله دولة عضو في الجامعة العربية ونحن ولا مؤاخذة عرب .. تبقى هناك أشياء لا تقال..لرخامتها وثقل ظلها ..


1-بمناسبة الاكتشاف سابق الذكر ، أذكر فقط بأن الصومال بلد يعيش مجاعات منذ فترة بعيدة ، ونساه العالم كله بمن فيهم من يمزقون نياط قلبنا من شدة لهفتهم على الشعب الصومالي الغلبان على أساس أنه يموت من المجاعة ولا يموت من حرب أهلية قذرة لا تقل في قذارتها عن "حروب المرتزقة" التي كتب عنها عسكري فرنسي سابق كتاباً يشرح بالأدلة كيف يمكن عمل حرب أهلية محترمة في أفريقيا.. وأنه على مدى تاريخ هذا البلد المسكين كانت المساعدات ترسل إلى الصومال فلا يتوانَ أمراء الحرب ، بما فيهم العصابة الحاكمة في مقديشيو ، عن سرقة ونهب المساعدات وبيعها للأهالي في السوق السوداء من أجل شراء سلاح (ودة اللي كان شغال في الصومال من زمان ، ماهيش معلومة جديدة)، تماماً كما تتم عمليات القرصنة في البحر الأحمر من أجل شراء سلاح ، لا لحماية الثروة السمكية كما يدعي بعض "المظليين"* على شبكة الإنترنت ، ولا لاستعادة "الثروات المنهوبة" من الصومال كما يزعم بعض المنظرين لعصابات القراصنة ، والتي تبقى عصابات رغم تسترها ، وتستر العصابة الحاكمة في الصومال وأمراء الحرب ، وبكل أسف ، بالدين..

2-بالتالي يا سادتي الأكارم هذا البلد لا يعاني من مجاعات قدر ما يعاني من الذين قسموه إلى ست دويلات ، ست إمارات ، أياً كان الاسم ، أمراء الحرب الصوماليين الذين ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والإخلاص للكرسي كما لو كانوا والعياذ بالله أصحاب قضايا.. وبالتالي فإن الحل المنطقي لكل ذلك المشكل ، الذي سكتنا ، أو تساكتنا ، أو "طنشنا" ، أو "طرمخنا" عليه ، هو وضع حد حقيقي للحرب الطاحنة في الصومال ، والتوصل لتسوية ترفع ولو بشكل مؤقت أيدي تلك العصابات عن الصوماليين..

3-الأمر الذي لا يهم كثيراً من الغربيين الذين "شحتفوا" قلوبنا على ما يحدث في بلاد بونت (=الاسم القديم للصومال.. حسب التعليم الرابسوماتيكي لو حد جه وقال لي إن المعلومة غلط ماليش دعوة) ، ونراهم في صور "تقطع القلب" بمطواة قرن غزال مع أطفال الصومال الجائعين ، الغرب إن أراد أن يصلح نظاماً يفعل ، وإن أراد أن يسقط نظاماً يفعل ، تذكرون "صدام حسين"..

4-وبمناسبة "صدام حسين" .. كان الإعلام ، والمؤسسات الدينية ، ورجال الدين (الذين لم يدينوا ما حدث ويحدث في الصومال من جرائم حرب وقرصنة باعتبار أن هذا لا يؤثر على صورة الإسلام التي يدافعون عنها باستمرار) ، يذكروننا باستمرار بآية من سورة الحجرات بدءاً من قول الله تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ..." (الحجرات : 9) وقت أن كان "صدام حسين" يغزو الكويت ، كمبرر لذيذ لما يسمى بـ"حرب تحرير الكويت" .. والآن .. تختفي هذه الآية من المشهد في ظروف غامضة ، وكأننا ، حتى في شهر القرآن ، نتعامل مع القرآن كزر نكبسه وقتما نريد .. لم نسمع أي رجل دين كان ردد تلك الآية ، ولا أي دولة عربية عرضت صلحاً أو استضافة مفاوضات ، ولا "الجامعة العربية" ولا منظمة "المؤتمر الإسلامي" قاموا بأي تحرك كالتي قامت به دول "غرب أفريقيا" في "ليبيريا" مثلاً، فقط إرسال المساعدات ، والمساعدات كتير كمان.. حننهب؟..

باسم الدين ، قمنا بتفعيل آية في كتاب الله في ظرف ، وعدم تفعيلها في ظرف مطابق ، باسم الدين جمعنا التبرعات لكي يتم استثمارها في مشروع "اتبرع ولو بطلقة" ، باسم الدين ارتكب جنرالات الحرب في الصومال ، كلهم أجمعون ، جرائم لن يكشفها الإعلام الغربي الآن على الأقل ، لأن لدوله مصالح مع فئات بعينها ، وكم من الجرائم ترتكب باسم الدين..
* اتبع "الحزبوطني" ما أسميه بأسلوب "المظليين" .. أناس ظرفاء من "الحزبوطني" وتشكيلاته يتصلون بانتظام على الفضائيات غير المصرية لتوجيه تغطيتها خاصةً في الفترات التي لم يسمح فيها لتلك القنوات بالتغطية إبان الثورة ، ويهبط هؤلاء على الفضائيات كمتصلين بالباراشوت بصفات وهمية مختلفة ، خبير في التسويق السياسي ، صحفي ، .....من العادي جداً أن نرى مثل هذا الأسلوب عندما تنشأ داخل دول نزاعات أو حروب أهلية ، للدعاية أو الترويج لطرح الفئة التي ينتمي إليها السيد المظلي..

No comments: