Friday, July 22, 2011

سؤال صعب : ماذا خسر السلفيون في مواجهتهم مع "ساويرس"؟

بداية أود أن أضعكم أمام صدمة صغيرة ، وهي أن الصورة تم نشرها أول الأمر في منتدى شيعي في "السعودية" منذ ثلاث سنوات كاملة كدعابة سمجة ، تبين المجال -الوحيد- الذي يتمتع فيه "الخبير" -صاحب المنتدى- بأي خبرة ، لكن الأمر لا يبرئ "ساويرس" تماماً مما حدث وهو الذي اختار الصورة ، رغم ما يمكن أن يسوقه البعض من مبررات كما سيتقدم..قُصْر الكلام..

في كل مكان تطالع عيناك ورقة نشرها القائمون على حملة مقاطعة "موبينيل" ، تستند فيها على عدد من الحيثيات ، أذكرها بالترتيب ومرقمة (ولذلك حكمة) وهي :

(1) أن الرجل قطع الاتصالات عن الثوار أثناء الثورة ، (2)أن الرجل يريد الالتفاف على نتائج الاستفتاء ، (3)أن وسائل إعلامه تناصب الإسلاميين ، وفي لافتات أخرى "الإسلام" العداء ، (4) أنه نشر رسوماً مسيئة للإسلام..

المنشور موجود في كل مكان ، ويمكن الاطلاع عليه.. عن نفسي خلصت لعدة نقاط ، بنفس ترتيبها في المنشور:

0-نذكر فقط بأن "ساويرس" وآخرين من رموز تيار المال السياسي الذي كون ثرواته من خلال مصالح مع رموز النظام السابق ، ولا تبدو سيرهم الذاتية ، كلهم ، فوق مستوى الشبهات ، وتورطوا إن لم يكونوا قد ضلعوا وبشكل كبير في فضائح فساد مختلفة دار الحديث عنها منذ عقد كامل من الزمن.. وعندما اختلفوا مع الوريث وتصادمت مصالحهم مع رجاله عاشوا دور المعارض ، وقرروا العمل بطرق مختلفة على تشكيل المجتمع ، تركيبته السياسة وأدمغة أفراده ، بالطريقة التي تتناسب مع مصالحهم ، وحاولوا استثمار الغضب الشعبي على سياسات النظام السابق كورقة ضغط ، ووقفوا من الثورة على مسافة ، ثم عادوا قبيل التنحي ليعلنوا أبوتهم لها ، ويفتكسوا أحزاباً مبنية على ثرواتهم فقط ، ويدعمون هذا ، وذاك ، من فوق "الترابيزة" ومن تحتها ومن كل الجهات المحيطة بها..وهم من أكثر الناس تلوناً ، مع النظام السابق ومع الثورة ومع ما يدعونه من مدنية للدولة ومن تسامح و..و.. مرة أخرى هذا للتذكير فقط..

1-قطع الاتصالات عن الثوار أثناء الثورة ليس بالمعلومة الجديدة ، بل أزيدكم من الشعر بيتاً ، أن شركات المحمول الثلاث ، بمن فيها موبينيل طبعاً ، تحوم حولها شبهات عن أداء خدمات "ما" للجهاز السري بالحزبوطني من بينها التجسس إلكترونياً على ناشطين ، والغريب أن الموضوع لم يُثَر أصلاً على خطورته!

2,3-يبقى "الإسلاميون" قوة سياسية ، اختلف البعض أو اتفقوا على مدى قوتها ومدى خبرتها و..و... وكما أن لأي تيار سياسي ، بمن فيه "المال السياسي" مؤيدون ، فمن الطبيعي أن يكون هناك معارضون ، وكما أن لنتائج الاستفتاء من أيدها ومن استفاد منها ، فإن من الطبيعي أن يكون لها من يعارضها ومن تتضارب مصالحه معها ، خاصةً ونحن نتحدث عن تيار كـ"المال السياسي" لديه إعلامه ومصالحه ، كما أن للتيارات الدينية الأخرى بمن فيهم السلفيين أنفسهم تواجدهم وحضورهم حتى في الميديا هي الأخرى..

4-قد يبرر البعض ما فعله "ساويرس" بأن "النقاب" لا يزال مسألة "مختَلَفاً فيها" وعليها ، حتى بين فقهاء المدارس السلفية المتعددة ، بالتالي لا يمكن مقارنة ما فعله "ساويرس" بما فعله الرسام الدانماركي إياه ، والشيء نفسه حول اللحية التي فسرت أسانيد فرضها والموقف منها بطرق مختلفة.. بل هناك "تضارب فتاوى" واضح في تلك المسألة بالتحديد.. ما بين هذه الإجابة..و تلك..

وقد يراه البعض الآخر تخيلاً لـ"التعديلات السلفية" أو التي يراها السلفيون على الفن والمجتمع كله ، رغم أن الصورة ، كما سلف الذكر ، كانت ضد المدرسة السلفية السعودية ، والتي يختلف معها "الحسانيون" بشكل واضح وتختلف هي معهم وبشدة.. وسيستشهد البعض بالموسيقى "الصوتية" التي تستخدم في القنوات الفضائية ذات التوجه السلفي مكان الموسيقى على سبيل المثال..

لست هنا للدفاع عن "ساويرس" أو عن غيره ، فتيار المال السياسي الذي يعد "ساويرس" من رموزه هو أكبر خطر على مصر على الإطلاق ، وكثير من تصرفات التيار ، إن جاز لنا أن نسميه كذلك ، تتضارب وأبسط قيم أي دين، وهو أكثر التيارات تلوناً ونفاقاً ، والى المخلوع لمصلحته وعارضه لمصلحته ومن الممكن أن "يبزنس" مع الشيطان لمصلحته أيضاً.. ولديه كل الأساليب متاحة من إتجار بالدين والوطن ، لكن ما لاحظته ، وقد يكون خاطئاً أن السلفيين خسروا عدة نقاط..

دفع السلفيون ثمن موقف بعض شيوخهم من الثورة في بدايتها ثم تغيره بعد انتصارها ، وموقفهم -السلبي جداً كغيرهم- من المال السياسي عموماً ومن حزمة قيمه التي أرساها بعد فترة الحراك (2005-2011) ، الموقف الذي يفترض أن يكون موقفاً دينياً أخلاقياً ضد ثقافة الأثرة والمصلحة والنفعية "المالسياسية"، وأصبح السؤال المطروح الوحيد : لماذا لم يتحدث هؤلاء عن ذلك الفساد إلا عندما جاءت سيرة النقاب و/أو عندما ارتبط الأمر بـ"ساويرس"؟ أمر قد يضرهم "سياسياً" بشدة إن أصروا على ممارسة السياسة والتخلي عن دورهم الأصيل (=الدعوي).. أو إهماله أو وضعه ثانياً على الترتيب..

أخطاء تضاف إلى أخطاء سابقة وفادحة منها عدم صياغتهم لمشروع "سياسي" "واقعي" "قابل للتحقيق" بما أنهم يتحدثون عن دولة ذات طابع أو مرجعية دينية ، وعدم شرح ذلك للناس بشكل واضح (البهوات اللي على الطرف الآخر -الأتاتوركي- وقعوا في نفس الحماقة) ، وعدم تقديمهم إجابات واضحة عن أسئلة من عينة "ما دمتم كلكم تيار ديني ليه ما عملتوش مشروع واحد؟" ، "طب لو تيار تاني أو تيار سلفي تاني قال حاجة تانية دة يبقى كويس ولا وحش ولا حرام ولا حلال؟"..والنتيجة أن معسكر المال السياسي ومنتقدي السلفيين كسبوا ولو معنوياً نقاطاً على تيار ، أو لنقل "مزاج" أو "حالة"(1) قوية وحاضرة في الشارع كان من الممكن أن يشكل أكبر وأقوى خطر على مشروع دولة أتاتوركية في مصر.. بل والأنكى ، إن صح ما في هذا الرابط ، أن "ساويرس" نفسه قد يكون أكبر مستفيد من حملة مقاطعته!

أو يكون قد وقع في الحفرة التي أعدها هو للتيارات الدينية.. كما سيتقدم!
(1) والتعبير للباحث "حسام تمام" المتخصص في شئون الحركات الإسلامية في حوار على قناة "الجزيرة مباشر مصر" حيث أنه يرى ، وأتفق معه ، أن السلفيين ليسوا تياراً "منظماً" بمعنى أنهم ليسوا "منظمة" لها قيادة تنظيمية وقانون داخلي وتعليمات كـ"الطرق الصوفية" أو "الإخوان" مثلاً..

No comments: