Saturday, October 30, 2010

قنوات ومناقصات ومزايدات

0-لن تنفع الحلفانات ، ولا الأيمانات ، التي يسوقها البعض في الإعلام المسمى بـ"القومي" (فلا الصحف القومية "قومية" ولا الصحف المستقلة "مستقلة" بالمناسبة) لتأكيد أن إغلاق القنوات السلفية دون غيرها جاء للصالح العام ، الأمر لا علاقة له بـ"صالح عام" ولا "سعيد صالح" .. ولو كان الأمر كذلك لطبقت القواعد على الجميع ، بلا استثناء ، ولو كان المقصود اجتثاث فوضى الفتوى لتم التعامل حتى مع المتخصصين الأزهريين و"المفكرين الإسلاميين" الحلوين على دم الإعلام "القومي" ولهم أخطاؤهم وخطاياهم التي تسببوا فيها في إرباك الناس أكثر ماهم..

كل ما هنالك أن ما كان بالأمس لم يعد اليوم ، إنها السياسة بمتغيراتها وتقلباتها..

1-يرى فريق من المحللين السياسيين أن الحزبوطني منح التيار السلفي الحساني حرية حركة كبيرة خلال السنوات الماضية ، وسكت على ما اكتشفه إعلامه (="الحزبوطني") بعدها بسنوات وأسماه بالـ"مخالفات" والمش عارف إيه -وهي بالمناسبة موجودة (مثل شريط الشات والإعلانات أثناء الدروس والأدوية المشكوك في صلاحيتها) باعتراف صناعها فميجيش حد يزايد-، ناهيك عن "المظاهر السلفية" التي اكتشف الحزبوطني وجودها "فجأة" -أربع سنين بس يعتبر "فجأة" بالنسبة له- لأنه كان يراهن عليه بقوة لمواجهة جماعات الإسلام السياسي ، الإخوان وغيرها ، خاصةً أن التيار السلفي الحساني ، عكس المدرسة السكندرية مثلاً ، ترى أنه من السياسة ترك السياسة ، والتركيز فقط على العبادات والعقيدة (أكثر من المعاملات..الثلث الذي يتجاهله كل تيار متمذهب تقريباً) ، وأن علاقة هذا التيار "غير جيدة بالمرة" بجماعات الإسلام السياسي ..

2-ما حدث ، هو أن الحزبوطني "تراجع" عن رهانه ، واكتشف أن التيار السلفي الحساني لا يعول عليه في مواجهة التيارات الدينية ، فأطلق عليه تشنيعة "تهلك من الضحك" مفادها أن لهؤلاء علاقة بالإخوان - تشنيعة استُقْبِلَت بفاصل طويل من الضحك والسخرية حتى من بعض من يعارضون الاثنين ويكرهونهما - وقرر "نقل العطاء" على التيار المستصوف ، الذي يمتلك عدة ميزات لا يمتلكها السلفيون عموماً..

3-خد عندك يا سيدي.. هناك أمور مشتركة بين التيارين السلفي الحساني والمستصوف.. منها فكرة "الولاء لولي الأمر" و "البيعة لولي الأمر" على طول الخط ، وأنهما يعتبران النظام السياسي الديمقراطي التعددي الانتخابي "الذي والذين" ، إلا أن المستصوفين الطرقيين يتميزن بأنهم "أكثر إيجابية" .. صحيح أنهم يقولون في كل مكان أنهم لا علاقة لهم بالسياسة ، ولا بالنظام السياسي "الوحش" لكنهم على العكس يرشحون أنفسهم في الانتخابات التي يفرضها النظام "العالماني الوحش" "خدمة للمسلمين" كما نسب إليهم في تصريح لجريدة مالسياسية ، كما حدث وأن تنازل أحد كبارهم عن ترشيح نفسه ، وضد مَن؟ رئيس مجلس الشعب "أحمد فتحي سرور" والذي قال أن "إسقاطه يحتاج إلى معجزة"..

4-الشيء الثاني هو أن المستصوفين أكثر تنظيماً ، هم مجموعات لها رئيس أو قائد ، وتستطيع أن تتخذ قراراً جماعياً ، وأن تحتشد ، على العكس من غيرهم ، فمهما كان تعصب البعض للشيوخ الحسانيين قوياً ، وهو كذلك ، فلن يكون بنفس قوة التعصب والولاء لشيخ الطريقة في الحالة الصوفية أو للمرجعية الدينية في الحالة الشيعية مثلاً.. وبالتالي فإن أي قرار يأتي من القمة بالتصويت لفلان ، أو علان ، أو بعدم التصويت من أصله ، فستنفذه القاعدة بلا تردد ولا نقاش..

5-عن نفسي ، لا أتفق مع أي من المذكورين أعلاه في أي شيء ، كل منهم لا يملك إلا جزءاً من الحقيقة وليس الحقيقة كلها كما يتصور ، وأرفض أن يترشح رجل دين لأي مجلس نيابي ، أو أن يظهر تيار "ديني" ليقدم نفسه على أنه تيار سياسي ، وأن يستخدم تيار مذهبي السياسة لزعامة الدين، أو أن يستخدم تيار مذهبي لضرب تيار ديني ، لا يمكن إطفاء حريق صغير ببراميل بنزين ، وأرفض أكثر أن يكون التصويت "مُدَيَّناً" لمجرد أن شيخاً من التيار السلفي أو الصوفي أو الأزهر أو غيره يدعو الناس للتصويت باسم الدين فيصوت الجميع لهذا أو ذاك (وهي لعبة سمجة يلعبها الحزبوطني نفسه وسبق تناولها هنا قبل سنوات)..ومخطئ جداً من يعتقد أن محاربة التشدد والتطرف تكون باتباع كل الممارسات السابقة أو بعضها.. بالعكس .. ستكون له عواقب لو تعلمون مدمرة.. والله تعالى أعلى وأعلم..

No comments: