Tuesday, June 15, 2010

الآتي بعد : "الزواج الثاني" -عصف ذهني

لأول مرة منذ انطلاق "الدين والديناميت" أقدم على شيء جديد في هذه التدوينة.. عملية brain storming .. عصف ذهني.. ولكن بطريقة قد يراها البعض جيدة وقد يراها غبية..

بمعنى أصح : في السطور القادمة سأضع جميع وجهات النظر المطروحة في كل اتجاه في صورة عبارات قصيرة مقتضبة تقال في كل نقاش يثور عن تلك العينة من المواضيع.. دون أن أذكر رأيي الشخصي الذي لم أكونه بعد.. المسألة لا تبدو كمجرد خلاف بين مؤسسة دينية وحكم قضائي قدر ما تعكس أشياء كثيرة في مجتمعنا ككل..تذكروا أنه في "العصف الذهني" تطرح عادة كل الافتراضات ، بما فيها تلك التي يعادل احتمالها احتمال خروج سمكة قرش "صاحية" من "الحنفية" دون أن يحدث للأخيرة أو للحوض أي أذى!

"الحكم بالتأكيد هو جائر ويتنافى مع نص ديني ثابت ويستحق كل ما أثير عنه من ضجة..

"لكن لماذا جاء الحكم هكذا؟

"لأن شخصاً ما رفع قضية أمام المحكمة..مطالباً ربما بمساواة حالته بحالة أخرى .. أو لسبب آخر .. الله أعلم..

"ما هي جدوى رفع دعوى لاستصدار حكم يتعارض مع نص ديني أياً كان النص وأياً كان الدين؟.. مهما قيل في السبب..

"ولماذا يعترض رجال الدين على حكم قضائي؟ أليسوا ضمن نظام الدولة؟ ألا يتطلب أن تكون عضواً في نظام ومجتمع أن تحترم قواعده ونظمه..ومن بينها القانون الذي تسري أحكامه على الجميع؟

"كنت لأؤيد رأيك حرفياً لو اعترض هؤلاء في شأن دنيوي ، لكنهم اعترضوا على تضارب حكم قضائي مع نص ديني..

"نحن في دولة مدنية أساسها سيادة القانون.. لا نصوص الدين..

"أساسها سيادة القانون فيما يتعلق بعلاقات الناس مع الناس ومع النظام ، وليس في ما هو منصوص عليه في أديانها..

"ولو تضاربا؟

"ولماذا يتضارب القانون مع الدين؟ ولماذا نضع الاثنين طوال الوقت على حافة نقيض؟ الدولة المدنية تتطلب فصل الدين عن العملية السياسية ، وليس فصل الدين عن العملية الحياتية..

"عاش الدين لصيقاً بكل شيء في الحياة سواء في فترات الدولة الدينية ، أو في الفترات التي كان فيها رجال الدين قريبين من السلطة ، سواء في العالم العربي أو في أوروبا..تجربة وفشلت؟ نعيدها ليه؟

"القانون ينظم علاقات معينة بين الناس وبعضهم البعض ، لكنه لا ينظم علاقات الناس بالله.. أي قانون ذلك الذي يتم تشريعه في مجلس نيابي لتقنين الصلاة والصيام أو الحج أو حتى شعائر الديانات الأخرى؟ ما لله لله وما للدولة للدولة..

"شريطة أن نعرف أولاً ما لله وما للدولة..

"بسيطة.. ما لله هو ما فرض في الأديان السماوية على اختلافها ، فيما يخص العبادات وفيما يخص أمور معينة .. منها الزواج سواء في الإسلام أو المسيحية..أما ما لا نص فيه فيخضع للاجتهاد وحرية العقل.. في إطار ضوابط يلعب الدين فيها دوراً..بما أن الضوابط العامة في الدين هي أساس قيام أي دولة ، ومن بينها العدل وحماية حقوق الإنسان أياً كان انتماؤه ودينه ومعتقده وعرقه..

"حتى الزواج؟

"طالما منصوص عليه.. آه..

"الزواج في العديد من المجتمعات شأن مدني.. وهي مجتمعات تؤمن بنفس الأديان التي نؤمن بها.. دول فيهم مسلمين كمان؟

"لكننا لسنا هم..

"نحن مجتمع متخلف نقوم بتديين كل شيء..

"نحن مجتمع مختلف .. ولكل مجتمع ظروفه ..

"مختلفون عن "لبنان" مثلاً؟ عن دول أخرى في نفس منطقتنا العربية تتبع الزواج المدني لا الديني؟

"نحن مختلفون جداً عن "لبنان" المتعدد عرقياً ودينياً لدرجة الطائفية البغيضة ..وعن كل تلك الدول التي لا يلعب الدين دوراً كبيراً في مجتمعاتها كما يحدث لدينا.. ومختلفون عن مجتمعات عاشت تحت ظل السيطرة المطلقة لرجال الدين على كل شيء في الحياة كما حدث في أوروبا في القرون الوسطى..

"أليست حماستك تلك هي من النوع الذي يبديه المسيحيون في مواقف كما حدث لـ"نصر حامد أبو زيد" ، وما يبديه المسلمون في قضايا أخرى على الجانب الآخر؟

"كلام فارغ.. الموضوع خطير ويجب أن يستشعر الجميع خطورته ، مسلمين ومسيحيين على السواء ، ومن الممكن أن يتكرر لدينا كما حدث مع المسيحيين ، ولدينا بكل أسف متطرفين يتعاملون مع النصوص بكراهية واستقصاد وغرض واضح ، وربما منهم من يسأل باستنكار عن أشياء في صلب العبادات -التي هي أمر ديني صرف- محسومة منذ أربعة عشر قرناً ، ومن الممكن أن يستخدم الميديا و/أو القضاء لعمل شيء مشابه أو أكبر..

ما سبق كله هو آراء تتداول في كل نقاش يثور عن ذلك الموضوع ، آراء مختلفة فيما بينها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، وهي فرصة لمعرفة كيفية تفكير الناس على أرض الواقع في مسائل كهذا ، وللوقوف على هواجسهم ومخاوفهم على اختلاف خلفياتهم الثقافية وأديانهم وكيفية تقييمهم للأمور..والوضع كله يطرح أسئلة لا تقل أهمية ، أولها ما هو تعريفنا -نحن- للدولة المدنية؟ لماذا يصر البعض على تطبيق فكرة الدولة المدنية بحذافيرها كاملة ، وهم الذين يعيبون على غيرهم الإصرار على تطبيق النموذج "الديني" بحذافيره؟ لماذا لا يختلف تطبيق الدولة المدنية باختلاف المجتمعات كما يختلف ويتباين فهمها للدين نفسه؟ هل توجد نقطة وسطى تكفل "تمدين" الدولة بما لا يتضارب مع ما هو ثوابت دينية بشكل عام ، في الإسلام أو المسيحية في حالتنا في مصر؟ وكيف نرى على اختلاف مشاربنا الحد الفاصل بين الدين والدنيا؟و..و..و...

انتم شايفين إيه؟

No comments: