برغم المتطرفين من الجانبين ، خصوصاً شلة "سلفني دقنك شكراً" ، وبرغم الصوب الزجاجية التي تنتصب كل يوم .. لا نزال كما قلت في وقت سابق أفضل بكثير من دول أخرى تنخر الطائفية في أساساتها ولا يفتأ أهلها يدعون من حين لآخر أنهم دولة بحق وحقيق كالتي نسمع عنها هنا وهناك.. حتى مع التسليم بأن الأمور تتطور باتجاه الأسوأ كما سبق الإيضاح..
مما لم تقض عليه الصوب تماماً حتى الآن فكرة التعايش .. وقانونه القديم قدم التاريخ .. الذي يؤمن به أناس يأخذون الأمور ببساطة ، ولا تعجبهم الصوب المكيفة الهواء التي يتخذها أتباع كل دين أو مذهب لأنفسهم تقيهم شر المخالف والمختلف..
1-من أهم بنود القانون المذكور فكرة "لكم دينكم ولي دين" ..الكل حر فيما يعتقد وفيما يؤمن به.. وبالتالي من المرفوض أن يقوم أي أتباع دين بدعوة أتباع الدين الآخر لاتباع الدين..هناك قاعدة فقهية شهيرة جداً نتعمد عدم الانتباه لها تقول "دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة".. حسابات مكسب وخسارة لكنها حسابات "طيبة" لأنها تستهدف صالحاً عاماً.. والعقل يقول أن الصالح العام للجميع هو العيش في مجتمع "مستقر".. وتصرف كهذا يدمر استقرار المجتمع بشكل عام..
2-وبالتالي .. ففكرة "التنميط" والتعامل بـ"عنف" مع ما يعد رموزاً دينية هنا وهناك مرفوضة .. ولا يمكن لأي أتباع دين أن يفرضوا شيئاً من دينهم على أتباع الدين الآخر ، ومن التزيد المرفوض في نفس الوقت أن ألغي شخصيتي الدينية مجاملة لأيٍ كان.. وضع كهذا لن يقبله أي شخص مسلماً كان أم مسيحياً أم بوذياً.. لهذا استغربت انتقاد الدكتور "عبد المعطي بيومي" لفتوى لـ"القرضاوي" تتحدث عن عدم جواز احتفال المسلمين بعيد الميلاد .. فلا المسلم ملزم بالفعل بالاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام- مع إيمانه به وبكل الأنبياء والرسل- ولا المسيحي ملزم في بلاد الإسلام بصوم رمضان الذي لم يفرض عليه.. وهو ما أوضحته ضمناً في تعليق على تعليق على تدوينة "السادة المفطرون" في رمضان الماضي..
لكن ذلك لا يمنع من المجاملة ، والتهنئة ، والابتسامة.. يقول الرسول (ص) ما معناه "وخالق الناس بخلق حسن"..
3-وعليه..الانتماء الديني لا يلغي الانتماء الوطني ، والانتماء الوطني لا يلغي نظيره الديني.. أمر بسيط يعرفه أناس بسطاء لم يتلقوا حظاً كبيراً من التعليم ، وليسوا من "الموصقَّافين" محترفي اللسان الحنجوري الذين أصبحوا أكثر تطرفاً مما يتخيل أجمحنا خيالاً..
على كل.. تبدو الأمور كالأواني المستطرقة.."المليان يكب ع الفاضي".. إما أن يقتنع أهل الصوب بقانون التعايش الأقدم من صوب هذه الأيام.. أو أن يمل أهل الصوب من هوائها المكيف وأبراجها العاجية..والله أعلم..
No comments:
Post a Comment