Thursday, September 17, 2009

الإفطار على بودرة النفاق الصحفي!

كان من المقرر كتابة هذه التدوينة في المدونة الشقيقة "فرجة" .. لكن بما أن الموضوع مستفز للغاية قررت كتابته هنا في "الدين والديناميت"..

لن أتكلم الآن باستفاضة عما فعلناه ونفعله برمضان ، فالموضوع ذو شجون ومثير للغضب من أوله لآخره ، وربما كان من حسن حظي أن أعود للتدوين هنا في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل ، بما أن خواتيم الأشياء تؤهل المرء للحكم عليها بدقة وموضوعية .. لكني فقط سآخذ جانباً واحداً فقط هو مستفز بما يكفي..

فكرة "الذقون" التي تظهر بمفردها .. زر الدين عندما يتم الضغط عليه .. وأي زر إما أن يكون On أو Off.. وعندما يقرر أحدهم "أننة" الزر -أي جعله On- تفاجأ بأن ضاغطه يشمر عن ساعده ويتقمص دور الواعظ الديني ليخطب في الناس ويعظهم في الحلال والحرام ..

ما كتب في "مجلة" "شاشتي"- وأضع "مجلة" بين علامتي تنصيص لحين البحث عن لفظ لا يعاقب عليه القانون يصفها بدقة- على سبيل المثال لا الحصر ، هو مجرد مثال صارخ ، على تلك الممارسة ، فالمجلة المحترمة جداً بها ناس يبحثون بمنكاش عن مواطن "قلة الأدب" في المسلسلات ، كي يتحمس ليرى من لم يكن قد رأى من قبل (وإلا إزاي الصحافة حتقوم بدورها التنويري؟) ، وبالمرة ليتحمس الكاتب نفسه للوقوف على أقرب كرسي وإسماعنا عبارات "محيي إسماعيل" التاريخية في فيلم "خلي بالك من زوزو".. جمعاااااء!

أعتقد أن المقال نفسه لا يقل سوءاً عن المشاهد التي كتبت فيه ، فمعظم تلك المسلسلات يعرض في مواعيد "ميتة" للمشاهدة يتصادف عرض مسلسلات أكثر جماهيرية فيها ، وما كتب - كما سلف - سيلفت النظر إليها وإلى تلك المشاهد أكثر في وقت يفترض فيه أن ينصرف فيه الناس عن تلك المشاهد ، وكان يفترض - بما أننا نتكلم عن حسن النية - بالمجلة "الغراء" أن تلفت أنظار رقابة التليفزيون مبكراً جداً لـ"حرمة" الشهر الكريم -رغم أنه من المعروف أن رب رمضان هو رب غيره- وللحرص على عدم عرض ما يصطدم مع ما في رمضان من روحانيات.. وحتى وإن حدث و"صهينت" الرقابة ، أليست هناك طرق أخرى للتنبيه ولفت النظر بدلاً من طريقة "التعليق والوصف التفصيلي" لمباراة كرة قلة الأدب؟

وما دامت الشجاعة موجودة - برات البيت عامل لي عنتر- فلماذا لم يتكلم هؤلاء المغاوير عن ما هو أسوأ ألف مرة ، عن ما نشر في "الدستور" من استغلال مقزز للمرضى والأطفال في الدعاية للمستشفيات والمشاريع "الخيرية" .. هذا الاستغلال الذي يتبعه ما يمكن توصيفه بـ"الأذى" الذي نهى عنه المولى في الذكر الحكيم* ، مثير للغضب بطريقة تنسف أقوى صيام في الشهر الكريم.. هذا الاستغلال "أوبن بوفيه" في الميديا التي هي إحدى مجالات تخصص "المجلة".. ويراه أي شخص بوضوح شمس أغسطس الحارقة في كبد السماء..

قلة الأدب في مجال ما حرام ، وفي الآخر حلال .. هذا هو منطق كتبة الأعمدة ، الواعظين الجدد ، والذين يضيفون بممارساتهم التي تقرض الصيام كما تقرض "العتة" البطاطين إلى ما تفعله صحفهم نفسها بنشر مقالات أدعياء الفكر الإسلامي أصحاب التفاسير المسيسة والمريضة.. لتصبح الصحف نفسها أسوأ من التليفزيون ألف ألف مرة هذا العام..

وما دام رمضان هو الشهر الوحيد الذي نتدين فيه ، ونتذكر فيه الحرام والحلال ، يبقى التذكير بأن الحلال بين والحرام بين ، وأن لافتة الحرام لا يندرج تحتها "قلة الأدب" بالمفهوم الدارج فحسب ، بل تدخل تحت لوائها أيضاً أمور أخرى كالغش والنصب والاحتيال والرشوة والاستغلال وأشياء كثيرة أخرى.. لكن من لا يعي تلك الأمور في رمضان ، الشهر الذي نتدين فيه فقط ، سيعيها متى بالضبط؟
* أليس من الغريب أننا لم نسمع عن أي شيخ أو داعية انتقد مثل تلك الممارسة ، خاصةً أن منهم من لديه صوت مسموع لدى الناس ويمكنه أن يحقق تأثيراً إيجابياً بدلاً من المشاركة في تلك المهازل ولو بحسن النية؟ أستغفر الله العظيم لي ولكم..

1 comment:

مواطن مصري said...

عندك حق و الله

فعلا شيوخ دلوقتي بتوع فضئيات و شهرة