Friday, January 2, 2009

السبب .. الأوحد!

روى البيهقي عن أبي ذر قال: "قلت يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار؟ قال: الإيمان بالله، قلت: يا رسول الله إن مع الإيمان عملاً، قال: يرضخ مما رزقه الله. قلت: يا رسول الله أرأيت إن كان فقيرا، لا يجد ما يرضخ به؟ قال: يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.قلت: يا رسول الله أرأيت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال: يصنع لأخرق - وهو الجاهل الذي لا صنعة له يتكسب منها - قلت: أرأيت إن كان أخرق، لا يستطيع أن يصنع شيئا؟ قال: يعين مظلوما، قلت: أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما؟ قال: ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس، فقلت: يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة؟ قال: ما من مؤمن يطلب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة".

هذا الحديث سمعته في خطبة للجمعة ، ولم أسمعه في شريط أو على قناة دينية.. فهذه الأمور لا تهم كثيراً ممن يتحدثون هنا وهناك.. ممن لا يلقون بالاً لحقيقة هامة : أن العبادات ليست وحدها كل شيء .. وأن الله سيحاسبنا جميعاً عن أشياء أخرى بالإضافة إلى العبادات..

ما سمعته من هؤلاء منذ أن بدأت مأساة غزة أحد أمرين ، الأول هو "التقصير" في العبادات ، ويستشهد بعضهم بحديث الرماة في غزوة أحد ، والثاني عبارات عامة "عايمة" عن عدم طاعتنا لله وتخلينا عن شرعه واجتناب نواهيه ، كيف؟ لن تحصل على إجابة ، إلا -طبعاً- على النحو "الأول"!

يحدثوننا كما لو كنا نعيش في حانات كبيرة ، وكما لو كان كل الناس يلعبون البوكر ويشربون الجوني ووكر .. وينسون أن مساجد(هم) ، والمساجد عموماً تمتلئ في كل الصلوات -بما فيها الفجر- بالمصلين ، وأن دروسهم يحضرها جيش عرمرم من الناس تغلق من أجلهم الداخلية الشوارع المجاورة ، وأن عشرات الملايين يشاهدونهم على فضائياتهم.. ورغم ذلك فالحالة بين الناس بعضها البعض كما نعرف..

هل هذا يكفي؟ واظب على أداء الفرائض واسرق غيرك وخض في عرضه؟ حج في كل عام واتجر في المخدرات؟ قم الليل ولا تقم بأي عمل نافع لمجتمعك إن اجتمعت لك وفرة في المال؟ واظب على الدروس وأرشد الناس وفي الوقت نفسه إن اختلفوا معك في الرأي "خدهم جوزين إقلام"؟

هم يتكلمون في تلك الأمور "بدون نِفس" كما لو كانوا مجبرين على قولها ، أو سمعوا من انتقدهم لتجاهلها فتكلموا ، عكس أشياء يُختَلَف في حكمها كالنقاب مثلاً.. تجد اللهجة غير اللهجة والحماسة "غير شكل"..

هؤلاء يحملوننا المسئولية عما حدث في غزة لأننا لا نصلي الفجر في جماعة ولا ترتدي نساؤنا النقاب ، وآخرون سيحملوننا المسئولية ما حدث في غزة لأننا لا نحتفل بموالد الأولياء ، وآخرون سيبحثون عن تفاسير أخرى ، وسيجدون من يصدقهم ويهاجم من ينتقدهم في كل الحالات ، ما أسهل الحلول السهلة ، وعلى رأي خطيب مسجدنا فيما معناه أن الناس في زماننا يفضلون العبادة "الشخصية" على العبادة "الجماعية" ..النوافل على فرائض أخرى تتعلق بالعالم المحيط!

طالما نفضل الحلول السهلة ، ونتمسك بمن يذكرنا بالحلول السهلة .. يبقى انسوا ... انسووا...

5 comments:

عباس العبد said...

تعليق بسيط و استفسار و طلب توضيح و وجهة نظر قد تبدو كما لو أنها رؤية
انا حاسس ان فى حاجة مش مظبوطة فى الخطاب الدينى عامة , نفس الفكرة دى بنسمعها فى الكنايس , كل البلاوى اللى نازلة على نافوخنا لأننا بعدنا عن " الله " . نفس الكلمات و الجُمل مع تبديلها حسب الخطاب سواء مسيحى او كلمات أخرى لو أسلامى . نفس العقلية , نفس التفكير , نفس الخوف و الرعب و اللامبالاة . دى حاجة تستحق التأمل و التفكير .
بجد حاجة غريبة
كتاباتك لو غيرنا شوية كلمات لها الخصوصية الأسلامية , حنلاقى نفس المشاكل فى الخطاب المسيحى

هشام علاء said...

عزيزى شريف

انا اميل بالفعل لكون الابتلاء الذى نحن فيه بسبب ابتعادنا عن الله و بسبب اغراقنا فى الذنوب و بسبب ضعف ايماننا

و لكن قبل ان نميل لهذا الرأى يجب ان نتمهل و نسأل نفسنا سؤال قد يبدوا بديهيا

ما هو تعريف الاقتراب من الله؟
ما هو تعريف الايمان؟

اعتقد ان العبادات و الشعائر كالصلاة و حضور الدروس و غيرها من المظاهر التى ذكرتها هى مظاهر صحية و لكنها ليست دائما تدل على الجوهر
السليم

الجوهر السليم لايمان الفرد يظهر فى تعاملاته مع الاخرين و فى سلوكه الحياتى و فى الشدائد و الازمات التى يوضح موقفه فيها مدى ايمانه و تطبيقه لجوهر الدين

ساعتها فقط يتضح هل الصلاة و الصوم و حضور الدروس كانوا عن حق ام انها مجرد مظاهر تعبدية و شعائر يمارسها الفرد منا بلا روح لينفى عن نفسه الشعور بالذنب الذى يخالطه تانيب المجتمع له على عدم اداء هذه الشعائر مع عدم اهتمام تفس المجتمع بظواهر اجتماعية اخرى من نفس الفرد قد تتنافى مع تادية هذه الشعائر

اليس الايمان هو ما وقر فى القلب و صدقه العمل؟

اتمنى ان يركز الخطاب الدينى الذى يختصر الدين فى العبادات و الشعائر فقط بتجديد هذالخطاب و يركز على مفاهيم العقيدة و الايمان و الروحانية فى الدين فهذا هو الجانب الاساسى فى الدين الذى اذا صلح تسهل بعدها تادية العبادات و الشعائر عن اقتناع
و يكون لدينا شخصية متدينة بحق و ليس مجرد شخصيات تمتلك مظهر دينى مثالى و محتوى اجوف

هش

هشام علاء said...

بالمناسبة

انا ارسلت لك اليوم ايميل هام على الايميل الموجود فى بروفايل المدونة

و ارجو الدر عليه فى اقرب فرصة للاهمية

للتواصل على الايميل الخاص بى
heshomano@yahoo.com

و شكرا

قلم جاف said...

رامز .. كل سنة وانت طيب .. هذا أولاً..

ثانياً.. ح أرد على سؤالك من خلال المرور بشكل غير مباشر على كلام زميلنا "هشام"..

زي ما قلت في وقت سابق .. في أي "دين" بيفترض إن فيه إله يخلق ويرزق ويقدر ويثيب ويعاقب.. ربنا سبحانه وتعالى خلقنا وبيرزقنا وبيقدر لينا خطواتنا وبيحاسبنا طبقاً لقواعد وضعها في كتبه ورسالات أنبيائه ورسله عليهم جميعاً الصلاة والسلام..

تمشي حسب القواعد هناك ثواب في الدنيا أو في الآخرة ، تحيد عنها فيه عقاب بينتظرك في الدنيا أو في الآخرة برضه..

لكن برضه في نفس الوقت تفضل حقيقتين مهمين جداً:

1-الأولى إن التعاليم أبعد من الجانب التعبدي على أهميته .. فيه سلوك وفيه معاملات وفيه أخلاقيات .. لكن الخطاب الديني المذهبي المعاصر (الحالة الإسلامية) أو مثيله في الحالة المسيحية يركز على الجانب التعبدي أكثر من غيره من تلك الجوانب على صراخة أهميتها..

2-، زي ما فيه حاجات قدرية ..تشبه الـ

Read only

في عالم الكمبيوتر ،منها الرزق ، العمر ، الميلاد ، وما لا يُتَوقَّع في الحياة زي حادثة غير متوقعة تغير مجرى حياتك أو تغير من حواسك أو.. أو.. ، فيه حاجات ربنا مدينا فيها القدرة على الاختيار ، منها حاجات متعلقة بالشق الديني ، إني أطيعه أو أعصاه ، إني أتقيه في نفسي وغيري والعكس ، وحاجات متعلقة أكثر بالشق الدنيوي (وإن كان لها علاقة بالشق الديني على أساس إننا مطالبين دينياً بالأخذ بالأسباب ثم التوكل على مسبب الأسباب)..

أنا ما ذاكرتش في الامتحان .. وما اعرفش حاجة عن المادة اللي أنا رايح أمتحن فيها .. تتوقع إزاي إني أنجح؟

السبب الرئيسي في عدم نجاحي في الامتحان إني ما ذاكرتش كويس رغم إنه كان قدامي الاختيار إني أذاكر كويس.. أنا أسأت الاختيار .. وربنا مش حيخليني على قدم المساواة مع اللي ذاكر ونجح ، دي نواميس ربنا وسنته في الأرض .. وهو - وحده- الوحيد اللي له حق اختراقها.. مثلاً إذا حب يوفقني لحكمة هو يعلمها.. أو يسترها على حرامي جايز يتذكر ستر ربنا له فيرتدع ، أو يخوف بيها ظالم جايز يتذكر فيبطل ظلم، أو يمهل بيها متجبر لحد ما يتغر بيها وبعد كدة يذوق وبال أمره فيحرم بعد كدة ..الخ..

من نواميس ربنا في الكون إن اللي بيعلم مش زي اللي مبيعلمش ، واللي بيشتغل مش زي اللي مبيشتغلش .. وربنا بيدي اللي اشتغل دنيوياً في الدنيا حتى ولو ما كانش مؤمن بيه ، فمن باب أولى احنا كمؤمنين نشتغل في الدنيا لأن احنا عارفين الحقيقة دي وعارفين إن دي نواميس وقوانين ربنا.. الذي لن تجد لسنته تبديلاً ولا تحويلاً..واللي عارف ومطالب مش زي غيره .. برضه نواميس وقوانين الله عز وجل..

طبقاً للخطاب الديني المعاصر .. محدش حيجيب سيرة المذاكرة في المثال الأولاني .. إلا من رحم ربي..

عذراً للإطااااااااااااااالة..

قلم جاف said...

أبقى مع هشام..

أتفق معاك في اللي قلته بشكل عام.. وإن كنت بأقول إن الدين أشبه بعمارة ليها تلات أعمدة .. العقيدة والعبادات والمعاملات.. لو عمود من العمارة اختل عندنا يبقى عليه العوض..

فيه ناس ممكن وفي إيديها-طبقاً لما لديها من إمكانيات وتأثير- تغير كتير من المفاهيم وتوصل الناس لحسن معاملة الناس تقوىً لرب الناس ، لكن الناس دي ألقت بالجانب التربوي ودة وتفرغوا للصراع المذهبي الأحمق على الزعامة الدينية واستغلال العبادات بل وأحياناً الجانب العقيدي للترويج لكل فرقة على حدة..