Friday, October 10, 2008

تطهير ..أم غسيل؟

في مجتمعاتنا نقسم أموراً كثيرةً على اثنين .. مع علمنا بأنها لا تقبل القسمة إلا على الواحد الصحيح.. منها "الشرف" و"الحلال والحرام".. من هنا جاءت فكرة هذا التصنيف والذي كان لكاتب هذه السطور مقال سابق فيه قبل أسابيع..

الحلال بين .. والحرام بين .. صحيح أن هناك العديد من مصادر الأموال اختلفنا ونختلف وسنختلف على مدى حلها أو حرمتها إلا أنه من المدهش أن مفاهيم الحلال والحرام تتعطل -أحياناً- في أمور معروف ومحسوم موقفها من الحل والحرمة.. وقد يوضع لها - عن قصد أو غير قصد- معايير جديدة تماماً تستسيغ وتبرر الحرام معلوم الحرمة ما دام فيه "المصلحة".. والكلمة الأخيرة شديدة المطاطية!

ومسائل الأموال بالذات تنطبق عليها الفقرة السابقة .. والمسألة أبعد بكثير مما يحدث مع كل "شرف فتح الباب"..

مثلاً.. لدينا بالتأكيد مشاريع من المعروف أنها بنيت بأموال المخدرات ،والتزييف ، والرشاوي ، ويقال "السيكو سيكو" .. ومن ضمن تلك المشاريع مشاريع خدمية ، ومستشفيات ، وعيادات ، ومساجد.. ولأن الأمر يثير "لخبطة" أخلاقية .. ولأن ديننا يدعو إلى مكارم الأخلاق.. فكان من الطبيعي أن يسأل الناس عن الموقف من التعامل مع تلك المؤسسات أو مع تلك النوعية من المال إذا ما وجهت إلى "المنفعة" العامة..

بالنسبة لي كشخص عادي .. الفتاوى التي ترد على تلك التساؤلات تنقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم واضح يرفض تلك الممارسات رفضاً تاماً ، وقسم "عقلاني" كما يقدم نفسه ، وقسم ثالث يُفهَم من فتاواه (ولعله فهم خاطئ) أنه يدعم كل تلك الممارسات المشبوهة السابقة ويبحث لها فقط عن غطاء فقهي..

نركن القسم الواضح على جنب..

وجهة نظر الفريق الثاني بسيطة.. هذه الأموال كسبها صاحبها من الحرام .. ويريد التكفير عما فعل.. فقرر استغلال هذه الأموال -الحرام- في أوجه النفع العام (حيعمل بيها إيه يعني.. حيحرقها ولا حيحدفها في البحر؟).. ما يميز هذا الفريق أنه يعلم تمام العلم حرمة تلك الأموال و"مبيجائرش" في الموضوع.. ويفترض "حسن النية" في أصحاب تلك المشاريع (رغم أن سوء النية قد يكون مفترضاً أيضاً.. بمعنى أن تلك المشاريع المبنية بالأموال الحرام تلك غرضها تحسين صورة صاحبها والرياء والمنظرة وما إلى ذلك)..

أما القسم الثالث فيصدق فيه قول الشاعر "يكاد المريب أن يقول خذوني" .. قد تكون نيته طيبة لكن ما يحدث منه يحرض على الشك.. ويُفهَم منه - أكرر- أنه يهدف لكسر الحاجز النفسي -المفروض وجوده- بيننا وبين تجار المخدرات والحرامية والمرتشين وبين ما يكسبون من أموال .. (ليه لأ ما تتعملش مشاريع من أموال المخدرات والرشوة؟) .. (هوة المرتشي يفرق إيه يا جماعة عن الشخص العادي).. وربما (إيه هو الحرام في تجارة المخدرات؟ مش ربنا بيقول "وأحل الله البيع"؟ مفيش نص في القرآن الكريم بيحرم تجارة المخدرات.. وحرمتها مكتسبة من تحريم وتجريم ولي الأمر ليها)..

لا أدعو للدخول في نوايا الناس .. سواء نوايا المفتين أو نوايا الحرامية أنفسهم.. ولكن ألا يفترض أن يكون الدين أساساً في خلق حالة من الرفض لتلك الجرائم والسلوكيات لا أن يكون غطاءاً لها؟ بعبارة أخرى: ألا يفترض أن تسهم كل الكمية الرهيبة من العلماء والشيوخ والمتحدثين والمحدثين وحتى من يسمون أنفسهم بـ"المفكرين الإسلاميين" (اللي طلعلولنا في البخت) في رفض استخدام "التطهير" كـ"ستار" لـ"الغسيل"؟ ألا يحرص كل هؤلاء على وأد فكرة "الحرام حرام طالما ما باستفيدش منه"* في مهدها؟
* وحكاية استخدام هذه الفكرة مع الفن هي محور تدوينة قادمة بإذن الله..

1 comment:

مهندس مسلم said...

انا شايف ان الناس بتتعامل مع الموضوع بشئ من الخلط واظن ده سببه قلة الوعي

رأي ان دول ثلاث مواضيع مش موضوع واحد والرابط اللي بينهم مش كافي انه يخليهم بحكم شرعي واحد ولكن قلة الوعي وقلة العلم تعمل اكتر من كده

مصر المال ده موضوع مختلف عن موضع انفاق المال والحديث الشريف بيقول ان الانسان هيسئل عن ماله من اين اكتسبه وفيم انفقه انا شايف ده دليل على انهم موضوعين مختلفين وان كان المال هو نفس المال

كمان حكم استفادة الناس من المال ده (مستشفيات مدارس .....)
امر ثالث ومختلف تماما رغم ان المال هو المال برضه

ده لان المال نفسه مش هو القضية القضيه هي ازاي اخذته وازاي تركته