Saturday, September 13, 2008

في انتظار القطيع

الناس نوعان بلا ثالث: أناس يتحركون .. وأناس ينتظرون الآخرين..أناس يأخذون القرارات والمبادرات ويتحركون فرادى .. وآخرون يضبطون إيقاع أقدامهم مع القطيع سيراً وتوقفاً..

نعم .. منا كُثُر يفعلون أشياء كثيرة في حياتهم فقط لأن "الناس بتعمل كدة".. لا بدافع ذاتي داخلي تجاه فعل الشيء.. عِش ومت وتزوج ومارس عباداتك "زي الناس".. سواء توافق ذلك أو تعارض مع ما يريحك ويرضي الله ولا يغضبه..

بمعنى أصح: حسِّن سلوكك و"اتلم" في رمضان فقط لأن الناس تفعل ذلك في رمضان.. بعد رمضان افعل كيف شئت.. فقط لأن الناس تفعل ذلك في رمضان.. اختم القرآن الكريم مرة واثنتين وثلاثة في رمضان.. وبعد الشهر الكريم انت حر.. زيك زي الناس..واظب على الصلوات في أوقاتها بنوافلها وسننها في رمضان .. ماهي الناس كلها بتعمل كدة!

لدينا في بلادنا مثل يقول "الكثرة تغلب الشجاعة" .. وحكم القطيع عندنا هو "حكم القوي" المستبد على الضعيف .. ويصبح -في نظر القطيع- كثير من نوافل الأمور فروضاً وكثير من الأشياء العادية جرائماً لا يمحوها إلا الدم.. حتى في أشياء هي كلها علاقةُ بين العبد وربه عز وجل ولا تحتمل تدخلاً من أحد حاكماً كان أو محكوماً..

مصلون
بعبارة أخرى.. وطبقاً لقانون القطيع .. أنت عرضة لتلقي استنكار ، وتوبيخ ، وتعنيف ، إن لم يكن ما هو أكبر ، فقط لأنك لا تتصرف مثل القطيع.. مثلاً.. تشعر أنك ملزم بختم القرآن الكريم ، وأحياناً أكثر من مرة .. وإن لم تفعل تتلقى توبيخاً وتعنيفاً.. رغم أنك قد تفضل ختم القرآن تدبراً لا قراءة - كما دعا إلى ذلك إمام أحد المساجد - بمعرفة معانيه وفهم ما فيه من أوامر ونواهٍ- وهو أمر قد يستغرق ما يزيد على الشهر كله.. ونفس التوبيخ والتعنيف والاستنكار والشجب تسمعه عندما ينمُ إلى علم بعض من حولك أنك لا تصلي التراويح في المسجد "الفلاني" الذي يتوافد الناس أمماً على الصلاة فيه.. "انت مبتصليش هناك ليه يابني؟ دة الراجل الإمام اللي هناك بيختم جزئين كل يوم؟ وصوته أحلى من مدحت صالح وعمرو دياب وهو بيقرا القرآن وبيغـ.. أقصد بيدعي دعاء القنوت؟".. رغم أن الإطالة الشديدة في القراءة تذهب بتركيز المصلي في الصلاة .. وغناء القرآن في الصلاة خاصةً على هذا النحو الفج والمستفز يلقي بالخشوع من الشباك .. وأنه من الممكن أن تجبر على أداء تلك الصلاة في منزلك* .. أو أن يجبرك أي مانع .. سواء عملك الليلي أو مرضك على عدم أداء تلك الصلاة المسنونة من أصله

حكم القطيع لا علاقة له بالرشد.. القطيع مكون من مجموعة من البشر يمكن الضحك عليهم واللعب بهم وتغيير تضبيطاتهم وأذواقهم.. الأمر الذي يفرغ العبادة تماماً من مضمونها..

سؤال شرير على الماشي: أليس من الغريب أن يطلب القطيع من أفراده صراحةً أو ضمناً أن يضبطوا عباداتهم على إيقاعه ، فيم ينتظر نفس هذا القطيع الفتوى الدينية في أمور لم ينزل فيها القرآن الكريم ولم يتحدث عنها الرسول عليه الصلاة والسلام؟

أن تؤدي عباداتك بوازع داخلي من نفسك خير بكثير من أن تنتظر قطيعاً لا يستأسد إلا على أفراده ويحتاج دائماً لمن يقوده ويحركه..

3 comments:

77Math. said...

معك حق في كلّ ما قلت .. الأدهى والأمرّ من ذلك أنك حين تخبر أحدهم بمنتهى الهدوء أن هذا ليس من الدين في شيء..

قالوا بمنتهى الثقة: واجب علينا نتبع العرف، وماجرى عليه العرف من الدين

بينما يقول الله عز وجل: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل الله !!!

تحياتي

دار العين said...

لو عندك أ سئلة بخصوص سياسة النشر في دار العين
يرجى مراسلتنا على الايميل
ainpublish@hotmail.com
……….

goodman said...

انت كدة بتلعب بالديناميت