ذات مرة .. أفتت دار الإفتاء في مصر بفتوى لا تجيز توريث الحكم شرعاً تحت أي مسمى.. نُشِرَ عن تلك الفتوى ما نشر ، وتم استقبالها وقراءتها بشكل متباين.. فحركات الإسلام السياسي والمعارضون خاصةً المدعومون من "المال السياسي"- الحقيقة الأكبر في السياسة المصرية الحالية- رحبوا بالفتوى أيما ترحيب .. بينما التزم "الحزبوطني" و"آخرون" الصمت..
"مصطفى الفقي" كان من بين الرافضين لتلك الفتوى ، وله مبرراته و "دوافعه" التي لا نريد أن نخوض فيها.. وكان مما قال لموقع "محيط" دوت كوم : "التوريث ليس قضية دينية وإنما مسألة سياسية، وهو تعبير يستخدم في الأنظمة الملكية، أما في النظام الجمهوري فيتم اختيار رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع الحر المباشر كما ينص على ذلك دستور البلاد".. كلام جميل كلام معقول ما أقدرش أقول حاجة عنه من الظاهر .. قلناه كثيراً بطريقة أو بأخرى - ونصر عليه -وقتلناه بحثاً حتى كاد أن يموت.. لا جديد!*
ولكن في اعتقادي أن الرجل حكم على تلك الفتوى من الخارج..
في الفتوى جزء مهم جداً.. نهديه لـ"حبايبنا الحلوين" الذين يعرضون خدماتهم على النخبة الحاكمة وأحياناً على المال السياسي باسم الدين.. والذين نسوا في غمرة ممارسة هوايتهم الذميمة أن الأمور "مش سايبة":
"الشرع لا يمنع ولا يفرض نظاما معينا لصورة الحكم، سواء كانت هذه الصورة ملكية أو جمهورية، أو أى نظام آخر يتفق عليه الناس، ويحقق مصالحهم العليا، كما أنه لا يمنع من الانتقال من نظام إلى آخر إذا ارتضى الشعب ذلك، واجتمعت عليه كلمتهم".
قد نختلف مع الحيثيات .. وقد يرى بعض منا ومنهم كاتب السطور أن النظم السياسية التي حكمت الدول والدويلات الإسلامية سواء في عصر الدولة المركزية (الخلافة) أو في العصر الحالي حكمتها متغيرات سياسية واجتماعية ومعرفية هي صنيعة كل زمن على حدة ، وما يصح فيها قد لا يصح بالضرورة في غيرها.. وقد يرى البعض -ولهم وجهة نظر وجيهة في ذلك-أن الموضوع "مش طالب فتوى".. لكن الجزء السابق يوجه لطمة قوية لكل الانتهازيين والمستفيدين باسم الدنيا وباسم الدين.. تعالوا ببساطة "نفصص" ذلك الجزء على طريقة القانونيين.. وبشكل مبسط..
"الشرع لا يمنع ولا يفرض".. لا قال آه ولا قال لأ..أي أن المسألة كما قيلت في الفتوى "دنيوية" .. وعليه فما يقال عن "أهل الحل والعقد" فيما يسميه البعض "اجتهاداً" من السيد "المفكر الإسلامي" إياه لا محل له من الإعراب ولا محل له إلا المتاحف.. ولا يُقبَل أن نسمع أن فلاناً قد "بايع" الحاكم أو الرئيس الفلاني في بلد اتفق أهله على الانتخاب كوسيلة لاختيار الحاكم.. ولا أن نسمع أن "أحدهم" أعلن ذات الحاكم "أميراً للمؤمنين" في عصر غير العصر وزمان غير الزمان..
والاستنارة هنا كما أراها هو الاحتكام لمعيار المصلحة العامة ، لمبدأ "لا ضرر ولا ضرار" في مسألة لم يرد فيها نص بحل أو تحريم.. وعليه فإن الشأن الذي له علاقة بالمصلحة العامة يترك تماماً لمن تخصهم المصلحة العامة.. استنارة أتمنى أن أراها في فتاوى أخرى..
تلك الكلمات التي وردت في نص الفتوى كافية جداً جداً وتغني عن كل ما سبقها.. وهو درس لجماعات الإسلام السياسي أو قيادات التيارين الصوفي والسلفي أو أي باحث كان عن غطاء "ديني" لتحقيق مصلحة مع النظام أو ضده..عظة لمن يتعظ.. إن كان يرد .. أن يتعظ!
هكذا رأيت تلك الفتوى.. كيف ترونها؟ الكرة في ملعبكم زواري الكرام..
تحديث 6/8: الحزبوطني وصحفه قدوة حسنة لجميع المتطرفين والرجعيين في السير عكس الزمن.. والدليل هو هذا الفاصل من الهراء المركز..
* وإلا لكنا رأيناه وقد هاجم الفتوى إياها..
* وإلا لكنا رأيناه وقد هاجم الفتوى إياها..
6 comments:
هو الفتوي التي تجيز التوريث تستند الي حقن الدماء بدل من الصراعات وتستند الي قيام معاويه بتوريث ابنه وهو كاتب الوحي
اذن ان لم تقبل بجمال البديل سيكون حرب واراقه دماء وحقنا لتك الدماء لازم تقبل بالتوريث وطبعا الدماء دي ها تكون دماء المعارضين للتوريث
يعني نوع من التهديد الخفي
يا تشيلوا في رقبتكم زنب اراقه دم الناس يا تقبلوا التوريث والي هنا الكلام منطقي جدا في ظل عدم وجود نظام محدد لاختيار الرئيس ولا نائب ولا نظام ديموقراطي يحدد كيفيه انتقال الحكم من رئيس الي اخر يبقا طبعا البديل هو الفوضي واراقه دماء الناس
!! كلمه حق لا يراد بها حق الحق هو صنع نظام واضح ومحدد وديموقراطي ومؤسسي لتغيير الرئيس ولتبادل السلطه بشكل محترم وامن
مش ندور معاويه عمل ايه قريش كانت بتعمل ايه
تحياتي
ومن فضلك اه احد لينك
عن أبي هريرة قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين أراه السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . رواه البخاري
بالطبع التوريث يتسبب في توسيد الأمر إلي غير أهله. الحاكم يجب أن تتوافر فيه مواصفات معينة ليقوم بمهامه منها المعرفة السياسية و الحكمة و التدين و إمتلاك موهبة الإدارة، الخ.
لا يمكن أن تتوافر نفس المواصفات في أسرة واحدة عبر الأجيال المختلفة لأن هذا ضد المنطق، و بالتالي فإن التوريث هو بالظبط توسيد الأمر إلي غير أهله.
حتي إن إتفق الشعب بالأغلبية علي قبول التوريث كنظام لتداول السلطة كما في النظام الملكي فإن هذا لا يعني أن هذا مقبول دينياً، لأن الأمريكيين مثلاً كأغلبية يوافقون علي إباحة الخمر، هذا لا يعني أن نبيح الخمر لمجرد أن الناس يوافقون علي شربها بالأغلبية.
هناك نصوص " مقبولة " حديثيا اي انها احاديث ذات مصداقية تحث علي بقاء الحكم في فئة معينة او طائفة معينة مثل القريشيين
وان كانت هذه الاحاديث في رأيي وقتيه وظرفية تاريخية ولا علاقة لها بما نتحدث عنه الان
ولكنها سببت هي وغيرها من النصوص واوضاع المسلمين التي امتلئت بالفتنة في اوقات الاسلام الأولى " وضعا فقهيا " تحت يافطة " درء الفتنة وكف الدم وحقنه " بالشكل الذي تأصل واصبح جزءا لا يتجزأ من نظريات السياسة في الفقه الاسلامي
وبقت حتى يومنا هذا
وعشان كدة فيه اشكالية في التراث طبعا
وفيه حاجات انتهت صلاحيتها وهي كثيرة ولازلنا نستند اليها
ولكن ما اؤمن به انا هو ان الله لم يأمرنا بشكل معين لانظمة الحكم
بل أمر بالعدل
وحثنا علي خلافته في الارض اي رعاية كل ذي حق واعطائه حقه
وهذا هو الثابت الوحيد الذي لا يتغير وهو يتسق كلية مع القيمة العليا في الاسلام الا وهي العدالة
فكل نظام لا يعطي الناس حقوقهم فهو لا يعتد به
ولو قبلنا بنظام دون نظام فليكن مبنيا علي ان احدهما اقل ظلما من الاخر
وفي النهاية الشكل ليست له قيمة
بل المضمون
واعتقد ان اي نظام عادل يحكمنا هو النظام الذي ارتضي به
وكفي
السيد الفقى هو من اكبر المفكرين في بلادنا
يكفي أنه أقنع الناس أنه مفكر أصلا
"وهو درس لجماعات الإسلام السياسي أو قيادات التيارين الصوفي والسلفي أو أي باحث كان عن غطاء "ديني" لتحقيق مصلحة مع النظام أو ضده"
يعني ايه الكلام دا ؟؟؟؟ احنا ليه دايما نتهم الناس في نواياهم بدل ما نناقش ارائهم بصورة حيادية انا قرات ليك قبل كدا واعجبت ببعض ما كتبت لكن بصراحة مش عجبني الاسلوب دا في المناقشة يا سيد مش لازم كل انسان بيدعو الي الله بوجهة نظره يكون له اجندة سرية يسعي لتمريرها من خلال غطاء ديني ياريت نبقي حياديين في كلامنا عن الناس
سلام:
معلهش.. انت اللي دخلت شمال هذه المرة.. مَن هم الذين أتهمهم في نواياهم دون أن أناقش أفكارهم؟.. وكيف أتحدث عن حيادية أناس لهم مواقف "واضحة" مع هذا أو ذاك ، بما أن المحايد لا مع دة ولا مع دة؟
فتوى جاءت علانيةً من مسئول كبير في أحد أكبر الكيانين السلفيين في مصر ولم تعلق تلك الجماعة أو ذلك الكيان عليها ..
موقف أقره علانيةً الرجل الكبير في الطرق الصوفية وهو "ملزم" بشكل غير مباشر لمن تحته في هذا النوع من الكيانات التنظيمية..
أما جماعات الإسلام السياسي فهي تمارس السياسة علانيةً وربما تتحول مع الوقت لأحزاب سياسية دينية مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا مثلاً.. وطالما أنت في لعبة السياسة فسيكون عليك أن تتخذ موقفاً وأن تتحالف مع هذا وضد ذاك..
عندما أتهم شخصاً ما في نواياه - كما قلت - فإن نواياه تلك قد تكون مبهمة بشكل صارخ بالنسبة لي حتى أشك فيها.. والمشكلة أن نوايا كل المذكورين -وأضف إليهم الحزبوطني- واضحة وضوح الشمس في كبد السماء هذه الأيام من العام ..
أما "مناقشة آرائهم بشكل حيادي" فهذا شيء آخر أريدك أن توضحه لي.. فهذا مبهم وغامض بما فيه الكفاية على حق..
Post a Comment