كتب زميلنا العزيز ابن عبد العزيز عن الفيلم الهولندي الأخير ذي النبرة العنصرية المستفزة.. تدوينة ابن عبد العزيز تحمل وجهة نظر أحترمها ، وفي نفس الوقت أختلف معها بشدة .. و"أهي فرصة" أيضاً للتفكير في نفس الشارع الذي كتبت عنه الجزئين الأولين من هذه التدوينة..
يقول ابن عبد العزيز أن الفيلم لا يهاجم الإسلام ولكنه يهاجم ما وصل للغرب عن الإسلام ، واستشهد بما فعلته تنظيمات متطرفة كالقاعدة وخلافه .. ماشي..
لكن هل المسألة مسألة صورة؟
طبقاً لفرضية صديقي ابن عبد العزيز الفيلم مبني على صورة ، وبالتالي فإنه طبقاً لأشخاص منهم الدكتور عبد المعطي بيومي وآخرين علينا التحرك لتحسين تلك الصورة.. وكأننا يجب أن نتجمل لهؤلاء لكي نحصل على شهادة حسن سير وسلوك!
بني الفيلم على فرضية أقل ما يقال عنها أنها حمقاء ، وهي أن كل المسلمين يعملون بالنصوص ، وهذا غباء مركز ، مثله تماماً أن نشرح للعالم الغربي أن ديننا أحسن دين وأن نحدثهم عن سيرة الرسول الكريم ، فالرسول الكريم هو النموذج الأفضل للدين بما أنه هو الذي أرسل واختير من الله عز وجل ليحمل رسالته ، وأن الناس أجمعين مهما بذلوا من جهد فلن يصلوا لامتيازه في التطبيق ، وأنه في أي تجمع بشري يختلف التطبيق عادة عن "النموذج" وإلا فنحن نعيش في يوتوبيا لا وجود لها على الكوكب الوحيد الذي يسكنه البشر!
نية "التلكيك" كانت واضحة في الفيلم وضوح الشمس ، ولم يفعل البيه الهولندي أكثر مما فعله المتطرفون أنفسهم ، كل منهم فسر النص بمزاجه الشخصي ، وما فعله لا يختلف كثيراً في السوء عما فعلوه..
وما دمنا نتحدث عن الصورة ، فإن الروح العنصرية تجاه المسلمين لم تكن وليدة 911 ، الإسلام دين قديم في أوروبا وقد دخلها على مرتين رئيستين ، الأولى على يد الأتراك والثانية على يد المهاجرين الذين وفدوا من بلاد الشرق الأوسط وساعدوا على تكوين أكبر كتلة "لا أوروبية" في القارة العجوز ، أكبر ربما من الأفارقة الذين يسكنون فرنسا ويشكلون نسبة معتبرة من تعدادها.. هم حساسون "بعض الشيء" من أي "جسم غريب" يدخل مجتمعاتهم..
لم يتطرق صانع الفيلم إلى سلوكيات المجموعات التي تعيش في هولندا نفسها وفي غير هولندا ، والذين ينقسمون إلى أقسام سبق شرحها في الجزء الثاني من "هاللو هولندا".. لم يتطرق حتى إلى سلوكيات القادمين بسلوكيات وأفكار مذهبية خاطئة ومتطرفة وبعيدة كل البعد عما جاء به الدين الحنيف ، ولا إلى سلوكيات المتطرفين دينياً وعالمانياً الذين دخلوا البلاد الأوروبية كلاجئين سياسيين..ولم يعبأ صناع الفيلم بوجود مسلمين هولنديين أباً عن جد..وهؤلاء كلهم أجمعون "قدام عينيه" ويستطيع البحث عن وفي سلوكياتهم للحصول على صورة "أوضح" عن الإسلام.. هذا إن كان الرجل منظماً في تفكيره ويعرف الفرق ما بين الصورة والكتابة .. النموذج والتطبيق..
لكنك عندما تحلل طريقة تفكيره تكتشف أنك أمام "اللمبي" الهولندي .. مجرد جعار مذهبي ولكنه صناعة هولندية ولا يتخير عمن لدينا بصراحة ربنا، نقيم وزناً له على أساس عقدة الخواجة ليس إلا (بما أننا لا نكترث لـ"صورة الإسلام" في نيبال مثلاً)..نقيم وزناً له ولأمثاله وندعو إلى الحوار البناء وشرح تعاليم الإسلام السمحة.. عن نفسي أرى أنه فرصة سانحة لكي نعرفه ولنخجل من أنفسنا أن لدينا أمثاله ، حتى من الأتاتورك!
هل جربنا التعامل مع عنصريين وجعجاعين، سواء في بلادنا أو في هولندا؟ صورة دينك أو وطنك أمام العنصري لن تتغير للأحسن ولو عملت له قرد .. حتى وإن شرحت ووضحت وطبقت فلن يطيق دينك ولن يطيقك.. كان الرسول الكريم وهو النموذج حياً ولم يؤمن من في الأرض جميعاً ولم يعجب الدين الجديد أكثرهم.. تذكروا تلك الحقيقة في تفسير آية في سورة الرعد نزلت عندما هزا الكفار بالرسول الكريم.. اذن عليك أن تدرك ولو للحظة أنه ليس كل من في الأرض سيستخف دمك وسيحترم ما تؤمن به سواء أكنت تطبقه بشكل سليم أو بشكل خاطئ .. عليك نفسك ودع أي عنصري ينبح..عليك نفسك في دارك وفي داره..
أي عاقل من وجهة نظري المتواضعة جداً يدرك أن الصورة لا تعكس الكتابة.. والله أعلم..
حاشية ختامية : لا تفرحوا عندما تسمعون أن ألف هولندي قد اعتنقوا الإسلام بعد الفيلم ، فتلك الأخبار إما أن تكون من صنيعة الجاليات الهولندية المسلمة كنوع من أنواع رفع الروح المعنوية ، أو من العنصريين نفسهم كنوع من أنواع الاستنفار لمواجهة الغرباء الذين زاحموهم في بلادهم..علينا التعامل مع تلك الأخبار بكل حذر متاح..
No comments:
Post a Comment