Friday, February 22, 2008

هاللو هولندا - الجزء الثاني

وعد العبد لله في وقت سابق أن يخصص كلامه في هذه التدوينة عن الجاليات المسلمة في الغرب.. والآتي بعد هو مجرد تفكير بصوت عال brainstorming في حدود مبلغي من العلم عن تلك المسألة.. خواطر غير مرتبة كما اعتدت.. ويبقى أن تشاركونني النقاش فيه بهدوء وعقلانية..هذه المرة سأضعه في صورة "س" و "ج" على طريقة المذكرات السمجة للدروس الخصوصية..

س: مم تتكون الجاليات المسلمة في الخارج؟ وما الفرق بينها وبين غير المسلمين في مجتمعاتنا؟

ج-الجاليات المسلمة في الخارج مكونة من :أ)مسلمين من سكان البلد..مثلاً آمنة زهاو زينج، عبد القادر علييف ، محمد شينيتجر ، يوسف واطسون ، الحسن إيبوندا*.. و ب)مهاجرون من دول العالم الإسلامي سيلي ذكرهم فيما بعد..

الفرق كبير بين الجاليات المسلمة في الخارج وغير المسلمين في العالم الإسلامي..فالإسلام عندما دخل بلداناً كان من الطبيعي جداً أن يكون بها غير مسلمين متمسكين بدياناتهم الأصلية ، هؤلاء هم من أهالي تلك البلاد وليسوا مهاجرين إليها وهم جزء من نسيج مجتمعاتها مثلنا تماماً .. ونحن وهم شركاء في أوطاننا التي نحن مواطنون فيها (ومسألة التعايش مع غير المسلمين من أبناء البلد معروفة وقديمة قدم الدين الإسلامي نفسه.. قراءة في السيرة تؤكد ذلك)..

أما الجاليات المسلمة في الغرب فالأمر يختلف.. أغلب الجاليات أو نسبة كبيرة منها جاءت من دول العالم الإسلامي.. وليسوا من تلك الدول.. هناك كما سبق الذكر مسلمون من أهل البلاد منهم من دخل الإسلام عن اقتناع ومنهم من هم جيل ثاني أو ثالث من المسلمين.. مثلما في ألمانيا مثلاً..

س: ماذا عن المهاجرين القادمون من دول العالم الإسلامي و"الشرق الأوسط" تحديداً؟

ج- أقول لك..

يمكن تقسيم هؤلاء ،وهم الأعلى صوتاً والأكثر تأثيراً إلى الفئات الآتية.. ومفيناش من عصبية:

1)مجموعة من الكفاءات التي تم تطفيشها من بلدانها ، ومعهم مجموعة من الذين سافروا للخارج بغية تحسين أوضاعهم المعيشية معتمدين على خبراتهم وعملهم وكفاحهم.. وهؤلاء واجهات محترمة لبلدانهم ولدينهم.. بعكس الباقين..

2)مجموعة من الذين سافروا للبلدان الغربية-تحديداً- بسبب ما يعدونه "اضطهاداً مذهبياً" أو فكرياً عانوا منه في بلادهم ويسعون للعب دور (أو العيش فيه) يصبحون بمقتضاه مؤثرين في بلدانهم.. آل إيه : لجوء سياسي وفكري ومذهبي.. ومن هؤلاء سلفيون ، وجهاديون ، وشيعة ، وأحباش ، ومستصوفين، ومن جماعات الإسلام السياسي ، ومن هؤلاء أشخاص من آحاد الناس (يعني اللي زيك وزيي) ومفكرون ومنظرون وقياديون في جماعات متطرفة..ونسبة كبيرة من هؤلاء "أرزقية"- بتوع أكل عيش وبيزنس وشهرة وميديا- وليسوا أصحاب مبادئ كما يزعمون..

وهناك نسبة من آحاد الناس من هؤلاء دخلوا تلك البلدان بشكل غير شرعي ، ويعرفون تمام المعرفة بمدى الخلاف والعداء الديني والفكري بين ثقافاتهم وأديانهم من ناحية وثقافات وديانات ومعتقدات المجتمع "المستقبِل" من ناحية أخرى..

الفئة الثانية هي فئة "القلق" والمشاكل.. الأعلى صوتاً.. الأكثر بحثاً عن النجومية والأضواء والبطولة المصطنعة..

س: ما هو حجم الضرر الذي سببه هؤلاء للنماذج الإيجابية الوافدة على بلدان العالم الغربي أو لمسلمي العالم الغربي ؟

ج- كبير..

أولاً.. سيطرة هؤلاء على الوسط "المسلم" هناك عززت لدى العالم الغربي قناعة كبيرة بأن هؤلاء هم مجموعة من الغرباء وبأن الإسلام دين غريب على مجتمعاتهم وأنه من "غير المألوف" أن يعتنقه أهل تلك البلاد الأصليين الذين يرون أنه لا تعارض بين مواطنتهم لتلك البلدان وبين اعتناق الدين الحنيف.. وبالتالي يتعاملون مع مسلمي تلك البلاد كأنهم "مش تبعنا"..وكلكم يعرف ماذا يمكن لمجتمع فيه ثقافات عنصرية كارهة للآخر (ولنفسها بالتأكيد) أن يفعل بمن هم أبناء ثقافات وأديان أخرى.. تذكروا النازي الجديد في النمسا وألمانيا وكيف أن تلك الحركات "إيدها طارشة" في التعامل مع القريب والغريب "اللي مش تبعهم"!

ثانياً.. جاء هؤلاء إلى تلك البلدان بكل عيوب ثقافات بلدانهم وأفكار مذاهبهم ، إشي شللية وإشي فهلوة وإشي تطرف .. إمام مسجد قريب من بيتي كان في بعثة إلى بلجيكا.. وشاهد مساخرهم وأفكارهم الغريبة وهي تنزل على رءوس المسلمين وغير المسلمين من البلجيك كالصاعقة وتصدر لهم المتاعب.. أنصحه شخصياً بتأليف كتاب عن تلك التجربة يحمل عنوان : المشاهدات الأنتيكا في عموم بلاد بلجيكا!

ثالثاً.. لم يتعظ هؤلاء -وأعني هنا آحاد الناس- من تجارب غير المسلمين في العالم الإسلامي..

غير المسلمين في العالم الإسلامي عملوا واجتهدوا ولكل مجتهد نصيب .. منهم من اشتغل بالطب وبالاقتصاد وبالعلوم وكانوا إيجابيين ، والكلام ليس وليد الآن بل منذ أن صار للمسلمين دولة وخلافة وحتى اللحظة التي أكتب فيها..هؤلاء اكتسبوا بسلوكياتهم سمعة طيبة وإيجابية في بلداننا ، وكان أولى بنا كمسلمين يحتوي ديننا على مكارم الأخلاق أن نكون بنفس المستوى بل وأعلى..بل ركنا إلى السلبية والبلادة..

وأخذ من هاجروا تلك السلبية والبلادة معهم إلى بلاد المهجر.. مضافاً إليه فتحة الصدر الشهيرة "جايلك يا هولندا".. لا علم .. لا خبرة.. لا إصرار.. وبالتالي أعمال هامشية(غسيل صحون.. كنس شوارع) .. والعيش في قاع قيعان الفقر والتهميش.. وبالتالي العنف والاضطرابات التي عززت أسهم اليمين المتطرف في بلد مثل فرنسا.. وكانت النتيجة وصول "ساركوزي" إلى الحكم.. وهو وزير الداخلية الذي قمع المهاجرين إبان حكم "شيراك" في أشهر أعمال عنف عرفتها بلاد الفرنسيس..

وبالتالي صار المجتمع المسلم في الغرب مهمشاً ، خارج الحسابات ، لا خاطر له ، ولا اعتبار لمشاعره..فضلاً عن كونه مفتتاً بين المغتربين وأهل الدار.. أغنياؤه منفصلون عن فقرائه ، ومتطرفيه أعلى صوتاً من معتدليه..

س: هل قصرنا في بلادنا في حق هؤلاء؟

ج- طبعاً .. وأسهمنا في زيادة عزلتهم.. وجعلنا المحترمين وأهل الدار يدفعون الثمن غالياً..والسبب أننا في مجتمعاتنا "مش فاضيين" .. فالزعامة الدينية هي كل هم الكثيرين في بلادنا وليخبط "اللي مش عاجبه" رأسه في أقرب حائط..والحيطان كتير!

هناك مليارديرات ينفقون أموالهم في الخارج في "الليدو" و"الفولي برجير" هنا وهناك ويزعمون أنهم أصحاب قضية ثم يتجاهلون أي عمل مفيد لمسلمي أو لعرب الخارج من بني جلدتهم ووطنهم..

س: أفهم من ذلك أنك من أنصار الطرح الذي يحملنا نحن مسئولية ما يحدث للغرب من مشاكل؟

ج- طبعاً لأ.. بل إني أعتبر هذه الفرضية قمة الدونية.. نحن جزء مما يحدث وليس الكل.. فعلى الجانب الآخر هناك عنصرية ونفاق مقيتين وازدراء للآخر.. وأنه كما أنه يوجد في الخارج من ليس لديه مشاكل معنا ، ومن يرى أننا طيبون ولكن لنا مشاكل ، فهناك نسبة مؤثرة تصوت لـ"جان ماري لوبان"- ساركوزي قطة وديعة بالنسبة له- ليس بسبب أوضاع الأقليات ولكن بسبب اعتبارهم لكل ما هو مختلف عنهم من كل جنس ولون مجموعة من القرود.. ومن هؤلاء من وصل لمناصب ولأماكن هامة بالانتخابات الديمقراطية لا بالسحر ولا بـ"الشبشبة"..والأنكى أن لدينا من هم "دلاديل" لهؤلاء ينسون تلك الحقيقة أو يتناسوها استعباطاً.. وعندما يردون على أي سفالات ترد من الغرب نجدهم يردون بالاعتذار و "أطبطب وأدلع".. لكن كان حرياً بنا أن نعرف مع مَن نتعامل وتركيبة المجتمع الذي نواجهه..

كيف يقبل "س" من الناس يعلم أن هذا المجتمع العلاني يزدري الإسلام وبه عنصريون يمكنهم إحراق بيته وتشريده في الشوارع وجعله "يمشي يبص وراه" أن يعمل فيه ويعيش ويستوطن.. وهو نفسه كان ليكون في الصفوف الأولى لأول مظاهرة تهاجم نفس المجتمع لو كان بقي هو في بلاده؟.. وأين - في المقابل- في بلادنا فرص العمل والنجاح والثقافة التي تبعد هذا الـ"س" عن الحاجة للسفر لبلد فيه من يزدري ديني ويحتقره؟

الزميل "محمود المصري" قال في معرض رده على الجزء الأول من هذا المقال أنهم يحتاجوننا.. ماشي .. بأمارة إيه؟ هل جعل الوافدون من بلادنا من أنفسهم رقماً صعباً في بلاد المهجر أم أن حاجتهم لنا هي حاجتهم لبضاعة ستجد حتماً من يشتريها في بلادنا أو في غيرها؟.. صدقني كان الوضع ليختلف لو أن المهاجرين كانوا رقماً صعباً.. لو أن مصداقيتهم كانت عالية لدى مسلمي أهل الدار.. لم تكن الصورة لتكون بهذه القتامة ولم تكن ردود أفعالنا هنا لتكون بهذا الغباء ..عذراً للإطالة الشديدة التي جعلت من هذه التدوينة الأطول في تاريخ مدونة "الدين والديناميت"..
* أسماء افتراضية..

2 comments:

Anonymous said...

انا سمعت فعلا عن الفئات التلاتة اللى انت وصفتهم من خالى هو عايش فى هولندا من زمان اوى والغريبة انه لما بييجى واولاده تلاقى رغم ان اولاده بيروحوا مدارس اسلامية ايام اجازتهم واندماجهم مع مسلمين الا ان مازال ينقصهم الكثير عن دينهم مجرد معرفتهم تقتصر على معلومات عامة
وهما نفسهم بيعانوا فى هولندا من بعض اضطهادات بالرغم ان والدتهم هولندية بس ده بيدل على ان المجتمع فعلا رافض اندماج اى حد بيختلف معاه

قلم جاف said...

اختصرتيلي نص الطريق..

ح أقول لك حاجة..

من كذا سنة طلعت في دماغي إني نفسي أشتغل في القاهرة واستقر هناك.. يمكن انبهار إقليمي ساذج بالعاصمة المدللة (مع إني مش ريفي وإن كان بالطبع لي الشرف لو كنت).. فكانت الحاجة بتقول لي كلام بسيط شديد الأهمية:

طب حستكن فين هناك؟ ولا حتروح هناك وتقول أنا أهه يا مصر؟

كلام سليم تماماً..

يبقى اللي رايح يهاجر سواء بطيارة أو على مركب .. شرعي ولا عرفي لازم يعرف طبيعة البلد اللي رايحها ..واللي مهاجر هناك أديه عارف والقرار في إيده ..يا يفضل هناك ويحاول يبقى عضو فاعل وينجح في اللي فشل فيه في بلده يا يرجع ويبطل شغل في بلد بيسيء لدينه وعقيدته وياريته بيشتغل فيه شغلانة كريمة..