same same..
هذه العبارة التصقت كثيراً بشعوب شبه القارة الهندية ومن حولها خاصةً من يعمل منهم في دول الخليج النفطية .. وقصتها -والعهدة على أحد أساتذتي في الجامعة- أنه عندما يطلب أحدهم طعاماً في مطعم متواضع فيقول أحدهم صنفاً ما .. ولكي يقول أي منهم أنه يريد نفس الصنف يكتفي بقول عبارة same same..
خطر هذا التعبير على بالي عندما أردت الكتابة في هذه التدوينة..
لك أن تتخيل أن السلفية المتطرفة على سبيل المثال قد توصل الناس لنفس التأثير الذي يريده بعض العالمانيين والداعون لإقصاء الدين تماماً عن الحياة.. فهذا الخط المذهبي يمعن بشدة في التركيز على العبادات بكافة أشكالها ويتجاهل المعاملات رغم أهميتها في الإسلام ، ويمعن في عزل الناس عن حياتهم الدنيا بالكامل ، وهو يشبه كثيراً ما يريده خصومهم التاريخيون -الصوفيون- بعزل الدين عن الدنيا ، وهو ما يريده خصوم الجميع من متطرفي العالمانية المؤمنين بأنه لا دين في الحياة ولا حياة في الدين!
لك أن تتخيل أيضاً أن السلفية والصوفية قد يوصلان الناس لنفس التأثير الناتج عن التبرك بالأشياء ، ففي الوقت الذي ابتدع فيه الصوفيون وآخرون التبرك بالأضرحة والقبور ، ويبرر ذلك منافقوهم في الصحف "الموس- تا -قلة" بأنها مسألة "رمزية" ، نجد قناة ما تقيم مزاداً للتبرك بمقتنيات الشيوخ .. نفس الفعل ولو من بعيد..
قد يقول القائل بأن هناك مزادات مشابهة على مقتنيات فنانين ولاعبي كرة .. وأقول بأنه رغم أن مثل تلك المزادات تنطوي على "هوس" بتلك الشخصيات قد يتخطى حدود المقبول عقلاً .. فإن تلك الشخصيات ليست شيوخاً ولا علماء دين .. وقد يثير اتباع مثل هذا التقليد السخيف معهم أيا كانت دوافعه الخيرية حساسية أشد لدى عامة الناس الذين أنا واحد منهم .. (ولا حاجة للتذكير بأن هناك ألف طريقة لعمل الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين غير هذه التقليعة)..
من المذهل أن يتباين هؤلاء فيما بينهم ، ويتطرفون في انتماءاتهم ، ويهاجمون بعضهم البعض إلى أقصى مدى ، ويدعي كل منهم أنه الاعتدال وغيره التطرف ، أنه الحقيقة وغيره الأوهام .. بينما كل هؤلاء يبدون كسلسلة من المطاعم تتنافس في تقديم نفس صنف الطعام الذي يصيبك بتلبك معوي في نهاية الأمر.. وإن كان من المهم القول بأنه عندما تتلبك معدتك فإنك لن تسأل كثيراً عن مكونات الطعام التي فعلت بمعدتك تلك الفعلة ، طالما أنه من نفس الصنف الذي تقدمه كل المطاعم التي تتنافس على انتمائك ، وولائك ، وتعاطفك ، و"مصاريك" ، ومصارينك ، ومصيرك أيضاً..
5 comments:
مبروك لون المدونة الجدبد
.....
انا مليش تعليق مباشر على التدوينة
رغم انى متابع جبد جدا لها
لكن فكرة التنميط بتستفزنى
لأنها حالة مشتركة
سواء علمانية او دينية
......
كل المؤسسات عايزاك سواء
عايزاك كمستهلك للأفكار انك تكون نموذج حى و مباشر ليهم
لأنك لما تكون نموذج مباشر شبه الاصل
فكأنك بتعمل نوع من انواع الدعاية و الاعلان و الترويج لتلك المؤسسة مما يؤدى الى انتشارها و لمزيد من المكسب الى تلك المؤسسةاللى انت اصبحت نموذجها المفضل و الاثير
علشان كده بيبعوا مقتنيات الشيوخ و الفنانين و التبرك بالاضرحة كنوع من انواع تحويلك الى نمط مكرر لتلك المؤسسة
حالة مريحة للذهن
لأنها بتنزع المسئولية المباشرة عن مستهلك تلك الافكار
زى الهندى فى المطعم
لو بطنه وجعته
حيريح دماغه و يقول لزميله
الله يسامحك انا اكلت زيك و بطنى وجعتنى انت المسئول
عِبس :
فكرة ممتازة فاتتني وقت كتابة التدوينة نفسها ، نسيت فعلاً إني أقول إن كل دول مبيشتركوش بس في محصلة اللي بيعملوه أيا كان اختلاف خلفياتهم ، دة كمان كلهم عايزينك فوتوكوبي لأنهم مش شايفين غير لونهم بس.. أما عقولهم فمش قادرة تصطاد أي أطياف تانية..
وفاتتني كمان الفقرة الأخيرة اللي هية أجمل ما في تعليقك..
هو المفروض بقى ان الاستاذ اللى هيشترى كرسى محمد حسين يعقوب وكل المشايخ اللى قعدوا عليه يقرأ الفتحة كل يوم الصبح ويلف حولين الكرسى سبع مرات منتهى الوقاحة
المهم يا استاذ انت مش شايف ان اللى كان مفروض يتحط مع السلفيين هما الشيعة مش المتصوفة على اعتبار ان الشيعة والسلف وجهتين نظر كل منهما متطرف فى مجاله
انا شايف ان المتصوف ناس طيبين جداوان التصوف هو السنة الحقيقية
بص بس على فكرة بالرغم انى بدافع عنهم الا انى رافد بعض التفصيلات الصغيرة اللى جوه كل طريقة
بس بجد فكرة التصوف بشكل عام فكرة محترمة جدا وبالنسبةلى اناتقدر تقول عليا متصوف عرفانى مش متصوف طرقى
يعنى مقدرش امر بجانب اى مقام الا لما اقرا الفاتحة عليه
كل ما بتضيق عليه بصلى على النبى 100 مرة بس ودمتم
صدقنى الموضوع ماهوش بالصورة الغامقة دى اه فى شوائب بس فى حلاوة
تحياتى
عزيزي هيثم..
1-في داخل كل طيف هناك الأخيار والبسطاء وهناك المنظرون والمتحذلقون.. مشكلتي مع الأفكار أكثر ما هي مع البشر أنفسهم.. مشكلتي في فكرة تصور الشوائب كلها على أنها الحلاوة كلها.. دة حتى بيعميك عن الجانب الإيجابي اللي في الفكرة نفسها!
قلت في وقت سابق أننا كمسلمين عاديين فينا من التصوف والسلفية والتشيع حتى ، لكن من الصعب عليَّ مثلاً أن أغلب طيفاً على آخر.. ربما لشعوري بأن هناك ما هو إيجابي في كل تصور لكنه وحده لا يكفي لأن يكون "الدين كله"..هذه هي إحدى مشاكل التمذهب ببساطة شديدة وعلى وايت ووتر!
2-تاريخياً أسهم التصوف بعد خروجه من طابعه الفلسفي ومعه التشيع في جعل الشيء كل شيء..من التبرك بالأضرحة والآثار العينية إلى .. إلى .. إلى.. ودة موضوع ماهواش ابن امبارح زي ما التعبير الدارج بيقول .. لكن ما أصابني بحالة عارمة من "الازبهلال" هو أن السلفيين الذين قدموا أنفسهم على أنهم المخلص والمنقذ للأمة من الخرافة أصبح لهم في نفس اللون اللي انتقدوه..
فضيحـــــــــــــة بالسعوديـــــة
http://gamal51.blogspot.com
Post a Comment