1-هناك شعور لدى كاتب هذه السطور أن المراجعات التي قامت بها قيادات في التنظيمات المتطرفة المسلحة خرجت تحت ضغط الواقع أكثر منها قناعات فكرية صرفة..وكان شكل هذه المراجعات ليتغير -تماماً- لو لم يكن "الأمر الواقع" قائماً.. بمعنى..
بمعنى أن هذه الجماعات - مصحوبة بدعم "خارجي" أحياناً-قد دخلت "في وقت ما" في صراع مسلح مع النظام .. دار على جولات أشهرها وأصعبها في ثمانينيات القرن الماضي -السنوات الأولى للحقبة المباركية في السياسة الداخلية المصرية .. وانتهى بالتأكيد لصالح السلطة ، وصار معظم قادة هذه الجماعات في السجون .. بل ويمكن القول بأن قوى هذه الجماعات قد استنفذت تماماً خلال فترة الصراع سالفة البيان..كما أن أي محاولات للعودة إلى الشارع ستصطدم بظروف داخلية وخارجية ليست أبداً في صالحها..فهذه الجماعات خسرت كل الأرضية التي حصلت عليها في الثمانينيات (أوج ممارستها للعنف) لحساب جماعات الإسلام السياسي (الإخوان) ولحساب التيار السلفي..
2-ومع هذا الشعور أشعر أيضاً بأن تلك المراجعات تنطوي على بعض "الجرأة"..وهذا يثير بعض الأسئلة "الوحشة" -بما إن البعض مل من استخدامي لتعبير "الأسئلة الشريرة"!
هؤلاء الناس الذين دخلوا مع الدولة في صدام مسلح وقتلوا الأبرياء وخربوا الممتلكات امتلكوا من الجرأة لمراجعة أفكارهم حتى ولو تمت المراجعات تحت ضغط أو كانت انسحاباً تكتيكياً أو "حركة تموين".. فماذا عن المصنفين كـ"معتدلين"؟
هل هناك جرأة - مثلاً- لدى قيادات التيار الشيعي في مراجعة مفهوم "ولاية الفقيه"؟ أو لدى الصوفيين في مراجعة "الطرقية"؟ ألم يحرك ما قاله مفتي "الجهاد" بخصوص كتب السلف بعض المياه الراكدة لدى السلفيين الأصوليين ، أو لدى السلفيين "الحسانيين" -نسبةً إلى الشيخ محمد حسان ورفاقه؟
تلك الأفكار بالنسبة لهؤلاء من "المعتدلين" لها في مذاهبهم نفس منزلة "الجهاد" لدى تنظيم "الجهاد" ومن على شاكلته.. وقد تهدد تعايشهم مع المجتمع المحيط بهم وقد تسبب لهم عزلة وحصاراً..تماماً كعزلة "الجهاد" التي شعر بها الآن..
المراجعات إذن ضرورة حياة وبقاء بالنسبة للعديد من الشلل الدينية.. وليس للمراجعة من بديل سوى الصدام مع المجتمع أو مع الأنظمة.. صدام حدوثه في توقعي المتواضع "مسألة وقت"..
2 comments:
وانا كمان شايف ان المراحعات دي مش مراجعات فكرية
دي مراجعات خلاصية
عشان يقدروا يخلصوا نفسهم من السجن
ومراجعات عادلية يوضح بها حبيب العادلى مدى قوة ترويضه لجماعة الجهاد
غير كده كله في الكليتش
أتفق معك..
لكني أنظر للفعل من حيث هو ..
البعض يعتبر أفكاره هي الأولى والأخيرة ولا يريد أن يتوقف عندها أو يعرضها على العقل..
بل إن التعصب للأفكار الحالية تضاعف عما ذي قبل بكثير..
فمثلاً ، علت قبل حملة نابليون بونابرت أصوات تنتقد شكل التصوف والمرحلة التي تطور فيها إلى الشكل الخرافي الخزعبلي الذي زرعه واستفاد منه العثمانيون إبان احتلالهم لمصر ، وجاءت من داخل المدرسة الصوفية نفسها..
يستحيل تلاقي الكلام دة دلوقت.. يستحيل التفكير في مراجعة هذه الآثار البارانورمالية اللي تسود الصوفية الآن ، في الوقت الذي نجد فيه من يطالب بمراجعة السنة نفسها دون الاقتراب لهذه الآثار!
والشيء نفسه يقال على علاقة السلفيين بمستجدات الحياة من حولهم وانفصالهم عنها وتشكيكهم وتشكيكنا فيها..
وهناك طبعاً من يستفيد ببقاء الحال على ما هو عليه..
Post a Comment