Sunday, October 21, 2007

مختار وشهروزة..والشيخ الغزالي وياسر نجم-جزء أول

أكن احتراماً كبيراً لـ"شهروزة" و "مختار العزيزي"..كأشخاص وكمدونين..وأتمنى أن يكون ما حدث مؤخراً بينهما مجرد خلاف عابر في وجهات النظر كالذي يحدث بين أي شخصين في العالم..

للتذكير.. كتبت شهروزة تدوينتين متتاليتين في شأن العديد من الأحاديث التي تراها قد دُسَّت على الرسول الكريم وترى أن الذين يهاجمون الإسلام في الغرب استندوا إليها.. ورد مختار العزيزي بدوره بتدوينتين متتاليتين في نفس الشأن.. ووجدت نفسي بين الاثنين في حيرة كبيرة مثلي مثل كل من قرأ التدوينات الأربع..

ومِنْ ثم.. فالآتي بعد هو مجرد خواطر غير منتظمة على سبيل التفكير بصوت عال..تحرياً للحقيقة قبل أن يكون فض اشتباك بين مدونين أقدرهما وأحترمهما..

1-من المؤكد أن هناك أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة وأحاديث موضوعة ومدسوسة..أعلم أن التذكير بتلك الحقيقة من نافلة القول.. لكني أراه نقطة انطلاق..

2-الحكم بصحة أو عدم صحة حديث أمر شديد الصعوبة والحساسية ..ولذلك ..

3-بذلت جهود كبيرة في فترة معينة من التاريخ الإسلامي لمعرفة الصحيح من الضعيف من الموضوع.. هذه الجهود قد تحتمل الصواب والخطأ لكن تبقى تلك الجهود قائمة..وإن كان لم يبذل نفس الجهد الكبير في محاولة شرح الحديث النبوي.. وتوقف مثله تماماً مثل تفسير القرآن الكريم عند مرحلة زمنية معينة لم يتخطاها..وكان لذلك في رأيي أثر خطير ومدمر بلا أدنى مبالغة..

4-يرى الغزالي في كتابه الهام والمثير للجدل "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" أن القصور الأكبر في عمل رواة الحديث كان في تغافلهم عن القرآن الكريم وعرض تلك الأحاديث عليه.. ربما هذا ما تراه شهروزة أيضاً.. لكني أرى بدوري أن هذا العرض يحتاج لاحترافية في التفسير وتجرد مذهبي قد لا يتوافر لبعض "المفقرين"..

5-افترضت شهروزة أن من يشنون الهجمات في الغرب على الإسلام انطلقوا من تلك الأحاديث.. وأود هنا إضافة تعليقات على تلك الفرضية:

أ-هذا التصرف ليس وليد القرن الماضي ولا القرن السابق عليه وإنما هو ببساطة وليد الحروب الصليبية التي شهدت صراعاً سياسياً وعسكرياً بين الشرق الإسلامي وجنرالات الحملات الصليبية.. وفي سبيل ذلك طبعاً كانت النية مبيتة لدى بعض المرتبطين بالحملات ، ثم من جاء من بعدهم من مستشرقين لتشويه صورة الإسلام في عيون العالم الغربي..

ب-لكني لست مع فكرة أنهم استندوا لتلك الأحاديث - وحدها - فيما فعلوه.. فمنذ ذلك الوقت ومع وجود تلك الأحقاد المرتبطة بصراع عسكري وثقافي وكل شيء في الإسلام يتم استغلاله لضرب الإسلام.. بل إنه من المعروف تاريخياً أنه في العهود الأولى للاستشراق تمت ترجمة وتحريف القرآن الكريم ذاته في أوروبا!

6-هذه الممارسات لا يقوم بها "المستشرقون" وحدهم .. سنجد على الخط بعض المتطرفين من أتباع ديانات أخرى في مواقعهم وبرامجهم التليفزيونية تحكمهم نفس نظرية الصراع الديني والثقافي.. وكذا - عن جهل أو سذاجة أو سوء نية وتعمد- بعض وسائل الإعلام عندنا ، ومنها التي تعشق اللعب على هذا الوتر.. وهنا تكمن الخطورة..فهناك فرق كبير بين أن يكون التشويه موجهاً لآخرين..وأن يكون موجهاً لك!

7-فرضيتان وعدة أسئلة:

أ-في حالة إذا ما كانت الأحاديث التي أشارت إليها الزميلة العزيزة شهروزة مكذوبة ومدسوسة.. لماذا لم يتصدى أحد من العلماء لتنقيحها؟ من الأمور التي أستغربها على سبيل المثال أن أجد حديثاً ضعيفاً وأجد أن عالماً "ما" قد قام "بتصحيحه".. خاصةً وأن هذا العالم لا ينتمي لحقبة زمنية "بعيدة" عن حقبتنا!

ب-في حالة ما إذا كانت تلك الأحاديث صحيحة فلماذا ننساق وراء تفسيرات أطلقها آخرون في مكان آخر من الأرض؟ ولماذا لا يكون التفسير لأنفسنا أولاً قبل أن يكون لفلان أو لعلان؟

8-يستغل "البعض" لدينا وجود أحاديث مغلوطة لضرب كل كل السنة ولعدم الاعتراف بها كليةً كمصدر للتشريع والعبادات وحتى مكارم الأخلاق.. وللبعض من هذا البعض تفاسير ووجهات نظر لا ترقى إلى مصاف الهراء..

9-والأهم-هل الحديث وحده هو الذي يستحق كل هذه العناية؟ هناك كرامات وحواديت وقصص يتم تناقلها في الميديا الرسمية وغير الرسمية وفي الاحتفالات الدينية لكل مذهب على حدة تحتاج للعرض على العقل والنقل معاً .. وكلها أشياء رسخت في ذهنيتنا على أنها "من الدين" وهي ليست منه أصلاً صحَّت أم كانت على خطأ..

أدعوكم عموماً لقراءة ما كتبته شهروزة أولاً ، و ثانياً.. والجزء الأول من رد مختار العزيزي ، وبعده الجزء الثاني لتقفوا على وجهتي النظر..

وأدعو الاثنين شهروزة ومختار لقراءة السطور السابقة..وأشكرهما بالتأكيد على فتح موضوع هام للنقاش بما كتبوه.. ولست بحاجة للتذكير بأن الشتامين يمتنعون.. خاصةً وأن قدراً منها سيكون في انتظارها وانتظاره وانتظاري أيضاً!

في الجزء الثاني إن أراد المولى عز وجل كلام عن زميلي الأهلاوي جداً ياسر نجم وقصته مع كتاب الغزالي الهام والمثير للجدل.. السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث.. وهو موجود على الرابط سالف الذكر بصيغة الوورد وتحميله سريع.. اقرأوه ونلتقي بإذن الله..

4 comments:

Mukhtar Al Azizi said...

قلت لك من قبل أنني لا أعلق عندك لأنني نادرا ما أجد أي إضافة لدي لأثري بها موضوعاتك الثرية بمفردها، فأفضل الإمساك عن الكلام والإنشغال بجدل فكري مع نفسي بعد قراءة تدوينتك. واليوم أيضا لن أعلق علي ما جاء في تدوينتك لنفس السبب.
ربنا يزيدك بصيرة
تعليقي الوحيد خاص بتعبيرك عما يحدث بين وشهروزة الآن فهو مجرد إختلاف في الرأي وليس خلافا أو حتي مجرد مشاعر غضب تجاه ما كتبته. بالعكس فأنا ممتن لها جدا أن فتحت هكذا موضوع، وعلي الرغم أني لست متابعا لمدونة شهروزة منذ فترة بسبب إبتعادي عن عالم التدوين بشكل كبير إلا أنني قرأت لها في شهور مضت عدة تدوينات أعجبتني جدا.
وبخصوص دخولي في نقاش معها فحقيقة لست أشعر أن منطلقات كانت الدفاع عن النبي والدين والرواة الخ الخ. أصلا لم أر أن شهروزة تهاجم أحدا بعينه حتي أدافع عنه فضلا عن أن شرف الدفاع عن الإسلام عموما بعيد المنال بالنسبة لي وإن كنت أتمني أن أجيد أدواته.
الأمر كله يتعلق بالمنطق الذي تستخدمه شهروزة وأراه فاسدا فدخلت حلبة النقاش مع تقديري لها ومدونتها وجهدها في التفكير والبحث.
كان هذا توضيح بسيط فقط وأظن أن شهروزة تفهم هذا لأنه لا لبس فيه
وليتني أستطيع بلورة أفكاري في نقاط بسيطة مثلك يا عزيزي قلم جاف. وفقك الله

مهندس مسلم said...

قرأت ما كتبه مختار وما كتبته شهروزة فاخترت ان اعلق في منطقه محايده (سويسرا)

ولكن

فهمت كلام مختار وخصوصا الخاص باعتراض شهروزة على الاحاديث لما ربما يتوهم البعض انه تشويه للصورة المثاليه للنبي الذي ادبه ربه فاحسن تأديبه

افهم ايضا ان الحديث الصحيح هو الذي يثبت ان الرسول قد قال هذا الكلام حقا
وان الحديث الموضوع هو الذي ثبت ان الرسول لم يقله حقا
وبينهما الضعيف والعليل والمقطوع هي احاديث لم يجزم بصحت نسبها للرسول

ولكن

نوهت في تدوينتك ان الغزالي قال ان محققي الاحاديث تهاونوا في عرض الاحاديث على القران
قلت ايضا "في حالة إذا ما كانت الأحاديث التي أشارت إليها الزميلة العزيزة شهروزة مكذوبة ومدسوسة.. لماذا لم يتصدى أحد من العلماء لتنقيحها؟ من الأمور التي أستغربها على سبيل المثال أن أجد حديثاً ضعيفاً وأجد أن عالماً "ما" قد قام "بتصحيحه".. خاصةً وأن هذا العالم لا ينتمي لحقبة زمنية "بعيدة" عن حقبتنا"
هذا الكلام يوحى بتعريف مختلف لمعنى الاحاديث الضعيفة او الصحيحة

اعتقد ان الموضوع يحتاج الى توحيد المصطلحات قبل البدء في النقاش

واحتاج ايضا الى قراءة كتاب الغزالي
ولنا لقاء

قلم جاف said...

عزيزي مهندس مسلم:

المنطقي إنه كان فيه قبل عملية التصحيح والتدقيق والجرح والتعديل عدد كبير من الأحاديث ، وبعد هذه العمليات العدد قل وبنسبة كبيرة..لقد انتقى الإمام أحمد بن حنبل مسنده عن "ألف ألف حديث".. بشروط وضوابط معينة..

http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=16807

فبالتأكيد سيحدث عندي وعندك ارتباك لو وجدنا حديثاً ضعيفاً ونفاجأ بأن عالماً معاصراً أو شبه معاصر قد "صححه" وهو البعيد زمناً ومكاناً عن الذين رووا الحديث ، والذين شكلت سمعتهم وأفعالهم لدى بعض علماء الجرح والتعديل أساس الحكم على صحة الحديث من ضعفه من وضعه..

وأتفق معك على ضرورة تحديد معالم المصطلحات كي نفهم بشكل أدق..

قلم جاف said...

عزيزي مختار:

أنا مدين لشهروزة بالشكر لأنها جعلتك تفتح ملفاً مثيراً للجدل ويستحق القراءة والنقاش معه..

أدعوك وأدعوها وأدعو نفسي قبلكم لقراءة ما كتبه الغزالي..