Friday, October 5, 2007

عشوائيات الفتوى : بين مستشفى السرطان وغسل القفا

مع تقديري لحسن ونبل الدوافع وراء مستشفى سرطان الأطفال ..فإنني لست من المغرمين بالطريقة التي تتم الدعاية بها للتبرع له.. خاصة عندما يتم الزَّج بالدين في الموضوع..

مؤخراً وجدنا إلحاحاً شديداً على التبرع للمستشفى من أموال الزكاة..وكأنه لا يمكن التبرع للمستشفى إلا بأموال الزكاة..

هذا يذكرني بمثال بسيط..

من المعروف أن غسل القفا ليس من الوضوء في شيء ، هل أفهم من ذلك أن غسل القفا محرَّم في الإسلام فقط لمجرد أنه ليس من أركان الوضوء؟

لنبقَ مع من سيجيبون بـ"لا"(ويمنعني الأدب عن التعليق على من سيجيبون بـ"نعم")..

إذن غسل القفا أمر عادي جداً وغير محرَّم في ديننا الحنيف ، لكنه ليس من أركان ولا سنن الوضوء..

الشيء نفسه بالنسبة للمستشفى..

بما أن المستشفى وغيره من الأمور المحدثة فمن الطبيعي أن يثار حولها الجدل إن كانت مصرفاً من مصارف الزكاة أم لا..لنفرض جدلاً أنها ليست من مصارف الزكاة.. هل معنى ذلك أنه لا يجوز التبرع للمستشفى إلا من أموال الزكاة؟

يمكن التبرع للمستشفى في أي وقت من أوقات السنة وبأي كيفية ولا يشترط أن يكون التبرع من أموال الزكاة..

هذا الإلحاح الدعائي والإفتائي الفج نراه أيضاً في فتوى "تحريم" الانتظار في الأماكن المقدسة من الحج إلى العمرة..

شيء مستفز ..

إما أن يتم حشر الشيء حشراً بداعٍ وبدون في خانة "الفرائض" أو أن يتم الحكم عليه بـ"التحريم"..وكأنه لا وسط بين هذا وذاك..

أشعر أن هذه الفتاوى ليست إلا مجرد أمثلة على تيار عام وجديد يحتاج لعرضه على العقل من أول وجديد..

سأفترض حسن النية .. وأن تلك الفتاوى ليست "قراراً انفرادياً" (من عينة "قررت أعزمكم على العَشاء" مثلاً) وأنها جاءت بناءً على تساؤلات "حقيقية" وليست "مضروبة" أو "سد خانة"..مَن الذي يسعى وراء تلك النوعية من الفتاوى "حادة الزوايا"؟ هل هم أصحاب المصلحة المباشرة المادية أو الدعائية أو الفكرية من ورائها الذين يبحثون عن ثقتنا؟ أم نحن الذين نبحث بـ"منكاش" عن تلك النوعية من الفتاوى لأسباب تتعلق براحة الضمير أو تصادف هوىً لدينا؟

هل لديكم إجابة؟

4 comments:

Unknown said...

أشعر أني مجبر على التعليق على هذا الموضوع لأني تعرضت له بصورة مباشرة
فقد كان إتفاقي مع زوجتي على أماكن محددة لتقديم الزكاة هذا العام إليها..ولكوني خارج أرض مصر الغالية فقد إتفقنا على تكليفها بتقديم الزكاة...ثم فاجأتني من أيام بحديثها عن مستشفى الأطفال و رغبتها في تغيير إتفاقنا وتقديم الزكاة لمستشفى الأطفال
ما رأيته يا صديقي و يهم قارئ مدونتك أو يهمك شخصيا هو أسباب تغييرها لإتفاقنا
فقد تأثرت أولا بالأطفال وليس بالموضوع
ثم رأت تشجيعا دينيا من قبل المعممين - أصحاب العمم الأزهرية- بأن تقدم المال -المقرر تقديمه أصلا لأوجه الزكاة- إلى تلك المستشفى
فرأت أنه لن يكون لدي مانع من تقديمنا المال للمستفى
فلم يكن في يدي سوى إضافة بعض المال لتقديمه للمستشفى بمعزل عن أموال الزكاة..على إعتبار أنها ليست من مصارف الزكاة المنصوص عليها
إن إعتراضي الأساسي على مشروع المستشفى ينحصر في كون القائمين على المشروع قد أنفقوا مبالغ طائلة في زخرفيات المشروع وكنت قد رأيت أنهم لو أنفقوا تلك الأموال لزيادة أعداد الأسرة- جمع سرير- أو تلبية الإحتياجات الفنية و المادية للعلاج لكان أنفع حالا
ولكن مالا يدرك كله...لا يترك كله
وبمعناك المقصود...ما ليس بفريضة...يمكن أن يكون من الأمور المحمودة بل و المندوبة أيضا
ولكنها الغاية التي تبرر الوسيلة

حائر في دنيا الله said...

شخصيا الإلحالح في موضوع مستشفى ليس أمر سيء فهو مشروع كما تابعته منذ البدء عظيم ومفيد فعلاً، ومن الأفضل التبرع لأطفال مرضى محتاجين أفضل من بعض النصابين الذي كثروا هذه الأيام
مشكلة المستشفى أنه دوما محتاج لدعم حتى يكمل مسيرته لذا محتاج لتبرعات دائمة ليست فقط من الزكاة ولكن صدقات جارية ومتابعات من الناس وأنت تعرف ان المصريين سريعي النسيان والملل جداً، لذا ليس سيء الالحاح المتواصل حتى لا يتوقف المشروع

لك تحياتي وكل سنة وانت طيب

قلم جاف said...

صديقي وبلدياتي الحائر دائماً :

واحشني طحن .. هذا أولاً..

نمرة 2.. أفهم وجهة نظرك وأقدرها جداً .. لكني ما زلت أجد صعوبة في فهم وبالتالي بلع التمحك في الزكاة بهذا الشكل..

مرة أخرى أدعوك لمشاهدة الإعلان مرة أخرى بشيء من التركيز أولاً .. بداية بتقديمه بقول الحق عز وجل "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" ، مروراً بفتوى دار الإفتاء..ثم الإعلانات الأخرى التي تلح ثم تلح..

أنا أتفق معك أن المشروع يحتاج لمزيد من التبرعات .. لكن ليه نحشر الزكاة في الموضوع؟

وليه يفتي عالم جليل مثلاً بصيام يوم بنية التضامن مع الفلسطينيين والعراقيين؟ هل يقلل من تضامننا معهم عدم الصيام مثلاً؟

في المقابل أرى أن الإلحاح ساعات بيجيب مفعول عكسي.. وح أكتب عن دة إن شاء الله في "فُرجة".. بس انت فكرني..

كل عام وأنت وكل من يمر هنا والجميع بألف خير..

قلم جاف said...

ضيفي free zone :

في الإعلان تحدثوا عن أن جزءاً من الأموال يمكن توجيهه "لظهور المبنى بشكل لائق"..

والسؤال : هل من أموال الزكاة أم لا؟ وهل يقلل من الدين في شيء ألا ينفق على تحسين واجهة المبنى ، أي مبنى سواء أكان مستشفى أم مسجد أم مستوصف خيري ، من أموال الزكاة؟

أنا لا أقلل من الدور الذي يمكن للدين أن يلعبه في مثل تلك الأمور.. بالعكس.. فقط أطالب أن تتم تنحية الفرائض عن الموضوع .. حتى لا نرى شخصاً ما في جريدة أو في غيرها حين تصدر فتوى لها أسانيدها بأن تمويل مستشفىً ما - مثلاً - ليس من مصارف الزكاة - يتشنج ويشن هجوماً على كل الدنيا وياخد الدين في السكة واصفاً إياه بأنه دين كذا وكذا..