Friday, September 21, 2007

انزل..انزل!

عندما يذهب الناس إلى حفل غنائي ، فإنهم ينتظرون من المطرب ما تعودوا منه عليه.. فإن لم يقدم المعتاد واجهوه بالعناد وطالبوه بالنزول!

وللأسف .. يبدو أن صلاة التراويح بدأت تُفْهَم من البعض بنفس الطريقة!

خبر "مسخرة" نشرته المصريون نقلاً عن الخليج الإماراتية .. مفاده أن المصلين بمسجدٍ ما في منطقة عسير بالسعودية قرروا إبعاد إمام أمَّ العشاء والتراويح في المسجد بسبب "تعلثمه في الدعاء" و "لحنه في القول"..

أسباب ظاهرية طبعاً .. أمَّا السبب الحقيقي فهو أن الرجل أمَّ صلاتي العشاء والتراويح بدون قنوت..

والقنوت صار لدينا إدماناً..

فكما في مثال المطرب .. تعود الناس على الإمام يدعو دعاءَ القنوت بكل الزيادات وبشكل مُغَنىً (وتجد منهم من يمتعض من الإمام الذي لا يغني القنوت).. ويا سلام لو كان الأداء الغنائي للقنوت دراماتيكياً يستدر الدموع والنهنهات ..أنا شخصياً أسمع أن العديد من الناس يقومون بـ"التنشين" على المسجد الذي به إمام يجيد هذه التصرفات..وهناك طبعاً من "يستنهز الفرصة" ويعبئ القنوت ودعاء ختم القرآن في شرائط!

وكأننا لا سمح الله لا نتحدث عن صلاة أو عبادة!

صححوني إن أخطأت : جهرية القنوت مسألة فقهية جدلية ، هناك مذاهب فقهية تفضل الجهر بالقنوت في صلاة الفجر وليس في الوتر ،وهناك من يرى العكس.. وعليه فإن عدم الجهر بالقنوت في وتر صلاة التراويح ليس بجريمة..

يبدو أن المصلين في الخبر استفزوا الإمام إلى أن "جابوا آخره".. فكانت النتيجة الطبيعية أن دعا عليهم.. أنا شخصياً ألتمس له كل العذر.. فحتى لو "خَدهم على جنب" وحاول شرح وجهة نظره فلن يجدي ذلك معهم نفعاً..

فعلاً..ما أشبه اليوم..بالبارحة!

وشر البلية ما يضحك .. وأكثرها شراً ما يجعلك تضحك أكثر .. وأكثر .. وأكثر!

5 comments:

ثورة said...

أنا كمان ألتمس له العذر
لكن ده مينفيش إنه أخطأ

الدعاء لما يكون بصوت جميل وفيه تأثر وخشوع بيكون أجمل
من الدعاء اللى بصوت جاف :D

إلا إن ده مش معناه إن لازم الشيخ اللى بيدعي يبقى العندليب عشان أصلى

و" انزل انزل " فعلا مسخرة متنفعش تحت أي سبب ... احتراما للإمام وللمسجد وللموقف ولرمضان

إلا إنه كان أحرى بالشيخ يدعي لهم
ويصبر عليهم

(abu al-alaa) أبو العلاء said...

فى الواقع المشكلة فى عدم المعرفة بالفقه و عدم الثقة بصفة عامة فى الأئمة. لذا تجد الناس تميل لاعتبار الشائع هو المعيار و القنوت فى الوتر شائع جدا خاصة أنه على ما يبدو المعتاد فى الحرم. و الذى ينظر فى كتب الفقه يجد أن القنوت فى الوتر فى العشر الأواخر و إن كان مباحا فى غيرها (فى بعض المذاهب لا أجعى أنه مباح فيها كلها). طبعا هناك مشاكل تحدث نتيجة إختلاف المذاهب و الجهل برأى المخالف. لاحظ أن الإمام حجازي و المسجد فى عسير. ربما كان الإمام شافعيا مثلا و المصلون حنابلة أو مالكية. و هذه قضية أخرى فكثير من الناس تتبع أحكام معينة منتشرة فى بلادها دون أن تعرف أنها أحكام هذا المذهب أو ذاك.

المطلوب فى رأيى العودة إلى تدريس الفقه من متون المذاهب الأربعة فلا شئ يرفع اللبس كالعلم بالأصول.

هذه واحدة.

أما الأخرى فتخص تدوينتك "البارحة" عن أساليب القراءة التى اعتبرتها (بفتح التاء) فجة. أميل إلى الموافقة على رأى إلهامى. إلهامى فى تعليقه أشار إلى نقطة مهمة جدا وهى أن القراءة الصحيحة لها ضوابط مستقرة لا تتغير و مدونة و الحمد لله فى منظومتين كبيرتين (الشاطبية و الطيبة) و بالتالى فالمعيار المقبول للحكم على قراءة القارئ هو مدى التزامه بتلك الضوابط أما رأيك فيعتمد على تقدير أشياء من قبيل الفجاجة و التعدى على القدسية و هى أشياء لا معيار ثابتا لها و من ثم فالتمسك بها تحكم بغير دليل.

لكنى أتفق معك فى أن أداء كثير من القراء يختلف إختلافا بينا عن القراءة الرصينة المفسرة لأمثال الحصرى و المنشاوى و من فى قامتهم من القراء. و أتفق معك أيضا أن هذا الإختلاف فى اتجاه الرداءة و التشويش و لا يمكن أن نعتذر له بالتغير فى الزمن و الذوق. و لكنى أدعى أن المشكلة عكس ما أشرت إليه. العلاقة بين القراءة و بين الموسيقى علاقة وطيدة جدا و لو تتبعت القراء الكبار مع من يفهم فى المقامات لوصف لك من تمكنهم العجب (عمار الشريعى مثلا كان كثيرا ما يشير لتصرفات المشايخ فى شرحه للتنقلات بين المقامات). القراء الكبار كانوا على تمكن كامل من الموسيقى و لهذا فالأساليب المتاحة لهم فى "تفسير الآية صوتيا" أوسع بكثير من المتاح للقراء المحدثين. القارئ مثل المنشاوى يختار بين تغيير المقام و تغيير الإيقاع و تغيير الشدة و اختيار أماكن الوقف و استخدام الحلى الصوتية (العربات) التى تتطلب تحريك النغمة قليلا عن المقام و هكذا. و نتيجة اتساع الأساليب أن القارئ يستطيع ضبط القراءة على المعنى بدقة كبيرة و دون أن يظهر عليه أى افتعال. و كما قال ييتس قديما "و لة أنا نسجنا و نقضنا لبيت الشعر بدا فكل عملنا هباء". يعنى الصنعة فى ألا تظهر الصنعة. القراء المحدثون ترسانتهم من الأساليب محدودة و تكاد تقتصر على اللعب بمدة المدود و زيادة و خفض شدة الصوت و العرب الظاهرة جدا و غير مبررة. مثلهم فى ذلك من يريد أن يعزف مقطوعة للسنباطى على وتر واحد. نتيجة لضعف مفدرة المحدثين الموسيقية (ضعف الصنعة يعنى) فآثار الصنعة تبدو على أدائهم. لذا فأنت تسمع المنشاوى و لا يخطر ببالك أنه يغنى (مع أنه يغنى غناء من أعلى ما يكون) و تسمع غيره و تحس أنه يغنى مع أنه فى الحقيقة ينشز لا يغنى.

الجامع بين المسألتين (القنوت و القراءة)هو ما أحب أن أسميه التراث المفقود. و الحديث عن ضياع التراث العربى و المصري خاصة و تدهور الأزهر مما يطول فيه الكلام و تتصل الأحزان و لله الأمر من قبل و من بعد.

و السلام

قلم جاف said...

العزيز مهندس مسلم:

أحترم وجهة نظرك وأتفق معها في كثير خاصة الفقرتين الأولتين ..وهما يثيران حديثاً ذا شجون.. إلا أن لي وجهة نظر أخرى فيما يخص الغناء والقرآن والقنوت!

نحن نتحدث عن صلاة .. عن عبادة .. لها ضوابط ..

في الصلاة نقف بين يد الله ، وليس في حفل ديني إنشادي.. وكل من في الصلاة متعبدون وليس الإمام ممثلاً حتى "يديها دراما" في دعاء القنوت علشان الناس تعيط وراه ويبقى كويس وميت فل وعشرتاشر..

كنت لسة سامع مشاري بن راشد بيغني - عفواً بيقرأ- آية بشكل لا يتفق تماماً مع أدنى فهم لمعانيها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

قلم جاف said...

ثورة :

صلاة التراويح تحولت إلى قصة عجيبة .. الناس نسيت إن دي صلاة أساساً ورايحة تتسلطن مع الإمام في التراويح وتبكي وراءه في القنوت .. بعض الأئمة بيعجبهم الحال وبيعبوا شرايط وبيبقى مجيهم للجامع

event

كبير كإن الشيخ الغزالي -رحمه الله- جاي يدي درس في الجامع..

لا وإيه.. تلاقي ناس عاملة الأدعية رنات.. واحد زميلي في الشغل عامل رنة المحمول "اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك" من غناء الشيخ محمد جبريل..

والسؤال الغلس هو : بأي منطق يقول البعض بحرمة الغناء بينما يبيحه نفس البعض في الصلاة بين يدي الله؟

اسامة يس said...

فعلا معاك مليون حق... انا شخصياً على العكس تماما بهرب من اي مسجد فيه قنوت لانه بيخرج الانسان عن الصلا اساسا
وعن الخشوع ذاته... وفيه تكلف واصطناع
خالص تحياتي
دمت بكل ود