Saturday, June 2, 2007

ليست دعوة

قبل الكلام : أطلب ممن يقرءون هذا الموضوع أن يكونوا أكثر هدوءاً وأرحب صدراً ، وأطلب من الشتامين الامتناع عن الإدلاء بأي رأي في هذا الموضوع فهو سيغضبهم حتماً وسيستمطر آدابهم الرفيعة التي أعرفها جيداً..

كنت أنوي الكلام عن الأزهر وسنينه بناءً على وعد أعطيته لأحد الزملاء الذين ردوا على الهوامش السابقة على جدار الفتوى ، إلا أن بنت مصرية أعادت فتح موضوع غريب أعتقد أنه يستحق النقاش .. بهدوء وبدون تشنج وانفعال..

لا يختلف أحد على الدعوة إلى الله وطاعته والتزام شرعه، الذي نختلف عليه وبشدة هي الطريقة التي يرى أصحابها أنها السبيل الأمثل "لإصلاح حال الأمة" و "لهدايتها مما لحق بها من ضلال"!

يقول الله عز وجل "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".. والواقعة التي تناولتها بنت مصرية ، مضافاً إليها وقائع أخرى ، تعكس أنه لا توجد حكمة ولا حسن موعظة فيما يفعله بعض البشر ممن يعتقدون أنهم بتصرفاتهم يدعون إلى الله!

لماذا يمعن شيخ في استخدام الأداء التمثيلي المسرحي والصراخ والتشنج وأحياناً التنكيت ، هل هذا أسلوب دعوة؟ أنا شخصياً لا أعلم أن هذا كان يحدث إبان السلف الصالح الذي يرى بعض الناس أن هذا الشيخ أو ذاك يمثلون نهجهم..

ولماذا يتخصص بعض الشيوخ في وصف النار وأحداث النهاية معتبراً إياها عملاً علمياً ضخماً؟ أليس الاجتهاد وإيجاد الحلول للمشاكل التي تربكني وتربكك والعمل على مقاومة الفتاوى إياها أهم وأبقى وأصلح لعامة المسلمين؟ لماذا يصر فريق آخر على القص والقص ثم القص؟ نعرف أن العديد من الزهاد والعباد والصالحين كانوا قدوات حسنة ، لكنهم عاشوا ظروفاً غير الظروف التي نعيش وتبدو مقارنتنا بهم ظالمة جداً وشبه مستحيلة..

القص ليس "ختم النسر" الذي يعطي موثوقية لما يقوله الخطيب ولا لعلمه ، خاصةً وأن من تلك القصص ما يحتوي على نسبة دسمة من الإسرائيليات ومما لا ثقة في صحته بمقاييس العلماء الثقات المتفق عليها منذ قرون!

لماذا أرى كل الميكروباصات وقد تحولت إلى ألبومات صور -مثل ألبومات "بم بم" للي وعي عليها-"للاستيكر الدعوي" الذي هو عبارة عن صورة مركبة بجانب حديث أو آية ، وبشكل لا يرى أحد - سوى أصحابه طبعاً - أنه يرقق القلوب؟ تخيل أن راكباً مسكيناً تلفت حوله ليجد ستيكراً عليه كفن .. أصحاب هذه الاستيكرات العباقرة لا يعرفون أن الناس قد وصلت لدرجة أوشكت فيها على النطق بالشهادتين قبل ركوب أي وسيلة مواصلات عامة!

هناك أشياء لا يمكن أن تكون وسائط للدعوة بأي حال من الأحوال ، فلا وسائل النقل العام ولا غير العام ، ولا حتى المدونات (عاتبت على أحد من ردوا علي مؤخراً أنه ترك لي رداً كاملاً ومطولاً بأدعية قرأها في كتاب) أو رسائل الاس ام اس التي صارت "شوطة" وتضرب القنوات الفضائية كلها..

أنا لا أدخل في النوايا فالله عز وجل أعلم بها.. لكن هل يتصور من يرسل رسالة دينية على قناة أغاني خليعة أنه يدعو إلى الله؟ لم يعد ينقصنا فعلاً إلا أن يذهب البعض من الأدعياء إلى الخمارات والكباريهات ليدعون إلى طاعة الله ورسوله!

والمصيبة أنه عندما تناقش بعضاً منهم بهدوء تسمع أشياءاً غريبة ، فعندما ناقشت أحدهم في مسجد في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الماضي عن مطربي القرآن في صلاة التراويح قال لي سيادته : أنا صح وانت غلط.. فعلاً طريقة رائعة للمجادلة بالتي هي أحسن ، وربما "كانت تكمل" إذا ما تطوع اثنان من "قلاضيشه" لضربي داخل المسجد!..

قد يقول قائل : هذا هو أسلوب الدعوة الذي ينجح ويثمر ، ولا أعرف ماذا سيكون رد فعله عندما ينزل إلى الشارع ويكتشف أن النتيجة هي العكس على طول الخط!

أين دور المسجد في الدعوة؟ لماذا حول المخترعون خاصة من المتمذهبين بجميع أنواعهم المساجد لدور مناسبات ولأي شيء آخر غير الأغراض الأساسية التي أنشئت من أجلها ، ثم يقولون لي ولك "هذا هو دور المسجد الحقيقي"؟ لا أحد يكره أن يقوم المسجد بأدوار مختلفة فيما تسمح به ظروف العصر (كان المسجد يقوم بأدوار مختلفة في زمن النبوة لأنه كان المؤسسة الوحيدة في الدولة ، فلما استقرت وظهرت المؤسسات قامت المؤسسات الجديدة بأدوار سياسية وخدمية كان المسجد يقوم بها سابقاً) ، ولكن هناك أولويات.. فلا يمكن أن أحول المستشفى إلى فندق خمس نجوم ولا توجد به معدات لعلاج المرضى!

فضلاً عن هذه الافتكاسات ، أعتقد أن ظهور الشرائط ، والقنوات الفضائية "الإسلامية" ، أسهم بشكل كبير في تدهور أداء مؤسسة المسجد ، الذي يفترض أننا نذهب إليه لنتعبد إلى الله عز وجل ونتلقى فيه علماً دينياً نافعاً (وحط تحت "نافعاً" خمسين خط على الأقل) ، فنجد على المنابر خطوباً لا خطباء (ينطبق فيهم قول شوقي في كرومر : خطبت فكنت خطباً لا خطيباً) يطيل في الخطبة لمدد طويلة فقط من أجل تعبئة الشريط فحسب ، ولا يهمه في شيء أن تخرج الألوف المؤلفة من المسجد وقد نسيت - تماماً - موضوع الخطبة ، ثم يندب حال الأمة الناكرة للجميل التي لا تستفيد من مواعظه ولا تشتري شرائطه.. شيء عجاب!

لماذا لا يوجد لدى الأزهر ، الأمل الوحيد المتبقي للحفاظ على الوسطية في مصر (رغم أنه مخترق من طوب الأرض و"حاله عدم") أو لدى وزارة الأوقاف ما يشبه إدارة البحث والتطوير؟ دراسات علمية حقيقية عن ظروف الناس ومدى قابليتهم للدعوة بشكلها التقليدي أو بالعين كاف الذي يحدث هذه الأيام من أجل الحصول على طرق مبتكرة بلا افتكاس ولا فهلوة ولا تقاليع.. معرفة الجمهور المستهدف وفهمه وتفهمه أول خطوة على طريق التصرف معه بحكمة ووعظه بشكل حسن ، كما أن من يعتقد أنه قادر على وعظ الناس وتفقيههم في الدين (سواء من المؤسسة الأزهرية أو من خارجها ، وبالذات من خارجها) يجب أن يكون لديه الحد الأدنى من القدرة على مجادلة الناس بالتي هي أحسن ، لا أن يفاجأ كل من تسول له نفسه مناقشة السيد الداعية والعالم العلامة بطائفة من رابطة مشجعيه تشبعه سباباً وإهانةً فقط لمجرد أنه تجرأ على مناقشة العالم العلامة..

لو تذكر الشاخطون و "بتوع الاستيكرات" والاس ام اس والافتكاسات التي ما أنزل الله بها من سلطان الآية الكريمة لما كتبت هذه التدوينة.. والله أعلم..

تحديث : كل الشكر للزميل أبي العلاء على روابط ما كتبه عصفور المدينة و عبد الرحمن جادو و محمد عماد وكلها تدوينات هامة تستحق القراءة والنقاش..

16 comments:

عدى النهار said...

ما من شك أن مجال الدعوة فيه الكثير جداً من الأساليب التى يجب نسفها نسفاً وهناك أمثلة أشد وطأة مما ذكرت. لكن لايمكن أن ننظر إلى حال الدعوة بمعزل عن باقى أحوال البلد. أعتقد أن الجميع يعرف جيداً ماذا يمكن أن تحدثه الدعوة فى المجتمع عندما تكون سليمة ولذلك هى تحت سيطرة الدولة, أمنياً طبعا, وكل المساجد تتبع وزارة زقزوق ولايُسمح لصوت واعٍ أن يكون له وجود من خلال خطبة جمعة أو أى وسيلة إعلامية أخرى.
ببساطة تراجع دور المساجد والأزهر راجع لسياسة الدولة تجاههم فهى التى تديرهم وإصلاح أحوالهم لايمكن أن يتم إلا من خلال الدولة وذلك إن هى أرادت. وهذا التراجع أدى إلى فقدان الأزهر لثقله فى نفوس الناس وبالتالى لابد من أحد آخر يملىء الفراغ.

ملاحظة أخيرة:بالنسبة للشيخ الذى يمعن فى إستخدام الأداء التمثيلى.....(فى بالى مثال معين أعتقد أنك قصدته) فالرجل فعلاً إستخدم التنكيت والصوت العالى (ولكن بدون إمعان) فى أداءه وأنا عن نفسى كرهت ذلك منه ولكن لاتنسى أن الرجل قضى سنين فى السجون وأسىء له كثيراً وهذا يترك أثر فى الشخصية ذلك بالإضافة لطبيعة الجماعة التى يتحدث لها على العموم هو تغير كثيراً جداً (ممكن بسبب السن وتغير البيئة التى يلقى فيها دروسه). أما عن الشيخ الذى تخصص فى وصف النار وأحداث النهاية فالرجل لم يتخصص فى ذلك وله محاضرات فى مواضيع مختلفة كثيرة بالإضافة إلى أنه هناك شيوخ كثيرة تحدثت فى نفس الموضوع. وفى النهاية كل هذه الأحاديث مسجلة على شرائط والناس تسمعها إختيارياً (مع الأخذ فى الإعتبار ما ذكرته بنت مصرية).
عذراً على الإطالة

مهندس مسلم said...

بالتأكيد تهميش دور الازهر سبب رئيسي في المشكله
يقتصر دور الازهر حاليا في الرد على اسئلة الناس والناس عندنا تتملكهم الفزلكه وتلاقي واحد باعت حاله في قمة الشذوذ وطبعا الرد عليها يكون في قمة الشذوذ دا اذا كان صح وصاحبك ياخد الرد ويتعامل بيه اكنه هو الاصل والباقي تقليد
اما المؤسسه التعليميه الازهريه اللى هي نواة خطباء المساجد فحدث عنها ولا حرج
يا اخي انا في رأي ان الازهر يجب عليه اصدار مذهب فقهي جديد كل 100 عاما على الاقل ليضم في جنباته ما يستجد من متطلبات العصر واصدار المذهب يجعل بين الفتاوي الترابط المطلوب فلا تجد فتوى تحرم كشف العورة وفتوى اخرى تجيزها

(abu al-alaa) أبو العلاء said...

مشاكل فقهية

يبدو أن كثيرا من "المثقفين" الشباب من ذوى النزعة "الإسلامية" منشغلون بفوضى الفتاوى فى الفترة الأخيرة. العجيب أن ردود فعل هؤلاء لا تزيد فى ترتيبها و اتساقها عن الفتاوى التى تجأر بالشكوى منها. لذا أحببت أن أكتب رسالة قصيرة لا تشتكى و لا تتبرم و لكن تحلل و تبين. و كسلا منى عن ضبط مدونتى و متابعتها فأنا أتركها هنا تعليقا و لن أجد أفضل من المدونة هنا و لا أولى من صاحبها الذى أرجوه السماح على الإطالة.

(1)

حدود عموم الشريعة

من نافلة القول أن شرع الإسلام صالح لكل أوان و مكان- أى أن النصوص الشرعية المحدودة تشمل الحوادث اللامتناهية. و نتيجة عدم التناسب بين عدد النصوص و الحوادث لزم حدوث علم الفقه و هو تنزيل النصوص الشرعية على ما يطرأ من الحوادث. كل أفعال المكلفين خاضعة لأحكام الشريعة و طبقا للتصنيف الفقهى فهى تحت صنف من أصناف خمسة الفرض و المندوب و المباح و المكروه و المحرم. و حاجة المكلف لمعرفة الحكم الشرعى لأفعاله حاجة ماسة لا يمكن تجاوزها لأن القيام بالفروض و المندوبات و ترك المحرمات و المكروهات فرع على معرفتها. من هنا لا معنى للامتعاض من كثرة طلب الناس للفتوى و لا من المساحة التى تشغلها الفتاوى من اهتمام المسلمين. طلب الفتوى من حيث هو أمر طبيعى و لا سبيل لتجنبه لوجود الحاجة إليه.

ليس معنى قولنا أن كل أعمال المكلفين واقعة فى دائرة الشريعة أن الفقيه يملك المفتاح السحري لحل المشكلات و المعضلات. المعنى الدقيق لهذه الكلمة أن الفقيه قادر (إذا استكمل أدوات الاجتهاد) أن يصنف أى من أعمال المكلفين تحت صنف من الأصناف الخمسة للأحكام الشرعية. لذا فالفقه بمعناه الإصطلاحى المحدود لا ينشئ الحلول و لكن يقيمها. الفقيه يمكنه أن يشرح أحكام فقد الماء و ما يترتب على ذلك من أحكام فى الطهارة و لكن الفقيه لن يحل مشكلة ندرة الماء فى الصحراء الغربية مثلا و لن يطلع علينا (من حيث إنه فقيه) بطريقة جديدة لتحلية المياه. و لكن المهندس أو الفيزيائى الذى يعمل على تحلية المياه لا غنى له عن سؤال الفقيه عن أحكام المياه. مثلا إذا كانت التحلية تتم بالتسخين هل يجوز التسخين باستخدام الوقود العضوى (الروث). هذه مسألة للفقيه أن يتكلم فيها و أن يذكر الآراء الواردة فى حكم تسخين الماء بالنجاسات و لا ريب أن رأى الفقيه هذا سيكون له تداعيات على تصميم محطة التحلية و كيفية تشغيلها و لكن هذا الدور يأتى على هيئة تعديل فى الخيارات المتاحة للمصمم لا أن الفقيه يختار التصميم.

هذا لا يعنى أن دور الفقيه دائما ثانوى (يعنى فى المرتبة الثانية) ففى مكان يعانى من ندرة الماء يمكن للفقيه عن طريق توضيح أحكام المياه و المكروه من السرف فى الماء و حدود استخدام الرسول عليه الصلاة و السلام للماء فى الوضوء و الغسل يمكنه أن يساعد فى تخفيف المشكلة و ربما حلها. و لكن طبيعة الحل الفقهى تبقى مختلفة تماما عن طبيعة الحل التقنى. هذا لا يعنى بالمرة وجود تناقض بين الاثنين فكلاهما يمكن أن يعين الآخر و لكنه يشير إلى خطورة النظر إلى المشكلات من زاوية الفقه الضيقة دون غيرها.

(2)

فقه الأولويات

مصطلح فقه الأولويات هذا يبدو مصطلحا حديثا جدا و بكل أسف فهو منتشر إنتشارا شديدا فى الأوساط الإخوانية خصوصا (أو هكذا يبدو لى). المشكلة فى الإصطلاح أنه غامض من حيث علاقته بتعريف الفقه المعتاد. ما معنى فقه الأولويات و ما هى خصوصيته التى تفرقه عن بقية أنواع الفقه؟

أولا الكلام عن الأولويات يقتضى وجود تعارض أو ندرة فى الموارد. يعنى مثلا رجل متيسر يريد أن يتصدق بألف "دينار" فهل يتصدق بها على دار أيتام أم يتصدق بها لتوصيل الماء لحى فقير لا مرافق له؟ أين الفقه بمعناه التقليدى من هذه المسألة؟ فى رأيى المسألة تعتمد على عوامل لا علاقة لها بالفقه. مثلا لو اعتبرنا وصول الماء الجارى للمسلمين فرضا من فروض الكفاية ترجح توصيل الماء لأن دار الأيتام موجودة و الماء الجارى منعدم و ترك فرض الكفاية يعم إثمه. و لكن كون الماء الجارى من فروض الكفاية يعتمد على تقدير الخطر الصحى الناشئ عن عدم توفر الماء الجارى و هذه قضية غير فقهية.

من هنا نرى أن "فقه" الأولويات ينقل مسؤلية تقدير أمور غير فقهية إلى الفقيه و هو توجه سلبى جدا حيث أنه يكرس من عادة النظر إلى المشكلات من زاوية الفقه بل و يعقد المشكلة اكثر بأن يطالب الفقيه بما يشق عليه و ربما لا يستطيعه. الأسوأ أن رأى الفقيه (التقديرى) يصبح سابقة فقهية و يحتاج تغييرها فيما بعد إلى مجهود كبير خاصة إذا كان الفقيه ممن ينظر له الناس بالتعظيم و الإكبار.

مسؤولية الفقيه، فى رأيي على الأقل، ليست أن يقدر للناس و يختار لهم و لكن أن يبين الأحكام المتعلقة بالموضوع محل النظر و ما هو مكروه و مندوب و مباح خصوصا لدقة الفروق فى بعض الأحيان. ثم و قد اتضحت الأمور يتحرك الناس طبقا لتقديراتهم الشخصية و فى إطار الحدود التى حدها الفقيه و أسلوب التقييم الذى وضحه.

(3)

الفرق بين الفقيه و الشيخ

الشيخ كلمة جامعة لمعانى أوسع كثيرا من الفقه. عندما قال الإمام أحمد "الناس بخير مادام فيهم شيوخهم" فإنه لم يعن بقوله هذا الفقهاء و حسب و إنما عنى بقوله مجموع الحاملين للعلم النبوي و الحكمة النبوية. لذا لما قال الإمام الشافعي أحمد إمام فى ثمانية أشياء و عد منها الفقه فإنه فى الواقع كان يلفت النظر إلى أن حدود الحكمة النبوية أوسع من الفقه بمعنا الاصطلاحي. و مع تتطاول الزمن و اتساع العلوم (و أيضا مع نقص الهمم) لم يعد الشيخ الإمام فى كل مناحى الحكمة النبوية موجودا و لكن ظفر كل من الشيوخ بنصيب من الحكمة فمنهم من برع فى الفقه و منهم من برع فى الحديث أو فى علوم التفسير أو العربية أو الزهد و الورع أو فى حكمته صلى الله عليه و سلم فى تربية النفوس و تهذيب الأخلاق. كل هؤلاء يقال له شيخ و لكل منهم دور محدود لا يتجاوزه. طبعا بقى الباب مفتوحا لأصحاب الهمم العالية للأخذ بنصيب من المعارف النبوية جميعا و لكن فى النهاية لم تكن العمدة فى علم من العلوم إلا على من بلغوا فى ذلك العلم خاصة ما يكفى من رتب الإتقان.

أحد مشاكلنا الآن إختلاط هذه الأمور ببعضها. شيخ الأزهر الحالى و المفتى الأسبق رجل جل معرفته بالتفسير لا الفقه و لكنه مافتئ يفتى متجاوزا مجمع البحوث و لجنة الفتوى بالأزهر و فيها من فيها من الفقهاء. و الأمر ليس أحسن منه كثيرا فى أوساط الفقهاء "الشعبيين" فإن كثيرا منهم لا أهلية له للكلام فى الفقه أصلا. فكون فلان أو علان من خريجى معهد إعداد الدعاة لا يؤهله للتصدى للفتوى.

و لكن فقد التخصص الفقهي ليس المشكلة الوحيدة. هناك مشاكل أخرى تترتب على إختلاط "تخصصات" المشايخ خاصة مع تغير وسط الفتوى.

مثال: يحكى عن الأستاذ البنا رحمه الله أن أحد الباشوات قال له إنه يحب أن يصلى و لكنه يضيق بالوضوء و إنه رجل نظيف لا حاجة له بالوضوء فهل يجوز له أن يصلى بغير وضوء. قال البنا نعم. فلما كلمه بعض مرافقيه فى الأمر بعدها قال "إما أنه مخلص النية فسترده الصلاة إلى الوضوء و حينها فهو خير أو أنه غير مخلص و ساعتها لم نخسر شيئا". أو كما قال رضى الله عنه. هل هذه فتوى؟ و هل تكلم البنا ساعتها بلسان الفقيه أم بلسان شيخ التربية؟

هنا نلحظ أن البنا أمكنه أن يقول ما قال لأن السؤال كان فى جلسة خاصة مع الباشا و لا خشية من التباس الحكم الفقهي على الحاضرين المحدودى العدد و لا صعوبة فى أن يبين لهم البنا وجهة نظره بعد الخروج من عند الباشا. لكن فى ظروفنا الحالية فالفتاوى على الإنترنت و فى الفضائيات مما يجعل الفقه يأخذ الدرجة الأولى (لأن الحكم الشرعي عام فى أى حادثة معينة. لا صلاة بغير طهور. إنتهى) و تتراجع التربية إلى الدرجة الثانية لأنها تتطلب معرفة بالمستفتى و ظروفه و تحتاج إلى أن ينظر الشيخ بعين الفراسة النبوية إلى ذاك الذى يسأله. كلنا يعرف قصة ابن عباس و الرجل الذى جاء يسأله إن كان للقاتل توبة فقال لا. قل لى بربك ماذا كان يقول ابن عباس إن اتصل به الرجل على التليفون على إحدى الفضائيات؟

(4)

الإسلام هو الحل

الإسلام هو الحل شعار جميل و كأى شعار فهو مجمل فى معناه كثيف فى عاطفته و هذا مما لا بأس به إن شاء الله و لكن ما يجب أن نكون منه على حذر أن يختلط معنى الشعار فى الأذهان و يؤدى ذلك إلى ما لم يرضاه أحد.

مثلا أين فى الإسلام حل مسألة "نظرية فرما" فى الرياضيات؟ لا ريب أن ألف فقيه ينظرون فى القرآن و السنة لألف عام لا أمل لهم فى حل تلك المسألة. وجب إذن أن يكون هناك تفصيل تحت العموم و وجب أكثر أن نكون على حذر من الإسراف فى التركيز على أمور من نوعية الإعجاز العلمى فى القرآن أو فى إختصار حلول مشاكل المجتمع كلها فى العودة إلى القرآن و السنة.

يحضرنى فى هذا السياق مقال نشره الأستاذ المستشار البشري أطال الله عمره و أمتعنا به يحلل فيه ظاهرة شركات توظيف الأموال. طبعا لام البشري على الحكومة طريقتها فى التعامل مع هذه الشركات و طريقة تصفيتها. و لكن الأهم فى نظرى أن البشري لام على هذه الشركات أنها و إن كانت نجحت فى الوصول إلى صيغة شرعية بديلة للبنوك (صيغة مقبولة فقهيا و صالحة للتطبيق العملي) فإن طريقة هذه الشركات فى الاستثمار لم تكن أفضل كثيرا من طريقة البنوك و كثير من مشاريعها لم يكن له عائد اجتماعى (من حيث توفير فرص العمل و تشجيع التصنيع و تقليل الاعتماد على الخارج) يتناسب مع حجم الاستثمارات. هنا نرى مشكلة النظر الفقهى الضيق عندما يتفاعل مع الشعار المجمل "الإسلام هو الحل" فالنظرة الفقهية الضيقة تجعلنا فى قمة الرضا لأننا نجحنا فى التخلص من حرام المصارف الربوية و إحلال "حلال" الاستثمار "الإسلامى" محلها. و بما أن هذا الحل إسلامى و بما أن الإسلام هو الحل فقد استقر الأمر و نيل المطلوب و قرت الأعين. و بكل أسف فإن المشاكل الاقتصادية الأساسية التى نعانى منها هى كما هى و لم يكن حل شركات التوظيف هو الحل الصحيح لها. نعم تجاوز المصارف الربوية جزء من الحل و لكنه ليس الحل كله.

(5)

اللب و القشور

هل فى الإسلام لب و قشور؟ هذا سؤال من الأسئلة التى يتحتم القضاء عليها لا الرد عليها. السؤال غامض بما يجعله لا يصلح للإجابة. إن قلنا ليس فى الإسلام لب و قشور فهل معنى ذلك أن أبسط السنن و أخفها فى نفس أهمية أعظم الواجبات و أهمها؟ و إن قلنا إن فى الإسلام لبا و قشورا فهل نعنى بذلك أن شيئا من السنن لا بأس فى الإعراض عنه و الإستبدال به؟

اللب و القشر عرض يعرض على الأمور لا صفة ذاتية لها. هناك مسائل فى الفقه مثلا هينة فى ذاتها و لكنها عظيمة فيما يترتب عليها. لذا فالتفكير الذى يقف عند ظواهر الأشياء هو الذى يمكن وصفه بأنه يكتفى بالقشور أما التفكير الذى يتتبع الأمور إلى مراميها و يسبر غورها فهو الذى يمكن وصفه بأنه يصل للب. ليس مدار الأمر إذن على المسألة محل النظر و لكن على "كيفية" النظر.

كثير من اعتراضات "الجماهير" على بعض الفتاوى أو تصرفات الدعاة يتأتى من توقف الناس مع الظواهر. مثلا من يشتكى من كثرة الشرائط الملأى بالصراخ و الوعيد فى الباصات هل مشكلته فى وجود هذه الشرائط أم فى أنه يفرض عليه الاستماع إليها قسرا؟ إن كان الاعتراض على وجود مثل هذه الشرائط فهو اعتراض لا يؤبه له إلا إن كان فى هذه الشرائط ما يخالف الشرع. أما إن كان الاعتراض على القسر فما الداعى إذن للدخول فى تفاصيل الشرائط و ما الفرق بين شريط عن عذاب القبر و أى شريط آخر.

هذا مثال على حالة ملفتة فى هذه الأيام أن الناس تضيق بالشئ ثم لا تتريث فى الشكوى. و أنا لا أقول ذلك دفاعا عن هذا الشيخ أو ذاك و لكنى أعجب ممن ينكر على المشايخ توقفهم مع القشور ثم لا يتحرى هو نفسه الوصول إلى اللباب.

(6)

الأزهر

إصلاح الأزهر يبدأ من فهم مشاكله. أولى مشاكل الأزهر فى نظرى هى ما فعله عبدالناصر من تحويل الأزهر إلى جامعة حكومية و حرمانه من أوقافه. لا أمل فى الإصلاح طالما أن الدولة لها اليد العليا على الأزهر و رجاله تقرب من تشاء و تبعد من تشاء.

المشكلة الثانية هى افتقاد العامة لمفهوم السند. و هذه المصيبة مردها فى الجزء الأمبر للحركة السلفية التى حولت الدين من علم حى ينتقل بالتتلمذ إلى نصوص ميتة تنتقل تفسيراتها (المنقطعة) عن طريق شرائط الكاسيت و الكتيبات الملونة.

طبعا السعودية كانت أفضل حالا من مصر لأن المشايخ الكبار هناك كانوا و ما زالوا من الحنابلة و لم يزل لهم عناية بأخذ الفقه و الحديث عن المشايخ و بكتب المذهب و متونه.

الأمل كما قلت (تاء المخاطب) فى الأزهر و لكن من يقف مطالبا بحقوقه؟

و لعل الله يجعل عاقبة هذا الأمر رشدا

و على الله قصد السبيل.

بنت مصرية said...
This comment has been removed by the author.
بنت مصرية said...

اللى انت بتقوله ده بالظبط هو اللى عايزة اقوله بس الظاهر مبقتش اعرف اشرح فبختصر فى الكلام :)

الله يجزيك خير يا قلم

اما بخصوص ان الاسلوب ده يثمر وللا لا، فهو يمكن يجذب إليه عدد من الناس بل اعداد، الاعداد دى غالبا بيكون الموضوع عندهم سطحى فبيتخضوا من اول كلمتين يسمعهوهم او اول شريط زعيق

ويبتدوا يدوسوا ويدخلوا فى الموضوع ويتحولوا وهما مغمضين،والوقت يفوت ويبتدوا يتخنقوا ، والوقت يفوت اكتر ويحصل حاجة من الاتنين يا يرجعوا زى ما كانوا الاول او اكتر،او يسلموا امرمهم لله ان هو دا الدين وهى دى الحياة اللى مش عايزين منها حاجة

الموضوع دا معقد اوى٫مين يقدر يربي الناس انها تسمع وتفهم وتقرر،٫يقدر يخلص الدين من الحاجات اللى لزقت فيه دي
شىء متعب ان الواحد يزيد ويعيد فى مجمع طرشان فى اهدا الاحوال او متحفز ضدك فى اغلب الاحيان

قلم جاف said...

خمس ردود كلها هامة ، وسأرد عليها على كذا دفعة خاصة الرد الدسم جداً جداً والرائع من أبي العلاء الذي أعتب بشدة أكثر عليه بسبب تغيبه عن ساحة التدوين لفترات طويلة ..

عدى النهار :

1-لا أميل لتحميل الدولة وحدها سبب تراجع أداء المسجد في الوقت الحالي ، كان من الممكن قول ذلك في فترات سياسية سابقة ، أما الآن فنحن نعيش مرحلة من مراحل "الواقعية السياسية" لا تستطيع الدولة ولا النظام الإمساك بكل خيوط كل شيء في الدولة..

البلد بالبلدي بقى مفتوح على تيارات واتجاهات كتيرة بعضها كان مرفوض من النخبة الحاكمة ، كلها مع الحكومة أسهمت في تدهور أداء المسجد بشكل عام!

2-فقدان الثقة في الأزهر موضوع تدوينة قريبة جداً ، ورغم كتابتي لتدوينة أخرى قبل قليل إلا أن الوعد الذي قطعته لأحد الزملاء بالكلام عن الأزهر وما جرى له لا يزال قائماً.. المهم ما أنساش..

3-مع تقديري لكون الشيخ المقصود "يحبنا في الله" أول مرة أعرف أنه قد سجن ، وحسب علمي أن الشيوخ السلفيين لم يتعرضوا لمضايقات أمنية عنيفة بما أن الفرق واضح بين الخط السلفي والخط "الجهادي" التي قامت على أساسه جماعات مثل "الجماعة الإسلامية" وغيرها من التنظيمات التي تقيم قياداتها في السجون!

4-اختيارية سماع تلك الشرائط سأحاول تحليلها بإذن الله قريباً..

قلم جاف said...

مهندس مسلم :

أؤمن حرفياً على الفقرات الأولى من رأيك ، قلت فيها ما أريد أحسن مني..

وإن كنت سأتوقف عند نقطة شديدة الأهمية :

هناك فرق بين التجديد والاختراع..فرق واضح زي الشمس..

المشكلة إن التجديد عندنا وقف ومفيش رغبة فيه ، وصلنا لمرحلة معينة بعدها توقف التجديد تماماً ، بالذات في بلد زي مصر فيه إحدى أعرق الجامعات الدينية في العالم واللي يفترض بيه تخريج ناس قادرة على التجديد الحقيقي بعيداً عن التهييس..

بقت المسألة مجرد نقل من الفقه القديم ونقل فقط ، رغم تغير الزمان وظهور مستجدات جديدة..بقى عندنا جيش عرمرم من المحدثين وقلة في الفقهاء وندرة في المجتهدين..

أتفق معك في حاجتنا للحراك..الحراك الحقيقي..

قلم جاف said...

بنت مصرية :

مين يقدر يربي الناس انها تسمع وتفهم وتقرر،٫يقدر يخلص الدين من الحاجات اللى لزقت فيه دي


سؤال في منتهى الأهمية والخطورة ..

قلم جاف said...

أبي العلاء :

سعيد بكتابتك عندي ، تعليقك الأخير من العيار الثقيل بمثابة عدة تدوينات ، وسأرد عليه على دفعات ..

كثير من اعتراضات "الجماهير" على بعض الفتاوى أو تصرفات الدعاة يتأتى من توقف الناس مع الظواهر. مثلا من يشتكى من كثرة الشرائط الملأى بالصراخ و الوعيد فى الباصات هل مشكلته فى وجود هذه الشرائط أم فى أنه يفرض عليه الاستماع إليها قسرا؟ إن كان الاعتراض على وجود مثل هذه الشرائط فهو اعتراض لا يؤبه له إلا إن كان فى هذه الشرائط ما يخالف الشرع

كلام جميل ، كلام معقول .. لكن..

لكن دعني أنقل لك وجهة النظر الأخرى..

الاعتراض هنا على الأسلوب ليس ربما على المضمون ، فكثير من القصص الغريبة التي نسمعها في الشرائط والخطب ليست فوق مستوى الشبهات ، هناك إسرائيليات ومرويات غريبة لم يتم التحقق منها بالضوابط العلمية السليمة .. فضلاً عن عنف الأسلوب نفسه..

حدود الأسلوب واضحة كما في نص الآية الكريمة "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"..

ومع احترامنا للحقائق فإن الأسلوب يلعب دوراً خطيراً في توصيلها للناس..

نفس الشيء في الخطب ، من الممكن أن يدخل الخطيب في عشرات الموضوعات في عشرات المضامين في خطبة واحدة ، لكن الناس لن "تنشكح" عندما ترى أن الإمام معزول تماماً عن واقعهم ، أو عندما تخرج من الخطبة ولا تفهم في أي شيء كان يتكلم الخطيب ، وهذه حدثت ذات مرة عندما خرجت وأحد أقاربي في حالة عدم فهم لما قاله الخطيب ، وتلمسنا في كل من حولنا أنه لا يوجد اثنان اتفقا على ماهية موضوع خطبة الجمعة!

قلم جاف said...

الأسوأ أن رأى الفقيه (التقديرى) يصبح سابقة فقهية و يحتاج تغييرها فيما بعد إلى مجهود كبير خاصة إذا كان الفقيه ممن ينظر له الناس بالتعظيم و الإكبار

مين يسمع ومين يفهم؟

أعادت عباراتك للذهن مفهوم الفتوى ، اللي كان لازم يتحط تحتيه ألف خط ، وكذلك الطريقة التي تحدث بها الدكتور عزت عطية لقناة المحور إبان الفتوى "إياها" ، أتمنى أن تسأل زميلاً أو صديقاً شاهد الحلقة عن طريقة كلام الدكتور ونظرته للفتوى فربما لا تحضرني بالنص ، ولا أريد ذكر شيء لا أتذكره تماماً حتى لا أكون ظالماً ومتجنياً..

قلم جاف said...

هذا لا يعنى أن دور الفقيه دائما ثانوى (يعنى فى المرتبة الثانية)

من الحاجات اللي نفسي يتسلط عليها ضوء أكثر الفرق بين المجتهد والفقيه والمحدث..

مهم ان التلاتة يبقوا موجودين ، لكن مش شايف إنه من غير الصحي بالمرة إن أكثر الناس أهمية وثقل اليومين دول همة المحدثين فقط؟ لو تواجد مجتهد حقيقي لسد الفراغ الذي يستغله أدعياء الاجتهاد محترفي الهمبكة وإلقاء الفتاوى في الكلوب..

أي سفينة بها ربان وبحارة ، ومن الصعب أن تسير سفينة بربان بلا بحارة ، أو بحارة بلا ربان..

عدى النهار said...

تصورت أنك قصدت الشيخ وجدى غنيم على العموم المعنى هو المهم بغض النظر عن من هو الشيخ

(abu al-alaa) أبو العلاء said...

كلام متصل بموضوعنا

http://ctybrd.blogspot.com/2007/06/blog-post.html

و السلام

(abu al-alaa) أبو العلاء said...

و هذا أيضا صوت آخر:

http://abdelrahmangado.wordpress.com/2007/06/05/%d8%a3%d8%a8%d9%88-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%b4-%d9%83%d8%aa%d8%b1-%d9%85%d9%86%d9%87/

(abu al-alaa) أبو العلاء said...

و المزيد!

http://dawayer.wordpress.com/2007/06/05/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85-%D8%B1%D9%85%D9%84-%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%87%D9%85-%D9%83%D9%85%D8%A7-%D8%B1%D9%85%D9%84%D9%88%D8%A7-%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%86%D8%A7/

Mohamed said...

الأخ أبو علاء
شكرأً لإدراجك رابط لمفالي المعنون: "اللهم رمل نساءهم كما رملوا نسائنا" كتعليق على التدوينة الأصلية في مدونة الدين والديناميت
وأنبه لأن رابط التدوينة التي أدرجتها أنت، قد تغير، والجديد هو:
http://dawayer.wordpress.com/2007/06/05/rammel-yattem/
ولك جزيل الشكر