Wednesday, May 3, 2006

نحو إسلام خالي من الكوليسترول

أشعر كمواطن مسلم بأن الإسلام في حقيقته أبسط وأخف وزناً مما أصبح عليه ..

هذا الدين .. ببساطة .. هو ضحية للكثيرين من أصحاب المذاهب ، وأعني هنا الاتجاهات الدينية ، كل قد أضاف كوليستروله الخاص للدين ، بما يتسق مع مصالحه أو أهدافه ، سواء أكانت الزعامة الدينية ، أو الزعامة الدنيوية.. كل أضاف خزعبلاته التي صارت في عقولنا جزءاً من الدين بقوة الاستمرار .. وصار من يفكر فيها متهماً بأنه جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة..

أنصار كهنوت الدين يريدون مؤسسة دينية كهنوتية لا تسمح بالخلاف ولا بالنقاش ولا بالاجتهاد ،فكل فتوى يقولها مولانا أو سماحته أو الملا أو آية الله هي غير قابلة للنقاش ، حاجة كدة زي فواتير التليفونات (ادفع وبعدين اتظلم) ، بل ونجد بعضهم وبمصطلحات غريبة من عينة ولاية الفقيه يريدون استحداث دور سياسي لرجل الدين أو الفقيه لم يكن ليوجد أصلاً.. وهذا العبث الذي نراه في العراق الشقيق من تحت رأس أفكار هؤلاء..

أنصار فلسفة الدين حكايتهم حكاية ، فهم يريدون إغراق الممارسة الدينية بكاملها في سلسلة طويلة من التأملات الفلسفية ، كما لو كان الدين نظاماً يهدف لعزل المنتمين له عن العالم ، من بعضهم من يرى أن التصوف "فريضة" بل هو ركن من أركان الإسلام ، وأن النظرة السائدة له - وهي نظرة أغلب المسلمين - تنم عن عدم إدراك - بل لنقل جهل فاضح!..ويبدو أن صاحب تلك الوجهة الألمعية قد نسي أن مسألة أركان الإسلام محسومة منذ قرون وبنص صريح لا يحتمل التأويل!

أنصار تسييس الدين اعتبروا هم الآخرون الخلافة ركناً من أركان الإسلام ، ونسوا لا فضت أفواههم أن الإسلام لم يفترض نظاماً سياسياً بعينه لإدارة الدولة ، وأنه ترك المسألة تماماً للمسلمين كشأن دنيوي لاختيار من يحكمهم والطريقة التي يريدون تسيير بلدانهم بها، كما أن الإسلام ليس "وطنا" كما يدعي بعضهم ، وبعض أنصار الطرق الصوفية بالمناسبة ، بل هو دين لا يتعارض الانتماء له مع الانتماء الوطني.. تذكروا "ورضيت لكم الإسلام ديناً" في سورة المائدة..العباقرة نسوا في السكة أن مجتمع النبوة كان به غير مسلمين ، ولم نسمع عن فتن طائفية في عهد النبوة...

أما أنصار عسكرة الدين فقد لوثوه بالدم ، وبخطابهم المتطرف.. وهم يدورهم يقولون أن ذلك من صميم الدين!.. وإن استطعت النقاش معهم فسيقولون لك أن ما يفعلوه هو الجهاد .. ولن تعرف منهم في جمل مفيدة يسهل فهمها من يجاهد من وعلى أي أساس...ومافيش مانع من استخدام بعض الشعارات الرنانة من عينة "دولة إسلامية" ، "خلافة إسلامية" في مواجهة "الشيطان الأكبر" , والشيطان الأصغر ، والشيطان شاطر!

وكأن الدين ناقص كوليسترول ، حتى يضيف إليه البعض الكرامات والخرافات ، وبل وجعلوها هم الآخرين جزءاً من العقيدة يعتبر من يجحده ناقص الإيمان وربما كافراً.. ويقولون أن تلك من دلالات الصلاح ، رغم أننا لم نسمع عن قدرات خارقة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو الذي لرسول الله عليه الصلاة والسلام أحاديث عن مكانته وتقواه وصلاحه..
وفور مواجهة المذكورين بما سبق سيشير لك بعضهم ، أو كلهم ، بآيات قرآنية ، أو أحاديث نبوية يزعمون أنها تؤيد ما أضافوه من هراء لم يكسب منه المسلمون أي شيء .. بل خسر مليار مسلم من ورائه الجلد والسقط..

كل هذا الكوليسترول قدم صورة مترهلة ومشوهة للإسلام ، قدمه للمسلمين قبل الغرب على أنه دين خرافة معادي للعلم والدنيا يهدف لعزل أصحابه عن المشاركة في شئون دنياهم بل وعن مجرد التفكير فيها ، ولجعلهم -أي المسلمين - جماعة دموية لا تحترم ولا تعترف بأي آخر من أي نوع ولا تسعى للتعايش مع الغير أو التصالح مع الذات.. كل هذا الكوليسترول أضيف بدم بارد رغم أن الحدود بين الدين والدنيا واضحة في الإسلام ، رغم أنه من المرفوض أو الممجوج أن يضيف كل من هب ودب على الدين ما يشاء أموراً ليست فيه ويعدها فرائض وأركان .. الإسلام بالفطرة البسيطة ، كما أراه كمواطن مسلم بسيط ، دين خال من الكوليسترول ، والحوار الحقيقي ، وشجاعة الاعتراف بالخطأ من قبل أولئك وهؤلاء هي المقدمة ، فالدين الذي نتشنج به ليل نهار يحتاج منا تقديمه على مصالح زائفة اكتسبها البعض من الوزن الزائد الذي أضافه على الإسلام!

3 comments:

ايمان said...

قرأت كل ما كتبته في هذا الموقع، و اسمح لي ان اعلق بشكل اجمالي عن الموضوعات و الفكر الذي تثيره، اولا اتفق معك تماما، في اننا كما اعتقد
قد خلقنا دينا موازيا للاسلام، يتشابه معه في الاسم فقط، و ان كان بعيد تمام البعد عن اصله و جوهره و حتي نصوصه الصريحة، فكيف مع "لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر"
هكذا بكل صراحة ووضوح، نتبادل الاتهامات و التكفير ، مثلا، كيف مع كل وضوح الحكمة و السبب وراء خلق الانسان و تميزة عن الملائكة و سائر المخلوقات، بالعقل و المعرفة و حرية الارادة و القدرة علي الاختيار، نجد من يكفننا في نصوص و شروح و شروح الشروح لاناس عاشوا في ازمنة مغايرة في المنطق و الحدث و الظرف المكاني و التاريخي، و نغلق عقولنا و نكمم افواهنا حتي لا نقع في المحظور و نجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة، و اي معلوم يقصدون!!واية ضرورة؟
لم تعرف مصر تحديدا، قبلا زمنا اشد هوسا بالدين، و لا اكثر تطرفا في الافكارو لا اكثر اغراقا في الخرافات مما نحن عليه اليوم، لانه ليس من المقبول ان نتعامل و نفكر و كأننا لازلنا في حقبة القرون الوسطي ، فالحداثة التي عليها المجتمع الانساني اليوم لا تغفر لنا ان نتبني كل اشكال التغييب الجارية اليوم في مصر،،
احيانا يختلط علي الامر و كأنني في كابوس او فيلم فانتازيا حيث يركب الناس عجلة الزمن ليركضوا بكل قوتهم و بجنون اختياري كامل نحو الماضي، يخيل لي و انا امشي في شوارع القاهرة في الالفية الثالثة ان الجمال و القوافل سوف تعبر الاشارات امامي مختلطين بالبشر اصحاب الازياء التي تعود الي عدة قرون للوراء، نساء كانوا ام رجال، و اجدني لا افهم، كيف ينفصلون هكذا عن الزمن، كأنهم شخوص تخرج من الصفحات الصفراء المهترئة، لنصوص باهتة و قديمة
و للحديث بقية،

قلم جاف said...

(احيانا يختلط علي الامر و كأنني في كابوس او فيلم فانتازيا حيث يركب الناس عجلة الزمن ليركضوا بكل قوتهم و بجنون اختياري كامل نحو الماضي، يخيل لي و انا امشي في شوارع القاهرة في الالفية الثالثة ان الجمال و القوافل سوف تعبر الاشارات امامي مختلطين بالبشر اصحاب الازياء التي تعود الي عدة قرون للوراء، نساء كانوا ام رجال، و اجدني لا افهم، كيف ينفصلون هكذا عن الزمن، كأنهم شخوص تخرج من الصفحات الصفراء المهترئة، لنصوص باهتة و قديمة
و للحديث بقية، )

العزيزة إيمان ..
بداية سعيد بتعليقك على هذه التدوينة بالتحديد .. وربما كانت تلك التي خرجت عن إحساس صادق بما نحن فيه .. ركزت على الفقرة الأخيرة من تعليقك لأنها هامة للغاية ، وأضيف بأن المسألة ليست أبداً مسألة أزياء فقط ، بل هناك أساتذة جامعات ، ومنظرين ، وأكاديميين ، وقنوات فضائية دينية وغير دينية ، وملايين تصرف على كتب مطبوعة طباعة فاخرة على أفكار قديمة تروج لطقسية الدين أو لفلسفته أو لعسكرته .. وكل هؤلاء يقولون أنهم مستنيرون وكل هؤلاء يقولون أنهم معادون للتطرف ، وهم في قمة الديماجوجية عندما يناقشون بعضهم بعضاً ، ومنهم كالصوفيين مثلاً من يعتبر كلمة "علمانية" باللفظ السوقي (كلمة أبيحة).. رغم أن العلمانية الحقة تعني فصل الدين عن العملية السياسية (بعيداً عن المعنى الشامل للعلمانية كما رآها الدكتور عبدالوهاب المسيري وهي فصل الدين كليةً عن الحياة)، ورغم أن الإسلام نفسه هو الذي أتاح فصلاً لشئون الدين عن شئون الدنيا في بعض الأمور كما قال الرسول (ص) فيما معناه : أنتم أعلم بشئون دنياكم..
مرة أخرى .. أشكرك وأشكر كل من يهتم بتلك القضايا الخطيرة المنسية في زحام الأحداث المتلاحقة في بلاد العجائب..

Anonymous said...

Mate,

I am commenting on this particular post of your because it reminds me of myself 5 years ago, when I failed to understand what so many Jihadists mean when hey say that it is 'Wajib' or 'Fard' to have Khelafa for all Muslims.

When they say 'Khelafa' they MOST CERTANLY do not mean a system for ruling, I mean it is not as Monarchy opposed to Republicanism or Absolute totalitarian rule as opposed to liberal democracy. No. What they mean is a 'pan government' for all Muslims. It is that all Muslims should be under one sovereign government, and that the Nation state idea should be a Nation state for Islam. Or that Islam is the nation that binds all those people together.

What we mean here is Islam as the unifying factor that brings all those people together. In fact, when you look back at history, you will find that the first time in history (when Muslims got out of the Arabian peninsula), the religion was for the first time the unifying factor. It was not the race, the tribal bonds, or anything else. It was religion.

Islam is a state, it is religion, it is a way of life, it is living according to the way Allah wanted you to live.

Regards

Akis Patsourakis

P.S. So, if those people are struggling to establish a unified rule for Muslims, then this is Khelafa, whether this is done by direct election, indirect election, through a presidential system or a parliamentary system, this is all ok and does not change a thing. The important issue is to have a unified central state fro al Muslims