Sunday, April 23, 2006

مفيش وسط..

أستحضر مشهداً من فيلم وحيد حامد وشريف عرفة وعادل إمام "طيور الظلام".. عندما قرر عادل إمام "محامي الداعرات" الاستعانة بخدمات صديقه المحامي الملتحي ..ليدافع عن إحدى زبوناته.. وكانت وجهة نظره في أن القاضي ضعيف أمام أصحاب الذقون..

وليس قاضي طيور الظلام هو الذي يعاني نفس الضعف ، وإلا فلمن يكتب محام تعويضات أعرفه ديباجة مكررة تضم آيات من سورة يوسف لشحتفة القاضي على الضحية ومطالبته بالتعويض المبلغ وقدره ، وطبعاً يلح على أن التعويض المطالب به هو الدية كما تقررها الشريعة الإسلامية ..

كلنا ضعاف أمام كل ما يختبئ تحت عباءة الدين ، حتى ولو كان "كاموفلاج" لزوم التمويه ، وإلا لما استغل الفاطميون حب المصريين لآل البيت من أجل تثبيت سلطانهم ، ولا لعب السيد البدوي الدرويش الثائر على نفس الوتر ، ومن بعدهم الصوفية على وتر الترغيب والترهيب بالخرافة واضعين إياها تحت بند الكرامات ، مروراً تنظيمات الإسلام السياسي بشعاراتها الرنانة ، والتي نضجت بعد ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران .. بعضها جند شباباً "زي الورد" من أجل بناء دولة إسلامية على الطراز الإيراني .. واكتشف هؤلاء الشباب أنهم بعد الصدام المسلح مع النظام أنهم كانوا في برنامج الكاميرا الخفية ، وأنهم ضحك عليهم ، ولكن بعد فوات الأوان..مروراً بالصحف التي تلعب على وتر التهييج الديني فقط من أجل البيع ، حتى أصحاب المحلات الذين يسمونها بأسماء دينية ، أو بأسماء آل البيت الكرام ، أو من ركبوا موجة المقاطعة ومنشوراتها أيام الانتفاضة ، بل والكثيرون ممن علقوا لافتات الشجب والاستنكار والمقاطعة للدانمارك عقب الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم..

تعددت الأهداف من وراء تلك اللعبة ، الوصول للسلطة ، الوصول للزعامة الدينية الوهمية واصطناع نظام بابوي يتنافى مع "تضبيطات" الإسلام كدين لا يعترف بأي شكل من أشكال الكهنوت(ولست هنا في معرض انتقاد أشكال الكهنوت في الديانات الأخرى فذلك ليس من اختصاصي..أنا هنا أتناول الإسلام كمنتمي له وبخواصه المميزة عن أي دين آخر)..التربح بأي شكل من الأشكال معنوياً أو مادياً .. لكن اللعبة تبقى بتفاصيلها هي هي.. وتنطلي علينا في أحيان كثيرة..

تلك الممارسات ، وعلى طريقة قوانين نيوتن ، خلقت رد فعل بنفس القوة ، وبالاتجاه المضاد ، حساسية مزمنة لدى كثيرين ضد المظهر الديني عموماً ، سواء الحجاب أو اللحية أو ما شابه.. حساسية لعب عليها أيضاً بعض الأتاتوركيين في وسائل الإعلام ، والبعض من هذا البعض يؤمن بعلمانية تفصيل على طريقته ، تضع العلمانية والدين على طرفي نقيض بلا أي فرصة للتعايش ، ولا مانع من ممارسة بعض التقية الفكرية خوفاً من فقدان المصداقية لدى الشارع المحافظ ، أو من رصاصات جماعات المتشددين ، والمدهش أن ممارسي التقية الفكرية هؤلاء يتصورون نفسهم من الذكاء بأنهم لا ينكشفون أبداً.. متناسين أن الغباء يبدأ عندما تؤمن بغباء الآخرين!..
ملاحظتي الوحيدة عقب تلك السطور المملة والرزلة والطويلة هي أننا انقسمنا للاهثين وراء المظهر الديني ، ولمتعصبين ضده ، ولمن يتخذون موقفاً وسطاً متعقلاً ، وهؤلاء يتناقصون يوماً وراء يوم..وضع لن يستفيد منه إلا من يلعب على كل حبل ، بل ومن على الحبلين بيلعب .. مع الاعتذار لأغنية هابطة لحنان عطية!

2 comments:

saso said...

من العصور الوسطي اكتشف الكهنوت ان الحل الوحيد لشرا دماغ الناس هو الترهيب والترهيب بالمسائل الغيبية الدينية ومن بعدها جم شيوخ الطرائق الصوفية وقالوا كرامات .. اللي يضحّك ان الشيوعية اللي هي النظام الوحيد اللي فهم اللعبة وحاول يخلص الناس من استعباد المتحدثين باسم الكنايس والمعابد وغيرة هو اكتر نظام مكروة في العالم من الناس قبل رجال الدين
الناس مبسوطة بوجود الاوليا وصكوك الغفران

قلم جاف said...

فيه فرق بين رجل الدين اللي هو رجل دين ، ورجل الدين اللي هو رجل دنيا..وبيبحث لشلته عن مصالح سياسية وزعامة دينية .. وبيعمل من نفسه ومن شلته الوكيل الحصري باسم الله ..

معروف من 14 قرن بس إن الدين مافيهوش كهنوت ولا زعامة دينية ، وما طلبش من المشتغلين في الحقل الديني ولا الدعوي إنهم يبقوا كهان وحاخامات .. لكن تقول إيه في اللي عايز الدين على طريقته الخاصة .. دين ظريف كدة يحقق لي مصالحي ويرفع لي الأنا بتاعتي شوية!..