Saturday, October 6, 2012

في الآتي بعد : التطرف الأطفالي

أتوقع أن ينظر لي البعض عقب قرائته لتلك السطور نظرة "توفيق عكاشة" المحلقة وهو فاغر فاه ، لا بأس ، لكن ليعلم الجميع أننا نتحدث عن أمر واقع موجود على الأرض غصباً عن أعيننا أجمعين..

جريدة السيد "إبراهيم عيسى" طالعتنا مؤخراً بخبر عن طفلين متهمين بازدراء الأديان تبولا على ورقة فيها آيات قرآنية ، ولأن الإعلام لدينا يحترف تشتيت الناس عن ما هو أهم وأخطر ، فقد ركز فقط على عقاب الطفلين دون أن يجعل الناس تفكر ولو للحظة فيما فعلا الآن وما يمكن أن يفعلاه في المستقبل هما وغيرهما ، والذي أجزم بالتأكيد أن له علاقة بما أسميه "التطرف الأطفالي"..

والتطرف الأطفالي مثله مثل التشرد الأطفالي الذي نَظَّر له اللمبي ، وجزء كبير من التطرف والطائفية التي نعرفهما كان في البداية تطرفاً أطفالياً ، مر به أناس كثيرون حتى من يدعون أنهم متسامحون ولذاذ ويتبنون الدولة المدنية ووحدة عنصري الأمة ومسلم ومسيحي إيد واحدة ، ومن هؤلاء مثقفون وساسة ورجال أعمال وإعلاميون ، وأتحدى من يقول لي عكس ذلك..

من يرتكب الجرائم الطائفية الطابع ، ومن هم على شاكلة "أبو إسلام" و "موريس صادق" لم يظهروا على تلك الحالة في يوم وليلة ، كل هؤلاء وغيرهم أو بعضهم كان في طفولته ثم في شبابه ثم في نضجه متطرفاً يفكر بشكل طائفي ، ولكن السلوك المتطرف نوعان ، نوع يظهر تلقائياً ، ونوع يكمن ويحتاج فقط إلى فرصة كي يظهر ، وكلهما ارتوى بماء واحد في تربة واحدة..

فناهيك عن بيئة الأب والأم ، التي تتراوح اعتدالاً وتطرفاً محافظةً وانحلالاً بالمستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي و...و... و... توجد عشرات المؤسسات التي تربي أطفال هذه الأيام ولم تكن متواجدة بالقدر الكافي وقت أن كان كاتب السطور ومن هم "مِن دوره" في سنهم ، لدينا المؤسسات الدينية بكافة أشكالها ، ولدينا الإعلام بكافة أشكاله وبرامجه وصحفه وما ينتقل هنا وهناك من أخبار وشائعات وحبشتكانات ، والكلام موجه لمن "لا" يعتقدون أن أطفال هذه الأيام لا يتابعون من التليفزيون إلا "سبونج بوب"!

سلوكنا كله ، بلغة الكمبيوتر والرياضيات الحديثة ، "مجرد" دالة ، في طابور طويل من المتغيرات ، المنزل ، المدرسة ، المسجد أو الكنيسة ، الشارع ، النادي إن وجد ، أدخل أي متغيرات وستحصل على نتيجة في النهاية.. وانت بقى ومتغيراتك..

ما أتمناه أن نعي، وأن يحترم إعلامنا بالمرة نفسه لمرة من نفسه ويعي التصرفات نفسها قبل ردود الأفعال ، وأن نفكر فيما يمكن أن تؤول عليه الأمور بالنسبة للمتطرفين الصغار إذا ما بقيت نفس المتغيرات على تطرفها .. إنك لا تجني من الشوك ورداً.. وصلت؟

1 comment:

saso said...

سعدت بقراءة جزء من التدوينة في جريدة الشروق