Tuesday, January 9, 2007

كلام في "الغسيل"!

أولاً أعتذر عن الغياب الطويل والفواصل الزمنية الطويلة بين كل تدوينة وأخرى.. ربما تعمدت الإطالة لكي تحصل المواضيع على حقها من النقاش والقراءة دون "كروتة" .. بما أن المواضيع الجديدة تطمر دائماً القديمة مهما كنت أراها مهمة وتستأهل النقاش والجدل..لكن كثيراً من الإطالة يضر أكثر مما ينفع..

ندخل في صميم الموضوع..

قد يكون الدخول إلى التدين .. أو "الالتزام" كما يعرفه موقع عشرينات (ولي في هذا التعريف نقد عنيف في تدوينة قريبة بإذن الله) نوعاً من أنواع الغسيل ، وكلمة الغسيل تتعلق عادة في الميديا بـ"الأموال" ، ولكنه قد يكون غسيلاً للسمعة أيضاً ..

هناك من الساسة ورجال البيزنس وحتى الفنانين من يغسل أمواله وسمعته بالالتحاق بحضرات الصوفيين ،وتمويل الأنشطة السلفية ، أو ببناء مسجد أو عيادة ، وأبسط شيء بالعيش في دور "الاستشياخ" والتركيز الصارخ على هذا المظهر أكثر وأكثر حتى لو تعارض مع المضمون..الذي هو أهم من الشكل حتى ولو لم يلغِه..

لم أدخل في دوافع الناس كما يحلو للبعض الاتهام ، قد يكون وراء ذلك رغبة حقيقية في التطهر حتى وإن تعارضت مع تمسك الشخص بمكتسباته التي يرفضها أخلاقياً ، وقد يكون وراء ذلك رغبة في الغسيل تغطية على مخازي وفضائح تهدد مكتسباته ومصالحه .. وفي كل الحالات "يفتن" السلوك على الدافع سواء أكان إيجابياً أو سلبياً..

تأخذ عمليات الغسيل تلك أبعاداً خاصة عندما يتعلق الأمر بالفن بالذات ، فوجهات نظر المتمذهبين تجاه الفن "تجنن" بما تحتويه من متناقضات عجيبة سأناقشها باستفاضة قريباً بإذن الله ، قد لا يشكل المتمذهبون نسبة كبيرة من تعداد السكان في مصر لكنهم يتمتعون بنفوذ قوي داخل المؤسسة الدينية والإعلامية سواء الرسميتين منهما أم غير الرسميتين..ويصب معظمها في أن الفن إن لم يكن حراماً فهو منكر.. وأن هناك فرق بين الفنان "الملتزم" والفنان "غير الملتزم".. وعليه فإن كل أموال الفن حرام حرام حرام.. بعض الفنانين "يشهر التزامه" مقتنعاً بتلك الأفكار الممتمذهبة دون أن يفعل شيئاً تجاه الأموال التي هي - من وجهة نظر من أقنعوه - حرام حرام حرام!

قد يكون الجدل هنا على حرمة أموال الفن من عدمها .. أحكام الحلال والتحريم في ذاتها أحكام عامة* .. ومع ذلك فإن الفن الذي يقدمه "البعض" قد يثير الجدل ويجعلك تتعاطف مع من يفتون بتحريم أموال الفن كله!

هذه المقدمة الطويلة كانت لازمة لتقديم واقعة هذه المداخلة ، وبطلها فيما يبدو شخص أعتقد أنه مقدر لي : سعد الصغير!

تعرفون أن وائل عباس و ماكسد أوت زميلينا -والـ"نا" هنا ليست تعظيماً ولكن عطفاً على فكرة كوني مدوناً ومعظم الزوار مدونين فكلنا مدونين في بعضينا-قد نشرا في وقت سابق كليباً "فضيحة" للبيه سعد الصغير تكرر كثيراً فيما يبدو ، وألمحت له قبل أيام في المدونة الشقيقة "فرجة" ، وبعد أيام أفاجأ بـ"المصريون" تنشر أن سيادته قد بنى مسجداً تحت عمارة مكونة من عشرة أدوار (هناك آراء فقهية تقول أن المسجد لا يجب أن يعلوه شيء.. ربما كان المصطلح الأدق الذي يصف المكان هو أنه "زاوية" والله تعالى أعلم).. وكان رد فعل أهل المنطقة - والعهدة على الصحيفة الإلكترونية- هو المقاطعة التامة ، وكذا الشيوخ الذي يفترض بهم الخطابة في صلاة الجمعة المقامة في تلك الزاوية بدعوى أن المال الذي بنيت به .. حرام!

قد يقول البعض بأن هذا الموقف ليتخذ حتى ولو كان سعد الصغير -لا سمح الله - فنان بحق وحقيق ، لكن أنا مع وجهة نظر معظم أهل المنطقة الذين يجدون صعوبة في الصلاة في مسجد بني بأموال شخص فعل ما فعل في الكليب المذكور (وربما لأنهم عشيرته الأقربون فهم يعرفون عنه في أفراحهم ما لا نعرفه ، وما لم ينشره ماكسد ووائل)..

الغريب أنه من هؤلاء أيضاً من يحضر الأفراح التي يقوم فيها سعد بيه بحركاته إياها ويستمتع بها ، ولا مانع من أن يحكي ما حدث لأصدقائه ويتفاخر بالحركة الفلانية التي قام بها مع الراقصة العلانية ، ثم إذا حدثته عن الصلاة في الزاوية التي بناها سعد بيه يقول لك : استغفر الله العظيم .. دي مبنية بفلوس حرام!

وجهة النظر الأخرى لها وجاهتها ، حسناً ، كسب فلان الفلاني أموالاً من التمثيل المبتذل والغناء المسف و...و....ماذا سيفعل بتلك الأموال التي يعلم بأنها حرام؟ هل يحرقها مثلاً؟

معضلة صعبة ، سواء أفترضنا حسن نية سعد وغيره أو سوئها..كيف ترونها؟

تحديث:نشرت جريدة صوت الأمة في عدد الأحد الماضي صورة للزاوية التي بناها سعد الصغير وأجرت تحقيقاً عن الموضوع..

تحديث 12/1:ذكرتني الزميلة زمان الوصل بأن كانت هناك عبارة ما مكتوبة على الستارة في خلفية الكليب الشهير الذي نشره وائل عباس لسعد الصغير.. المسخرة أن الكتابة - كما رأيتها - هي عبارة : محتاجينك يارب!.. تلك العبارة المكتوبة على قطعة من القماش تحدث أمامها هذه الكمية من المساخر قد أتطرق إليها بإذن الله تعالى في تدوينة مستقلة..
* ولي هنا أن أذكر بتعليق ينسب للعالم الأزهري الكبير الراحل الشيخ محمد أبو زهرة ، الذي قال ما معناه أن الإسلام يتسم بالجدية في أمور التحريم ، فهو عندما حرَّم الزنا حرمه ولو بامرأة مشركة عقيم محترفة..

10 comments:

tota said...

العزيز قلم جاف

اعتبر تعليقى نوع من التساؤل وان وجدت اجابة عليه افدنى بها افادك الله واثابك
ليس هذا من وحى اى فتوى او عن معرفة بالرأى الدينى والجدل الدائر حو شائكية هذا الموضوع

لنفرض ان احدهم والمقصود الفنانون او رجال الاعمال ذوى السمعة المشبوهه او او
بنى مسجدا او دار ايتام والله اعلم بنيته هل هى لوجه الله ام للمنظرة ام محاولة لتحسين مظهره او غسيل سمعة او او
هل خسر المسلمون شيئا ؟
هل اضافة بيت للصلاة على المساجد عاد على الاسلام بشىء ضار ؟

مقاطعة هذا المكان تنتهى بماذا ؟ ربما بتحويله الى سكن او محلات او اى شىء اخر او مكان مهجور
هل خسر المسلمون شيئا ما بهذه المقاطعة ؟ وهل خسر صاحب المال او كسب شيئا بمقاطعة هذا المكان ؟
ما الضرر الواقع عليك ان عرفت ان اصل المال مشبوه

من اجابتك استطيع ان اعرف الرأى الشخصى الانسانى ومن اسئلتى اعتقد انك استنتجت الى ما ترمى وهذا الرأى بالطبع ان كان خطئا من وجهة النظر الدينية التى لا اعرفها فى هذه الامر اذا اعتد بالوجهه الدينية فقط واسحب تساؤلاتى التى كانت محاولة اجتهادية شخصية

تحياتى

قلم جاف said...

العزيزة توتا:

عندما طرحت الموضوع طرحته للتساؤل .. لم يكن عندي إجابة ..

صحيح أن الرسول الكريم (ص) قال : "أيها الناس: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم" [المؤمنون: 51 ]. وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" [ البقرة: 172].
ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام! ومشربه حرام! وملبسه حرام! وغذي بالحرام! فأنى يستجاب لذلك؟!" رواه مسلم (1015) والترمذي (2989).

وعليه أنا عن نفسي مش مقتنع بالتقرب إلى الله في مسجد بني بالحرام ، بس الجامع دة حنعمل فيه إيه؟ ولو فرضنا إن البيه الحرامي نيته كويسة وعايز يكفر فعلاً عن اللي عمله .. يعمل إيه؟

أنا نفسي أتساءل نفس تساؤلك ..وأبحث فعلاً عن إجابة!

Anonymous said...

السلام عليكم جميعا

بداية قال رسولنا الحبيب التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛

وانا شايفة ان من تاب وتصدق بامواله الحرام سواء كانت من غناء او رقص او غيره على الفقراء او بناء المساجد او غيرها من مسالك الطريق الصالح فلاباس ويتقبل الله باذن الله وعز وجل ...

ولكن زى ما انت ذكرت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.. رواه مسلم عن أبي هريرة.

فمعنى ذلك والله اعلم انو لازم يتوب الاول ... لانه مينفعش نغسل وساخاتنا واحنا بنتمسح فى دينا .. وحاجة كمان انا شايفة انو لو حد حابب يعمل خير ونيته خالصة لله عز وجل يبقى يعمله فى السر .. لانه بيعمله لربنا مش للناس والميديا زيه زى الفنانات اللى بيزوروا الايتام ويشترطوا تصويرهم ونشر ده فى الجرايد واللى طالعين يحجوا يعملوا مؤتمر ويتصورا

والله اعلم بنيات العباد

ولا تنسوا قول - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : سبعة في ظل عرش الله عز و جل يوم لا ظل إلا ظله : رجل تصدق بيمينه فأخفاه عن شماله .

اخفاها عن شماله .. مش نشرها لسبعين مليون ..

موضوع حلو ربنا يوفقك

Anonymous said...

قال الله تعالى ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم * يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب * فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا * والله لا يهدي القوم الكافرين ) .

Tamer Nabil Moussa said...

انا راى

انا وما الاعمال الا بالنيات

لااحد يعلم نية واحد زى سعد مع اختلافى معة شكلاا ومضمونا فيما يقدم

من هبل وجنون وقلة ادب تحت شعار الفن



لكن حلال ام حرام ما بنى من مسجد او زواية

دة يرجع الى النية لم لااحد يعلم ما فى نيتة عند بناء المسجد

والله اعلم

تحياتى

Jannah said...

لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه* فيه رجال يحبون أن يتطهروا* والله يحب المتطهرين (آيه 108 سورة التوبة)

أخى قلم جاف
أحييك على الموضوع و سؤالك المهم فيه...

أنا رأيى إن صلاة الناس فى مساجد معينة دون أخرى ده رزق ربنا بيبعته لصاحب المسجد عشان يزود من عمله الصالح.
فاللى هو عمله ده فيه تناقض جامد واحن مش قابلين هذا التناقض. المساجد للنسبة لنا حاجة طاهرة و طيبة و الواحد بيحس براحة نفسية جواه... لكن فى المسجد ده مش بعيد ان الناس من غير ما تقصد تفكر فى أفلامه جوه المسجد و تنسى ذكر الله
ولو تاب (يا رب يتوب ان شاء الله) ساعتها بس المسجد ده هيكون له قيمة كبيرة فى قلوب الناس و الناس تدخله لذكر الله و ساعتها من غير ما يقصده هيفكروا فى توبة شخص مش فى معاصى شخص. وعسى ان ساعتها ده يكون سبب لهداية ناس كثير عاصية.

وآسفه على الإطالة :)

مـحـمـد مـفـيـد said...

حبيبي القلم المبدع
لن اتطرق لنقطه الحلال والحرام لانها مسأله اكبر مني بكثير
ولكن ذلك المدعو اصبح في كل مكان تجده هو ما علسي شاكلته
من التلفاز الي الشوارع والي اخره
وما يفعله هذا من باب الشو الاعلامي حتي لا تفقدهم وتظل الناس في الحديث عنهم
انا وجهه نظري كيف يقبل رجل ان يرقص ليل نهار ويخرج علينا ببناء تلك المسجد
انها قمه الشيزوفرينبا المتفشيه في العقول الصماء

HANY said...

أخى الكريم

قضية محسومة سلفا , ولكن بعد قراءتى للردود , ارى ضرورة فتح باب النقاش حولها
فيبدوا ان هناك الكثير ممن لا يعرفون إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً , او بمعنى ادق يتناسون , او لعلهم يعلمون ولكن يسفسطون

وتقبل تحياتى

Anonymous said...

لماذااغلب التعليقات تعول على
النيه فقط..وحتى لو صلحت نيته فى العمل
فهل هذا يكفى.. اذن لأخرج كل سارق ثلاثه ارباع ما يسرقه لله بنيه سليمه
...............
الله طيب لا يقبل الا طيب.. وحال سعد هذا
واضح وضوح لا شبهه فيه.
اما عن الصلاه فى هذا المسجد
فأنا اصلى فيه وأمثاله ما دام لا يدرس
فيه شىء يحارب الدين.. وأعتبرهذا رزق
ساقه الله تعالى لى عن طريق رجل غير صالح..
......................
ماذا لو اقمنا فى دوله غير اسلاميه
ثم اقام حاكم هذا البلد مسجدا.. هل نقاطعه.
............
اظن ان مقاطعه الاهالى له ليست بوازع
دينى بقدر ما هى ضيقا من تصرفات هذا الصغير
..................اسف للاطاله

قلم جاف said...

شاكر لكل من عقب وعلق..

تعمدت التأخير في الرد المرة دي.. سعيد إن الردود جت كتيرة والحمد لله ، وكنت أطمع في إنها تبقى أكثر.. الموضوع بجد يستاهل التفكير وإنه ميعديش علينا مرور الكرام..

أتفق مع هاني إن الموضوع يبدو من برة ولأول وهلة محسوم ..لكن اتضح إنه محير وصعب حتى لما ناقشته مع بعض أصدقائي..

فيه حاجات لسة عارفها عن الموضوع ، إن العالم الأزهري الشيخ محمد المسير شن هجوماً عنيفاً على مسجد سعد الصغير وطالب الناس بعدم الصلاة فيه ، والعهدة على مجلة عين اللي نشرت الكلام دة النهاردة..

أتفق مع عبارة حامد في فكرة إن الناس متضايقة من تصرفاته وتناقضه ، لكن برضه ما أستبعدش تأثير فتاوى في الموضوع..

ومع مفيد وهاني في مسألة الاسكيزوفرينيا تلك..

العديد من الحكام الأكارم على مر تاريخ مصر الإسلامية تقربوا للأهالي ببناء المساجد ، ومنهم من كانوا طغاة وبغاة وتسببوا في كوارث.. هل تعلم أن أشهر تجديد لمسجد السيدة زينب تم في عهد الخديو توفيق الذي تسبب في احتلال مصر؟

ياريت سعد يتوب زي ما قالت ضيفة المدونة جنة ، أقله ما كناش حنشعر بالتناقض الصارخ دة..

مع تسليمنا بإننا ما دخلناش في نوايا البشر والله أعلم بنيات عباده زي ما قال ضيوفي هلوسة وتامر..

لكن في المقابل يظهر كلام حامد في الواجهة ، وهو نفس الكلام الذي سمعته من أصدقاء لي..

المسجد مسجد في نهاية الأمر ، بيت من بيوت الله .. بغض النظر عن المال الذي بني به.. كما قال بالحرف :

فأنا اصلى فيه وأمثاله ما دام لا يدرس
فيه شىء يحارب الدين.. وأعتبرهذا رزق
ساقه الله تعالى لى عن طريق رجل غير صالح..

وهي وجهة نظر في الموضوع برضه!