Saturday, April 16, 2011

دعاية مجانية للعالمانية!

ما قدمه "الإخوان" في مؤتمر أول من أمس من مصطلحات "غريبة" من عينة "امتلاك الأرض"و "صبغ الشعب المصري بصبغة الإسلام" ،والكلام عن "تطبيق الحدود" في الوقت الذي تواجه فيه تلك المسألة صعوبات قانونية وعملية ضخمة .. مضافاً إليه تراجعهم الفجائي عن كل تصريحاتهم السابقة عن "تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية" و"السعي للحكم" و..و...

ما قدمه من يطلقون على أنفسهم "شباب الأزهر" أمس في محاولة لدعم "تصويف الأزهر" ، تحت زعم "استقلال الأزهر سياسياً وإدارياً"- مطلب حق يراد به شيء آخر ، يستقل الأزهر طبقاً لهم سياسياً وإدارياً ولا يستقل ثقافياً وفكرياً ، أن تنتقل تبعيته من قصر الرئاسة في "عابدين" إلى مشيخة الطرق في "الدراسة"- وأهي جنبهم وأقرب- وتحويل منصب "شيخ الأزهر" -الصوفي بالمناسبة- إلى مرجعية دينية ومتحدث باسم الإسلام ، على سبيل الإرهاب الفكري لكل من تسول له نفسه انتقاد المؤسسة أو الخط الفكري ، وما فُعِلَ مع هادمي الأضرحة- مع إدانتي ورفضي لما فعلوا- قد يتكرر مع من يختلف في وجهة النظر..ولا يوجد حالياً ما هو أسهل عند الجميع ،وبخاصة "المعتدلين" من إطلاق وصف "خارج عن الإسلام" و"عدو الله" على اللي رايح واللي جاي..

ما فعله الصوفيون والسلفيون أنفسهم ،من تكوين أحزاب سياسية ،وهم الذين دائماً ما يؤكدون للناس أنهم لا يمارسون- أستغفر الله العظيم- السياسة ، عشرة أحزاب للسلفيين بعد الثورة ، وحزب لـ"العزميين" وآخر "للرفاعيين" في المقابل ، وينتظرون منا أن نصدقهم ، خاصةً عندما يقولون أن أحزابهم ليست سياسية ، وأن لديهم برامج ، وأن لديهم مشروعاً على غرار حزب "العدالة والتنمية" في "تركيا"!

كل ما سبق ،وغيره ، أفضل دعاية يمكن للعالمانية أن تحلم بها، كل ما سبق وغيره كافٍ لخلق حساسية شديدة لدى الناس من اقتراب الدين من السياسة ، بأي شكل وفي أي دين .. كما كان لسلوكيات الأحزاب السياسية في مصر ، قبل الثورة وبعدها ، أسوأ الأثر على أي تجربة ديمقراطية محتملة في مصر ، بل لن يجد الكثيرون مشكلة لو عادت مصر لحكم ديكتاتوري على طريقة "الأسد" أو "الأخ العقيد"..

والمصيبة.. في رأيي الذي يحتمل الكثير من الخطأ ، أن شخص أو اتجاه من يحقق ما يعتقده "الحكم الإسلامي" صار أهم بكثير من تحقيق المبادئ التي ينادي بها الإسلام والتي يقول كل هؤلاء وغيرهم أنهم جاءوا لتحقيقها.. وهي تحتاج إلى قدرات سياسية وتقنية يفتقر إليها جميع هؤلاء في الوقت الحالي على الأقل.. ولو أخذنا الموضوع على أساس أن الكل ، أو بعض الكل ، حسنو النية ، لبدا الأمر أشبه بعشرة أشخاص يحاولون العبور من باب ضيق..

كل تشدد يقابله تشدد ، وأخشى أن تدفع تصرفات هؤلاء وأخطاؤهم وتخبطهم ، وتصرفات من يتحالف معهم سواء من أحزاب الكرتون التي صنعها النظام السابق ، وأحزاب المال التي صهينت على إنشاء بعض المجموعات الدينية لأحزاب سياسية ، الناس إلى اختيار نظام أتاتوركي عسكري وديكتاتوري أيضاً.. وفي هذه الحالة نكون قد انتقلنا من تطرف إلى تطرف .. وسلملي قوي على الاعتدال