Friday, June 20, 2008

عن الثانوية العامة ..

أعلم أنه من غير المألوف أن أعود بعد عشرين يوماً من التوقف بتدوينة عن الثانوية العامة ، أو الغامة كما يحلو لي كتابتها ، هنا في "الدين والديناميت" ، وليس في المدونة الشقيقة "الصحافة فين التعليم أهه".. ولكن كانت لي ملاحظة .. أو أكثر..

كان قريب لي معجباً جداً بخطبة جمعة في مسجد في مدينة ساحلية كانت أيضاً إبان امتحان الشهادة إياها.. الخطبة تربط تماماً بين "امتحان الثانوية العامة" و"امتحان يوم القيامة".. عن نفسي رأيت يومها تلك الخطبة ساذجة "آخر حاجة".. وكنت أفضل أن يتكلم الخطيب عن قيمة العلم ولماذا نتعلم وكيف يكون العلم نافعاً خاصةً وأن هناك دعاءاً شهيراً يُستَعَاذ فيه من علم لا ينفع..

كان ذلك في العام الماضي..

اليوم تناول الخطيب في المسجد القريب من منزلي موضوع الغش والبيع وفضائح الثانوية العامة ولكن من بعيد ، في معرض تفسير الخطيب لحديث الرسول الكريم والذي فيه ما معناه "من كانت الدنيا همه ....الخ"..

وربما كانت تلك هي أول مرة أسمع فيها بأذني هاتين شيئاً عن الثانوية العامة بهذا الشكل ، ربما قاله خطباء آخرون بصيغة أخرى ..

هناك سؤال أعتقد أن عامة الناس سألوه ،ولهم كل الحق: أين كنتم أيها الخطباء والواعظون وقت أن كان كل ذلك -الذي رأيناه بأعيننا واعترف به الوزير نفسه وسكتت عليه الصحافة طويلاً- يحدث؟ لماذا لم نسمع في أي قناة دينية كلاماً عن الغش-في الامتحان وفي غيره؟

كثر الخطباء ، كثرت القنوات ، ويحدث ما يحدث .. كثر الخطباء وكثرت القنوات ولكن لا أحد يهتم..هم يعيشون في عالم غير العالم الذي نعيش فيه ولهم أولويات تختلف كل الاختلاف عن أولويات آحاد الناس..عندما لا تحدث ممارسات على هذا المستوى من الغش أي ذكر لدى من يعظون في الدين - رغم حرمة هذه الممارسات شرعاً- من الطبيعي أن تصبح أمراً عادياً لدى الناس "ما يجراهاش حاجة" قبل أن يبررها الناس لأنفسهم تحت ضغط الحاجة -على أيامي كان الغش اسمه "تعاون"- وعليه لا يشعر الشخص عندما يفعل أمراً يراه "معتاداً" أنه يرتكب جريمة..

احتجنا للخطباء والمتحدثين في المساجد والفضائيات التي أصبحت تدعي لنفسها بعض خصائص المساجد لكي يذكروننا أن الغش حرام إن كان من الناس من نسي ومن اعتاد ، لكنهم لم يكونوا "في الموعد" - مع الاعتذار للمعلقين الرياضيين من دول شمال أفريقيا..كان من الطبيعي أن يسأل الناس ويتساءلون بل وأن يغضبوا أيضاً، قبل أن ننتظر جميعاً أن تكشف الصحف عن فضائح أخرى صنعتها سلوكيات أخرى معلوم حرمتها ولكن "أهل العلم" -والذين يتعصب من يتعصب لهم- سكتوا عنها.. هذا الصمت قد لا يقل خطورة عن تلك الأفعال على المدى القريب والبعيد ..فقط أترك لكم التخيل والتفكير.. دمتم في أمن الله..