Thursday, October 26, 2006

تعيش وتكتشف يا دكترة!

ستظل المساجد وأحوالها تمثل جزءاً لا يتجزأ من موضوعات "الدين والديناميت"..لأسباب كثيرة منها الدور الذي يجب أن يلعبه المسجد في حياة المسلمين ، وهو المصدر الرئيسي والأهم لما يتلقاه المسلم من ثقافة دينية تعينه على شئون دينه وتبصره في شئون دنياه..ومن الأسباب التي تسببت في تراجع دور المسجد إدخاله وحشره في الصراعات المذهبية والسياسية والملوخية التي أدمناها في بلادنا..

النكتة هذه المرة جديدة ، ومفادها أن وزارة الأوقاف قررت منع خروج التظاهرات من المسجد ، وليست هذه هي المشكلة ، ورأيي في ذلك سأوضحه بعد قليل ، ولكن الجديد والغريب هو أن الوزارة "اكتشفت فجأة" حديثاً للرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه "جنبوا مساجدكم خصوماتكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم"..

أنا بالمناسبة مع رفض خروج المظاهرات واستغلال المساجد في الترويج السياسي والطائفي والمذهبي ، ولكن لماذا لم نسمع ذلك الحديث الشريف إلا في هذا التوقيت؟

السبب سياسي صرف يا جماعة الخير ، فلو قال الدكتور زقزوق ذلك في مظاهرات حرب لبنان لنال من الشتائم والهجوم هو وحزبه ما لا يطيقان - رغم أن الشتائم لم تعد تؤثر- أي أنه الذي يدعي أنه لا يخشى في الحق لومة لائم واحد ، يخشى اللوم إذا ما جاء من أكثر من واحد!

الدكتور زقزوق يفعل ما هو أسوأ ، عندما يتخيل أن النص يظهر بكبسة زر ويختفي بكبسة أخرى..

ماشي.. إذا كان ذلك كذلك طبق الحديث بشكل سليم.. الروح قبل النص!

أي أن المنع يجب أن يسير في كل الاتجاهات ، بما فيها الدعاية المذهبية والشللية حتى من الشلل التي "في حماية" الحزب الوطني البيروقراطي ،والدعاية السياسية للحزب الوطني البيروقراطي نفسه، وألا يقود شيخ الأزهر نفسه أي مظاهرة تخرج من الجامع الأزهر ولو كانت بتصريح ولو كانت بأوامر.. بما أنه يجب أن يكون القدوة..

أي أن المنع يجب أن يصل أيضاً لما يحدث في عقود القران التي تحول المساجد إلى سيرك ، وإلى التسول الذي صار ظاهرة مقرفة لا يعلم عنها الدكتور أي شيء.. لك أن تتخيل أنه في مسجدين مختلفين رأيت بأم عيني متسولة تصرخ في قلب المسجد بعد ختام صلاة التراويح.. وبشكل هستيري .. وهذا يحدث في العديد من مساجد مصر التي لا يهتم الدكتور زقزوق كثيراً لأمرها..

أتمنى أن يجرؤ الوزير على التحرك في كل هذه الاتجاهات ، حتى لا يقال ، أو يترك الفرصة لأي شخص أن يقول أن وزير الأوقاف يسمح بأن تتحول بيوت الله إلى سيرك طالما أن هذا لا يؤرق حزبه الموقر ، أو أنه يكتشف الأحاديث الموجودة في كتب الحديث منذ قرون على مزاجه ، ويخرجها على طريقة رشدي أباظة في الفيلم المحروق "الرجل الثاني"!

Thursday, October 12, 2006

غزاة الفاتيكان .. وصحافة البتنجان

هذا هو ما يحدث عندنا ، أي إهانة أو إساءة تخرج من أي منتمي لديانة أخرى تقوم الدنيا ولا تقعد ، وتحرق الأعلام ونسمع المطالبات بالمقاطعة ، أما إذا كانت الإساءة من الداخل نمارس منطق "أطبطب وأدلع" ، بل منا من يعتبر سيادة المسيء من الأبطال البررة..

صحيح أن كل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم بحسب عبارة الإمام مالك الشهيرة ، لكن أن تصل الأمور بأن نجد ملحقاً لإحدى الصحف الحزبية يصنف السيدة عائشة أم المؤمنين ضمن أسوأ عشر شخصيات في تاريخ الإسلام..هذا هو الإسفاف بعينه ، وستكتشف أي نوع من "الهبل" مختلط به هذا الإسفاف كما يتقدم!

لم نر في القائمة أياً ممن كفروا الناس ، وقتلوا باسم الدين ، أو خلطوه بالخرافة ، أو استغلوا الدين للتقرب من السلطة ولتحقيق مصالح شخصية ، لم نر قيادات الحشاشين والقرامطة وأخواتهم، لم نر أدعياء الفكر والاجتهاد الذين لم يحرموا الدين من جهالاتهم وغباواتهم..إذا لم يكن هؤلاء هم الأسوأ ، فمن يكون الأسوأ إذن؟

حيثيات اختيار السيدة عائشة ضمن القائمة تعكس مستوى "الهبل" الذي يتمتع به أصحاب الملحق .. العباقرة يقولون أنهم صنفوا السيدة عائشة ضمن القائمة على أساس من قتلوا في موقعة الجمل .. ولو اتبعنا نفس المنطق لكان حسن نصر الله ضمن القائمة وبجدارة واستحقاق ، فهو لم يكتفِ بتوريط بلاده في حرب ، وكلف بلاده خراباً ودماراً وضحايا أبرياء ، ثم جاء في نهاية الأمر ليعلن انتصاره.. أذكركم بأن تلك الصحيفة وغيرها قد أهلن أكاليل المجد على السيد حسن نصر الله رغم أنه فعل ما عدت الصحيفة من هو خير منه ومنا من أسوأ شخصيات الإسلام!

كنت أتمنى لو أن الذين فتحوا صدرهم وعرضوا على بابا الفاتيكان المناظرة قد ذهبوا إلى هؤلاء الذين يسيئون من الداخل وحاوروهم وناظروهم وجادلوهم بالتي هي أحسن ، و/أو تصدوا لكل ما يسيء للإسلام في عيون أهله لا الغرب.. على الأقل فإن المنتمي لديانة أخرى قد لا يعرف عن الإسلام الشيء الكثير ، أما المسيء من الداخل فهو يعرف ويعرف جيداً جداً .. ومن الظلم أن نسوي بين من يعرف ، وبين من لا يعرف!

بالمناسبة ، لم يظهر صاحب الملحق كما يفعل غيره في مثل هذه الظروف ليتشنج بالحرية والديمقراطية وحرية الرأي.. ولقد عوقب فيما يبدو من قبل رئيس الحزب بجعله رئيساً لتحرير الجريدة الحزبية بعد أن كان رئيس ملحق.. يا زين ما اخترت.. وربنا يشفي..

حاشية: كان تقديري سليماً عندما انتظرت بعد أسبوع كامل من صدور ملحق الحزب الذي لن أذكر اسمه في هذه التدوينة ، ولما كانت ردة الفعل على الممارسة التي ارتكبتها الجريدة ، وغيرها ، بهذا الشكل ، كتبت هذه السطور..

Sunday, October 8, 2006

أين "تصلي" هذا المساء؟

بداية أعتذر عن غيابي لمدة خمس عشرة يوم كاملة عن التدوين هنا في "الدين والديناميت" لظروف قاهرة حقيقية لم تمكنني من الدخول على النت سوى للتعليق ولنشر تدوينة عالقة في المدونة الشقيقة "فرجة" .. ولم تكن تلك الظروف القاهرة وحدها هي التي أبعدتني ، بل كثرة المواضيع التي تستأهل النقاش والمشاهد الغريبة التي أصبحت تذكر إذا ما ذكر رمضان ..

في عشرينات قرأت مقالاً قصيراً عنوانه "أين تصلي هذا المساء" .. ورغم جاذبية العنوان إلا أنه اكتفى تقريباً برابط من موقع "زدني" به جدول لصلاة التراويح ، وفي الرابط المذكور اسم للمسجد ، وللشيخ الذي يؤم المصلين فيه ، وعينة صوتية بامتداد ويندوز ميديا بلاير لصوت الشيخ!

العنوان موفق جداً ، ويغني عن مزيد بيان ..

الناس أصبحت تذهب لتصلي في المسجد خصيصاً بسبب الشيوخ المقرئين ، ولنقل للدقة المطربين ، والأمر صار منافسة بين المساجد كما لو كانت دوراً للعرض السينمائي تتنافس فيما بينها على عرض أحدث الأفلام! وفي العشر الأواخر التي تبدأ نهاية هذا الأسبوع ستمتلئ مساجد بعينها في التراويح بشكل لا يصدقه عقل ، لا لشيء إلا بسبب دعاء القنوت الذي "يغنيه" الشيخ الفلاني أو العلاني!

معلوماتي المتواضعة جداً أن التراويح سنة عن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، يمكنك أداؤها في جماعة أو في قلب بيتك .. لماذا طغت الاستعراضية إذن على تلك الشعيرة التي تميز رمضان عن غيره فضلاً عن فريضة الصيام؟ وبأي منطق تحولت صلاة التراويح إلى مسابقة بين الشيوخ الأئمة الأفاضل في غناء القرآن الكريم والأدعية بهذا الشكل الفج؟

أنا لا أحجر ولا أصادر على تصرفات الناس ، لكننا عشنا دهراً طويلاً قبل أن تصير الأمور هكذا..وقبل أن ننقل هذه الروح الغريبة لعبادات هي بيننا وبين الخالق سبحانه وتعالى..

أما عن غناء القرآن الكريم والأدعية في الصلاة في حد ذاته ، فهذا موضوع لحديث قادم بإذن الله..