Monday, February 28, 2011

الحسانيون والمستصوفون ولعبة السياسة ونحن أيضاً

أشعر أن البعض استغرب مما كتبته على مدار أربع سنوات وبعض السنة فيما يخص المذاهب والمتمذهبين .. وربما تساءل "لماذا لم يكتب هذا الشخص يوماً عن جماعات الإسلام السياسي؟".. وكان جوابي هو أن تلك الجماعات محدودة التأثير مهما قويت ، وليست بقوة التيارات المذهبية الأوسع انتشاراً والأقرب للناس في أماكن تواجدهم وأعمالهم وقلوبهم وعقولهم أيضاً..وهي بالتالي التي تستطيع صياغة الكثير من مواقف الناس مع أو ضد ..

أدعو من استغرب إلى أن يرجع بالذاكرة قليلاً لأيام الثورة ، وما حدث فيها ، وكيف كانت مواقف شيوخ وعلماء وفتاواهم أثناء وبعد الثورة.. فتاوى سلفية نسبت في منشور قرأته في السبت الثاني للثورة للشيخ "مصطفى بن العدوي" تحرم وتجرم المظاهرات وتعتبر من ماتوا فيها ليسوا بالشهداء .. وصدقها البعض ..وسمعت نقاشاً عنها بالصدفة في مقهى النت الذي أجلس فيه قبل أيام ، وفضل المستصوفون الفرجة وترقب الموقف ، بعض أنصار أحد التنظيمين السلفيين الكبيرين كان في "مصطفى محمود" .. والآخرون التزموا الصمت..

ثم حدث ما حدث قبل أسبوعين..

عادت الفضائيات السلفية للعمل .. وتحدث الشيخ "محمد حسان" عن القناة، وعن الخسارة الفادحة التي تسبب فيها إغلاق القناة وغيرها التي "أرشدت الشباب ووضعتهم على الطريق الصحيح" طبقاً لخطابه المطول يوم الثاني عشر من الشهر على القناة ، وأنها كانت من الممكن أن تكون منبراً لتهدئة الثائرين وإرشادهم ،وعندما أغلقت "اضطر" للذهاب إلى قنوات فيها "مخالفات شرعية" - يقصد قناة "العربية"- ليوجه رسالته للشباب أثناء المظاهرات في الثلاثاء الأول المليوني ..

عقد السلفيون الحسانيون وغير الحسانيين مؤتمرات حاشدة هنا وهناك .. منها مؤتمرين أو ثلاث بالمنصورة ..وهناك نية لحزب سياسي يمثل السلفيين بحسب مواقع إخبارية ، وكما استشف البعض من تصريح للشيخ "محمد حسان" أيضاً قبل أسبوع ..

المستصوفون من جهتهم احتفلوا بسقوط الرئيس "السابق" بوليمة فتة ، وبمشروع "حزب" سياسي.. بما أن زمن الزهد وشعار "لا تصوف في السياسة ولا سياسة في التصوف" لحق بزمن الـ($#$#$# $#$#$) الذي انتهى .. بحسب "اللمبي"..

إذا كان كدة .. مااااااشي..

بما أن الجميع قد غير من مواقفه إذ فجأة تجاه السياسة ، تحت أي شعار كان ، هل هؤلاء مستعدون لممارسة السياسة ، بفرض أن هناك من يقبل في المجتمع أن يمارس رجال المذاهب السياسة تحت أي ظرف كان ، وبأي كيفية كانت؟ هل هؤلاء مستعدون للتنازل عن فكرة "الخلافة" التي يتكلمون عنها ما بين الفينة والأخرى ، بالتصريح تارة ، وبالتلميح تارة؟ ما الذي لدى تيارات لم تصحح علاقتها بالدنيا -بعد- لتقدمه في البرلمان بمجلسيه والمحليات ، بما أن تلك هي الأماكن التي يُسمَح فيها عادة بممارسة السياسة في أي دولة متحضرة؟ ما هو البديل الذي يقدمه هؤلاء للناس؟ ما هي رسالتهم للمختلفين معهم مذهبياً ودينياً كي يصوتوا من أجلهم في الانتخابات؟ ماذا سيقول هؤلاء للناس عندما تسألهم- وهذا حقهم- "كنتم فين في عهد مبارك؟" ، "ليه ما اتكلمتوش عن الفساد إلا لما الأمور ما جتش في صالحكم، لما اتقلفت قنوات السلفيين ، ولا لما الحزبوطني ما اتحيزش لناس بعينهم في خلافة شيخ مشايخ الطرق؟".. "فين الكلام اللي اتكلمتوه عن المعاملات؟" "إيه اللي غير علاقتكم بالسياسة؟.. هل هو إصلاح الدنيا بالدين ، طب كان دة فين؟".. "تقدروا تهاجموا فساد المال السياسي؟" .. "تقدروا تصححوا مساركم لو السلطة أو المال أفسدكم؟".."فين دوركم التربوي؟ فين كلامكم عن فهم السلف وأخلاقيات السلف؟ فين كلامكم عن الزهد وتربية النفس يا مستصوفين"؟

لا أعلم عن نفسي إن كانت هناك إجابة عن تلك الأسئلة ، بعضها أو كلها ، أو إن كانت هناك رغبة منهم للإجابة عن بعض أو كل تلك الأسئلة.. لكن غياب إجابات صريحة وواضحة سيجعل المجتمع كله يطالب بأن يعود هؤلاء إلى مكانهم ، وإلى الابتعاد عن لعبة السياسة التي ستضيف إلى أخطائهم الكارثية كوارث جديدة.. وفي تجارب التمذهب السياسي في الخليج وفي لبنان ما يكفي من دروس وعظات.. دمتم بخير..