عين كاف هو الدلع الذي افتكسه العبد لله لكلمة "عك" .. وهو الوصف الدقيق لأمور كثيرة عشناها ونعيشها مع من جعلوا الدين لعبتهم ، وقرروا اللعب به ،وبنا أيضاً ، سواء من "المفقرين" من عينة فلان يتهم الله عز وجل بالديكتاتورية ، أو من مشايخ البوكيمون والجماعات والملالي والطرق والكباري ، أو حتى من المفتين الرسميين في العالم العربي ومنهم من ظهر علينا مؤخراً يعتقد أن منكر كرامات الأولياء (لم يحدد حتى الأولياء الحقيقيين أم التايوانيين مع الاحترام لشعب تايوان الصديق) "قد" يخرج عن الملة!
نبدأ مثلاً بقصة خطة إدارة المسجد الحرام لإبعاد النساء عن الصلاة فيه ، وعن ما يتردد عن تصرفات غير مقبولة طبقاً لما قالته سهيلة زين العابدين في متن الخبر الذي أنقله عن قناة العربية السعودية ..
الفتوى العبقرية أراد أصحابها توصيل عدة رسائل ، منها يريدون القول بأن السادة يراعون المصالح العامة ، وأنهم غير متشددين على الإطلاق ، ولا أعرف لماذا يسمح بالاختلاط في رحلات شركات الطيران السعودية ليتم منعه داخل الحرم؟ .. أما عن الطرد والمنع من الصلاة كما جاء في متن الخبر فهناك حديث صريح ما معناه "لا تمنعوا إماء الله أن يصلين في المسجد"..
صحيح أنني لا أرى تمييزاً ضد المرأة في وجود مكان مخصص لها داخل المسجد ، لكن هذا يسري على أي مسجد آخر غير الحرمين ، وصححوني إن أخطأت ، فالحرم المكي بالذات له حالات استثنائية كثيرة تختص بأداء الصلاة فيه والطواف والاصطفاف .. الخ..
أمر يثير الغضب بحد ذاته..
لكن ما يغضب أكثر هو رد فعلنا تجاه هذه الهراءات .. ولنكن صرحاء..
عندما قرر العباقرة هناك أيضاً تغيير بداية شهر ذي الحجة قبل عامين لم ينطق أحد ، بدعوى أنها "كلها أيام ربنا" .. رغم أن ما حدث هو عبث صارخ يضر بشريعة من شعائر الله ، ولا يعقل من دولة تطالب بعمل قمر صناعي لاستطلاع الهلال أن تتصرف بهذا الشكل الغريب الذي لا يجني منه المسلم إلا الإصابة بالحول الديني..
وباسم الصالح العام خرج علينا مفتي الديار بفتوى مستفزة وغريبة الشكل يبيح فيها استخدام مآذن المساجد كأبراج تقوية لإرسال إشارات التليفون المحمول ، رغم أن أصحاب المنازل التي تقام فوقها تلك الأبراج يشكون مر الشكوى من الآثار الصحية الضارة لها على الآهلين فيها .. فيقوم مفتي الديار مشكوراً بتحويل الضرر من أسطح المنازل لمآذن المساجد ، من بيوت الناس إلى بيوت الله .. وإيه .. لم يعترض أحد .. ولم يكتب عن ذلك سوى جمال سلطان في المصريون.. بل إن القليلين فقط ألقوا بالاً لرأي أخطر لفضيلة المفتي بشأن مسألة الانتخاب ، ولم نسمعه أدلى بدلوه هذا قبل انتخابات الرئاسة أو انتخابات مجلس الشعب ..
لم يعترض أحد على التبويب الظريف من قبل أحمدي نجاد للمسلمين وتقسيمه للعالم الإسلامي على مزاجه الشخصي ، ولا على انتهازية بعض المذاهب أو الشلل الساعية للزعامة الدينية الأكذوبة في حرب الفتاوى والفتاوى المضادة في فترة العدوان على لبنان.. لم يعترض أحد طالما الموضوع لم يمسه بشكل مباشر أو غير مباشر .. وما نفلح فيه هو المطالبة بعلو الصوت بمقاطعة الأمريكان والإسرائيليين (حتى يكسب رجال الأعمال المنتمين لاتجاهات دينية بعض الملاليم) والدعاء على أعداء الدين ، ولا نرفض هذا العك بقلوبنا وعقولنا ..
نحن إذن شركاء فيه .. وطالما لا نعترض فلا يحق لنا الشكوى أبداً..