Sunday, July 13, 2008

بيت اليَك- الجزء الأول

"خانة الياك" أو "بيت اليَك" كما يقول اللبنانيون.. تعبير يدل على حصار صاحبه وحرج موقفه..بطريقة أو بأخرى.. كلنا في بيت اليَّك..

على شاشة إحدى القنوات الفضائية الدينية "إياها".. كان هناك برنامج يذاع فجر كل يوم سبت عن الحسد والسحر والدجل والشعوذة و-هكذا سماه مذيعه- "شغل العفاريت"*.. البرنامج نفسه أشبه بفيلم رعب .. يزيد من قسوته ورعب مشاهده الاتصالات التي يتلقاها السيد المذيع ، وكلها مريعة ومرعبة بما يكفي.. ومن الممكن للشخص العادي أن يحلم بها إن استطاع النوم أساساً..

كثير ممن شاهدوا البرنامج وجدوا أنفسهم في خانة اليَّك.. بين إيمانهم بأن الحسد مذكور في القرآن الكريم ، وبين إيمانهم أيضاً بقول الله العلي القدير "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" وبحديث الرسول الكريم لابن عباس رضي الله عنه "واعلم أن الأمة لواجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ..." إلى آخر الحديث.. وأن هناك من الأشياء التي تقال في هذا البرنامج تتعارض مع العقل وربما مع النص..وعندما تنكر تلك الأشياء تتهم بأنك منكر لما في القرآن الكريم..

نفس الشيء عندما نتحدث عن الكرامات.. الكل يؤمن أن الكرامات يعطيها الله لأوليائه الصالحين ، لكن في المقابل عندما نسمع العديد من تلك الكرامات ، خاصةً وأن نسبة منها قد يكون مكذوباً ، وأن لا يمكن أن نعد أي شخص من أولياء الله الصالحين بشكل اعتباطي ، قد نجد أنفسنا محاصرين بين الإيمان بشيء خرافي وإنكار شيء غيبي لا يكتمل إيماننا إلا به خاصةً وأنه لا مستحيل على قدرة الله عز وجل..

لست سعيداً عندما أجد نفسي مزنوقاً في "كورنر".. ولا أعتقد أن كثيراً ممن يقرأ هذه السطور ومن لا يقرأونها يرضون بأن يبيتوا ببيت اليَّك.. هذا هو دور أهل العلم ودور عقولنا أيضاً في أن نرى ضوءاً في نهاية الطريق..
* سمعت أن البرنامج قد مُنِع.. وأتمنى أن يكون الخبر صحيحاً..الصورة من موقع عن لعبة الطاولة..

2 comments:

Samir Saad said...

هذا ما وصل اليه حالنا. حتى الذين كان هناك أمل في عقولهم، قضى الدين على هذا الأمل. عندما اتحدث لأحد هؤلاء المدعين العقلانية عن اعتقادهم في امور غير علمية كالحسد والجن ينتهي دائما الحديث بأنه من الصعب رفض هذه الأفكار لأنها مذكورة في القرآن.
ياللدين والقرآن الذان زادا العقل جبناً وتخلفا

قلم جاف said...

الدين والقرآن أرادا تحرير العقل .. نحن الذين لم نستوعب تلك الحقيقة..

كثيرون من المتدينين يرفضون بعقولهم وبإيمانهم معاً إرجاع كل كل شيء إلى السحر والحسد والعفاريت وإن كانوا يؤمنون بوجودهم.. يرفضون تصديق قصص النعوش الطائرة وأخواتها لكنهم يؤمنون بأن لهذا الكون من ينظمه ويدير شئونه ويعلم من التفاصيل ما لم يصل إليه العلم البشري بمحدودية قدراته مهما عظمت..

في كل دين توجد غيبيات ، وقد فتح - في رأيي- الدين لنا باب العقلنة كي لا يتم إسقاط تلك الغيبيات بشكل عشوائي على كل شيء.. ولكن العديد من الخطابات الدينية خاصةً المذهبية منها وضعتنا كثيراً في خانة اليك..

أما عن الخرافة واستجابتنا لها .. فذلك موضوع حديث قادم بإذن الله في جزء ثان..