Tuesday, January 8, 2008

رشوة

كل عام هجري أنتم بخير .. ومعلهش.. اتأخرت عليكم..:)

فضلت أن أعود بخاطر غريب ومخيف لا يختلف كثيراً عن الخاطر الذي كتبت عنه أول تدويناتي في المدونة الشقيقة "فرجة" مع أول أيام العام الميلادي الجديد.. كما لو كان هذا العام هو عام "الخواطر" الشريرة..

كان العبد لله من كثيرين تناولوا فوضى الفتاوى على مدوناتهم خلال السنوات الماضية ، كل حسب وجهة نظره وحسب رؤيته للمسألة .. لكن أحسب أنه قد فاتنا جميعاً أن ننظر للجانب الآخر من الفتوى .. للسؤال الذي يحركها.. ومن هنا يبدأ الخاطر اللعين في الظهور!

على أي قناة دينية تجد من يسأل عن حرمة العمل في مكان به خمور ، أو عن حرمة العمل في بنك .. لكن لم نجد من يسأل عن حرمة العمل في قطاع أو في وسط تكثر فيه الرشاوى بشكل مخيف ، بشكل يهدد من يعمل فيه إما بالتشريف في أبي زعبل ، أو بالوقوع في المحظور دينياً..

الخمور حرام ، أمر مفروغ منه ، فوائد البنوك وشركات التأمين ، مسائل جدلية .. لكن هل الرشوة حلال؟ وهل معنى انتشارها أنها حلال؟ هل الرشوة شيء دنيوي مثل اختيار نوع السيارة أو لون الشيء الذي تنتعله؟ هل ليس فيها شبهة تستحق منا بسؤال أهل الذكر أو بدون سؤالهم أن نتفاداها؟

كم شريطاً سمعنا حول الرشوة؟ كم محاضرة ظهرت حول الرشوة؟ كم مقالاً في أي مطبوعة دار حول الرشوة؟ وكم متحدثاً يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة في أي برنامج أو قناة دينية تناول الرشوة؟

قيسوا على الرشوة طابوراً آخر من الأمور التي على نفس الشاكلة.. وتعامل نفس معاملة الرشوة!

من الذي لا يكترث ولا يبالي؟ الشيوخ والمفقرون الذين يتظاهرون بالاعتدال ويديِّنون ما هو دنيوي والعكس بالعكس ، أم نحن ، ومنا من يتخذ لنفسه مبررات على طريقة فيلم "خيانة مشروعة" لفعل المحظور ، واستساغته ، وعدم الثقة إلا فيمن يقع فيه، وفي إعلامنا من يسوق لذلك بطريق أو بآخر (الفقير دقة ليس أمامه سوى الرشوة ليسد رمقه)؟

بهذه الطريقة أعتقد أن الجيل القادم سيشك في حِل الرشوة من حرمتها.. وربنا يستر عليهم وعلينا..دمتم بألف خير..

7 comments:

Che_wildwing said...

تدوينتك هامة جدا
واكثر كلمةاعجبتني فيها
قيسوا على الرشوة طابوراً آخر من الأمور التي على نفس الشاكلة.. وتعامل نفس معاملة الرشوة
بس تقول لمين

Mukhtar Al Azizi said...

لاحظت زوجتي أن كثيرا من المتدينين يميلون إلي طلب الفتوي في الأمور التي يريدون فيها مرجعية تصدّق علي آرائهم الشخصية بينما لا يطلبون الفتوي ولا يفكرون أصلا في طلبها إذا ما اتصل الموضوع بأي شئ خلافي أو له صلة بمصالحهم التي قد لا تصدّق عليها الفتوي المطلوبة.

سأشرح بمثال حي:

ذهب الأخ المتدين بنفسه إلي دار الإفتاء ليطلب فتوي من هناك عن الحكم في وجود زوجته المنتقبة في غرفة فيها نساء كثيرات بابها مفتوح في معهد ديني لتحفيظ القرآن مع الرجل الذي يحفظ النساء

أجابه المجيب فقال لا بد أن يكون هناك حائل فلا يري النساءولا تراه النساء حتي لو كان الباب مفتوح.

نفس الشخص وقع بينه وبين أخيه خلاف بسيط حول إصلاح أرضية الشقة التي يسكن فيها هذا الأخ المتدين، ويسكن أخوه في الطابق الأسفل. هذه الأرضية - التي هي سقف شقة الساكن بالدور الأول - تحتاج إلي إضافة أسياخ حديد وخرسانة للتقوية بعدما ظهرت بوادر فساد بسبب تقادم الزمن ووجود نشع من استعمال المياه علي الأرضية.

طلب الأخ المتدين من أخيه غير المتدين أن يدفع معه ثمن الإصلاح النص بالنص !!! دون شك، بل بيقين تام علي أن الأمر منطقي وصحيح ولا يحتاج إلي فتوي، أو باعتبار أن الأمر أصلا لا علاقة له بالدين.

زوجتي تحكي لي وتقول لو طلبنا الفتوي في موضوع تافه كرؤية الرجل للنساء أثناء تحفيظ القرآن، فلماذا ومن أين هذا اليقين علي أن إصلاح الأرضية بالمشاركة لا يحتاج إلي فتوي هو الآخر؟؟؟


بالمناسبة: لا يجوز استعمال خلفية دموية لمدونتك لأنها تؤذي عيني أثناء القراءة لك.
:)
كل عام وأنت طيب يا أستاذنا

قلم جاف said...

العزيزان مختار وتشي :

أثرت يا مختار نقطة هامة للغاية وهي الاستفتاء التبريري .. يعني بأسأل علشان أسمع كلمة تبررلي وتحسسني براحة الضمير.. ودة منتشر وكتير..

لكن بيقلقني ، وبيقلق تشي ، وبيقلق ناس كتير إن موضوع زي الرشوة بالذات مبيشكلش أدنى ذرة قلق في حين إن من الممكن للواحد إنه يلاقي ألف سؤال وسؤال حوالين الشغل في فندق بيقدم خمور.. زي ما تكون الخمور حرام (ودة صحيح) والرشوة حلال!

يمكن يكون فيه ناس بيسألوا عن الفنادق كنوع من التبرير ، لكن فيه ناس تانية بتسأل كنوع من الخوف من الشبهات ، وياريت الخوف دة يمشي كمان على الرشوة والفساد والعمولات والذي منه..

لكن عندنا على كل الزعيق عن الفساد ومكافحة الفساد والصوات واللطم من الفساد وسنين الفساد مفيش أدنى كلمة عن الرفض الديني للفساد.. كما لو كان الكل نسي - فجأة - النصوص الصريحة والقطعية في تحريم الرشوة على سبيل المثال ، أو ما استقر في وعينا مدعوماً بفهم صريح النص وروحه عن تحريم تجارة المخدرات..

على جنب : عدلت في ألوان المدونة بحيث تبقى الخلفية بلون أحمر أغمق علشان الكلام يبان عليها .. أتمنى تكون ألوان الخلفية الجديدة أقل ضرراً لإنها في الأول كانت بتمثل لي على المستوى الشخصي مشكلة كبيرة وفكرت في تغيير درجة اللون بحيث لا تضايق عين الزائر.. شكراً لتنبيهي عزيزي مختار العزيزي لتلك النقطة..

حائر في دنيا الله said...

ولكن الشيوخ يسمعون عن الرشوة كثيراً وسمعت كثير من المحاضرات عنها والدروس فيها
ربما ليس بكثيرة الحديث عن الأمور الاخرى ولكنها موجودة، ولكن في النهاية أتفق معك أنه سياق اجتماعي معين نريد من الدين حينها أن يعننا لا أن يوقظنا مما نفعل

لك كل تحياتي
السلام عليكم

قلم جاف said...

عزيزي حائر:

حتى ولو تحدثوا .. كم محاضرة من ألف .. كم ساعة من ألف؟

فساد الدنيا أمر لابد أن يحتل أولوية كبيرة لأي تيار مذهبي يدعي أنه يريد صلاحاً لـ"الأمة".. كلهم يقولون أن الأمة ما تخلفت إلا لابتعادها عن منهج الله ، وهذا صحيح .. لكن تيجي تسألهم مايدوكش عقاد نافع.. هل السبب هو قلة العبادات أم فساد المعاملات .. متعرفش!

هناك تيارات مذهبية لا تلقي للدنيا أي بال على الإطلاق ولا تعتبرها ذات أدنى أهمية رغم أننا سنحاسب على ما نفعله فيها..بل إن من هؤلاء من "يشمأنط" من الحديث عن أمور المعاملات في الدين ويعتبر ذلك "من صفات العالمانيين" رغم كثرة ما بها من نصوص صريحة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. أما البعض التاني - أعزك الله - فعايش في دور "الأمة" قوي.. وبيكلمك بالصوت العالي عن مقاطعة أعداء الأمة.. طب مش من باب أولى تكلمهم في الفساد اللي داخل الأمة وبينهش في جسد الأمة .. ولا في الحاجات دي الأمة مش تبعنا ..والله حرام يا بيه (مع الاعتذار لأغنية "البانجو مش بتاعي)!

يا فرحتي بشريطين تلاتة على "يا ريت ما تاخدش رشوة لو سمحت" على كام اف اكس حمضانين من بتوع الأخ أبو زياد وهااااااااا هاهاهاااااااااا بينما نزداد فساداً وتخلفاً يوماً بعد يوم..

Osama Sherif said...

السلام عليكم

كم شريطاً سمعنا حول الخمور؟ كم محاضرة ظهرت حول الخمور؟ كم مقالاً في أي مطبوعة دار حول الخمور؟ وكم متحدثاً يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة في أي برنامج أو قناة دينية تناول الخمور؟

والإجابة على هذه الأسئلة مقتبسة من قولك:
الخمور حرام ، أمر مفروغ منه

استبدل كلمة الخمور، بكلمة الرشوة في الإجابة السابقة

الفكرة باختصار أن كلنا يعلم أن الرشوة حرام، كما يعلم أن الخمور حرام
فلا حاجة لتكرار الحديث عنهما
قس على الرشوة والخمور طابوراً آخر من الأمور التي لا حاجة لتكرار الحديث عنها
إذ هي من المعلوم من الدين بالضرورة

لكن ما يحتاج إلى تكرار الحديث عنه هو ما جهله الناس

مثال آخر
اتصل أحد الناس ببرنامج ديني ليسأل عن حكم اللحية
بتساءل المذيع: لماذا لا يسأل عن اتقان العمل مثلا بدلا من اللحية
فرد الشيخ: لأن كلنا يعلم أهمية اتقان العمل، لكن ليس كلنا يعلم حكم اللحية

كان ذلك مجرد مثالا، لا لفتح موضوعا آخر للمناقشة

في النهاية سعدت بالحوار معك
والسلام عليكم

قلم جاف said...

ضيفي أبو خالد: أختلف معك بنسبة مائة في المائة..

صحيح أن حكم الرشوة معروف للجميع، لكن الرشوة زادت حبتين.. يبدو أن السادة المرتشين عارفين بس ناسيين، أو بيستعبطوا..

وللسبب دة محتاجين حد يفكرهم ويفكر غيرهم..

لإنه ببساطة طالما الناس والدعاة ساكتين عن الموضوع دة حينتهي بيه الأمر إلى إنه حيبقى معتاد وبالتالي ناس كتير مش حتلاقي فيه غضاضة..

السكوت على المواضيع اللي زي دي وحصر الدين في مسائل العبادات وإقصاء كل ما هو معاملات برغم كل النصوص اللي وردت فيه في الكتاب والسنة حيخدم ناس بعينهم.. انت عارفهم..